Monday, April 12, 2010

ملـــــح العــــــرب

يتنامى القلق لدى الغيارى على الوجود المسيحي في البلاد العربية، هذا الوجود البالغ عمر ألفيتين كاملتين من السنين. وما يدعم صحة هذا الشعور بالقلق الاعداد المتناقصة
للمسيحيين العرب في البلاد التي شهدت ولادة المسيحية ونشأتها الاولى وبدايات انتشارها الى اقاصي المسكونة. اما واقع الحال فيشير الى ان اوضاع المسيحيين العرب
تتفاوت وفق اوطانهم، وليست الاسباب التي تدعوهم الى البقاء او الى الرحيل هي ذاتها لديهم كافة. ونعتذر من القراء اذ قصرنا قولنا على المسيحيين، فهم الموضوع
الراهن، لان ما يصحّ قوله عن المسيحيين يصح ايضاً، هنا وثمّة، عن المسلمين.
يأتي الاحتلال الاسرائيلي والاميركي في طليعة الاسباب التي تدفع المسيحيين الى الهجرة من فلسطين ومن العراق على السواء. فخلال ستين عاماً من عمر الكيان الاسرائيلي
انحدر عدد المسيحيين في فلسطين، مهد المسيح ووطنه، من نحو عشرين في المئة من مجمع السكان الى نحو اثنين في المئة فقط، وفق اكثر الاحصاءات تفاؤلاً. اما في العراق،
فسبع سنوات من الاحتلال الاميركي، وما نتج منه من عنف مذهبي ضد المدنيين، تكاد تقضي نهائياً على الوجود المسيحي الذي يرقى الى ايام الرسل حواريّي المسيح.
في لبنان تتعدد الاسباب الكامنة وراء تراجع اعداد المسيحيين. فبالاضالة الى الدوافع الاقتصادية والمالية لتحسين الظروف المعيشية والتي تجعل المسيحيين يفضلون
الهجرة على البقاء في ارض اجدادهم، لا يمكن غضّ النظر عن الحروب الاهلية والخارجية المتعددة التي نشبت في ارجاء الوطن من شماله الى جنوبه، وعن التهجير الذي
طال شريحة واسعة من المسيحيين، وعن الاحباط الذي أصابهم ولم يشفوا منه بعد، وعن فشل قيام النظام الطائفي والتحاصصي في تأمين الاستقرار لهم ولابنائهم، وعن تصاعد
العنف الداخلي والتهويل بفتنة مذهبية داهمة، وعن سواها من الاسباب التي يضيق بنا المجال هنا لعرضها.
اما المسيحيون القاطنون في البلاد التي يسودها حكم الحزب الواحد، كما في مصر وسوريا، فهم يجدون في النظام القائم خير ضامن لهم ولبقائهم، ولذلك يوالونه ويدعون
له بطول العمر. غير ان الخوف يسيطر عليهم من تغيّر الاحوال وانقلاب الدهر، وازداد لديهم هذا الخوف بعد سقوط النظام العراقي السابق ومعاينتهم ما جرى لاخوانهم
المسيحيين في بلاد الرافدين.
ليست ضمانة المسيحيين، بوفق الخبرات التي راكموها عبر قرن انقضى من الزمان، في الاحتلالات الغريبة ولا في الوصايات الاجنبية، ولا في النظام الطائفي، ولا في
الانظمة الديكتاتورية. فالغرب لا يقيم وزناً لهم حين تحضر المساومات في سوق المصالح، ولا يهمه امرهم، فلاسرائيل وامنها الأولوية المطلقة. والنظام الطائفي لن
يدوم لمصلحتهم، فحين يختل التوازن العددي، سيصبح لكل طائفة ما يوازي وزنها العددي، ولن تبقى لا مناصفة ولا مثالثة، وستنال كل طائفة ما يتناسب مع حجمها، وهذا
فيه انصاف وعدل ومساواة! اما النظام الديكتاتوري فلن يدوم الى الابد.
لقد تبنى المسيحيون العرب منذ القرن التاسع عشر، بل قبل ذلك ايضاً، قضايا العرب ونهضتهم وتحررهم. فابتكروا افكاراً جديدة تؤكد النقاط الجامعة بين المسلمين والمسيحيين،
وعملوا من اجل تحقيق المبادئ السامية التي نادوا بها، وعلى رأسها الحرية والمواطنة الكاملة التي تعني المساواة في الحقوق والواجبات بين ابناء الوطن الواحد كافة.
وكان هؤلاء المسيحيون يعتقدون يقيناً بأن لا نهضة لهم من دون نهضة المسلمين، وهذه النهضة تستدعي شراكة كاملة تحترم المبادئ الكبرى التي أبدعها الفكر الانساني
آنذاك.
على خطى آبائنا المسيحيين في الفكر العربي نتبنى نحن ايضاً القضايا العربية، فمقاومة للاحتلال في بلد او اكثر، وسعي الى المواطنة الكاملة في بلد ثان، وعمل دؤوب
على المساواة بصرف النظر عن الانتماء الديني او المذهبي او العرقي في بلد ثالث، ومقاومة للتخلّف الديني والتشدد الطائفي في بلد رابع... هكذا يصبح المسيحيون
ملح العرب، عن حق.

الأب جورج مسّوح
Lcf- حضرة الاب المحترم . نحن مسيحيون مشرقيون ولسنا من بقايا الصليبيين . مسيحيو المشرق هم اصيلو هذا المشرق . وضمانتهم ليسب في الوقوف مع الغرب بل بالايمان بالسيد المسيح . أولم يقل لنا : " طوبى لكم اذا اضطهدوكم من اجل إسمي " .
إن ضمانتنا في هذا المشرق هي إيماننا وصلاتنا وتشبثنا بهذه الارض . ولن يتمكن الحزن ولا الخوف أو الاحباط من زحزحتنا عن وصايا يسوع والعذراء .ولن يتمكنوا طالما " هو معنا فمن علينا " .
إننا في أرض الرب ولن نرحل عنها مهما عصفت الارياح بحماية السيدة العذراء . آمين .

No comments:

Post a Comment