Monday, April 26, 2010

سابقة تاريخيّة: 24 نيسان أرمني في تركيا
أرنست خوري
منذ وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم في تركيا، كثرت الأحداث والتطورات الداخلية كما الخارجية، التي اندرجت في خانة «المرة الأولى» في تاريخ الجمهورية.
كل ما حصل من انفتاح بين أنقرة والعواصم العربية يدخل في هذا الإطار. المصالحات الدبلوماسية. التوترات مع إسرائيل. محاولات المصالحة مع الأكراد. الحرب المفتوحة على «الدولة داخل الدولة»، والجهود الدستورية والقانونية والسياسية لتقليم أظافر الجيش وتحكّمه بالسياسة والمجتمع والاقتصاد...
بيان أوباما خلا من مصطلح «الإبادة»: meds yeghern من أبشع مجازر القرن العشرين
ثمّ كاد التقارب التركي ـــــ الأرمني أن ينجز مصالحة بين شعبين ودولتين وحضارتين، بينهما ما يكفي من دم وحقد لجعل مصالحتهما أقرب إلى الأسطورة منه إلى الواقع. وُقِّع «بروتوكول زوريخ» بين حكومتي تركيا وأرمينيا في تشرين الأول الماضي، لكنّه سرعان ما تعثّر مع تجميده من قبل البرلمانين التركي والأرميني. ثمّ جاء سبت 24 نيسان، أول من أمس، موعد إحياء «إبادة» الأرمن والأكراد والأشوريين على أيدي العثمانيين بين عامي 1915 و1917، ليحصل في تركيا أمر جديد بالفعل: اعتصامان في قلب اسطنبول، أولهما في ساحة «تقسيم»، في الشق الأوروبي من المدينة، وثانيهما في جادة حيدر باشا، المكان الذي انطلق فيه أول ترحيل لأرمن تمّت تصفيتهم في ما بعد. اعتصامان لمثقفين وناشطي حقوق إنسان، أتراك وأرمن، إحياءً للذكرى الـ95 لـ«الإبادة»، أو لـ«meds yeghern» بالأرمنية، التي تعني «الكارثة الكبرى». وبذلك، انضمّت اسطنبول إلى لائحة المدن التي تتذكّر المناسبة الأليمة سنوياً، علماً بأنّها المرة الأولى التي يجري فيها إحياء هذه المناسبة في تركيا، وهو الأمر الذي بقي من المحرمات الكبرى منذ أحداث الحرب العالمية الأولى.
لم يكن المشاركون في الاعتصامين أكثر من مئات، لكنّ رمزية الحدث تبقى أكبر وأهم من العدد، بما أنّ حصول اعتصام كهذا كان أشبه بالحلم غير القابل للتحقق. واتخذ النشاط طابعاً إنسانياً حقوقياً أممياً تحت شعارات تقدمية: «لا للعنصرية، لا للتعصب القومي»، و«نعم للأخوّة بين الأتراك والأرمن والأكراد». تجمّعان دعا إليهما فرع اسطنبول في المنظمة التركية لحقوق الإنسان، بمشاركة فنانين ومثقفين وكتّاب، تقدمهم كاتب الافتتاحيات الشهير في صحيفة «ملييت»، حسن كمال، حفيد كمال باشا، الجنرال العثماني الذي قتل من قتل في المجازر. كما شارك شنغيز أكتار، الذي أطلق، في عام 2008، حملة «الاعتذار عن الكارثة الكبرى»، والتي جمعت حتى الآن توقيع 30 ألف تركي طلبوا الصفح من الشعب الأرمني عن المجازر التي ارتُكبت باسمهم بحقهم.
ونُظّم الاعتصامان تحت حراسة مشددة من ألف عنصر أمن تركي، وسط صمت غلبت عليه الزهور والشموع. وفي الوقت الذي كانت فيه الشرطة التركية تحمي المتعاطفين مع الأرمن، من تظاهرة مضادة لأتراك لا يسمح لهم «شعورهم القومي» برؤية شيء مماثل يحصل في قلب بلدهم، كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يهدّئ من خواطر حكام أنقرة ويحبط ساسة يريفان، عندما خلا البيان السنوي الذي يصدر عن البيت الأبيض، في 24 نيسان من كل عام، من كلمة «إبادة»، مكتفياً بترداد فقرات من بيان العام الماضي، تفيد بأنّ الـ«meds yeghern كانت من أبشع المجازر الوحشية في القرن العشرين».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment