Thursday, April 15, 2010

مسعى روحي للتوافق في بيروت دونه عقبات كبيرة
الكنيسـة تؤكـد حيادهـا.. إلا مـن الالتـزام الوطنـي العـام

غراسيا بيطار

«ليست شـغلتنا». يقول البطريرك الماروني نصر الله صفير في تعليقه على دور الكنيسة في الانتخابات البلدية والاختيارية. ويستحضر مرجع كنسي رفيع «نصيحة» أفلاطون
للحكام بأن «أبعدوا عنكم أولادكم لكي تنسوا أن لكم أولادا فينحصر اهتمامكم بالشأن العام وبقضاياه». يقر بأنه تصور خيالي ولكنه مفعم بمعاني التربية الوطنية المفقودة
في مجتمعنا.
تعتبر الكنيسة أن الإصلاحات الانتخابية هي أمر جيد ولكن «كان يجب أن يكون القانون مهيّأً قبل سنتين ولا يصار الى تضييع الوقت هكذا و«سلق» الاستحقاق في النهاية».
فـ«القانون البلدي الاصلاحي راح ضحية جريمة الانقسام السياسي الحاصل» يرى المرجع الذي يشير الى أن الكنيسة لا تتخوف من النسبية إلا في بعض المناطق الصغيرة لكنها
لا تجزم إذا كان «تطيير الإصلاحات البلدية تم عن قصد أو عن غير قصد في ظل هذا الانقسام».
أما في بيروت العاصمة فللكنيسة مسعى بلدي واختياري توفيقي تكريسا «للعرف الذي كرسه الرئيس الراحل رفيق الحريري» (المناصفة) وهذا المسعى لم يصل بعد الى خواتيمه،
كما أفادت أوساط كنسية متابعة لهذا المسعى مؤكدة «انفتاح الكنيسة على طرح تقسيم العاصمة بمعنى أنه يمكن درسه إذا كان يؤمن صحة التمثيل وتسهيل العمل، ولكن الوقت
الآن سبق الجميع وصار لزاما التصرف وفق القانون النافذ».
تقارب الكنيسة الاستحقاق البلدي انطلاقا من شرعتها للعمل السياسي وما تبغيه في العمل السياسي العام... ينسحب ذلك على العمل البلدي لجهة خدمة المصلحة العامة.
وكما في «الفلكين»، النيابة والبلدية، «لا تحبذ الكنيسة فريقا ضد آخر ولا تتعاطى مباشرة في هذا الاستحقاق» على ما يقول المرجع الكنسي الرفيع. «ففي القاموس المسيحي
إن العمل العام هو خدمة والإنجيل المقدس يقول إن كبيركم يجب أن يكون خادمكم». ليست المسألة وقوف الكنيسة على الحياد أم لا وكما في النيابية كذلك في البلدية،
فهي تشدد على نقطتين جوهريتين: الأولى أن يكون المسؤول خادما للبقية والثانية ألا مانع من مشاركة الأحزاب شرط أن من يفوز من مرشحيها يجب أن تطغى المصلحة العامة
لديه على المصلحة الخاصة الحزبية ويكون الرئيس مثلا رئيسا للجميع». تشجّع الكنيسة «التوافق ولكن من ضمن التنافس فالأساس هو العمل الديموقراطي والمشاركة». ينطلق
دور الكنيسة في الانتخابات من قاعدة «الواجب المسيحي في الانخراط وتأمين المشاركة الحقيقية في الشأنين العام والسياسي على ما ينص عليه الإرشاد الرسولي والمجمع
البطريركي». «فالكنيسة لا تشجع أحزابا معينة ولا تتعاطى بالمفاضلة بين شخص وآخر اللهمّ إلا من خلال الالتزام الوطني» على ما تقول أوساط كنسية تحدد عناوين «مشاركة»
الكنيسة في الاستحقاق البلدي في ثلاث: المشاركة المسيحية، تحقيق الإنماء المتوازن لأن فيه تحقيقا للعدالة بين المواطنين وحق كل مواطن أن ينال ما يجب أن يناله
من رعاية الدولة له».
تؤمن الكنيسة بأن البعد السياسي للبلديات نسبي الى حد ما «لناحية ربما انتماء أعضاء المجلس البلدي الى حزب معين ولكن الدور الأساس للبلدية هو إنمائي ومن هنا
واجب المشاركة فالبلدية تمهد الطريق لتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين». لا تعير أهمية كبيرة للإصلاحات ولمصيرها «الدراماتيكي» في المجلس النيابي «فالكنيسة
لا تفاضل بين نظام بلدي وآخر حتى في قضايا أشمل من النسبية والبلدية، لا تتدخل إلا ربما إذا كان هذا النظام ينص صراحة على أمور لا تقرها الكنيسة وهذا بحث آخر».

لكن ماذا يعني وجود المقر البطريركي في بكركي في «الصحن» البلدي الكسرواني؟ تعتبر الأوساط نفسها «ألا دخل للمقر بالقضاء ومدنه وبلداته، فالبطريركية تخطت منذ
زمن بعيد الاعتبارات الجغرافية المحلية وهي تتحلى بنظرة شمولية لا تنحصر بمنطقة أو بأخرى». وفي الامتداد الجغرافي للكنيسة توسع في العاصمة حيث طلب نواب المنطقة
من المرجعيات المسيحية للعاصمة «أن يكون لها كلمة في اختيار المرشحين لمجلس بلدية بيروت على أساس أن التوازن الديموغرافي في بيروت يميل بوضوح الى المسلمين وهم
سيأتون بالتالي بالأعضاء المسيحيين». وبناء عليه يعكف المطرانان بولس مطر والياس عودة والمرجعيات الدينية البيروتية الأرمنية والوزير السابق فؤاد بطرس على «فحص»
الأسماء الواردة اليهم سواء من «الفريق الحريري» أو بمبادرات شخصية لأصحاب الطموح البلدي في العاصمة.
وفي هذا الإطار، يؤكد المرجع الكنسي الرفيع أن «الاتجاه الى المضي في المسعى التوافقي إذ لا مشكلة في إبقاء بيروت على ما هي عليه في ظل توافق حقيقي وفي المقابل
لا مشكلة في وضع التقسيم قيد الدرس، خصوصا إذا كان يؤمن صحة التمثيل وتسهيل العمل في بيروت».
جريدة السفير

No comments:

Post a Comment