Thursday, March 18, 2010

عبد اللّه فرحات: القيادة السوريّة متمسـكة بدور المسيحيّين

عبد الله فرحات: التمعّن بتجربة الرئيس فؤاد شهاب (أرشيف)استطاع النائب السابق عبد الله فرحات، بصمته وقلّة كلامه، أن يبرز موقفه المختلف عن موقف رئيس كتلته، اللقاء الديموقراطي، وليد جنبلاط. فرفض المبالغة والمواقف الحادة التي تعمّق الانقسام وتنقله إلى المؤسسات الدستوريّة

نادر فوز
كانت لافتة مشاركة النائب السابق عبد الله فرحات في الاحتفال بعيد مار مارون الذي جرى برعاية القيادة السورية وحضور العماد ميشال عون ومجموعة من القيادات اللبنانية المقرّبة من سوريا. لم ينل وجود فرحات في هذا الاحتفال الاهتمام الإعلامي اللازم، رغم دلالاته ومعانيه الكثيرة. فرأى البعض أنّ القيادة السورية أرادت، من خلال حضور فرحات، توجيه رسالة ما إلى النائب وليد جنبلاط. بمعنى أنها تستضيف وتتواصل مع شخصيات كانت مقرّبة منه، من دون أن تحدّد له موعداً أو تكترث جدياً لمواقفه التائبة عن العدائية لسورية. فيما قرأ فريق آخر أنّ مشاركة فرحات تحمل في طيّاتها رسالة سورية إلى الرئيس ميشال سليمان، بأن سوريا قادرة على تقليص عدد الشخصيات، حتى المسيحية، التي تدور في فلك بعبدا. مع العلم بأنه سبق لفرحات أن اقترب في وقت سابق من القصر الجمهوري، من دون أن ينخرط في أي مشروع أو سياسية مواليين للعهد.
إلا أنّ للنائب السابق فرحات قراءته الخاصة في هذه المشاركة، إذ يؤكد أنّ دعوة خاصة وصلته من القيادة السورية «ورأيت أن وجودي في هذه المناسبة تحديداً هو تعبير عن اقتناعاتي بضرورة عودة المسيحيين المشرقيين إلى أداء دورهم التاريخي في صلب القضايا العربية». يتحدث فرحات طويلاً عن الدور الذي أداه المسيحيون العرب في المنطقة، مشيراً إلى أنّ «لكل زمان من أزمنة العرب قائداً مدافعاً عن الحقوق التاريخية الشرعية للعرب، وعلى المسيحيين في كل العالم العربي مؤازرته للمحافظة على شرعية انتمائه. ولعل مغزى الرسالة واضح، هو أنه لا يجوز أن يفقد المسيحيون في لبنان اعتدادهم الجغرافي والمعنوي وقدرتهم على المساهمة في نصرة القضايا العربية المصيرية». ويرى فرحات أنّ «القيادة السورية متمسكة بدور المسيحيين»، لافتاً إلى أنّ على المسؤولين في لبنان التقاط الرسالة والعودة إلى الالتزام التاريخي بدعم كل من دافع عن أحقية القضايا العربية. يضيف: «اليوم وحدها القيادة السورية قادرة على تأليف الحالة الرافضة لواقع اغتصاب حقوق الفلسطينيين وتدجين سائر العرب».
في الوقت نفسه، يؤكد فرحات استقلاليته واقتناعه بالاحتفال السوري بعيد مار مارون «ومقتنع أيضاً بضرورة إقناع سائر المسيحيين بأهمية هذه المشاركة، وبضرورة مناقشة هذا الأمر وغيره مع القيادات المعنية». وعن علاقته واتصاله بالقوى السياسية، يشدد فرحات على أنه عبّر عن مواقفه الرافضة لسياسات التقوقع والاصطفاف منذ سنة 2006، «ودافعت عن مواقفي ضد الشعارات الانتحارية لـ14 آذار، ومنها النصف زائداً واحداً والحكومات غير الميثاقية المجتزأة، ودفعت ضريبة مواقفي، إذ أُقصيت عن اللوائح الانتخابية عام 2009». ويتأكد فرحات يوماً بعد يوم من أنه كان صائباً في مواقفه. «أما علاقتي بالنائب وليد جنبلاط فهي ودّية وصريحة وحوارية ودائمة».
ويرى فرحات أنه «لا بد من العودة والتمعّن بتجربة الرئيس فؤاد شهاب». يفسّر النائب السابق موقفه، مشيراً إلى أنّ الرئيس فؤاد شهاب «فهم أن لبنان أصغر من أن يصنع سياسة خارجية وعلاقات محورية خارج محيطه ومناوئة لمداه العربي المتمثل بسوريا». يضيف: «حصلت الوحدة بين سوريا ومصر، فالتزم لبنان السياسة الخارجية لسوريا التزاماً مطلقاً وامتنع عن إقامة التزامات غربية مناهضة لمحور الممانعة في ذاك الوقت». ويلفت فرحات إلى أنّ أداء شهاب وقراءته سمحا له «بإقامة سلطة قادرة وقوية في الداخل لبناء المؤسسات وتحصين الدولة إدارياً ومالياً».
يوضح فرحات فكرته بالقول إنّ العبرة التي يجب التوقف عندها والاستلهام منها هي أنّ «وحدة الالتزام اليوم بموقف دول الممانعة وإراحة المقاومة في لبنان ومنع أية علاقات غربية مضرة ومؤثرة سلباً على الحقوق الشرعية للعرب من شأنها إعادة الاستقرار الى لبنان والساحة الداخلية بغية بناء مؤسسات إدارية صالحة وقادرة».
يذهب فرحات إلى ما هو أكثر وضوحاً: «في هذا الإطار كان على لبنان الرسمي، المتمثل برئيس الجمهورية، المشاركة في لقاء الممانعة التاريخي في دمشق، وذلك من منطلق تمسكنا بحرمة مقام رئاسة الجمهورية وتميزه، ومع كل الحرص والتقدير لهذا الموقع».
عبر هذه الأجواء، يحاول عبد الله فرحات استكمال مسيرته السياسية التي تعثّرت بغيابه عن المجلس النيابي الحالي. ويرى اليوم في الانتخابات البلدية المقبلة استحقاقاً يعيده ويثبّته في المعادلة السياسية، إذ يرى أنه «جزء من المعادلة السياسية الشعبية في الجبل، ومساهم في معركة البلديات في الجزء الأعلى من بعبدا». ويؤكد متابعته هذا الاستحقاق من موقع الحرص على تمثّل العائلات المستقلة «القادرة على فرض وجودها مهما قضت عليها الظروف السياسية وحاولت تفكيكها».
وكان الملف البلدي محور الزيارة التي قام بها فرحات أمس لعين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري. فيؤكد النائب السابق أنّ «الإصلاحات البلدية لا تقتصر على قانون الانتخابات البلدية، بل إن الإصلاحات الحقيقية هي في قانون البلديات واللامركزية الإدارية، وفي صلاحيات البلديات وقدرتها على تفعيل الحالة الاقتصادية والشعبية في المناطق»، مشيراً إلى أنّ الأولوية يجب أن تكون لتعديل صلاحيات البلديات من باب إعطائها المزيد من الصلاحيات والإمكانات المالية.

No comments:

Post a Comment