Monday, April 26, 2010

العونيّون موحّدون ويمشون مع ... التيّار
لا انقسامات حزبيّة ولا خلافات عونيّة ـــ عائلية. في المقابل، حضور في معظم بلدات جبل لبنان واستعادة لديناميكية كانت مفقودة. تيار وطني حر جديد يخوض الانتخابات البلدية
غسان سعود
من راقب أداء التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابية الأخيرة اعتقد أن الانتخابات البلدية ستكون كارثية بالنسبة إلى التيار. ففي نهاية الصيف الماضي، كان التواصل بين القيادة العونية والقاعدة مقطوعاً، علاقة العونيين بعضهم ببعض سيئة، المضحّون أخلوا الساحة للوصوليين. فضلاً عن الفوضى التنظيمية والماكينة الانتخابية البائسة. وفي هذا السياق، بدت لجنتا المناطق والبلديات المعيّنتان من العماد ميشال عون في 21 كانون الثاني 2010 أمام تحدّ مستحيل. لكن، قبل ستة أيام من انتخابات جبل لبنان، تبدو صورة التيّار إيجابية، أقلّه على ثلاثة مستويات:
1ــ تجاوز الانقسام الحزبي، لم يسجل حتى الآن انقسام عوني ـــــ عوني يصل إلى حد التخوين أو وضع الجنرال أمام مجموعتين عونيتين يختار بينهما. فحيث يتّفق عونيّو البلدة من دون استثناء على موقف واحد تتألّف لائحة عونية، وحيث يظهر تضارب في الآراء العونية يخلع المحازبون الرداء البرتقالي ويعودون إلى عائلاتهم ليتنافسوا هناك، مبعدين الحزب عن الخلافات الشخصية. وحيث فشل العونيون في الاتفاق وذهبوا إلى الانتخابات بلائحتين عونيتين، جمع الجنرال المتخاصمين ليتعهدوا أمامه بأن المجموعة العونية ستستعيد وحدتها فور إقفال صناديق الاقتراع، ولن يسمحوا لأحد بالاصطياد في الماء العكر.
في المقابل، يبدي النائب سامي الجميل صرامة في حسم موقفه أمام المحازبين، واضعاً هؤلاء بطريقة غير مباشرة أمام خيارين: إما دعم المرشح الذي اختاره هو أو اعتبار أنفسهم خارج الحزب. والأمثلة كثيرة من بكفيا إلى الحازمية، مروراً بالجديدة ـــــ البوشرية ـــــ السد.
2ــ تجاوز الانقسام العائلي، فقد كان عون واضحاً في محاولته تحييد التيار عن التجاذبات العائلية، وفي إظهار نفسه على مسافة واحدة من الجميع. وبالتالي، لن تقول أي عائلة بعد إغلاق صناديق الاقتراع إنها تعادي التيّار لأنه عاداها في البلدية. ويمكن القول هنا إن عون تعلّم كثيراً من درس الانتخابات البلدية الماضية، التي عانى التيّار في انطلاقته عام 2005 من آثارها، إذ برز انقسام عوني في معظم البلدات، خلفيته عائلية ولا علاقة للحزب به. فيما تبدو القوات اللبنانية أقل قدرة على استثمار تجربتها في الانتخابات الماضية، فالإصرار القواتي مثلاً على تسييس الانتخابات في بعض البلدات لمعرفة حجم النفوذ القواتي يدفع المحبذين للقوات، لكن الملتزمين بقرارات عائلاتهم، إلى الابتعاد خطوة عن القوات لشعورهم بأنها تعاديهم لمجرد أن من ليس معها مئة بالمئة هو ضدها.
3ــ تحقيق اختراق كبير في المجالس البلدية. وفي هذا السياق يظهر أعضاء اللجنة المركزية للانتخابات البلدية واقعية كبيرة في تأكيد اقتناعهم بأن إحداث تغيير شامل في البلديات أمر مستحيل لوجود شبكات مصالح لا يمكن زعزعتها بكبسة زر. وبالتالي، يفترض مرحلياً تحقيق أكبر اختراق ممكن تمهيداً لفكفكة شبكة المصالح هذه (هنا أيضاً ثمة اتّعاظ من المعارك الكبرى الخاسرة دائماً). وميدانياً، يبدو واضحاً أن التيّار سيحظى بممثلين عنه أو عن عائلات مقربة منه في معظم بلدات الشوف، حيث للعونيين نفوذ، وكذلك في عاليه حيث لحظ التفاهم الاشتراكي ـــــ الديموقراطي حق العونيين بالتمثل، حتى في الشويفات عبر موقع نائب رئيس المجلس البلدي. أما في بعبدا والمتن فتكاد لا تخلو لائحة من مجموعة مرشحين عونيين، علماً بأن اللجنة المركزية للانتخابات تحاول التواصل مع المرشحين الذين يدّعون العونيّة في بعبدا والمتن، حتى الذين لا يحملون بطاقة حزبية. ويشار هنا إلى أن ثلث أعضاء اللوائح المناوئة للوائح العونية في المتن مثلاً أعضاؤها عونيون. أما في كسروان وجبيل فيجد التيار نفسه اليوم على مشارف التمثل في معظم البلدات من دون استثناء بعدما كان حضوره في المجالس البلدية خجولاً جداً.
لكن، كيف نجح التيار في تجاوز الموت السريري؟ أعضاء اللجنة المركزية التي عيّنها الجنرال سارعت إلى تعيين لجان في الأقضية استوعبت الراغبين في العمل. وبادرت هذه اللجان بدورها إلى تكثيف اجتماعاتها مع هيئات القرى. وهكذا، استيقظ كثيرون من سباتهم الحزبي العميق وعاودوا النشاط، مثبتين أنهم مستعدون لقضاء الليالي في المكاتب لمجرد أن يوكلهم أحد بمهمة يؤدونها.
في ظل بروز محفّزين أساسيين أسهما بتنشيط العونيين مجدداً، هما: شعور القاعدة أن لديها هامشاً كبيراً من الحرية في اتخاذ القرار وأن القيادة ستحاول التوفيق بين العونيين، لكنها لن تنحاز أبداً، مبدئياً، لعوني ضد آخر. فرغم تفضيل العماد عون التوافق في بيت مري وكفرذبيان وضبية وبيت شباب مثلاً، فإنه رضخ بعد نقاش طويل مع المجموعات العونية الناشطة في هذه البلدات لرغبتها في خوض الانتخابات، متمنياً عليهم في نهاية كل لقاء خاص احترام مبادئ الديموقراطية في المعارك المفترضة، وخصوصاً بين بعضهم بعضاً. واعتقاد العونيين بعد التطورات السياسية الأخيرة بأن الرأي العام الذي كاد يحبطهم في الانتخابات الماضية راجع حساباته، واكتشف جزءٌ كبيرٌ منه عدم صدقيّة ثوار الأرز في معظم العناوين التي رفعوها.
هنا، تبرز مفارقتان جديدتان على مستوى العمل العوني مقارنة مع السنوات الأربع الماضية. فمن جهة، لم يتصرف المسؤولون المركزيون، سواء في لجنة البلديات أو في لجان المناطق، بطريقة فوقية بل أظهروا رغبة جدية في نقل التيار من مرحلة إلى أخرى، متجاوزين الماضي بكل تفاصيله. ومن جهة أخرى، تبيّن أن معظم منسّقي البلدات في التيّار لا يودّون الترشح إلى الانتخابات. وهناك وسط العونيين من لا يزال يؤمن بالعمل للمصلحة العامة، لا لمصلحته الخاصة.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment