Monday, April 26, 2010

انتحار سياسي على أبواب بلديّة زحلة؟
رغم أن «الجرّة انكسرت» بين الياس سكاف والتيّار الوطني الحر في ما يخصّ المفاوضات بشأن اللائحة التي يخوضان بها المعركة الانتخابيّة البلدية في زحلة، إلا أن الانقلاب على هذه «المحطّة» وعودة الحليفين إلى وئامهما أمر وارد في أيّ لحظة
عفيف دياب
شارف التيار «العوني» على وضع اللمسات الأخيرة على بدء معركته الانتخابية في زحلة. فاعتباراً من صباح اليوم، سيبدأ بتقديم ترشيحاته رسمياً، بغضّ النظر عن المفاوضات الجارية مع رئيس حزب «الكتلة الشعبية»، النائب والوزير السابق الياس سكاف، التي وصلت إلى حائط مسدود يعمل وسطاء على تحطيمه.
تتجه مدينة زحلة نحو مسار ومصير انتخابيين دخلا في المجهول بدءاً من ليل أول من أمس، حين اصطدمت الشروط التعجيزية لسكاف برفض التيار الوطني الحر ومعه النائب نقولا فتوش لها. فمحاولة سكاف إحراج التيار برفضه إعطاءه حصة وازنة في اللائحة لإخراجه منها نهائياً، يبدو أنه كتب لها النجاح ما لم تستطع اتصالات الساعات القليلة المقبلة إصلاح ما أفسده «المجهول» عند الجانب السكافي، ولقطع الطريق تالياً على مساعٍ «مجهولة» الهوية والانتماء تريد ضرب هذا التحالف العوني ـــــ السكافي الذي بقي راسخاً ومتيناً في أحلك الظروف ومحاولات اغتيالهما سياسياً. فسكاف الذي يبرر موقفه الرافض لأي صيغ لا يراها «العوني» مناسبة لحجمه ووزنه السياسيين في زحلة، لم يجد بعد مسوّغات «منطقية» لأسباب الإعلان «العوني» عن وصول مفاوضات التحالف الانتخابي بينهما إلى حائط مسدود. وينفي مقرّبون من الحزب السكافي «صحّة المعلومات المتداولة عن رفض الكتلة الشعبية التحالف مع التيار الوطني الحر، ولكن عليهم (التيار) تفهّم بعض خصوصيات زحلة ومدى خوفها من أحزاب تعمل وفق مصالحها السياسية، لا وفق مصلحة المدينة أولاً. فالتحالف مع التيار قائم ولا يمكن ضربه بمجرد الاختلاف في وجهات النظر وعلى بعض التفاصيل الصغيرة».
«مأساة» زحلة «البلدية»، المستجدة والطارئة والمتوقعة أساساً منذ بدء المفاوضات بين التيارين العوني والسكافي، يبدو أنها متجهة نحو الانتحار السياسي على مشارف إنجاز التيار الوطني الحر وضع اللمسات الأخيرة على شكل ومضمون «ترشيحاته» التي ستبدأ بالظهور الرسمي منذ اليوم الاثنين، وعلى وضع تصوّر جديد واحتياطي لخريطة تحالفاته الجديدة في المدينة «إذا لم نصل إلى نتائج مرضية للطرفين»، وفق قول كوادر في التيار لـ«الأخبار» مساء أمس، حيث أصبحوا على اقتناع تام بأن سكاف متجه نحو «انتحار سياسي» بعدما رفض وجود «حصة وازنة» في لائحة البلدية، وبعدما أصبح ابتعاد النائب نقولا فتوش عن المشاركة في المعركة الانتخابية إلى جانب سكاف «أمراً واقعاً وواقعياً» والاكتفاء بالحياد الإيجابي. ويقول متابعون لمفاوضات الساعات الأخيرة إن سكاف «لم يعط مبرراً مقنعاً بعد عن أسباب عدم مصافحة اليد الفتوشية الممدوة إليه، بعدما نجح التيار الوطني الحر في تعبيد الطريق بين الرجلين». ويضيفون أن سكاف «لم يقدّم أيضاً أجوبة واضحة وصريحة عن أسباب رفضه ردّ تحية فتوش بمثلها، وهذا ما أدخلنا في دوامة أسئلة مشروعة وغير مشروعة عن سرّ إصرار سكاف على خوض معركة البلدية وحده من دون حليفه العوني أو حتى التحالف مع فتوش». ويتابعون أن التيار الوطني الحر «مصرّ على عدم فك تحالفه مع سكاف» وأن العلاقة بينهما «لن تصل إلى أبغض الحلال. فالتيار لن ينطق كلمة طلاق، ولكن إذا أراد سكاف الطلاق بالثلاثة فهذا شأنه، وعليه تحمل مسؤولية نتائج المعركة الانتخابية وحده، نصراً أو خسارة».
إصرار التيار الوطني الحر في زحلة على رفض فكّ تحالفه مع الوزير السابق إلياس سكاف قبل أن ينطق الأخير بالطلاق بينهما بالثلاثة، يؤكده أيضاً قادة من «الوطني الحر» في المدينة. ويقول منسّق التيار في زحلة طوني بو يونس لـ«الأخبار» إن تياره لن يتخلّى عن سكاف بسهولة، فـ«نحن منفتحون عليه وأوفياء للتحالف معه، وسنعطي المزيد من الوقت للتفاهم على لائحة بلدية مشتركة»، لافتاً إلى أن «وجهات النظر بيننا وبين الصديق والحليف سكاف متباينة، وجوهرها رفضه بالمطلق وجود أحزاب في لائحة البلدية، وأن معركته هي ضد الأحزاب، وهذا ما يمسّ بنا وبحالتنا الحزبية في زحلة التي لا يمكن أحداً شطبها من المعادلة وإلغاء وجودها»، موضحاً أنه خلال الساعات القليلة المقبلة «سيبدأ التيار الوطني الحر بتقديم ترشيحاته لبلدية زحلة، وكل الخيارات مفتوحة أمامنا، ولكننا لم نزل مصرّين على أفضل العلاقات مع سكاف، ومنها التحالف الانتخابي».
تأكيد التيار الوطني الحر تحالفه مع سكاف، معطياً الأخير بعض الوقت نزولاً عند رغبة أطراف ثالثة دخلت على خط ترميم العلاقة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وتالياً مع النائب نقولا فتوش، يحتاج إلى تأكيد مماثل من رئيس حزب «الكتلة الشعبية» الذي نجح في الاستفادة من الوقت القصير لتركيب لائحته، بعيداً عن حليفه «العوني» الذي شعر بأنه تعرّض لطعنة من الخلف، وأن «مجهولاً» يريد لسُحب الدخان الأسود أن تتصاعد من «مطبخ» الكتلة الشعبية التي لم تزل مصرّة على 13 مقعداً مع الرئيس ونائبه و8 مقاعد للتيار الوطني والنائب نقولا فتوش وحزب الله (آخر عرض سكافي مساء أمس كان 8 مقاعد للعوني، من دون نائب رئيس، ولا حصة لفتوش) الذي دخل بقوة على خط تذليل العقبات من أمام سكاف ومساعدته قدر الإمكان في تنظيم لائحته ومعركته الانتخابية من دون تدخل مباشر أو علني. ويقول متابعون لمفاوضات الساعات الأخيرة في زحلة إن سكاف يريد إثبات وجوده السياسي والشعبي من دون مساعدة من أحد، وإنه يريد الفوز وحده في انتخابات بلدية زحلة لتأكيد زعامته السياسية والشعبية على المدينة. و«من هنا جاء رفضه لوجود أحزاب أو محازبين في لائحة الكتلة الشعبية، واضعاً شروطاً شبه تعجيزية لا
ينفي سكافيّون صحّة المعلومات المتداولة عن رفض الكتلة التحالف مع التيار
رأى فتوش في التعنّت السكافي أمراً غير منطقي وليس واقعياً للفوز الانتخابي
يمكن أي طرف القبول بها». ويكشف المتابعون في زحلة أن النائب نقولا فتوش، الذي نجح التيار الوطني الحر في التواصل معه والتوصّل إلى نقاط تفاهم مشتركة بشأن معركة البلدية وغيرها من العناوين السياسية «وجد في التعنّت السكافي الرافض لأي محاولات تحالف مشترك أو خوض معركة بلدية ترتكز على 3 أذرع أساسية في زحلة تحقق الفوز المؤكد، أمراً غير منطقي وغير واقعي للفوز الانتخابي». ويتابعون أن «كل الطروحات والأفكار التي قدمها التيار الوطني الحر وفتوش رُفضت، وهذا ما سيدخل سكاف في أتون معركة بلدية لن يحقق فيها الفوز الكامل وحده».
انكسار «الجرة» بين الوطني الحر وسكاف لا يمكن وضعه الآن في خانة «تفرّق العشاق» قبل انتهاء اتصالات الساعات المقبلة، رغم الأجواء الضبابية التي تلفّها و«الرؤية السيّئة»، كما وصفها بعض الزحالنة، إذ لا إشارات (حتى مساء أمس) توحي بإمكان تراجع سكاف عن بعض شروطه والقبول بالحدّ الأدنى من الشروط العونية ـــــ الفتوشية، ما يفتح الباب أمام خيارات أخرى لا تحرج التيار الوطني الذي بدأ يدرس كل هذه الخيارات في زحلة، ومنها إمكان تأليف لائحة أو عقد تحالف مع قوى زحلية أخرى. وتقول كوادر «عونية» :«لسنا الحزب الوحيد في زحلة، وهناك عدة أحزاب ناشطة في المدينة، لها حضورها السياسي والشعبي، ونلتقي معها في قضايا إنمائية وغير إنمائية، وبالتالي لا نجد حرجاً في التحالف مع الأحزاب الموجودة على الساحة الزحلية». ويضيف أحد كوادر التيار الوطني الحر في المدينة: «لا يستطيع أحد أن يملي علينا شروطه التي لا تتناسب مع حجمنا وموقعنا وموقفنا في زحلة. فالكل يعرف في المدينة قوتنا الانتخابية، ومدى التزام كل محازبي التيار ومناصريه بالعمل السياسي والانتخابي. وبالتالي، لا يمكن أن نجيّر أصواتنا للائحة مجاناً، فنحن لسنا جمعية خيرية، ونملك رؤية ورؤى وبرنامجاً سياسياً وطنياً ومحلياً». يتابع: «نحن لسنا من هواة الانتحار السياسي، وصديقنا الياس سكاف يعرف أن ما يقدم عليه هو انتحار سياسي. وإذا حقق فوزاً وحده في الانتخابات البلدية، فسنعترف له بذلك ونقدّم له التحية على أنه الزعيم الأوحد لزحلة».
وصول المفاوضات العونية ـــــ الفتوشية مع سكاف إلى حائط مسدود، أقلّها حتى مساء أمس، أحدث ثورة في القاعدة «العونية» الزحلية التي انطلقت بزخم نحو بدء تنظيم صفوفها وترتيب البيت الانتخابي الداخلي، مترافقة مع ضغوط يتعرض لها النائب السابق سليم عون من الجمهور الحزبي لأخذ منحى آخر من المفاوضات و«عدم مضيعة الوقت» والبدء بالاستعداد الجدّي لمعركة انتخابية ودعم لائحة، ترشّحاً واقتراعاً، بغضّ النظر عن النتائج المتوقعة. ويقول كوادر في التيار لـ«الأخبار» «علينا خوض تجربتنا وحدنا، وإثبات حضورنا الحزبي والسياسي والشعبي، بعيداً عن النتائج. فالاصطفافات السياسية في السابق أجبرتنا على تحالفات كان لا بد منها، وقد أدّت غرضها. ولا موانع تفرض علينا خوض تجربتنا المستقلة».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment