Sunday, March 28, 2010

الرئيس العام للآباء اللعازريين الأب غريغوري غاي تحدث عن لبنان والعالم:
الزواج في الكهنوت ممكن وترؤس المرأة "الكاهنة" القداس لم ينضج بعد

جاءت زيارة الرئيس العام للآباء اللعازريين ولراهبات المحبة الأب غريغوري جورج غاي الى أبناء رعيته في لبنان، كما قال لنا في حديث الى النهار ليجدد في نفوسهم
الرجاء ويدعوهم عبر لقاءات روحية معهم الى التمسك بوصايا القديس فنسان دي بول مؤسس الرهبنة وشفيعها. وخصص أمس الأب غاي خلال ترؤسه الذبيحة الإلهية لمناسبة عيد
القديس يوسف عظته ليذكّر المؤمنين بإلتزام هذا القديس الكامل بوصايا الرب. وإعتبر أن يوسف النجار يعكس مزايا الرجل الوفي الذي عزز الثقة بينه وبين الله وبين
شخصه والمحيطين به.
بدا كلام الكاهن الأميركي الأب غاي طوباوياً" في زمن المصالح الضيقة وحب السلطة والمال. لكن الأب غريغوري بدا لنا كاهناً متصالحاً مع ذاته ويعيش بسلام داخلي
في ظل رسالته الكهنوتية.
لم تفارق البسمة وجه الأب غاي خلال حديثنا معه. أما اجندة زيارته الى لبنان فتتزامن، كما قال، مع ذكرى مرور 175 عاماً على تأسيس معهدعينطورة، و 350 عاماً على
وفاة القديس فنسان دي بول، وهي تشمل لقاءات مع كهنوتيين ومدنيين يرتبطون "عضوياً" بمؤسسات الآباء اللعازريين وراهبات المحبة. وأما " القيمة المضافة" لهذه اللقاءات
فهي بالنسبة له تنظيم حلقات صلاة ولقاء محبة من وحي تعاليم السيد المسيح. ويشدد غاي في لقاءاته على التشبث بتعاليم مؤسس الرهبانية التي تصب في تعميم فضائل الطاعة،
العفة ومساعدة الفقراء.
في الحقيقة، لا يعرف الأب غاي الأسباب التي تجعل عدد الأباء المنتسبين الى الآباء اللعازريين محدوداً جداً. وإستعاد بعض تاريخ الرهبانية ليقول أن أعداد الآباء
المنتسبين الى الرهبانية وصل الى 60 كاهناً في العام 1960 ليرسو اليوم على 38 كاهناً يتوزعون وفق مهماتهم الروحية بين لبنان وسورية وفلسطين. وأعلن في هذا السياق
أنه يلتقي في نهاية الأسبوع أحد الشبان الراغبين في دخول سلك كهنوت الرهبانية والتحدث معه عن دعوته. ويعتمد تمويل الرهبانية في العالم، كما قال، على الدعم المالي
والهبات التي تصل الينا ولاسيما من الولايات المتحدة وإسبانيا. ولفت الى أن الأزمة العالمية أثرت بعض الشىء على نمط التبرعات. بالنسبة للآباء اللعازريين في
لبنان فهم كما قال يعتمدون على مداخيل خاصة توفر لهم نمط عيشهم.

الزواج في الكهنوت
يرى غاي أن السماح لبعض الكهنة بالزواج هو خيار ممكن، لاسيما للفئة منهم التي لا يمكنها أن تبقى بلا زواج. لكن ما رأيه في تعميم تجربة ترؤس بعض الكهنة النساء
الذبيحة الإلهية، كما الحال عند الطائفة الإنجيلية في بعض البلدان الغربية؟ يجيب بدبلوماسية لافتة مشيراً الى أن تبني هذا المبدأ في الكنيسة الكاثوليكية لم
يحن وقته بعد بل لم ينضج الى الآن. تهرّب من التفسيرما قاله منذ ثوان ليذكر المؤمنين بوصية القديس فنسان دي بول الذي طالما شدد على دور المرأة في الكنيسة ومساهمتها
في نشر تعاليم المسيح وإنخراطها في العمل الإنساني والرعوي في محيطنا الإنساني. من جهة أخرى، لم يتردد غاي في تأكيد ضرورة الإصلاح داخل الكنيسة، وهو عمل مستمر
تقوم به كنيسته في مقرها في روما. وذكر للمناسبة أننا " نعد حلقات للتعليم المستمر في مركز متخصص لإعداد الكهنوتيين في باريس." وأشار الى أن "اللقاءات تساعد
الرهبان والراهبات على التمسك بعهدهم أمام أنفسهم وأمام الله". رداً على سؤال عن التدابير التي يمكن إتخاذها في حال أخفق الكاهن بنذره؟ قال: "إن الخروج من سلك
الكهنوت هو سهل في بداية الدعوة اكثر مما هو عليه بعد مرور أعوام عدة. لكن التراجع عن النذر بعد مرور أعوام يحتاج الى مراسيم عدة". وبررأن أي تراجع في الحياة
الخاصة والمهنية يعود الى تجذر الأنانية في قلب الإنسان وتناسيه كلياً أو جزئياً أهمية خدمة الآخر.
لبنان، الشباب والتكنولوجيا
ليست المرة الأولى التي يزور فيها غاي لبنان. قصد بلاد الأرز في كانون الأول من العام 2007 وحطت طائرته في مطار بيروت في 12 كانون الثاني 2007، أي في اليوم
نفسه الذي إغتيل فيه اللواء فرنسوا الحاج. فوجئ كثيراً بالجيش المنتشرة وحداته على الطرق والذعر "المتفشي" بين الناس، كل الناس، كما قال. بالنسبة له، شكل هذا
الإغتيال تناقضاً فاضحاً مع أهمية هذا الشهر المبارك الذي تصادف فيه ولادة المسيح رسول المحبة والسلام. أما زيارته اليوم فهي أكثر هدوءاً مما كانت عليه. ورأس
غاي منذ يومين مع عدد من الشباب في بازيليك حريصا الذبيحة الإلهية. وعكس له الشباب كما قال صفات الإنضباط والحكمة والتهذيب. لكنه وافق على أن الشباب يعيشون
اليوم حالة بعد وطلاق عن الكنيسة. ورأى أن للأهل وللمدرسة دوراً اساسياً في توجيه الشباب نحو القيم الأخلاقية على إختلافها.
ولا يوافق غاي على أن التقنيات الحديثة هي مصدر ضرر للشباب، لأن حسن الافادة منها قد يكون مصدر ثقافة وإطلاع. وتوقف عند دور موقع " الفيس بوك" مثلاً الذي مكن
الشباب من قراءة شهادات لبعض الناجين من زلزال هيتي من خلال الفايسبوك.
ولم يستثن غاي الحديث عن قلقه على مصير الأقليات في العالم العربي. وبرر العنف الموجود في منطقتنا الساخنة بأنه يعود الى رغبة البلدان النافذة في العالم في
نشر سلطتهم على البلدان المحيطة بنا. بالنسبة له، إن الحروب المتفشية في العالم تعود الى طمع بعض البلدان ورغبتها بإستثمار كنوز البلدان الاخرى لمنافعها الإقتصادية.
وإعتبر أن الأصولية التي تعم بعض البلدان ليست حكراً على طائفة واحدة بل هي حال يعاني منها المسلمون والمسيحيون وهي دلالة الى الإبتعاد من الله. أما الحركات
المعادية للمسيحية والتي تجذب الشباب مثلاً لممارسة طقوس مشعوذة، ومنها "القداس الأسود"، فهي من "صنع الشيطان" وتؤدي الى الهلاك.

روزيت فاضل
جريدة النهار

No comments:

Post a Comment