Wednesday, April 14, 2010

من يحمي احتكارات الدواء؟
25% من الأدوية السرطانية استُعملت ضمن «طبابة تجريبية
جاء إعلان وزير الصحة محمد جواد خليفة وجود حسومات تُعطى للصيدليات بنسب تصل الى 50% ليؤكّد حقائق متداولة منذ زمن طويل وجرى التغطية عليها بسبب البنية الاحتكارية في سوق الدواء والحماية التي تحظى بها من قبل السلطة، وقد أدّت هذه الممارسات إلى زيادة الأسعار بنسب خيالية، فتحول الدواء إلى تجارة تنطوي على عوائد وأرباح استثنائية بالمقارنة مع السلع الأخرى
محمد وهبة
أعلن وزير الصحة، محمد جواد خليفة، خفض أسعار بعض أنواع الدواء تدريجاً خلال الفترة المقبلة، إذ إن مدة احتكار تركيبة بعض أنواع الأدوية انتهت أو ستنتهي خلال وقت قريب، ما يتيح إنتاج هذه الأدوية لدى أكثر من جهة وبكلفة متدنية تسمح بخفض الأسعار محلياً بنسبة قد تصل إلى 30%... إلا أن هذه الخطوة جاءت على هامش تحقيقات واسعة في شأن وجود عمليات تهريب دواء «Plavix»، التي كشفت عن وجود بنية احتكارية تتحكم في السوق وتحوّل الدواء الى سلعة تجارية بحتة تنطوي على هوامش أرباح خيالية.
احتكار
كلام خليفة جاء في مؤتمر صحافي عقده أمس بعد انتهاء اجتماعه مع وفدين من نقابة الصيادلة وجمعية مستوردي الأدوية، كاشفاً عن وجود احتكار كبير في تجارة الدواء لم يتمكن من مواجهته بسبب ارتباطه ببنية احتكارية خارجية أوسع، ولافتاً الى ما كشفته التحقيقات في عمليات تهريب الأدوية إلى السوق المحلية:
ـــــ تبيّن أن المؤسسات الصيدلانية، أي الصيدليات، تتاجر بالدواء في ما بينها بحسومات تصل إلى 50%، وبالتالي يحصل المواطن على دواء بثمن باهظ جداً، فيما يمكن خفض الأسعار للمواطنين بنسب موازية، وقد أدى هذا الأمر إلى فقدان مسار التتبع. ولذلك يشدّد خليفة على أن المؤسسات الصيدلانية لا يحق لها التجارة بالدواء، ومن يرغب بإمكانه إنشاء مستودع للأدوية.
ـــــ تحت عنوان «ضعف في شبكات التوزيع»، تمرّ تجارة واسعة للدواء، إذ تقدّم شركات استيراد الأدوية عروضاً للصيادلة على مبيعات بعض أنواع الأدوية التي أوشكت مدتها الاحتكارية على الانتهاء أو تلك التي لم يبق لها سوى سنة على انتهاء مفعولها أو دواء أُطلق حديثاً في الأسواق... وتشمل هذه العروض حسومات على الأسعار تؤدي إلى حصول مضاربات بين الشركات والصيادلة. وبالتالي، يقول خليفة إنه ألزم الشركات والصيدليات التي تسعى إلى ممارسة هذا النوع من البيع، بأن تبلغ الوزارة بتفاصيل كل صفقة تقوم بها تعدّ في إطار العروض من أجل أن يحصل الأمر عبر الأصول المتّبعة وبعلم الوزارة.
ـــــ ومن أبرز البنى الاحتكارية في سوق الدواء، هي تلك المتعلقة بالأدوية المحتكرة خارجياً، أي الأدوية التي تنتجها شركة واحدة تفرض أسعارها على جميع المستهلكين، وهي مسجّلة، عالمياً، ضمن قيود الملكية الفكرية، لكن لديها مدة زمنية محددة، وبعد انتهائها يمكن أي شركة أن تنتجها وتسمى حينئذ «أدوية الجنريك». لكن في لبنان، يقول خليفة إن الإعداد لدخول «أدوية الجنريك» لا يجب أن يكون مجانياً، إذ إن وكلاء استيراد الأدوية مجبورون على التبليغ عن كل دواء تنتهي مدته الاحتكارية في الشركة الأم، حتى يُدرج في سجلات الوزارة على أنه «جنريك» ويخفض سعره.
وبحسب المعلومات، فإن مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة تسعى إلى وضع لائحة بكل «الأدوية الاحتكارية» التي تدخل إلى لبنان ومدتها الزمنية، لمعرفة وقت تحولها إلى «أدوية جنريك».
ـــــ هناك أشكال من الاحتكار تؤدي إلى زيادة الأسعار وانتفاخ فاتورة الدواء في لبنان، إذ يشير خليفة إلى أن 25% من وصفات الأدوية السرطانية التي استعملت في لبنان في السنة الماضية، «لم تخضع لأسس علمية، وكانت عبارة عن طبابة تجريبية». فالمعروف أن شركات الأدوية تروّج للدواء عبر الأطباء، وبالتالي يقول خليفة، إن «استعمال الدواء بات في غير محلّه».
استهلاك «الجنريك»
إذاً، تؤدي هذه البنية إلى ارتفاع الأسعار وزيادة الاستهلاك، ما يزيد انتفاخ فاتورة الدواء الاجمالية في لبنان، إذ تبلغ 630 مليون دولار، منها أسعار استيراد بقيمة 450 مليون دولار، أي أن حجم الأرباح التي تحققها الشركات والصيادلة من بيع الدواء تبلغ 180 مليون دولار سنوياً، حدّاً أدنى، يضاف اليها نحو 100 مليون دولار ملغومة في فواتير المنشأ... غير أن خليفة يرى أن هذا الرقم ثابت منذ سنوات عديدة، وذلك على الرغم من عوامل التضخم ونمو عدد السكان، إذ تمكّن لبنان من أن يوسّع استعمال أدوية الجنريك من 8% إلى 45%، وهي أدوية بطبيعتها أرخص ثمناً.
في المقابل، هناك الكثير مما يثير الذهول. فبحسب رئيس شركة «باسيفيك فارم»، مروان حكيم، فإن اللبنانيين يستهكلون في الحدّ الأقصى نحو 2500 صنف من الدواء من أصل نحو 3000 صنف مسجّل في وزارة الصحة، وبين هذه الأدوية 400 صنف على الأكثر لا
تمثّل نسبة استعمال أدوية الجنريك في لبنان نحو 48% من مجمل استهلاك الدواء
تزال في حالتها الاحتكارية، وهي الأدوية الأغلى ثمناً، وهذا يعني أن بقية الأدوية المستهلكة في السوق المحلية، وعددها يصل إلى 2100 صنف، هي «أدوية جنريك»، أو أنها الأدوية الأصلية (أدوية احتكارية) لكن لا أحد في السوق يستورد «أدوية الجنريك» المتفرعة منها، أو الرديفة لها. إلا أن المطّلعين يؤكدون أن الشركات المحتكرة تحاول منع دخول «أدوية الجنريك».
لكن الحكيم يؤكد أن جمعية مستوردي الأدوية عمّمت على كل المنضوين فيها وجوب إبلاغ وزارة الصحة عن كل دواء تنتهي مدته ويصبح قابلاً ليتحول إلى «جنريك»، الأمر الذي يتوقع معه أن تنخفض أسعار الأدوية بنسبة تتراوح بين 20% و30%.
في المقابل، يلفت رئيس جمعية مستوردي الأدوية، أرمان فارس، إلى أن الاحتكار هو احتكار للنوعية ولا ينسحب الأمر على الأسعار، مشيراً إلى أن آلية التسعير تحددها وزارة الصحة، فالمراسيم والقوانين موجودة وهي الأساس لمراقبة العمل. أما رئيس نقابة الصيادلة، زياد نصّور، فيشدّد على أن «كل صيدلي يحاول الإضرار بصحة الناس من خلال بيع دواء مزوّر أو مهرّب أو بمخالفة سعر الدواء الصادر عن وزارة الصحة، أو عن طريق «العروض» يسيء إلى سمعة المهنة وصحة المجتمع، وبالتالي ستتخذ أقصى الإجراءات في حقه». وأهمية كلام نصّور أنه يأتي بعد ما دار في اجتماعهم مع خليفة، إذ رأى الأخير أن هناك عشرات الصيدليات المتورطة في فضيحة بيع الأدوية المهرّبة والمزوّرة، لكنّ أيّاً منها لم تبلغ وزارة الصحة وجود «تاجر شنطة» يبيع عدداً من أصناف الأدوية، المزوّرة والمهرّبة.
________________________________________

5 سنوات
هي المدّة التي تراجع فيها وزارة الصحة العامة أسعار الأدوية في منشئها من أجل إعادة النظر فيها، ويحصل هذا الأمر عبر مراسلة الشركة المصنّعة ومقارنة أسعارها مع أسعار المبيع، وذلك ضمن مؤشر فصلي لتغيّر أسعار صرف العملات يصدر عن مصرف لبنان
________________________________________

الأدوية بديل للمخدرات!
يقول وزير الصحة، محمد جواد خليفة (الصورة)، إن حجم تهريب الأدوية التي تستعمل بديلاً من المخدرات أصبح كبيراً جداً، لا بل أكبر من حجم التجارة بالمخدرات بأضعاف، ولا سيما لجهة الكميات، مشيراً إلى ضرورة الالتفات إلى حجم هذه الظاهرة، لأن تعاطي المخدرات في المجتمع اللبناني لم يعد يقتصر على الأنواع المعروفة والمتداولة (حشيشة الكيف، كوكايين...)، بل توسّع إلى استعمال المستحضرات الصيدلانية التي تحمل نسبة من المخدر، مثل أدوية البنج والسعلة، وتلك التي تعمل على الجهاز العصبي... وقد تحول الأمر إلى تجارة رائجة
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment