Tuesday, October 4, 2011

جرائم المستوطنين تمتد إلى أراضي 48: إحـراق مسـجـد فلسـطينـي في الجليـل

فلسطينيون من أراضي الـ48 يتفقدون مسجد بلدة طوبا الزنغرية البدوية في الجليل الأعلى بعد إحراقه من قبل مستوطنين أمس (أ ف ب)
انتقلت موجة اعتداءات المستوطنين اليهود التي تستهدف المساجد في الأراضي الفلسطينية، من الضفة الغربية إلى داخل الخط الأخضر، حيث أقدمت مجموعة منهم، ليل أمس
الأول، على إحراق مسجد في الجليل الأعلى، في هجوم أثار مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد ان عددا من المشتبه فيهم دخلوا المسجد في بلدة طوبا الزنغرية البدوية في الجليل الأعلى وأضرموا النار فيه.
وكتب المهاجمون على الجدران الخارجية عبارات «دفع الثمن» و«انتقام» وكذلك «بالمر»، في اشارة الى المستوطن الإسرائيلي اشر بالمر الذي قتل مع ابنه البالغ من العمر
18 شهرا في 23 أيلول الماضي، عندما فقد السيطرة على سيارته بعد ان رشقها فلسطينيون بالحجارة.
وينتهج المستوطنون اليهود سياسة مهاجمة الفلسطينيين واملاكهم ومساجدهم في الضفة الغربية المحتلة، غير ان الهجوم في طوبا هو الثاني من نوعه داخل اراضي الـ48
بعد هجوم نفذ العام الماضي في بلدة ابطن العربية في الجليل.
وقال مؤذن المسجد عثمان المصري ان «المسجد احترق بالكامل ولم يسلم من الحريق سوى سماعة المئذنة»، مؤكدا ان «النيران اجهزت على كل شيء فيه من مصاحف وكتب دينية
وسجاد وكل محتوياته».
وروى المصري ما حصل في المسجد قائلاً: «استيقظنا حوالى الساعة 1,30 وقد اشتعلت النيران في المسجد في بيت الله وهب سكان القرية لاطفائها بمياه المسجد» الى ان
جاءت سيارات الاطفاء.
واثار الهجوم مشاعر غضب في البلدة حيث قام مئات السكان بإحراق إطارات وحاولوا قطع طريق في المنطقة. وقال روزنفلد ان محتجين في بلدة طوبا الزنغرية رشقوا بالحجارة
الشرطيين، الذين ردوا بقنابل مسيلة للدموع لتفريقهم، موضحا ان ممثلين عن الشرطة يجرون اتصالات مع اعيان البلدة «سعيا لتهدئة الاوضاع».
وأضاف أن قائد شرطة المنطقة الشمالية روني عطيه شكل فريقا خاصا للتحقيق في الحادث وتم تعزيز الاجراءات الامنية في المنطقة لمنع وقوع اي حوادث.
وفي هذا الإطار، قال المصري ان «اهل البلد حزنوا وغضبوا وعبروا عن ألمهم في تظاهرة سلمية».
بدوره، اكد محمد الهيب، مفتش التربية والتعليم في طوبا الزنغرية والوسط البدوي، إن «اجواء البلد حزينة ويعم الاستياء العام فيها لحرق بيت الله ولا تزال اثار
الحريق في محيط المسجد». واكد ان «اهل البلد خرجوا في مسيرة منددين بالحريق ومطالبين بالقبض على الجناة ومعاقبتهم وحملوا لافتات منددة بالحريق وحمل البعض المصاحف
وهتفوا لعزة الله عز جلاله وعزة الاسلام». واضاف ان المحتجين «عبروا عن غضبهم وألمهم وحزنهم بشكل سلمي وتصرفوا بشكل حضاري على حرق بيت من بيوت الله».
وتقع قرية طوبا الزنغرية في الجليل الاعلى بين سهل الحولة وطبريا وتطل على الجولان. وهي القرية العربية الوحيدة بين قرى يهودية مثل روش بيناه (الجاعونة) ومدينة
صفد ويسكنها نحو ستة آلاف بدوي.
واكد الهيب ان رؤساء مجالس محلية عربا ويهودا وصلوا الى القرية منذ ساعات الصباح للتضامن مع اهالي قرية طوبا الزنغرية، مشيرا الى وفود رسمية «على رأسها رئيس
الدولة العبرية شيمون بيريز وحاخامات ورؤساء طوائف اسلامية ومسيحية ودرزية وبهائية واحمدية حضروا للتضامن معنا».
وأدانت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث التابعة للحركة الاسلامية داخل الخط الأخضر، ولجنة المتابعة العربية العليا داخل اسرائيل الهجوم على المسجد. وقالت مؤسسة
الاقصى في بيان ان «احراق مسجد طوبا الزنغرية جريمة نكراء»، مؤكدة ان «المؤسسة الاسرائيلية الرسمية هي التي تتحمل مسؤوليتها».
من جهتها رأت لجنة المتابعة العربية العليا داخل اسرائيل ان الهجوم «يعكس نهج المؤسسة الاسرائيلية التي تغذي العنصرية في الشارع الاسرائيلي وتقوم هي نفسها بشرعنتها
وتطبيقها وحث الناس عليها».
واعتبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إن ما حدث «يوم عصيب للمجتمع الإسرائيلي بالكامل وليس فقط للجانب العربي».
اما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو فقد عبر عن «غضبه» من الهجوم معتبرا أن «الصور تصدم ولا تليق بدولة اسرائيل» والهجوم «عمل مخالف لقيم دولة اسرائيل
التي تعلق اهمية كبرى على حريات الدين والمعتقد».
وقال وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في بيان انه «عمل وحشي يسيء الى دولة اسرائيل». واضاف ان «المجرمين الذين قاموا بذلك يسعون الى زعزعة الاستقرار في
العلاقات بين اليهود والعرب وإلحاق ضرر شديد بسمعة اسرائيل في العالم».
وذكرت صحيفة هاآرتس الاسرائيلية أن الشرطة الاسرائيلية بدأت بنشر تعزيزات عسكرية بالقرب من الأماكن الإسلامية المقدسة على خلفية الهجوم.
وفي المواقف الفلسطينية، اعتبرت حركة فتح أن «هذا العمل إرهابي، ويؤشر على نشوء دويلة المستوطنين العنصرية داخل دولة إسرائيل»، محملة حكومة إسرائيل المسؤولية
عن جرائم المستوطنين الذين باتوا يشكلون خطرا حقيقيا على الاستقرار والأمن في المنطقة .
واستنكر خطيب المسجد الأقصى الشيخ يوسف جمعة سلامة هذه الجريمة، لافتاً إلى أنها تأتي ضمن سياسة التضييق على فلسطينيي الداخل من أجل إجبارهم على الرحيل وترك
ممتلكاتهم.
بدوره، أدان التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة هذه الجريمة، معتبراً أنها «لا تخرج عن سياق مطالب حكومة نتنياهو بالاعتراف بيهودية إسرائيل».
كما استنكرت حركة حماس هذه الجريمة، معتبرة أنها «تدل على حالة العنصرية المتصاعدة والخطيرة داخل إسرائيل والتي تهدد الوجود الفلسطيني».
(أ ف ب، رويترز، د ب أ، أ ش أ)

Monday, October 3, 2011

الأزهر يزهر في الربيع العربي


الأزهر يزهر في الربيع العربي محاولاً استعادة مكانته
خطاب مختلف... تجديد داخلي... وسعي الى دور في السياسة


شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال مؤتمر صحافي مع بابا الأقباط والكرازة المرقسية الأنبا شنودة الثالث في كانون الثاني 2011
يخرج الأزهر الشريف من ظل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، محاولا استعادة مكانته، التي أضرت بها عقود من الرضوخ لزعماء أقوياء. ومن داخل جدرانه العالية المزخرفة، قضى شيوخ الأزهر اكثر من الف عام يدرسون النصوص الدينية ويفسرون معانيها للمسلمين، ما جعل من الأزهر سلطة لا تنافسها سلطة في العالم الإسلامي.

كان الأزهر فقد بعضاً من بريقه، حين أخضعه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لسلطة الدولة العام 1961. وبعد مرور 40 عاما، كان شيوخ الأزهر يحملون على دعم النظام الأمني الصارم تعزيزا لحكم مبارك الذي دام نحو ثلاثة عقود.
ونتيجة لارتباط سمعته بسمعة زعيم لا يحظى بشعبية، خفّ بريق الأزهر، في حين بدأ خطباء متشددون على درجة أقل من التعليم الديني ينشرون تفسيراتهم للإسلام عن طريق الإنترنت والقنوات الفضائية التلفزيونية. والعام 2007، بلغ الأمر أن أفتى شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي- الذي تولى المنصب لأكثر من عشرة اعوام انتهت بوفاته العام الماضي- بأن الصحافيين الذين ينشرون شائعات عن صحة مبارك يجب أن يجلدوا 80 جلدة.
وفي محاولة لاستعادة سمعة هذه المؤسسة العريقة، يسعى أزهريون بارزون الى تجديدها بوصفها مدافعة عن الديموقراطية وإصلاح الدولة، وربما أيضا عن الدولة المدنية. ويقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة "إن كثيرين يشعرون بالحاجة الملحة الى هذه المؤسسة في المستقبل، للمحافظة على الإسلام المعتدل في مواجهة الموجات الأخرى التي تقودها هيئات اكثر تشددا واقل جدارة بالثقة".
رياح التغيير بدت تهب على أروقة الأزهر الحجرية قبل اشهر من الثورة التي أطاحت الرئيس مبارك في شباط 2011. العام 2010، أشرف رئيس وزرائه احمد نظيف على تعيين الدكتور أحمد الطيب خلفا لطنطاوي. ويوصف الطيب بأنه اكثر ميلا للاستقلال.
وحين خرج الملايين الى الشوارع لمطالبة مبارك بالتنحي في كانون الثاني الماضي، لم تصدر الفتوى المتوقعة من الأزهر لمطالبة المصريين بالاتحاد وراء رئيسهم، بل اكتفى الأزهر بإصدار بيان يحض على ضبط النفس. وقد انضم كثر من علماء الأزهر الى المحتجين خلال الثورة، ولم يتعرضوا لانتقادات من رؤسائهم. وبعد رحيل مبارك، جمع الأزهر المثقفين للتعاون في شأن رؤية الى مستقبل مصر السياسي. وأصدر وثيقة من 11 نقطة في حزيران الماضي تقترح احترام حرية الرأي والعقيدة وحقوق الانسان في دولة مدنية يحميها الدستور والقانون.
ويشير محمد رفاعة الطهطاوي، وهو المتحدث السابق باسم الأزهر شارك في صياغة المسودة الأولى للوثيقة السياسية، الى "ان الأزهر يريد أن يتطور، بما يعكس التغييرات التي يراها آتية". ويفيد "انه استقال من منصبه في شباط الماضي لينضم الى الثورة. لكن زملاءه السابقين رحبوا بعودته الى الأزهر، كأنه لم يغب عنهم اطلاقا".
ويقول "انه لم يكن هناك رفض من شيخ الأزهر او اي مسؤول آخر، بل بالعكس شجعه الجميع". وعبر عن اعتقاده "أن الجميع كانوا يدركون أن لا مفر من التغيير، وأن لا أحد يستطيع منعه".
لا تزال لما يصدره الأزهر قوة معنوية، حتى بين المسيحيين الذين يمثلون نحو 10 في المئة من سكان مصر البالغ عددهم 81 مليون نسمة. وفي دولة تعاني أزمة في التعليم الحكومي، تقدم جامعة الأزهر بعضا من أفضل البرامج الدراسية في العلوم الحديثة واللغات والدراسات التجارية والهندسة والزراعة. كذلك يدير الأزهر معاهد في انحاء مصر، ويرسل خبراء للتدريس في أنحاء الشرق الاوسط وخارجه. ومن بين خريجي الجامعة، بعض من أبرز العلماء والساسة في العالم الإسلامي.
وقاره لا يزال حاضرا، لكن استعادته سلطته على الشؤون الدينية باتت اكثر اهمية من اي وقت مضى، بعدما ضعف الجهاز الأمني وظهرت تيارات، مثل السلفيين، تعارض إخضاع القيادات الدينية لسلطة علمانية.
وقد بدأت قيادات الأزهر في التواصل مع ساسة يتنافسون لتشكيل حكومة جديدة منتخبة، بينهم اعضاء في جماعات إسلامية، مثل الاخوان المسلمين التي كانت محظورة رسميا في عهد مبارك، ويرجح أن تمارس دورا حاسما على الساحة السياسية. وقد التقى شيخ الأزهر احمد الطيب مرشد جماعة الاخوان محمد بديع في ايار الماضي. وقال الطيب "إن الجماعة كانت دائما قريبة من الأزهر، لكن الظروف السابقة لم تسمح بعقد هذه الاجتماعات". وفي تقرير نشرته صحيفة "الأهرام"، يقول الطيب "إن الاجتماع بحث في اهمية الوصول الى خطاب إسلامي معتدل وموحد".
الشهر الماضي، توسط الأزهر بين ساسة ليبراليين وإسلاميين عارضوا محاولتهم وضع مبادىء لدستور جديد، وهي خطوة يعتبرها إسلاميون خدعة للحيلولة دون إقامة دولة إسلامية. لكن علمانيين يتشككون في سعي الأزهر الى لعب دور على الساحة السياسية. ويتساءل جمال عيد، وهو محلل متخصص بحقوق الانسان ورئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، عما سيحدث "إذا دب خلاف مع الأزهر بخصوص شيء ما". ويرى "أنه سيكون من الصعب مجادلة مؤسسة دينية". بالنسبة اليه، "لا يمكن الدعوة إلى إقامة دولة مدنية والسماح في الوقت نفسه للمنظمات الدينية بالمشاركة في السياسة".
الأزهر يسعى اليوم إلى التخلص من سيطرة الحكومة، قائلا "إنه يجب أن ينتخب شيخه مجددا، والا يختاره رئيس الدولة". ويرى المحلل السياسي نافعة "ان الأزهر أدرك استحالة ان يستمر في العمل بالطريقة نفسها التي كان يعمل بها في عهد مبارك. وبات يعلم أن عليه تطهير الفساد الداخلي". ويلاحظ "رغبة قوية لدى الأزهر في العودة الى زعامة العالم الإسلامي السني".
رويترز










Saturday, October 1, 2011

> أنور العولقي: المجاهد الإلكتروني

أنور العولقي: المجاهد الإلكتروني
برع العولقي في الجمع في رسائله بين المعرفة بالتقاليد الدينية والإحاطة بمقتضيات الإعلام الجديد فاستحقّ لقب «بن لادن الإنترنت» (أ ف ب)

ها هي الولايات المتحدة تنجح خلال اقل من خمسة اشهر باصطياد ثلاثة من كبار رؤوس تنظيم القاعدة، فبعد اسامة بن لادن والياس كشميري افلحت امس في قتل الشيخ انور
العولقي، الذي اتجهت الانظار اليه في ايار الماضي كخليفة محتمل لبن لادن بالنظر الى خبراته التنظيمية العالية من خلال الشبكة العنكبوتية، التي أهّلته ليحتل
موقعاً اساسياً على لائحة المطلوبين الرئيسيين من بين زعماء التنظيم

بشير البكر

كثّفت الولايات المتحدة حربها على تنظيم القاعدة في اليمن منذ نهاية سنة 2009، وحولت قسطاً اساسياً من جهدها القتالي والاستخباري من باكستان والصومال الى اليمن
لعدة اسباب. الأول هو أن التنظيم، بإيعاز من بن لادن، وحّد فرعيه في اليمن والسعودية مطلع سنة 2009 تحت اسم «القاعدة في جزيرة العرب»، وأخذ يعمل على تأهيل اليمن
ليصبح مركزاً رئيسياً لمقاتليه العائدين من باكستان وأفغانستان والعراق والسعودية، بالاستفادة من تراخي القبضة الامنية للدولة اليمنية التي راحت تعاني الأزمات
الداخلية منذ أن بدأت مسيرة الحراك الجنوبي الاستقلالي سنة 2007.

والسبب الثاني هو أن التنظيم الجديد اخذ يعد العدة لفتح جبهة جديدة ضد المصالح الغربية انطلاقاً من اليمن، وشرع في تخطيط وتنفيذ جملة من العمليات النوعية بالاعتماد
على متطوعين اجانب، مثل المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة امستردام ديترويت الاميركية في نهاية سنة 2009، التي قام بها النيجيري عمر الفاروق. والسبب الثالث هو
ان بن لادن نفسه كان قد بدأ الإعداد لنقل مقر اقامته من باكستان الى اليمن، وشرع فعلياً في العمل على تحقيق الحلم الذي راوده منذ نهاية الجهاد الافغاني في العودة
بالقاعدة من الشتات، فاليمن بلاد اجداده، وهي «ارض المدد»، بالاضافة الى ان فرصة تفكك الدولة اليمنية تعد ثمينة لجهة تأمين ملجأ آمن في ظل تكثيف الحرب الاميركية
على انصاره في باكستان والعراق والصومال.
هناك سبب اضافي كان يدفع بن لادن للعودة الى اليمن، وهو اعتماده على مجموعة من القادة اليمنيين الفاعلين في التنظيم، ومن بين هؤلاء مرافقه السابق ناصر الوحيشي،
الذي زكّاه اميراً لـ«القاعدة في جزيرة العرب»، والامام انور العولقي، وقاسم الريمي القائد العسكري، الذي برز بعد اول عملية رسمية للقاعدة في تشرين الأول 2000
ضد المدمرة الاميركية «يو اس اس كول» التي راح ضحيتها 17بحاراً اميركياً وجُرح 39 آخرون.
ورغم ان العولقي من الرموز والقادة الفاعلين في القاعدة، ومع ان اسمه شاع في العامين الاخيرين بوصفه مجاهداً بارعاً على الشبكة الالكترونية، لم تكن الاوساط
ترشحه لدور كبير، ولم يكن يوحي داخل اليمن بأنه يشكل مصدر خطر كبير على المصالح الغربية. وبقي تحديد درجة خطورته امراً ملتبساً حتى تجاوز الرئيس الأميركي باراك
أوباما الدستور في نهاية السنة الماضية وأصدر أمراً بقتله. وجرت عدة محاولات لاغتياله في جنوب اليمن، وتحديداً في منطقة شبوة، التي يتوارى فيها منذ أن تركزت
عليه الأنظار في نهاية سنة 2009.
يحمل أنور العولقي الجنسية الأميركية بسبب ولادته سنة 1972 في الولايات المتحدة من أب، هو وزير سابق للزراعة في اليمن، يدعى ناصر العولقي، نظراً لأنه ينحدر
من قبيلة «العوالق»، كبرى قبائل محافظة شبوة في جنوب اليمن، وأشدها بأساً. وتعلم العولقي أصول الدين في عدن، ليصبح لاحقاً إماماً بارزاً في العديد من المساجد
الأميركية، ويرتبط بمساجد «سان دييغو» في ولاية كاليفورنيا، وفي «فولز تشوتش» في ولاية فرجينيا، ليعود فجأة إلى اليمن في 2002، بعدما صار محاضراً بارزاً بفضل
الكثير من الدروس والخطب التحريضية التي انتشرت قبل 11 سبتمبر، ليس باللغة العربية فقط، بل بالإنكليزية أيضاً. وذاع صيته بعيداً حتى صارت بعض مواعظه ومشاركاته
الفقهية منشورة ومتوافرة على «يوتيوب»، إلى الصرعات الجديدة في عالم الموسيقى و«الراب» مثل «سنووب دوغ» و«الزومبيز»، وهي في غالبها تتحدث عن معاني القرآن ودروسه،
حيث برع خصوصاً في الجمع في رسائله، بين المعرفة بالتقاليد الدينية والإحاطة بمقتضيات الإعلام الجديد. ولهذا استحقّ لقب «بن لادن الإنترنت».
ورغم نفيه أي صلة بالتنظيم، تشير اهتمامات العولقي الفكرية إلى صلة ما بـ«القاعدة»، ذلك أنه شرح كتاب الشيخ السعودي يوسف العييري (ثوابت على درب الجهاد) بالإنكليزية،
وهذا هو الأمير السابق لـ«تنظيم القاعدة» في السعودية، الذي قتل على أيدي قوات الأمن السعودية في 2003. وقد ألقى العولقي محاضرات عن الكتاب في الولايات المتحدة.
ذاع صيته وكبرت حلقته من الشبان اليمنيين في الولايات المتحدة، بدءاً من عام 2000، حيث بات إماماً في أحد مساجد واشنطن. وتقول المعلومات إن من بين الذين واظبوا
على حضور دروسه اثنين من منفذي هجمات 11 سبتمبر (خالد المحضار، ونواف الحازمي)، اختطفا طائرة «أميركان إيرلاينز»، التي اصطدمت ببرج البنتاغون.
بقي العولقي في الظل حتى أجرى معه في 16 تشرين الثاني 2009 صحافي يمني حديثاً لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، بعد المجزرة التي قام بها الرائد الأميركي من
أصل فلسطيني نضال حسن في الخامس من تشرين الثاني 2009، في قاعدة «فورت هود» الأميركية في تكساس.
وصف العولقي نضال حسن في حديثه للصحيفة الأميركية بـ«البطل»، وكاد ينسب إلى نفسه تخطيط العملية، عندما اعترف بأن حسن كان يتردد إليه في مسجده في فرجينيا، وأنه
تراسل معه السنة الماضية (2008) عبر البريد الإلكتروني، وقال إنه كان يثق به، و«أصبح مسلماً ورعاً ما بين 2001 و2002». وذكر في حديثه إلى الصحيفة، الذي مر من
دون أن يلفت الانتباه إليه كثيراً، أن نضال حسن مسلم جدي ومطّلع على الشريعة، وكثيراً ما كان يستند إلى «ما ورد في الشريعة من أجل أدلة تجيز محاربة ما تقوم
به أميركا». وكشف أنه تلقى رسالة من نضال حسن في 17 كانون الأول عام 2008، ورد فيها: «أتحدث معك في مواضيع لا أتطرق إليها أبداً مع أي شخص آخر».
برر العولقي الهجوم الذي قام به حسن على زملائه من العسكريين، الذين صرع منهم 13، بأنه، حسب رأيه، شكل من أشكال الجهاد، لأن أميركا هي التي جاءت تقاتل في بلاد
الإسلام. وقال، في الحديث، إن «قتال الجيش الأميركي واجب إسلامي، وإن السبيل الوحيدة أمام المسلم لتبرير الخدمة في الجيش الأميركي في نظر الإسلام، هي العزم
على المشي على خطى نضال حسن».
فتح هذا الحديث الأعين الأميركية على العولقي، لكن المتابعة الرسمية لنشاطه جاءت بعد محاولة تفجير طائرة الركاب الأميركية بين أمستردام وديترويت في ليلة عيد
الميلاد سنة 2009. واعترف منفذ العملية، الشاب النيجيري عمر الفاروق، بأنه تتلمذ على يدي العولقي، وأنه قام بالمحاولة بإيعاز منه، وحاولت الاستخبارات الأميركية
اغتيال العولقي في الليلة نفسها، بقصف اجتماع في شبوة، لكنها أخطأته. ومنذ ذلك الحين يعد هدفاً أميركياً ثميناً، وخصصت جائزة مالية مقدارها مليون دولار. وكان
من المتوقع أن الرقم سيتضاعف عدة مرات لأنه سيصبح العدو الأول للولايات المتحدة في حال أعلنه التنظيم خليفة لبن لادن في ايار الماضي، لكن الاختيار وقع على انور
الظواهري.
عدم تسمية العولقي خليفة لبن لادن لم تخفف من اهميته في نظر وحسابات الاجهزة الاميركية التي حاولت اغتياله عدة مرات في الاشهر الخمسة الاخيرة، بعدما صعّد التنظيم
من عملياته في جنوب اليمن، وفي كل مرة كانت الاستخبارات الاميركية تنصب كميناً للعولقي كان يفلت منه بفضل تحركه في محيط قبلي آمن في محافظة شبوة الجنوبية، وبمجرد
خروجه منه بات مكشوفاً، وتم رصده واغتياله امس بصاروخ من الجو على طريق عودته من الجوف على الحدود مع السعودية.

الوحيشي والريمي

ناصر عبد الكريم عبد الله الوحيشي الملقب بـ«أبو بصير» أمير «تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الحالي، هو السكرتير السابق لبن لادن، والنجاح الأبرز لهذا القيادي
انعكس في قدرته على توحيد تنظيم القاعدة في اليمن والسعودية في كانون الأول 2009، تحت إمارته باسم جديد هو «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، ونيابة كل من السعودي
سعيد الشهري وصديقه اليمني قاسم الريمي. أما قاسم يحيى مهدي الريمي، فهو من أبرز المطلوبين للأجهزة الأمنية في اليمن والسعودية. لذا، جرت عدة محاولات لاغتياله
خلال السنوات الأخيرة، وأعلنت السلطات اليمنية مقتله أكثر من مرة، وكان آخرها في آذار من السنة الماضية. وهناك من يعدّه العقل المدبر الأكثر خطورة من الوحيشي
والشهري. وللدلالة على خطره، وضعته الأجهزة الأميركية على قائمة المطلوبين.
> تصفية تنظيم «القاعدة» باغتيال قادته

تصفية تنظيم «القاعدة» باغتيال قادته
صور لبن لادن معروضة للبيع في كويتا ـ باكستان (ناصر أحمد ـ رويترز)

السياسة الأنجع لمحاربة تنظيم «القاعدة» بالنسبة إلى الإدارة الأميركية قامت على الاغتيالات وتصفية كوادر تنظيم «القاعدة» أولاً، ثم قادة الصف الثاني، قبل أن
تنتقل إلى تصفية رؤوسه. وتولّى هذه المهمة برنامج خاص تابع لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» بالتعاون مع شركات حرب خاصة، أبرزها «بلاك ووتر». هذا البرنامج
الذي أطلقته الوكالة في عام 2004، تركّز أكثر في المناطق القبلية الباكستانية قبل أن يتوسّع ليشمل الجنات الآمنة للتنظيم في آسيا وأفريقيا، وتتولاها بغالبيتها
طائرات الاستطلاع.

وبحسب مسار برنامج «سي آي إيه» منذ 2004، يظهر أنّ عام 2011 هو عام «قطع رؤوس» التنظيم، اذ نجحت عمليات وكالة الاستخبارات في قتل القياديين الكبار للتنظيم، وأوّلهم
أسامة بن لادن الذي تميزت عملية اغتياله عن باقي العمليات بأن تولّاها فريق نخبة من الوحدة الخاصة «سيلز» في الأول من أيار الماضي. والقيادي الثاني كان عبد
الرحمن عطية، قبل أن تقتل أمس أنور العولقي في اليمن. مسلسل اغتيالات القادة افتُتح مع قتل نك محمد، الزعيم الطالباني المقرّب من أسامة بن لادن والملا عمر،
في 2004، ولحق به القائد الميداني أبو حمزة ربيعة المتهم بمحاولة اغتيال الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف. وكان اغتيال أبو مصعب الزرقاوي، زعيم «قاعدة الجهاد
في بلاد الرافدين»، بغارة أميركية ضربة في الصميم للتنظيم خلال الحرب في العراق. وخلال عامي 2008 و2009، جرى تكثيف برنامج «سي آي إيه» على نحو مُريب، فتمكّنت
طائرات الاستطلاع من قتل أكثر من 34 من قادة «طالبان» و«القاعدة»، أبرزهم زعيم «طالبان» باكستان بيت الله محسود (في 5 آب 2009).
وقبل ذلك اغتيل قائد عسكر الظل في «القاعدة»، أبو السعيد الليبي، وزميله زهيب الذهب، وقائد الشبكة الداخلية للتنظيم صالح الصومالي، والمدرب عبد الله حماس الفلسطيني،
والمطلوب في تفجيري السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا في 1998، أسامة الكيني. وفي 2008 سقط عبد الله عزام السعودي الذي كان صلة وصل بين «طالبان» و«القاعدة»،
ورئيس فرع الاستخبارات في «القاعدة» أبو جهاد المصري، وخبير المتفجرات أبو حمزة، وأبو حارث السوري.
وفي شباط 2010، قُتل شقيق أمير الحرب سراج الدين حقاني، محمد، وقائد الظل العسكري في «القاعدة» شيخ منصور. وفي كانون الثاني، اغتيل عبد البسيط عثمان الذي قدّمت
واشنطن مليون دولار مقابل رأسه، وسيّد صناعة القنابل منصور الشامي، والطالباني حاجي عمر خان. وفي العام نفسه قُتل زعيم «دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي
إضافة إلى القيادي أبو أيوب المصري.
(الأخبار)
> وقائع من عمليات تهريب السلاح إلى سوريا

وقائع من عمليات تهريب السلاح إلى سوريا
نقولا أبورجيلي

لم يكن سهلاً إقناع مروان (اسم مستعار ) بإفراغ ما في جعبته عن عمليات تهريب الأسلحة من لبنان إلى الداخل السوري عبر الممرات والمنافذ الجبليّة بين البلدين.
فبعد محاولات عدة للقائه، وقع الاختيار على منطقة زراعيّة تبعد عشرات الأمتار عن طريق عام رياق ــــ بعلبك. هناك، تحت ظلال خيمة مصنوعة من أكياس الخيش، كشف
تاجر السلاح لـ«الأخبار» عن بعض الأسماء والجهات التي تنشط في هذا المجال. البوح بما قرر الرجل كشفه، سبقه شرط عدم ذكر الأسماء بالكامل.
العرض الأول الذي تلقّاه مروان لتأمين كميات من الأسلحة والمساعدة على تهريبها إلى سوريا كان قبل نحو شهرين، خلال لقاء جمعه مع شخص سوري، عرّف عن نفسه بلقب
«أبو رسول»، في منزل يقع في أطراف إحدى بلدات شرق زحلة يملكه شخص يدعى ع. خ.، وفي حضور الأخير. يوضح مروان أن «أبو رسول»عرض عليه مبلغ 400 ألف دولار لتأمين
أكبر كميّة من الأسلحة المختلفة مع ذخائرها، على أن يجري التسلّم والتسليم في منطقة يحددها صاحب العرض الذي «ما لبث أن ظهرت على وجهه علامات التوتر فور علمه
بالطائفة التي أنتمي إليها». انتهى اللقاء الذي دام أقل من ربع ساعة بالاتفاق على تحديد موعد لاحق عبر الهاتف. لكن التواصل انقطع، «وعلمت بالتواتر أن اتفاقاً
جرى بينه وبين شخص لبناني من آل س. يسكن في بلدة بقاعيّة تقع شرقي شتوره، أبدى خلاله الأخير استعداده لتأمين المطلوب. إلا أن تاجر السلاح اللبناني، بعدما قبض
دفعة على الحساب، توارى عن الأنظار مهدّداً أبو رسول بفضح أمره إذا طالبه بالمبلغ مجدداً». عرض آخر مماثل تلقّاه مروان قبل أقل من شهرين، من شخصين سوريين أحدهما
من آل غنيم والآخر من آل غزالي، وعداه بمبالغ كبيرة لقاء تأمين أسلحة من أنواع مختلفة، على أن تحصل الصفقة في منطقة قريبة من وادي عنجر. وبحسب مروان «توقفت
عملية التفاوض بعد مقتل أحد الشخصين برصاص قوات حرس الحدود السوريّة على تخوم وادي عنجر في سلسلة جبال لبنان الشرقيّة، وهروب الآخر أثناء تهريبهما كميّة من
الأسلحة». يرفض مروان الدخول في التفاصيل عن مصدر الأسلحة، مكتفياً بالقول إن الطلب «تضاعف أخيراً، خصوصاً على بنادق الكلاشنيكوف والمسدسات الأميركية من نوع
كلوك، التي يراوح سعر الواحد منها بين 2500 و3000 دولار»، مشيراً إلى أن ارتفاع الطلب انعكس ارتفاعاً في أسعار ذخائر الأسلحة الفرديّة بمختلف أنواعها.
مروان يؤكد أن جهات لبنانيّة مناوئة للنظام السوري كلّفت عدداً من «زملاء الكار» بالتواصل مع تجار أسلحة في البقاع الشمالي ينتمي معظمهم إلى بيئة غير معادية
للنظام السوري، بهدف تأمين الأسلحة لقاء مبالغ خياليّة تدفع على مرحلتين، الأولى عند تأمين الكميات، والثانيّة بعد وصولها إلى الداخل السوري. يستطرد مروان مبتسماً:
«لن تصدّق أن ضباطاً سوريين حضروا إلى بلدة في البقاع الشمالي، وطلبوا من بعض كبار تجار الأسلحة التعاون مع أي جهة ترغب في شراء الأسلحة لنقلها إلى سوريا، على
أن يزوّدوا هؤلاء الضباط بأدق التفاصيل عن طالبي الأسلحة، والأماكن المتفق عليها لتسليم الكميات المهرّبة»، مؤكداً أن هذا ما حصل بالفعل.
> يوم تناول شمعون الحلوى عند حائط المبكى

يوم تناول شمعون الحلوى عند حائط المبكى
التزام بيغين لشمعون كلف حياة مئات الإسرائيليين وحول ساحة فرعية في الصراع إلى حدود نشطة (أرشيف)

«زلّة لسان» وقع فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغين، رداً على سؤال من الرئيس اللبناني الأسبق كميل شمعون، أدت إلى التحول في سياسة إسرائيل حيال حلفائها
في لبنان، من الدعم غير المباشر إلى التدخل العسكري المباشر

محمد بدير

كشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، فصولاً خفية من العلاقات الإسرائيلية مع مسؤولين سياسيين لبنانيين قبل الحرب الأهلية وأثناءها. وتحت عنوان «العودة إلى لبنان... التحدي
الأكبر أمام غانتس»، شرح محلل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، أمير أورن، كيف تبلور التحالف السياسي بين تل أبيب وقادة لبنانيين، الذي أدى في ما بعد إلى تدخل
عسكري إسرائيلي مباشر لمصلحتهم، بعدما كان مقتصراً قبل ذلك على الدعم التسليحي والاستشاري بنحو غير مباشر. ويروي الكاتب كيفية خذلان «حزب الكتائب، برئاسة بشير
الجميّل في حينه لإسرائيل في أثناء اجتياحها لبنان من خلال عدم مشاركته في القتال كما كان متفقاً عليه»، وطلبه من تل أبيب تخصيص ثلاث فرق لتكون سنداً عسكرياً
لحكم الجميّل بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.
وكتب أورن أن الرئيس اللبناني الأسبق، كميل شمعون، «الذي أدخل مظليين أميركيين صيف 1958 إلى بيروت، واعتمد سراً أيضاً على إمدادات السلاح الإسرائيلي، كان بعد
عقدين هو نفسه من أغوى (رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، مناحيم) بيغين لتغيير سياسته الحذرة الخاصة بدعم المسيحيين في لبنان بالسلاح والتدريبات والاستشارات،
ولكن ليس من خلال التدخل العسكري المباشر». ورأى أورن أن بيغين، «تجاهل شكوى إسحاق رابين وشمعون بيريس وحتى وزرائه، موشيه ديان وعيزير فايتسمان، لمصلحة معادلة:
المسلمون والفلسطينيون أشرار؛ المسيحيون أخيار». أضاف الكاتب: «إن الالتزام الذي قدمه بيغين لشمعون عن طيب خاطر كلفنا حياة المئات من الإسرائيليين في السنوات
التي تلت تلك الفترة، وأدى إلى تحويل ساحة فرعية في الصراع العربي الإسرائيلي إلى حدود إسرائيلية نشطة ضد مثلث: إيران ــــ سوريا ــــ حزب الله».
وفي تفصيل التحول الذي أقدم عليه بيغين، يروي أورن أن شمعون سأل رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال لقاء جمعه به في القدس المحتلة عام 1978 عما سيحدث «إذا هاجمنا
سلاح الجو السوري»، فرد عليه بيغين «مغيّراً سياسة إسرائيل بزلة لسان: إذا هاجمكم سلاح الجو السوري فسنساعدكم». هكذا، ينقل الكاتب عن أحد المشاركين في اللقاء،
«خرج شمعون، بعد أن أصبح الالتزام في جيبه إلى حفلة أقيمت على شرفه في منزل السيدة روزنبلوم، إحدى قريبات مسؤول في الموساد كان مسؤولاً عن إدارة العلاقات مع
القادة المسيحيين في لبنان. وبعد ذلك، قام شمعون بجولة ليلية في المدينة القديمة، وتناول الحلوى عند حائط المبكى».
ولم تلبث إسرائيل أن وجدت نفسها أمام استحقاق الوفاء بالوعد الذي قطعه بيغين، «ففي عام 1981، حين وسّع الموارنة ساحة الاحتكاك مع السوريين في جبل صنين، سببوا
من خلال ذلك إرسال مروحيات سورية للعمل ضدهم، ما دفع إسرائيل إلى إسقاطها في نوعٍ من تحصيل الكمبيالة التي وقّعها بيغين، الأمر الذي أدى إلى تعميق التغلغل السوري
في لبنان من خلال بطاريات صواريخ أرض جو». في تلك الأثناء، «لم يعد شمعون في قلب الحدث»، بل «عائلة الجميّل، التي فازت في الصراع الداخلي وكانت تُعدّ عدواً
لعائلة شمعون». وعندها «خسر النمور، ونزع كتائب الجميّل جلدهم المرقط. أما بيغين الذي تاق إلى قصف البطاريات السورية، فخضع لضرورات حالة الطقس، وللضغوط الأميركية
ولحسابات العملية المخطط لتنفيذها ضد المفاعل النووي العراق، وانتظر عاماً آخر».
ويشير الكاتب، في السياق، إلى وجود خطتي حرب إسرائيليتين على الجبهة اللبنانية كانتا معروفتين: «الصنوبر الصغير» و«الصنوبر الكبير». والفرق بين الخطتين كان
يتمحور حول المسافة التي يفترض بالجيش الإسرائيلي أن يصلها في العمق اللبناني انطلاقاً من الحدود، وكلتاهما اعتمدت على خطوط أفقية هي عبارة عن مجاري أنهار مختلفة
ينبغي للجيش الإسرائيلي أن يتموضع عندها. وأعدت الخطة الصغرى لـ«سيناريو مستحيل، يتضمن استسلام الفلسطينيين وقطع الارتباط من جانب السوريين، إلا أنها تحولت،
بطريقة واقعية ومتوقعة، إلى كبرى».
ويكشف الكاتب أيضاً عن وجود مخططات عملياتية أخرى تمحور أحدها حول تنفيذ عملية التفاف عميقة وإنزال قوة عسكرية شمال بيروت. «إلا أن هذه الخطط بقيت في الأدراج
حتى لا تمثّل دلالة أمام العالم ومعارضي الحرب في الداخل الإسرائيلي للهدف الحقيقي من وراء اجتياح لبنان: إقامة نظام لبناني جديد، لكن مع القليل من الإرادة
الطيبة والغريزة السيئة من جانب المرشح الإسرائيلي للرئاسة، بشير الجميّل. وكذلك إقامة نظام إقليمي جديد، لأن الفلسطينيين سيُشردون من لبنان ويأتون إلى الأردن
وينقلبون على المملكة الهاشمية ويشيدون دولة لأنفسهم ويسلمون بالسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية».
«إلا أن المفتاح لكل هذا الهذيان»، بحسب أورن، كان «اللمعة ــــ الفكرة الخيالية بأن الجميّل وقواته سيقاتلون، ولن يرتكبوا مجازر فقط». يتابع الكاتب: «بيد أن
ذلك (القتال) لم يحصل في أيام الحرب الأولى، كما كان مخططاً، ولم يكن ليحصل بعد انتخاب بشير الجميّل للرئاسة؛ إذ التقى بيغين في منشأة رفائيل في الشمال وعلّمه
حقائق الحياة في لبنان: هو يريد أن يكون رئيساً لكل اللبنانيين، لا لمؤيدي إسرائيل ومعارضي سوريا فقط، وأنه يحتاج إلى سند عسكري إسرائيلي دائم، مقداره ثلاث
فرق تقريباً. أي أن جزءاً معتبراً من القوة النظامية للجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الجزء الذي كان من الممكن أخيراً تقليصه بفضل اتفاق السلام مع مصر وإخلاء
سيناء، سيكون قوة مهمة لاحتلال لبنان، وتالياً فريسة لكل الطوائف والميليشيات وبؤرة احتكاك دائمة مع القوات السورية المجاورة».
ويرى الكاتب أن شارون ورفول فشلا غير مرة في درس «اعرف عدوك»، ومراتٍ عدة في درس «اعرف نفسك». ولم يعرفا أيضاً الجهة الثالثة، التي هي الكتائب في هذه الحالة.
وفيما كان بيغين مذهولاً من هذا التطور، على حد وصف الكاتب، جاءه السفير الأميركي بخبر لا يقل قساوةً، هو «خطة ريغان» التي أوضحت أنه ما من إدارة أو رئيس أميركيين
سيتنازلان عن مطلب الانسحاب من المناطق والتقدم السياسي في الساحة الفلسطينية. لكن تسارع الأحداث غطى على هذه الخطة؛ إذ «بعد أسبوعين من ذلك قتل بشير الجميّل،
وأُرسل الجيش الإسرائيلي إلى غرب بيروت فيما ارتكبت الكتائب المجازر بحق الفلسطينيين».

الحرب قبل 2014

قدّر جنرال في الجيش الإسرائيلي أن فرصة اندلاع مواجهة جديدة مع حزب الله، قبل نهاية ولاية رئيس الأركان الحالي، بني غانتس، في شهر شباط عام 2014، «هي فرصة مرتفعة
جداً». ونقلت صحيفة هآرتس عن الجنرال قوله الأسبوع الماضي إن احتمالات حصول الحرب خلال ولاية غانتس «مرتفعة جدا». وبحسب الصحيفة، شدد الضابط الرفيع المستوى
على أنه «يحظر الوقوع في الأوهام؛ إذ سيجري اقتحام القوات البرية لبنان منذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهة، وبالنتيجة سيسقط المئات من القتلى والجرحى في صفوف
الجيش الإسرائيلي»، لكنه أشار إلى أن «أحد التطلعات في الأركان العامة، رغم عدم ضمان ذلك، هو قتل (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، فدماؤه مباحة».
مع ذلك، أكد أن «التوجه لدى الجيش هو أن لا يسبب اندلاع حرب، نتيجة لاستغلال فرصة استخبارية تنفيذية لقتله، في فترة الهدوء».

Friday, September 30, 2011

إسرائيل و«دولة فلسطين»: 3 مخاوف رئيسيّة
جنود الاحتلال في قرية الرام بالضفة الغربية أمس (أحمد غربلي ـ أ ف ب)

ربما في الفترات التي سبقت الحروب الكبرى لإسرائيل فقط، يمكن المرء أن يعثر على سوابق تاريخية احتشد فيها هذا القدر من الاستنفار السياسي والدبلوماسي والأمني
والإعلامي الذي تشهده الدولة العبرية هذه الأيام. «التسونامي السياسي»، المتشكّل من سعي السلطة الفلسطينية إلى نيل الاعتراف الدولي بدولةٍ مستقلةٍ عبر مؤسسات
الأمم المتحدة، وصل إلى شواطئ تل أبيب

محمد بدير

لم تفلح الحكومة الإسرائيلية، برغم صافرات الإنذار السياسية التي ملأ طنينها الأجواء الإسرائيلية على امتداد الأشهر الماضية، في إيجاد الصيغ الوقائية الملائمة
لمواجهة الأمواج العاتية المتوقعة. أمواجٌ بات واضحاً أن حجم الأضرار الذي تخشى تل أبيب أن تُخلّفها كبيرٌ إلى الحد الذي يدفع لجنة الخارجية والأمن في الكنيست
إلى حجب تقرير خاص أعدّته عن هذا الموضوع. وليس أدل على التهديد الذي تستشعره إسرائيل من وراء الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية من إقرار وزير خارجيتها المشهور
باستخفافه بالعرب وتحقيره لكل ما يفعلونه بذلك.

في تصريحٍ له قبل أيام، قال أفيغدور ليبرمان إن «إعلاناً فلسطينياً أحادي الجانب من شأنه أن يحدث تداعياتٍ خطيرة بعيدة المدى».
قد يكون الأرجح أن ما قصده زعيم «إسرائيل بيتنا» تحذيرٌ مبطنٌ من ردود الفعل التي قد تقدم عليها إسرائيل في حال مضيّ السلطة الفلسطينية في خططها الرامية إلى
استحصال على الإقرار الأممي بدولة مستقلة، (وهو أعلن بالمناسبة عن إجراءات اقترحها ضمن هذا السياق، من بينها ضم المستوطنات وإلغاء اتفاقيات أوسلو وحجز الأموال
التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة)، إلا أن ذلك لا يُلغي الجانب الخبري في تصريحه ـــــ سواء عناه أو لا ـــــ وهو المتعلق بخطورة الآثار السلبية التي تترقبها
تل أبيب على خلفية إضفاء صفة الدولة رسمياً على الكيان الفلسطيني الناشئ في المناطق المحتلة عام 67. في كل الأحوال، فإن حدّة الإجراءات المقترحة كرد فعل إسرائيلي
تشير ضمناً الى تقدير ليبرمان لمدى خطورة التداعيات الكامنة في الفعل الفلسطيني.
خلال الفترة الماضية، حفلت الحلبة السياسية الإسرائيلية بسجالاتٍ مكثفة حول المعاني السياسية التي ينطوي عليها حصول السلطة الفلسطينية على مكانة الدولة في المنظمة
الدولية. جاء ذلك ضمن سياق حالة الاستنفار التي تعيشها إسرائيل منذ إعلان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، نيته التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب هذه المكانة. تحدثت
تقارير صحافية عن حراكٍ نشط شهدته شبكة العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية لتوضيح هذه المعاني لدى أكبر عدد ممكن من دول العالم لتجنيد موقفها الرافض للخطوة الفلسطينية،
واستفاضت تقارير أخرى في تغطية الاستعدادات التي يجريها الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى تحسباً لانعكاسات ميدانية قد تنجم عنها. بين هذا وذاك، برزت الخشية الواضحة
من التداعيات القانونية والقضائية التي ترى المحافل الحقوقية والسياسية في إسرائيل أنها ستترتب على إعلان الدولة الفلسطينية. في العموم، يمكن تلخيص المخاوف
التي تعتري إسرائيل من الدولة الفلسطينية في ما يأتي:

انتفاضة ثالثة؟

الخطر الأول الذي ترى إسرائيل أنه يتهددها في خطوة إعلان الدولة يتمثل في الخشية من انطلاق ديناميكية شعبية فلسطينية مواكِبة للحدث يمكن أن تتطور ـــــ حالَ
تصاعدها ـــــ إلى خروجها عن السيطرة وسلوكها مسار صيرورةٍ تستنسخ فيها الحراك الشعبي العربي القائم، أو تتجه نحو انتفاضة جديدة ثالثة تكون أكثر عنفاً ـــــ
بما لا يُقاس ـــــ من النسختين السابقتين ربطاً بحالة العسكرة التي مر بها المجتمع الفلسطيني بفصائله المختلفة. وتواجه إسرائيل على هذا الصعيد معضلة متعددة
الأوجه: فعدم مواجهة الحركة الشعبية الفلسطينية قد يؤدي إلى إكسابها مزيداً من الزخم والجرأة، وقد يدفعها إلى تحدي الخطوط الحمر الإسرائيلية، مثل التوجه نحو
المستوطنات أو محاولة هدم الجدار الفاصل على الحدود الغربية للضفة. وفي حال مواجهتها ميدانياً، فإن الإصابات المحتملة التي سوف تنجم عن ذلك ستُعطي الشارع دفعاً
إضافياً، وخصوصاً في ظل الحساسية الشعبية المرتفعة بفعل «الربيع العربي». والإشكالية المهمة المستجدة التي سوف تعترض سبل المواجهة الإسرائيلية للحراك الفلسطيني
تكمن في أنه سيتخذ صفة «حرب التحرير الوطني الفلسطيني»، وستكون هذه الصفة مستندة إلى مسوغات الشرعية الدولية، وتالياً لن يكون نعتها بصفة الإرهاب بالسهولة التي
اعتادت عليها إسرائيل سابقاً.
وفي كل الأحوال، أخشى ما تخشاه إسرائيل هو دخول «أطراف ثالثة» على خط المواجهة، سواء كان ذلك من قبل الفصائل الفلسطينية التي لا تزال ترى في المقاومة الطريق
الأجدى نحو التحرير، أو من جانب المستوطنين الذين يمارسون منذ فترة سياسة «شارة الثمن» ضد الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية ويسهمون من خلال ذلك في تأجيج
الوضع الشعبي الفلسطيني، أو من جهاتٍ خارجية يمكن أن تستغل الوضع المستجد لتلتفّ على أزمتها الداخلية من خلال تحريك الجبهة مع إسرائيل «سلمياً» عبر مسيرات شعبية
باتجاه الحدود تحت شعار «حق العودة»، تماماً كما حصل في ذكرى النكبة قبل أشهر. كل ذلك، ولم يتم التطرق بعد إلى احتمال أن تقود التطورات في مرحلة ما إلى وقف
التعاون الأمني من جانب الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مع نظيرتها الإسرائيلية، الأمر الذي ترى فيه إسرائيل خطراً داهماً على أمنها الداخلي، وخصوصاً
إذا ما تم ذلك على خلفية تكريس المصالحة التي بدأت قبل أشهر بين حركتي فتح وحماس، ما يعني وقف حكومة رام الله لعمليات «الإحباط» والاعتقالات التي تنفذها بحق
أنشطة الحركة الإسلامية وكوادرها.
ويمكن تقدير درجة الخطورة التي تعزوها إسرائيل للتهديد الشعبي المتأتي عن إعلان الدولة الفلسطينية من خلال متابعة الاستعدادات الميدانية التي تعكف عليها تشكيلاتها
العسكرية والأمنية منذ أشهر، وهي استعدادات تكاد تقترب من الجهوزية الحربية الكاملة بما تتضمنه من تدريب وتجهيز وخطط لاستدعاء الاحتياط وإعادة نشر القوات ورفع
مستوى التأهب داخل صفوف الشرطة والجيش والأجهزة الاستخبارية.

عزلة دولية وجمود العملية السياسية

المحظور الثاني الذي تخشاه إسرائيل هو أن يدفع رفع مكانة منظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة إلى دولة نحو استغلال الأخيرة لواقعها السياسي الجديد ضمن
سياق مناكفة الدولة العبرية في المحافل الدولية، وصولاً إلى زيادة ما تقول تل أبيب إنها عزلة سياسية تزداد حلقاتها ضيقاً حولها. فالدولة الفلسطينية الناشئة
ـــــ سواء كانت تتمتع بصفة العضوية أو الرقابة ـــــ سيتاح لها الانضمام إلى المواثيق والمنظمات الدولية المختلفة لتمارس فيها إن أرادت ندّية سياسية تستند
إلى مستمسكات أخلاقية وقانونية ضد الحضور الإسرائيلي فيها، فضلاً عن إمكان تفعيل المكانة المستجدة لتعزيز المقاطعة الأهلية القائمة في دولٍ غربية ضد إسرائيل،
منتجاتٍ وشخصياتٍ سياسية وأكاديمية. بيد أن الأهم والأكثر خطورة من ذلك هو أن إقرار الدولة الفلسطينية ضمن حدود عام 67 سيغير تماماً الإطار القانوني للعلاقات
بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ويلغي جزءاً من مرجعيات العملية السياسية. فعلى سبيل المثال، ستتحول المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية، بما
فيها القدس، من أراضٍ متنازع عليها إلى أراض محتلة وفقاً للقانون الدولي. ومن شأن ذلك أن يدفع الفلسطينيين إلى تجاوز مسار المفاوضات على قاعدة أن ما منحتهم
إياه الشرعية الدولية من حقوق سيادية على صعيد المسائل الجوهرية تحديداً (الحدود، العاصمة، عدم شرعية المستوطنات) لم يعد مادة للمساومة على طاولة التفاوض. وقد
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي صريحاً في تعبيره عن هذه النقطة حين رأى أن «إعلان الدولة الفلسطينية سيجعل المفاوضات تعلّق لستين عاماً».

فقدان امتيازات «سيادية»

امتداداً للنقطة السابقة، تخشى إسرائيل من إمكان أن يسعى الفلسطينيون إلى ممارسة أنشطةٍ عملية تُكرس مبدأ سيادتها على أراضيها ومجالها الجوي والبحري. فحق الدولة
الفلسطينية المزمعة في التوقيع على الاتفاقيات سيفتح لها باب الانضمام إلى أطرٍ ومنظمات دولية متخصصة، مثل اتفاقية قانون البحار ومنظمة الطيران المدني الدولي
(IATA)، فضلاً عن المحكمة الجنائية الدولية. يستتبع ذلك إسقاطات قانونية وإجرائية على أكثر من صعيد، كأن يُصبح الفلسطينيون أصحاب السلطة على المياه الإقليمية
قبالة سواحل غزة، مع ما يعنيه ذلك من إمكان تحدي الحصار أمام محكمة الهيئات القانونية الدولية وحق المطالبة بالغاز الطبيعي الواقع ضمن المنطقة الاقتصادية الفلسطينية
الخالصة. ومن هذه الإسقاطات أيضاً رفض منظمة IATA السماح للطائرات المدنية الإسرائيلية بالتحليق فوق الضفة الغربية وغزة بوصفها أجواء سيادية فلسطينية، ما يعني
اضطرار شركات الطيران الإسرائيلية والأجنبية إلى تخطيط مسارات تحليق جديدة تربك الحركة الجوية القادمة إلى إسرائيل والمنطلقة منها.

شبح لاهاي القضائي

يبقى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق الإسرائيلي هو الحق الذي ستتيحه عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، حتى كدولة مراقبة، بمقاضاة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية
في لاهاي بتهمٍ متعددة، تبدأ بجريمة المشروع الاستيطاني التي تُعدّ بحسب نظام المحكمة جريمة حرب (نقل سكان من وإلى أراضٍ محتلة)، ولا تنتهي بارتكابات الجيش
الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية خلال العمليات العسكرية الكبرى كـ«السور الواقي » عام 2002 والحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل عامين.

ليبرمان لإجراءات عقابيّة ضد الفلسطينيّين

يروّج وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان (الصورة)، لضرورة أن تكون مواجهة المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة والحؤول دون إعلان الدولة الفلسطينية، مبنية
على استخدام إسرائيل «صندوق أدوات» مهمته معاقبة السلطة الفلسطينية إن هي أصرّت على طرح قيام الدولة من جانب واحد. ومن بين «الأدوات» التي يتضمنها هذا الصندوق:
إلغاء اتفاقيات أوسلو والترتيبات الأمنية والعلاقات الاقتصادية بين الجانبين، ضم الكتل الاستيطانية اليهودية في الضفة الغربية الى إسرائيل، تجميد أموال الجمارك
والضرائب المجباة لمصلحة السلطة من قبل إسرائيل، إلغاء بطاقات العبور (VIP) لكبار مسؤولي السلطة التي تمكّنهم من السفر الى الخارج أو الدخول الى إسرائيل، وتشجيع
اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة على تحفيز أصدقاء إسرائيل في الكونغرس لاتخاذ قرار بوقف المساعدات السنوية الأميركية للسلطة، التي تصل الى نصف مليار دولار
سنوياً.

مقالات أخرى لمحمد بدير:
list of 5 items
• إسرائيل والربيع العربي: السلام يُصنع مع... المستبدين
[1]
• ينابيع تسليح حزب اللّه لم تجفّ والحرب المقبلة محورها تل أبيب
[2]
• واشنطن لتل أبيب: مساعدة لبنان عسكرياً رهن موافقتكم
[3]
• هكذا أرادت إسرائيل أن تكون القوّة الدوليّة في لبنان
[4]
• إسرائيل تهدّد الفلسطينيين بخطوات أُحادية
[5]
list end
http://www.al-akh