Wednesday, June 30, 2010

رشق بالحجارة وقطع طرق على "اليونيفيل"
"حزب الله" يعتبر المناورات خارج القرار 1701
وسط انهماك داخلي بملفات مفتوحة مثل ملفي حقوق الفلسطينيين والتنقيب عن النفط، طرأ تطور مفاجىء أمس كانت مسرحه مناطق القوة الموقتة للامم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" في الجنوب، وتمثّل في حركة اعتراض نفذها شبان في منطقتين ضد مناورات كانت تقوم بها هذه القوة وهدفها "ابقاء جهوز عال من اجل مساعدة الجيش اللبناني بفاعلية في ضمان أمن سكان جنوب لبنان وسلامته"، على ما صرح به الناطق باسم "اليونيفيل" فيراج سينغ.
واعاد مراقبون الى الاذهان حوادث مشابهة حصلت قبل اقل من سنة في احدى المنطقتين اللتين شهدتا حركة الاعتراض أمس وتحديدا في 18 تموز 2009 عندما تعرضت قوات الكتيبتين الفرنسية والايطالية للرشق بالحجارة بعد محاولات استقصاء لانفجار مخزن ذخيرة في 14 منه في بلدة خربة سلم.
وفيما امتنعت الاجهزة الرسمية المعنية عن التعليق على الحادث، افادت الوكالة الوطنية للاعلام ان الاهالي اعتبروا "ان قوات اليونيفيل تجري تدريبات ومناورات عسكرية في المنطقة من دون التنسيق مع الجيش، رافضين اجراءها في منطقتهم، معتبرين ان هذه الارض هي ارض الشعب والجيش والمقاومة، وعلى قوات اليونيفيل ان تنسق مع الجيش".
"حزب الله"
وليلا نقلت مراسلة "النهار" في مرجعيون رونيت ضاهر عن النائب علي فياض عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" التعليق الآتي:
"فوجىء الاهالي بانتشار عسكري كثيف غير مسبوق لقوات الطوارىء الدولية في القرى وداخل الاحياء وبطريقة لا تخلو من الاستفزاز والضجيج، خصوصا ان موسم الاصطياف في بدايته والقرى بدأت تضج بالمغتربين العائدين. وبدا ملحوظا وعلى نحو غير معهود ان هذا الانتشار لقوات الطوارىء الدولية لم يكن مصحوبا كما هي العادة مع دوريات الجيش اللبناني وفقا لما يفرضه القرار 1701، مما اثار ريبة الاهالي وامتعاضهم حيث بدت الاحياء الداخلية للقرى وكأنها تشهد حال طوارىء او انها في وضع اتهامي ما، في حين كان الاهالي يأملون ان تتحرك القوات الدولية لردع الاسرائيليين الذين اختطفوا راعيا لبنانيا قبل يومين واوسعوه ضربا على مرأى من قوات الطوارئ الدولية التي لم تحرك ساكنا، لا بخصوص هذا العمل العدائي ولا بخصوص كل الاعمال العدائية والانتهاكات الاسرائيلية الاخرى التي تتكرر على نحو يومي، ولا تلقى الا ردود الفعل الشكلية من القوات الدولية. فاذا بها تلجأ الى تكثيف حشودها وحركة آلياتها داخل القرى خارج قواعد القرار 1701 مما أوحى وكأن مهمتها تستهدف المدنيين اللبنانيين وليس الاعمال العدائية الاسرائيلية. علينا ان نتذكر ان الاهالي الذين عبروا عن امتعاضهم بحركة عفوية انما كانوا دائما حريصين على علاقات ايجابية مع القوات الدولية على قاعدة ان دورها وفق القرار 1701 هو مساعدة لبنان على حماية سيادته وبسط سلطته من خلال التصدي لاسرائيل في اعمالها العدائية وانتهاكاتها المتفاقمة".
"اليونيفيل"
وأكد مصدر عسكري في قيادة "اليونيفيل" لـ"النهار" ان هذه القيادة على صلة وثيقة بالجيش وهي لا تقوم بأي تحرك او تمرين من دون اعلام الجيش والتنسيق المباشر معه.
وشرحت مصادر ديبلوماسية مواكبة لعمل "اليونيفيل" لـ"النهار" طبيعة المناورات التي بدأتها قوات الأمم المتحدة مساء الاثنين والتي تنتهي اليوم، فقالت انها تتم عند كل تبديل لكتائب "اليونيفيل" وهي جرت سابقاً وذلك ليكتشف قادة الكتائب الجديدة سرعة تحركها ومدى جهوزيتها على الأرض. وهي تجري أحياناً في مناطق وعرة وأحياناً في مناطق مأهولة وتستخدم خلالها ذخيرة حية أو ذخيرة مموهة.
وفيما امتنعت هذه المصادر عن شرح أبعاد الحوادث، لفت مراقبون الى انها اتت عشية صدور تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون عن تنفيذ القرار 1701.
وأضافوا ان المشهد الدولي الذي ينتمي اليه جنود الكتيبتين الفرنسية والاسبانية الذين استهدفتهم هذه الحوادث قد يطرح تساؤلات عن وجود رابط ما حرّك حركة الاعتراض أمس.
الحوادث
وكانت ثلاث آليات عسكرية تابعة للكتيبة الفرنسية قد تضرر زجاجها في حادثين منفصلين عند مفترق بئر السلاسل حيث تجمع 50 شاباً وهاجموا الآليات بالعصي والحجارة. وأفيد عن اصابة فرنسي بجروح طفيفة. وعلمت مراسلة "النهار" في بنت جبيل ان القائد العام لـ"اليونيفيل" الجنرال البرتو أسارتا تفقد عصراً في منطقة تبنين الكتائب التي تجري المناورات في القطاعين الغربي والأوسط وتابع المشاكل التي حصلت مع الدوريتين من الكتيبة الفرنسية.
وفي بلدة عديسة، تجمع ابناء من المنطقة في ساحة البلدة وقطعوا الطريق بين الثامنة صباحاً والثانية عشرة ظهراً مانعين أي مرور للدوريتين. ونقلت مراسلة "النهار" في مرجعيون عن السفير الاسباني خوان كارلوس غافو الذي صودفت زيارته للمنطقة قوله إن ما جرى "حادث عرضي ومستقل رغم انه قد تكرر". وشدد على التعاون بين "اليونيفيل" والجيش والسلطات المحلية لانه "افضل طريق للتفاهم".
وبعد تدخل الجيش وقوى الأمن الداخلي، أعيد فتح الطرق في منطقتي الحوادث وعادت الأمور الى طبيعتها.
مجلس الوزراء
وينعقد مجلس الوزراء عصر اليوم في جلسة عادية في السرايا برئاسة الرئيس سعد الحريري. وصرّح وزير التربية حسن منيمنة لقناة "أخبار المستقبل" مساء أمس بأنه سيطرح موضوع أساتذة التعليم الثانوي مجدداً "أنا قدمت مشروعين الى مجلس الوزراء الذي هو سيد نفسه وسيتخذ القرار بثلاث أو أربع درجات".
النفط
ومساء أمس رأس الرئيس الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون الموارد النفطية. وهذا الاجتماع هو الثالث من نوعه. وأوضح وزير الطاقة جبران باسيل "ان النقاش كان جدياً وايجابياً للغاية". وقال إن هناك "بعض التفاصيل التي ما زلنا مصرين عليها (...) وهي تتعلق تحديداً بالصندوق (السيادي) والهيئة (الناظمة)"، مشيراً الى ان الاجتماع الرابع للجنة سينعقد الاسبوع المقبل.
وعلم ان لا خلاف على الهيئة، فالأفكار المطروحة حولها تحظى بالتوافق. أما بالنسبة الى الصندوق، فبقي باسيل يدافع وحيداً عن فكرته التي ضمنها المشروع وهي ان "تحفظ العائدات في صندوق سيادي كضمان للاقتصاد والاجيال المقبلة على ان يكون بادارة مجلس يرأسه رئيس الجمهورية". كما علم ان هيئة التشريع والاستشارات قدمت مطالعة تفيد انه "لا يمكن تصوّر مجرد تصوّر ان يرأس رئيس الجمهورية صندوقاُ كهذا".
فعلق باسيل لـ"النهار" قائلاً: "لا يمكن تصور مجرد تصور ان يصبح الرأي القانوني في البلد رأياً سياسياً الى هذا الحد وان يكون القضاء مطية في يد السياسي مما يجعل هذا الرأي سياسياً ومبرمجاً ومدفوعاً اليه ومعروفاً من هو وراءه".
جريدة النهار
سيدي الرئيس، هلاَّ تطلب البراءة...
جان عزيز
سيدي الرئيس،
أخاطبك بلا لقب الفخامة. أولاً لأنك تدرك أن فيه شيئاً من شخصانية زمن السلطنة وتأليه الدول الكلّيانية... فيما أنت لا تحتاج إلى لوثة من دول الوصايات التي تعاقبت.
... وبلا لقب ثانياً، لأنك تعرف بلا شك، أن تلك «الفخامة»، مع سواها من الألقاب البائدة، قد ألغيت رسميّاً قبل 13 عاماً، في عهد سلفك الراحل الياس الهراوي. حتى إن كثيرين يجزمون بأن تلك الخطوة، كانت العمل الوحيد الجيد الذي حققه... والتذكير بذلك ضروري. نظراً إلى إصابة ناسنا بوباء فقدان الذاكرة. كيف لا، والبطريرك الماروني نفسه، هذا الذي أقفل أبواب بكركي للمرة الأولى في تاريخها، زمن ميلاد عام 1996، في وجه الهراوي، قيل لي إنه سيتسلم جائزة باسمه بعد أيام قليلة... وقيل إنّه سيتسلمها في حضورك أنت شخصياً، لتكتمل الفخامتان وغبطتنا معاً...
المهم سيدي الرئيس أنني أخاطبك لأمر آخر. وأنا أعلم أن لا علاقة بيننا، ولا مصالح، والأرجح لا ودّ ربما.
غير أن واجبي الإنساني والأخلاقي والوطني والمهني، يفرض عليّ مخاطبتك، لأقول لك إنني تلقّيت بالأمس رسالة من شاب لبناني موجود خارج لبنان للدراسة، يُعلمني فيها أنه بات مهدّداً بالاعتقال في حال عودته إلى وطنه، لسبب مرتبط بك أنت. واختصار المسألة، أنه وجَّه عبر الفايسبوك، ومعه نحو ثلاثين شاباً على الأقل، انتقاداً إلى شخصك الكريم...
كل ما أود قوله، أمران اثنان:
أولاً، أن أؤكد لك، ولذاك المدعي دفاعاً عنك أو باسمك أو ذوداً مزعوماً عن مقامك، أن ما يسمى حصانة في قوانيننا الوضعية، هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وأن لا مشروعية لأي ضابط قانوني وضعي، إلا في مدى احترامه للحقوق الطبيعية. وأولها حرية التفكير، التي هي نفسها حرية التعبير وحرية الإعلام. هذه الحرية التي لا إطار مرجعياً لها في عالمنا المعاصر، إلا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يلتزم لبنان به في مقدمة دستوره. وحتى لو لم يفعل، فهو ملزم به، وفق منطق «قانون المسلّمات». ولا قيد لهذه الحرية، إلا في حدود ما نصّت عليه المادة الـ29 من الإعلان نفسه، لجهة «تحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والأخلاق في مجتمع ديموقراطي». هذه المادة هي من اجتراح عظيمين: رينيه كاسان وشارل مالك. وهي وحدها ترسم الحدود بين الحرية وضابطها. وهي بالتالي تؤكد أن ما قام به الشباب الملاحقون باسمك سيدي الرئيس، ليس تجاوزاً لحق طبيعي لهم. فلا انتقادك خروج عن النظام العام، ولا مخالفتك الرأي انتقاص من مقتضى المصلحة أو الأخلاق، ولا ملاحقتهم تجري في «مجتمع ديموقراطي» قطعاً...
السبب الثاني الذي يدعوني إلى مخاطبتك سيدي الرئيس، هو أن ملاحقة هؤلاء الشباب، دون سواهم، تشي بنوع من الانتقائية، أو حتى الجبانة في التصرف، ممن أقدموا عليه.
فلماذا لم يبادر ذلك المدعي مثلاً، إلى ملاحقة وئام وهاب، يوم أطلق فيك معلقات من وهابياته الموثوقة والموثقة، فرددت عليه بتكثيف الوئام؟ ولماذا لم يلاحق ذاك المدعي سمير جعجع، حين قال علناً، إنه يعدّك رئيساً غير وفاقي؟
ولماذا لم يلاحق ذلك المدعي، حسن صبرا في وقت سابق، يوم كتب، أسود على أبيض، رأيه في اعتبارك «الرئيس السوري الذي سيعين على لبنان»؟
ولماذا لم يتحرك ذلك المدعي، أمام الحملات العنيفة التي قام بها أفراد من عائلتك، وأرجِّح تجدّدها غداً، على الفايسبوك نفسه، ضد سياسيين وصحافيين ومواطنين؟
إن تصرفاً كهذا سيدي الرئيس، من المدعي باسمك، يوحي بسلوك من نوع الاستقواء على من يُعَدّ ضعيفاً، والاستضعاف أمام من يُتوهم قوياً. وهذا أسوأ أنواع سلوكيات البشر، فكيف بسلوكيات مسؤول؟
سيدي الرئيس، إذا كانت حرية الرأي جرماً، فسجّلني مع المجرمين. فأنا أصلاً، لم أكن إلا كذلك. واسأل ذلك المدعي، أن يضيف اسمي إلى لائحة الملاحَقين. وأؤكد لك أن اللائحة ستطول، وأن الوطن الصغير لن يتسع لأسمائها، إلا إذا ما تحوّل مرة جديدة في عهدك، سجناً كبيراً.
سيدي الرئيس، أنت من يحمل أثقال زمن الوصاية، وأثقال وصولك إلى قيادة الجيش، كما وصلت، وانتخابك رئيساً كما انتُخبت، نربأ بك، لأنك الرئيس اليوم، أن تضيف ثقلاً جديداً...
ما العمل؟ لو كنت مكانك، لأوعزت فوراً إلى ذلك المدعي ـــــ بلا تذرع بحرية قضاء ولا من يقضون ولا من يستقلون ـــــ ليطلب باسمك البراءة فوراً. البراءة، لا للشباب الملاحقين، بل البراءة لآمالهم وأحلامهم والتطلعات. وإلا فليطلب، باسمك أيضاً ودوماً، البراءة منها...
مع تقديري وبراءتي.

عدد الثلاثاء ٢٩ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
رسالة من نجاد أكّدت الحرص على استقرار لبنان
سليمان طلب التوسّع في التحقيقات
لكشف المتورطين في التعامل وتوزيع المناشير
نوّه رئيس الجمهورية ميشال سليمان "بتوقيف الجيش أحد المسؤولين البارزين في إحدى الشركتين المشغلتين للهاتف الخليوي على خلفية تعامله مع العدو الإسرائيلي، عبر استغلاله موقعه الحساس في هذه الشركة"ن معتبراً "ان هذا التوقيف يأتي حلقة من سلسلة حلقات التعامل مع العدو التي كشفها الجيش تباعاً واعتقل القائمين بها". كما نوّه باعتقال موزّع المناشير التحريضية في قرى شرق صيدا قبل نحو أسبوعين، وطلب من الأجهزة المعنية "التوسّع في التحقيقات لكشف المتورطين في التعامل والجهات المحرّضة لموزّع المناشير وسوقهم الى المحاكمة".
وفي نشاطه اليومي عرض الرئيس سليمان مع وزير الدولة عدنان القصار التطورات الراهنة والأوضاع الاقتصادية.
كما تناول مع كل من النائبين السابقين منصور البون وأسعد هرموش الأوضاع الداخلية.
رسالة نجاد
ثم استقبل السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي الذي نقل إليه رسالة شفوية من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.
وأفاد بيان للسفارة الإيرانية أن الرئيس الإيراني "أكد في رسالته حرص إيران تجاه أمن واستقرار لبنان وضرورة الحفاظ على وحدته وسيادته مؤكداً استمرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعمها لاستقرار لبنان ووقوفها الى جانب المقاومة في مواجهة الاعتداءات الصهيونية.
وقدّم السفير الإيراني تقريراً تضمن نشاطاته ولقاءاته مع الشخصيات اللبنانية من مختلف الاتجاهات حيث أكد خلالها وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مسافة واحدة من كل اللبنانيين.
كما تطرّق السفير الإيراني خلال هذا اللقاء الى قضية الديبلوماسيين الإيرانيين الأربعة المخطوفين في لبنان داعياً رئيس الجمهورية من منطلق إنساني الى الإيعاز للسلطات المعنية للإسراع في تشكيل لجنة إيرانية – لبنانية مشتركة يناط بها مهمة متابعة قضية الديبلوماسين المختطفين وكشف ملابسات اختطافهم.
وبدوره أكد الرئيس سليمان ضرورة وضع آلية عمل مشتركة لمتابعة الأمور المتعلقة بالتعاون المشترك بين البلدين في جميع المجالات. كما طلب من السفير الإيراني إبلاغ تحياته الحارة الى الرئيس الإيراني".
واطلع الرئيس سليمان من رئيس مجلس الخدمة المدنية الوزير السابق خالد قباني على عمل المجلس خصوصاً في مرحلة التحضير لإطلاق ورشة الإصلاح والتعيينات الإدارية.
"الجامعة السياسية للقوات"
وظهراً، استقبل الرئيس سليمان وفداً من "الجامعة السياسية في القوات اللبنانية" يضم طلاباً لبنانيين في جامعات الولايات المتحدة وكندا يشاركون في برنامج "العودة الى الجذور" ويزورون لبنان لتعزيز تواصلهم وارتباطهم بالوطن الأم.
ودعا الرئيس سليمان الطلاب الى "عدم فك ارتباطهم العاطفي والوطني مع لبنان الذي يشكل نموذجاً للعيش المشترك بين أبنائه بات يحتذى في العالم"، وحضّهم على "ان تكون المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار آخر، لأنه عندما يكون وطنهم بخير يكونون هم بخير أيضاً حتى ولو كانوا موجودين في الخارج لتحصيل العلم والثقافة والاختصاص أو للعمل".
وسلّم وفد الطلاب برئاسة مسؤول "الجامعة السياسية في القوات اللبنانية" طوني حبشي ومسؤول قطاع الاغتراب طوني البارد رسالة الى الرئيس سليمان جاء فيها:
"نأمل في عهدكم أن يسترجع لبنان دولته وتتوفّر فرص العمل للطاقات الشابة وتزول الجماعات المسلّحة عن أرضه، وتنتفي عنه صفة الإرهاب بين دول العالم، وأن يستردّ جواز السفر اللبناني الذي يحمل أرزتنا الاحترام الذي يستحقه. نريد في عهدكم ألا يبقى اعتزازنا بالانتماء اللبناني على المستوى الشخصي فحسب، بل نطلب منك وبإلحاح أن تفرض إحترام لبنان على المجتمع الدولي من خلال قيام الدولة اللبنانية بمؤسساتها كافة، لأننJJا نؤمن دائماً أن لبنان هو الحق والمنطق والحرية ومع انتفائهم نغدو في وطن آخر لا يشبه تطلعات وأحلام اللبنانيين لا في الشكل ولا في المضمون.
نطلب منكم يا فخامة الرئيس كمرجع سياسي لكل اللبنانيين في الوطن والانتشار أن تكونوا مصدر الاهتمام بنا والسعي لتحقيق حقوقنا، وذلك من خلال تفعيل آلية استرداد الجنسية اللبنانية للمتحدرين من أصول لبنانية وتسريع العملية الانتخابية ترشيحاً واقتراعاً في بلد الإقامة. وهذا ما نستحق أن نعيشه كمواطنين لبنانيين عند الاستحقاق القادم، سنة 2013. وبهدف تسهيل هذه المطالب نتمنى عليكم تدعيم البعثات الديبلوماسية في الخارج على المستويين البشري والتقني".
جريدة النهار
بلدات شرق صيدا والزهراني المسيحية خطان متوازيان بين جزين والمدينة
سماسرة وأموال تتدفّق وبلدات تخسر خصوصياتها
تختصر البلدات والقرى المسيحية في شرق صيدا والزهراني كل معاناة التهجير والعودة وما سبقها وتلاها. والمنطقة التي يشتهر اهلها بدمائهم وابتعادهم عن المشكلات، وبحب الحياة الهادئة الوادعة، كان عليهم ان ينتظروا ردحاً لا بأس به من الزمن لكي تستقيم المعادلات السياسية ويعودوا الى ارضهم بعد تهجير ليس بالطويل نسبياً، امتد من 1985 الى 1990.
22 بلدة وقرية مسيحية تتبع ادارياً مدينة صيدا، وانتخابياً دائرة الزهراني، في توزيع غريب لا مثيل له سوى في منطقة صيدا ومحيطها التي تختلط فيها الطوائف، ويسعى كل منها الى حفظ خصوصياتها في اطار الانتماء الى تلك المنطقة التي تشكل بوابة الجنوب من جهة، والمدخل الى جبل لبنان الجنوبي من ناحية اخرى، والتي لا تذكر تفاصيل تاريخ لبنان من دون الاشارة الى مجريات الحوادث فيها خصوصاً مع جارتها الطبيعية مدينة جزين عاصمة المسيحيين في الجنوب. وخلافاً لمنطق غالبية مهجري الجبل، وتحديداً الشوف وعاليه، من الذين لا يقصدون بلداتهم وقراهم الا في خلال المناسبات والاعياد الدينية والعطل المدرسية والصيفية او مواسم الزيتون والثمار، فإن قرى المسيحيين في شرق صيدا والزهراني تزدهر وتكاد تكون ممتلئة بسكانها الذين يفضلون الاقامة في بلداتهم ومسقطهم والتوجه منها الى اعمالهم في بيروت او صيدا وانحاء جبل لبنان الجنوبي، ذلك أن نسبة كبيرة من الاهالي هناك هي من موظفي القطاع العام في المؤسسات العسكرية والامنية والتربوية، او ممن يملكون مؤسسات خاصة، حيث تنقلهم الباصات في معظم الاحيان او يذهبون بواسطة سياراتهم الخاصة. ورغم ان نسبة المقيمين تتفاوت بين بلدة واخرى، تبقى السمة الواضحة أن تلك الانحاء ليست قليلة السكان قطعاً، على غرار بلدات الشوف وعاليه المسيحية حيث لم تجدِ كل المحاولات نفعاً في دفع غالبية مهمة من مهجري الجبل الى العودة والاقامة الدائمة في قراها وبلداتها واقتصر الامر على المتقاعدين والعجزة وفئات محددة.
بري ومغدوشة
التجمّع الاكبر للمسيحيين في الزهراني وشرق صيدا هو في مغدوشة التي تكاد تكون نظير سواها، لولا حكمة ابنائها الذين يحفظون تراثها واطلالتها التي تبقيها بلدة نموذجية وتجمع بين قطاعاتها الزراعية والسياحة الدينية من الطراز الاول من خلال مقام سيدة المنطرة أحد أبرز معالم المسيحية في لبنان والعالم. وانطلاقاً من مغدوشة تكرّ سبحة البلدات التي تشهد كثافة سكانية لا بأس بها، تصل الى نسبة 50 في المئة واكثر، مثل عين الدلب والمية ومية ودرب السيم وعبرا البلدة، حيث تأخذ في التراجع تدريجاً كلما توجه المرء صعوداً في اتجاه منطقة جزين. ويقال في شرق صيدا والزهراني ان الفضل في ازدهار الحضور المسيحي في انحاء الزهراني وتحديداً على الخط الممتد من بلدة عين الدلب الى القرية والمجيدل وكفرشلال وصولاً الى جرنايا ومحيطها، يعود الى الرئيس نبيه بري الذي سعى الى طمأنة الاهالي المسيحيين عقب التهجير الذي طال خط الانتشار المسيحي المقابل الممتد من عبرا الى جزين، وتجلى في خطوط التماس التي نشأت في منطقة كفرفالوس وتسببت بتدمير انحاء شرق صيدا تماماً وتهجير اهلها. ورغم المعارك التي شهدها خط جرنايا - حارة صيدا بين المنظمات الفلسطينية وحركة أمل، وما تعرضت له مغدوشة من تدمير وحروب آخرين على ارضها اكانت ارادة العودة اقوى.
واللافت ان بري كان واضحاً في التعجيل في قفل ملف التهجير في تلك الانحاء واحتضان عودة المسيحيين الى ارضهم في أسرع وقت ممكن، الى منطقة شديدة الحساسية والتوتر المذهبي حيث يحضر العامل الفلسطيني بقوة في مخيم عين الحلوة اكبر مخيمات لبنان، وكان يمكن ان يتمدد في اي لحظة الى خارج حدوده نتيجة انهيار المؤسسات العسكرية والامنية الشرعية في زمن الحروب.
سماسرة وأموال
اما في موضوع شراء اراضي المسيحيين وعقاراتهم، والتي وان تكن ترتدي طابع التبسيط لدى البعض ومحاولة ادخالها في اطار عمليات تجارة العقارات العادية، فهي ترتدي وفي المناطق المختلطة طائفياً طابعاً آخر يهدد بإقتلاع فكرة العيش من اسسها ونسف كل ما جهد الحكماء لتجنبه من فرز طائفي ومذهبي وقيام معتزلات طائفية ومذهبية خالصة. يقال في شرق صيدا. ان عملية شراء الاراضي تتم في اتجاهات عدة، مع تركيز على المناطق المحيطة بصيدا حيث يشتد الطلب على اقامة ضواح لسكن الصيداويين، وبهذا المعنى تتركز عمليات السماسرة المسيحيين الجشعين على البحث عن اراض وعقارات تحت عنوان ان "المنطقة ليست للمسيحيين"، على خط صيدا – جزين حيث تتوسع ما تسمى منطقة صيدا الكبرى لتشمل بقسطا والبرامية والهلالية ومجدليون والصالحية وكفرجرة، والاخيرة تتحول حارة للبورجوازية الصيداوية. ويشار في شرق صيدا الى ان مثلث الاراضي الواقع بين عين الدلب والهلالية ومجدليون اصبح مملوكا بالكامل من الصيداويين، علماً ان عمليات الشراء لا تقتصر على تلك المنطقة بل تمتد لتشمل الاراضي المجاورة لاقليم الخروب وعلى ضفة نهر الاولي الجنوبية حيث ترتفع اسعار بساتين الليمون وتشتد المنافسة عليها خصوصاً مع رغبة عدد من المتمولين الشيعة، كما يقال، في شراء الاراضي في تلك الناحية بأسعار بخسة نظراً الى ما تزخر به المنطقة من امكانات زراعية ومائية وسياحية ضخمة.
ويقول ابناء تلك الانحاء إن غالبية البلدات المسيحية لا تزال تحتفظ بقسم لا يستهان به من العقارات والمشاعات في خراجها، ورغم مساعي السماسرة وحقائب المال النقدي المستعدة لاغراء اصحاب الاراضي المسيحيين، لم تتجاوز نسبة الاراضي المبيعة الـ 35 في المئة حيث يتمسك قسم لا يستهان به من الاهالي برفض فكرة البيع والتخلي عن ارضهم من اساسها. لكن ذلك لا ينفي ان ثمة بلدات تواجه خطر الذوبان كي لا يقال الابتلاع عن خريطة التعايش من "وحش المتمولين"، الامر الذي يتجلى على خط صيدا – جزين في بلدات البرامية والهلالية ومجدليون مثلاً التي فقدت او تكاد هويتها الاصلية بسبب المجمعات السكنية التي تجتاحها تدريجاً وتحول هذه الانحاء ضواحي لصيدا الشرقية والشمالية بعدما كانت مجرد قرى وبلدات وادعة. وفي عبرا الجديدة التي كان المسيحيون يشكلون نسبة كبيرة من سكانها قبل التهجير ها هم يعودون ليجدوا ان المدينة الجديدة اصبحت مدينة اخرى، لا تمت الى عبرا القديمة. وهكذا لم يتبق من المسيحيين في عبرا الجديدة سوى زهاء عشرة في المئة لينحصر وجودهم ببلدة عبرا القديمة او الضيعة.
رغم الصورة القائمة التي يقدمها عرض عملية بيع الاراضي والعقارات في انحاء شرق صيدا والزهراني، يميل الميزان الى التفاؤل لا الى التشاؤم. فمقتضيات التوازن الوطني تمارس دوراً خفياً في ضبط عملية العيش المشترك ومنع السماسرة وهجمة اصحاب المشاريع من التمادي في غيهم واصرارهم المشبوه على شراء الاراضي. ويقول العارفون بأحوال تلك المنطقة ان ما يجري فيها ليس بعيداً عما يجري في اي منطقة لبنانية اخرى.
والامر يحتاج في رأيهم الى مبادرات وطنية وقرار شجاع من اصحاب الشأن في الجنوب، بالتصدي لعمليات بيع الاراضي والحد من هجمة اسراب السماسرة الذين يستفيدون من تردي الاوضاع الاقتصادية. واذا كانت العلاقات الاجتماعية وعوامل الصداقة والجيرة والعيش المشترك تؤدي دوراً في لجم اصحاب النيات الخبيثة، فإن المسؤولية الاساسية تقع على الدولة التي لا تتذكر شرق صيدا ومنطقتها الا عند الحوادث الامنية أو المناشير الاخيرة التي وزعت، في حين ان المطلوب اكثر من ذلك بكثير.
بيار عطاالله
جريدة النهار
جنبلاط يضم صوته إلى نصر الله: فلتعلّق المشانق للعملاء
جاسوس «ألفا» يوفر لإسرائيل التلاعب ببيانات الشبكة

تردّدت أصداء الانجاز الأمني المتمثل في اصطياد عميل «الموساد» الموظف في شركة «الفا» (شربل ق.)، لليوم الثاني على التوالي، بالتوازي مع استنفار أمني لمواجهة
هذا الانكشاف الأمني الخطير، فيما لم يصدر أي موقف لا عن الحكومة ولا عن المجلس النيابي ازاء عنوان أمني بهذا الحجم، وهو الأمر الذي حدا برئيس «اللقاء الديموقراطي»
النائب وليد جنبلاط أن يضمّ صوته الى صوت الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بالدعوة الى تعليق المشانق للعملاء الموقوفين، الذين بلغ عددهم نحو 120
عميلاً، بينهم 56 عميلاً قيد المحاكمة والبعض قيد التحقيق، فيما صدرت أحكام قضائية بحق آخرين ابرزهم العميل محمود رافع الذي صدر حكم بإعدامه لمشاركته في جريمة
اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا.
وغداة توقيف شربل، تحولت وزارة الدفاع وتحديداً مديرية المخابرات الى خلية نحل، وقد صدر بيان رسمي بتوقيف شربل فيما نوّه قائد الجيش العماد جان قهوجي بالانجاز
الذي حققته مديرية المخابرات داعياً العسكريين الى اليقظة والحذر من أجل منع العدو من تحقيق اختراقات في الجسم اللبناني وبالتالي تهديد الأمن الوطني.
وسجل انعقاد سلسلة اجتماعات بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وكبار المسؤولين في وزارة الاتصالات، ترافقت مع استدعاء وزير الاتصالات شربل نحاس ممثلين
عن شركتي الهاتف الخلوي، وطلبه اليهم توفير كل التسهيلات اللازمة التقنية والفنية وكل ما من شأنه مساعدة التحقيق القضائي والعسكري في هذه القضية التي تمس الأمن
الوطني وأمن كل مواطن لبناني.
وحسب التحقيقات الأولية، اعترف شربل ق. بقيامه بزرع برمجيات وشرائح الكترونية خاصة، زوّده بها الاسرائيلي، في محطات الارسال العائدة للشركة المشغّلة («الفا»)،
بحيث تصبح إمكانية التلاعب في بيانات الاتصال لأي من الخطوط، أكثر سهولة بالنسبة إلى خبراء الاتصالات التابعين للمخابرات الإسرائيلية.. إذ يمكن والحال هذه،
لخبراء العدو القيام بتعديل أي من هذه البيانات لحظة قراءتها أو ورودها من المحطات، وفقاً للشروط التي يضعها المبرمج.
وحسب الخبراء، يمكن بفضل حصول خبراء العدو على «مفاتيح الدخول» الخاصة بالبيانات السرية للخطوط الهاتفية المستخدمة، تنفيذ عمليات اتصالات وهمية، من أي خط موجود
على الشبكة، وإظهار وجود اتصالات قام بها الرقم الأصلي، دون أن يكون حامل هذا الرقم قام بذلك فعلاً.
وقد بيّنت معطيات التحقيقات الأولية أنّ شربل سبق له أن شغل مناصب مهمة منذ تأسيس شركة «الفا» («سيليس» سابقاً) في العام 1994، وكان يتولى لحظة توقيفه مسؤولية
في احد الأقسام الفنية الأساسية التابعة للشركة (قسم البث الراديوي والإرسال ـ Radio and Transmission)، ويدير فريقاً من المهندسين المتخصصين.
وحسب الخبراء في عالم الاتصالات، يُعدّ مجال عمل شربل، من المجالات الهامة جداً للمخابرات الإسرائيلية على صعيد اختراق منظومة الهاتف الخلوي واتاحة المجال أمامها
للتلاعب، بالمعطيات الفنية في الشركة وخصوصاً القسم الذي يعمل فيه.
ويشير الخبراء الى أن شربل يستطيع من خلال موقعه توفير الآتي:
أولاً، كشف الشبكة الخلوية العائدة للشركة بالكامل امام الاسرائيلي، معلوماتياً وفيزيائياً، من خلال المعطيات التي قدّمها حول كل تفصيل فنّي ذي صلة بالشبكة،
وقيامه بتثبيت أجهزة ومعدات فنية على الشبكة، تتيح لمخابرات العدو الحصول على بيانات حركة الاتصالات، وتوفير القدرة لها لتنفيذ عمليات تنصت واسعة ومركّزة على
كل الخطوط الهاتفية التابعة للشركة، والحصول على ناتج كل حركة الاتصالات العائدة لهذه الأرقام (الناتج الصوتي)، وخزنها لدى الاسرائيلي.
ثانياً، تمكين العدو من تتبع ورصد الاشخاص والاهداف التي يعمل عليها، بالاعتماد على حركة الهاتف الخلوي.
ثالثاً، يوفر امكانية للعدو ليس للتنصت على مستخدمي الهاتف الخلوي وتتبع تحركاتهم وحسب، بل أنّه باستفادته من البيانات والسجلات الفنية للهاتف الخلوي، التي
كان يتزوّد بها، عبر عميله في شركة الاتصالات، وقيام هذا العميل بتحديث وتوفير هذه البيانات لمشغليه الاسرائيليين بشكل دوري، على مدى سنوات عمالته، من شأن ذلك
كله، تمكين العدو من السيطرة على حركة الاتصالات في الشركة والتلاعب بها، بما يخدم أهدافه ومخططاته.
رابعاً، يتضح أيضاً، أنّ أهم ما وفّره «عميل الاتصالات»، لمشغليه الإسرائيليين، هو «الكودات» والأرقام السرية الخاصة بتشغيل ومراقبة، وصيانة محطات وخلايا الاتصال
المنتشرة في جميع المناطق اللبنانية، فضلاً عن نطاق إشراف وتغطية هذه المحطات، وكل ما يطرأ عليها من تحديث أو تعديل. بالإضافة إلى الأرقام و«الكودات»، الخاصة
بكل هاتف خلوي، على شبكة «الفا».
ومن المتوقع أن تتركز التحقيقات اعتباراً من اليوم مع شربل حول ما اذا كان وحده يشكل شبكة أم أنه ينتمي الى شبكة مترابطة تضم آخرين، أم ينتمي الى شبكة عنقودية
غير مترابطة.
من جهته، رفض وزير الاتصالات شربل نحاس الدخول في تفاصيل الاتصالات التي تمت مع قيادة الجيش، الا انه اكد ان هذا الموضوع الخطير قيد المتابعة مع الجهات المعنية.
كما شدّد على التعاون معها بما يخدم الوصول الى الحقائق. وقال لـ«السفير» إن هذا الموضوع حساس، «ولنترك التحقيق يأخذ مجراه».
جنبلاط لـ«السفير»:
أخشى اغتيالات جديدة
الى ذلك، برز موقف لافت للانتباه للنائب وليد جنبلاط، دعا فيه الى التصدي لظاهرة العملاء المزروعين في البلد. وقال لـ«السفير» إن شبكات العملاء مزروعة اينما
كان، والبلد مكشوف أمنياً، والخوف من ان تحصل عمليات اغتيالات جديدة تؤدي بالبلد الى الكارثة.
واكد جنبلاط ان تلك الشبكات تستدعي استنفاراً داخلياً شاملاً وعلى كل المستويات «وقد آن الاوان للضرب بيد من حديد وصولاً الى اعدام العملاء، فخلال الحرب العالمية
الثانية عانت بعض الدول الاوروبية ومنها فرنسا من العملاء، وبعد الحرب تم إعدام اكثر من عشرة آلاف عميل او متعامل، بينما بعد تحرير الجنوب اللبناني في العام
2000 لم تحصل أي ضربة كف بحق العملاء، بل العكس تم إخضاعهم لمحاكمات وأحكام مهذبة».
وقال جنبلاط «الآن وبعد التجربة التي عشناها، والعملاء الذين ينبتون، اعتقد ان الإعدام هو افضل رادع».
وقال جنبلاط لـ«السفير» ان الخروق الاسرائيلية المتمادية للسيادة اللبنانية «لم تتوقف كما الشبكات التجسسية والدخول الاسرائيلي الى عمق النسيج اللبناني، وكل
ذلك يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة. وفي موازاة تلك المخاطر، تبقى المقاومة هي الاحتياط الاستراتيجي للدفاع عن لبنان، ولذلك يجب أن تتوقف نظريات الاستعجال والإلحــاح
في موضوع السلاح، فهذا أمر خطــير يخدم شعار التحييد المرفــوض. وقال إن المقاومة هي سلاح احتــياطي، ويجب أن يستفيد منها العرب والمسلمون لأننا ما زلنا في
بداية الطريق».
جريدة السفير
موقوف ألفا: خدماته تلبّي المطالب الأميركيةالسفيرة الأميركيّة ميشيل سيسون (أرشيف)
تقدّمت مديرية استخبارات الجيش في التحقيق مع الموقوف شربل ق. المشتبه في تعامله مع العدو منذ 14 عاماً. وثمة همس عن «صيد ثمين» وراء هذا الموقوف. كذلك أوقفت مساء أمس في صيدا المدعو محمود ب. للاشتباه في أنه شريك في عملية توزيع منشورات التحريض الطائفي في شرقي المدينة
الصدمة التي لفّت مكاتب شركة «ألفا» أمس تواصلت مع تقدم التحقيقات مع الموقوف لدى استخبارات الجيش شربل ق. الذي يعمل في شركة الاتصالات نفسها ويترأس فيها وحدة فرعية (SUB UNIT) تتبع لقسم هندسة الشبكة في الشركة.
وهي الوظيفة التي تمكّنه من الاطلاع على كل بيانات الهاتف الخلوي، وعلى كل المعلومات المتعلقة بمحطات الإرسال، لناحية تحديد هويتها وموقعها ورموزها، وعلى تحديد الترددات التي تعمل عليها أنظمة البثّ والاستقبال. كذلك يمكنه أن يحدد موقع صاحب أي رقم خلوي مشغّل من حامله. وقد تطورت التقنيات خلال السنوات الماضية إلى حدود أنه إذا زُوّد بجهاز متطور، يتمكن من تحديد الغرفة الموجود فيها أي هاتف خلوي يتبع للشركة.
شربل الذي تقول مصادر التحقيق إنه متعاون وإنه لا ينفي ما يعرض عليه من وقائع وإثباتات، تبيّن أنه ليس متمرّساً في التعامل فقط، بل في كيفية التواصل مع مشغليه، وحتى العمل على وقف أي تعقبات له. وهو عمل مع قوات الاحتلال خلال 14 عاماً على مجموعة كبيرة من الأهداف التي يبدو انها تتجاوز الاحداث المتصلة بالمواجهة المفتوحة بين المقاومة وإسرائيل.
شربل له أقارب سبق أن خدموا في ميليشيا العميل أنطوان لحد، ويبدو أن أحد هؤلاء الاقارب هو من تولى تجنيده وتنسيق تواصله ومن ثم لقاءاته مع مشغليه، التي جرت في اكثر من مكان داخل لبنان وخارجه، حيث كان كثير السفر. كذلك تبيّن خلال نهار أمس، من مصادر الاقارب والاصدقاء، أن وضعه المالي قوي جداً وغير متناسب مع مدخوله القائم من عمله، وأنه بات يملك في الفترة الاخيرة عقارات عدة، وهو يسكن حالياً في محلة النقاش في المتن الشمالي.
التحقيقات في فرع التحقيق في مديرية الاستخبارات، تجري بوتيرة خاصة وتستهدف مجموعة أمور منها:
1- التثبت من تاريخ علاقته وجدول لقاءاته ونوعية المعلومات التي زوّد العدو بها.
2- محاولة التأكد من وجود شركاء له في العمل، سبقوه الى هذا العمل أو عمل هو على تجنيدهم أو ترشيحهم للمشغل الاسرائيلي ولا سيما إذا كان الأمر يشمل شركة «ألفا» نفسها أو الشركة الاخرى «m.t.c».
3- نوع الاهداف التي كان يطلب منه متابعتها وخصوصاً في مجال التقنيات والاتصالات.
إلا أن معلومات مصادر عدة تقاطعت عند عبارة «القضية أكبر ممّا تبدو في ظاهر الأمور، وإن التحقيقات تتجاوز ملف التعامل التقليدي، وإن الرجل قد يكون على مسافة من أحداث كبيرة شهدتها البلاد في العقد الاخير».
وكان واضحاً أن الجهات المعنية بالتحقيق، قد حرصت على مستوى جدي من التكتم الذي لم يظهر في حالات سابقة، بما في ذلك الجهات الرسمية المعنية التي لم يتم اطلاعها على تفاصيل إضافية عن التحقيقات. وأشارت المعلومات الى أنه ينتظر خلال وقت قريب جداً أن تظهر المعطيات الحاسمة في بعض الامور ومن بينها ملف الاغتيالات السياسية التي جرت بعد عام 2005.
إسرائيل تحقق مطالب أميركا
من جهة ثانية، كشفت مصادر التحقيق أن الموقوف شربل أشار الى أنه وفّر معطيات لمشغليه، تبيّن أنها هي نفسها التي كانت الولايات المتحدة الاميركية قد طلبتها من شركات الهاتف الخلوي من خلال وزارة الاتصالات، وهي التي سبّبت يومها فضيحة جاءت لاحقة لفضيحة مشغلي الانترنت والمحطات المشبوهة التي كانت تنتهي في آخرها الى مراكز إرسال واستقبال موجودة في أحد جبال فلسطين المحتلة، والتي كانت شركة مملوكة من إسرائيليين تدير الاعمال التجارية من قبرص وتعرض بيع خدماتها بسعر أقل من نصف سعر الخدمة في لبنان.
وكانت اللجنة الفنية التي كلفها وزير الاتصالات شربل نحاس درس الطلب الأميركي قد أشارت في تقريرها الى أن المعلومات المطلوبة تمنح «فرصة إضافية لإساءة الاستخدام أو أية أعمال عدائية على الشبكة أو مستخدمي الهواتف الخلوية. وتعطي البيانات المطلوبة لمستخدميها نظرة معمّقة ودقيقة، ولو غير شاملة، عن شكل تركيب الشبكة الخلوية من توزيع محطات التغطية ومناطق التغطية المتوقعة (...) كذلك تؤمّن إحداثيات كل برج إرسال خلوي وماهيته ليصار إلى تمثيلها في نظام المعلومات الجغرافية، ما يسمح بتحديد أولي لموقع المستخدم واستهداف أبراج محددة للشبكة وعزل وعرقلة الاتصالات للأفراد والمناطق المستهدفة من البر والبحر والجو». وفي حال وجود ما وصفه التقرير بـ«أجهزة ومعطيات وأنظمة أخرى»، يمكن «استخدام البيانات المطلوبة من الأشخاص الذين يحصلون عليها في إجراء عمليات التتبّع والملاحقة والعزل وتحديد مكان الوجود».
ومع أن لبنان رفض الاستجابة للطلب الاميركي، إلا أن إسرائيل كانت تتكل «على نفسها» في الحصول على هذه المعلومات من مجموعة عملاء لها يعملون على طريقة عمل الموقوف شربل.
وفي هذا السياق يفترض أن يعقد رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسن فضل الله مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم، يتناول فيه قضية كشف التجسّس الاسرائيلي على شبكة الهاتف الخلوي.
مناشير صيدا: توقيف مشتبه فيه
من ناحية أخرى، أوقفت مديرية استخبارات الجيش أمس مشتبهاً فيه في قضية رمي المناشير التحريضية في منطقة شرقي صيدا قبل أسبوع. وبحسب مصادر أمنية، فإن الموقوف يدعى محمود ب. (مواليد عام 1955)، وهو من مدينة صيدا. وقد اشتبه فيه بعد ورود معلومات عن تصويره عشرات الأوراق في إحدى مكتبات المدينة قبل مدة. وعثر في حوزته على حافظة معلومات إلكترونية (USB) تحوي نسخة عن البيان الذي وزّع. وأشارت المصادر إلى أن الموقوف كان قد ترشح للانتخابات الاختيارية الأخيرة في المدينة، وبالتحديد في حيّ مار نقولا، إلا أنه لم يفز. وقالت مصادر سياسية في صيدا إن محمود كان على صلة خلال ثمانينيات القرن الماضي بأحد عملاء إسرائيل (قتل عام 1985). وفيما تحدثت مصادر صيداوية عن أن الموقوف كان خلال السنوات الأربع الماضية يعلن غياب أي عداوة بينه وبين أيّ طرف سياسي في المدينة، أشار مسؤول أمني إلى أن محمود كان مقرباً من النائبة بهية الحريري. وتردّد أنه كان قد حاول ابتزاز الحريري مالياً عبر القول إنه يعرف أشخاصاً في الولايات المتحدة الأميركية يملكون معلومات عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وإنهم يريدون مبالغ من المال لقاء البوح بها. وقد بوشرت التحقيقات معه من أجل تحديد ما إذا كان له شركاء أو محرّضون.
(الأخبار)

عدد الثلاثاء ٢٩ حزيران ٢٠١٠
جريدة اىخبار
جنبلاط يضم صوته إلى نصر الله: فلتعلّق المشانق للعملاء
جاسوس «ألفا» يوفر لإسرائيل التلاعب ببيانات الشبكة

تردّدت أصداء الانجاز الأمني المتمثل في اصطياد عميل «الموساد» الموظف في شركة «الفا» (شربل ق.)، لليوم الثاني على التوالي، بالتوازي مع استنفار أمني لمواجهة
هذا الانكشاف الأمني الخطير، فيما لم يصدر أي موقف لا عن الحكومة ولا عن المجلس النيابي ازاء عنوان أمني بهذا الحجم، وهو الأمر الذي حدا برئيس «اللقاء الديموقراطي»
النائب وليد جنبلاط أن يضمّ صوته الى صوت الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله بالدعوة الى تعليق المشانق للعملاء الموقوفين، الذين بلغ عددهم نحو 120
عميلاً، بينهم 56 عميلاً قيد المحاكمة والبعض قيد التحقيق، فيما صدرت أحكام قضائية بحق آخرين ابرزهم العميل محمود رافع الذي صدر حكم بإعدامه لمشاركته في جريمة
اغتيال الأخوين مجذوب في صيدا.
وغداة توقيف شربل، تحولت وزارة الدفاع وتحديداً مديرية المخابرات الى خلية نحل، وقد صدر بيان رسمي بتوقيف شربل فيما نوّه قائد الجيش العماد جان قهوجي بالانجاز
الذي حققته مديرية المخابرات داعياً العسكريين الى اليقظة والحذر من أجل منع العدو من تحقيق اختراقات في الجسم اللبناني وبالتالي تهديد الأمن الوطني.
وسجل انعقاد سلسلة اجتماعات بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وكبار المسؤولين في وزارة الاتصالات، ترافقت مع استدعاء وزير الاتصالات شربل نحاس ممثلين
عن شركتي الهاتف الخلوي، وطلبه اليهم توفير كل التسهيلات اللازمة التقنية والفنية وكل ما من شأنه مساعدة التحقيق القضائي والعسكري في هذه القضية التي تمس الأمن
الوطني وأمن كل مواطن لبناني.
وحسب التحقيقات الأولية، اعترف شربل ق. بقيامه بزرع برمجيات وشرائح الكترونية خاصة، زوّده بها الاسرائيلي، في محطات الارسال العائدة للشركة المشغّلة («الفا»)،
بحيث تصبح إمكانية التلاعب في بيانات الاتصال لأي من الخطوط، أكثر سهولة بالنسبة إلى خبراء الاتصالات التابعين للمخابرات الإسرائيلية.. إذ يمكن والحال هذه،
لخبراء العدو القيام بتعديل أي من هذه البيانات لحظة قراءتها أو ورودها من المحطات، وفقاً للشروط التي يضعها المبرمج.
وحسب الخبراء، يمكن بفضل حصول خبراء العدو على «مفاتيح الدخول» الخاصة بالبيانات السرية للخطوط الهاتفية المستخدمة، تنفيذ عمليات اتصالات وهمية، من أي خط موجود
على الشبكة، وإظهار وجود اتصالات قام بها الرقم الأصلي، دون أن يكون حامل هذا الرقم قام بذلك فعلاً.
وقد بيّنت معطيات التحقيقات الأولية أنّ شربل سبق له أن شغل مناصب مهمة منذ تأسيس شركة «الفا» («سيليس» سابقاً) في العام 1994، وكان يتولى لحظة توقيفه مسؤولية
في احد الأقسام الفنية الأساسية التابعة للشركة (قسم البث الراديوي والإرسال ـ Radio and Transmission)، ويدير فريقاً من المهندسين المتخصصين.
وحسب الخبراء في عالم الاتصالات، يُعدّ مجال عمل شربل، من المجالات الهامة جداً للمخابرات الإسرائيلية على صعيد اختراق منظومة الهاتف الخلوي واتاحة المجال أمامها
للتلاعب، بالمعطيات الفنية في الشركة وخصوصاً القسم الذي يعمل فيه.
ويشير الخبراء الى أن شربل يستطيع من خلال موقعه توفير الآتي:
أولاً، كشف الشبكة الخلوية العائدة للشركة بالكامل امام الاسرائيلي، معلوماتياً وفيزيائياً، من خلال المعطيات التي قدّمها حول كل تفصيل فنّي ذي صلة بالشبكة،
وقيامه بتثبيت أجهزة ومعدات فنية على الشبكة، تتيح لمخابرات العدو الحصول على بيانات حركة الاتصالات، وتوفير القدرة لها لتنفيذ عمليات تنصت واسعة ومركّزة على
كل الخطوط الهاتفية التابعة للشركة، والحصول على ناتج كل حركة الاتصالات العائدة لهذه الأرقام (الناتج الصوتي)، وخزنها لدى الاسرائيلي.
ثانياً، تمكين العدو من تتبع ورصد الاشخاص والاهداف التي يعمل عليها، بالاعتماد على حركة الهاتف الخلوي.
ثالثاً، يوفر امكانية للعدو ليس للتنصت على مستخدمي الهاتف الخلوي وتتبع تحركاتهم وحسب، بل أنّه باستفادته من البيانات والسجلات الفنية للهاتف الخلوي، التي
كان يتزوّد بها، عبر عميله في شركة الاتصالات، وقيام هذا العميل بتحديث وتوفير هذه البيانات لمشغليه الاسرائيليين بشكل دوري، على مدى سنوات عمالته، من شأن ذلك
كله، تمكين العدو من السيطرة على حركة الاتصالات في الشركة والتلاعب بها، بما يخدم أهدافه ومخططاته.
رابعاً، يتضح أيضاً، أنّ أهم ما وفّره «عميل الاتصالات»، لمشغليه الإسرائيليين، هو «الكودات» والأرقام السرية الخاصة بتشغيل ومراقبة، وصيانة محطات وخلايا الاتصال
المنتشرة في جميع المناطق اللبنانية، فضلاً عن نطاق إشراف وتغطية هذه المحطات، وكل ما يطرأ عليها من تحديث أو تعديل. بالإضافة إلى الأرقام و«الكودات»، الخاصة
بكل هاتف خلوي، على شبكة «الفا».
ومن المتوقع أن تتركز التحقيقات اعتباراً من اليوم مع شربل حول ما اذا كان وحده يشكل شبكة أم أنه ينتمي الى شبكة مترابطة تضم آخرين، أم ينتمي الى شبكة عنقودية
غير مترابطة.
من جهته، رفض وزير الاتصالات شربل نحاس الدخول في تفاصيل الاتصالات التي تمت مع قيادة الجيش، الا انه اكد ان هذا الموضوع الخطير قيد المتابعة مع الجهات المعنية.
كما شدّد على التعاون معها بما يخدم الوصول الى الحقائق. وقال لـ«السفير» إن هذا الموضوع حساس، «ولنترك التحقيق يأخذ مجراه».
جنبلاط لـ«السفير»:
أخشى اغتيالات جديدة
الى ذلك، برز موقف لافت للانتباه للنائب وليد جنبلاط، دعا فيه الى التصدي لظاهرة العملاء المزروعين في البلد. وقال لـ«السفير» إن شبكات العملاء مزروعة اينما
كان، والبلد مكشوف أمنياً، والخوف من ان تحصل عمليات اغتيالات جديدة تؤدي بالبلد الى الكارثة.
واكد جنبلاط ان تلك الشبكات تستدعي استنفاراً داخلياً شاملاً وعلى كل المستويات «وقد آن الاوان للضرب بيد من حديد وصولاً الى اعدام العملاء، فخلال الحرب العالمية
الثانية عانت بعض الدول الاوروبية ومنها فرنسا من العملاء، وبعد الحرب تم إعدام اكثر من عشرة آلاف عميل او متعامل، بينما بعد تحرير الجنوب اللبناني في العام
2000 لم تحصل أي ضربة كف بحق العملاء، بل العكس تم إخضاعهم لمحاكمات وأحكام مهذبة».
وقال جنبلاط «الآن وبعد التجربة التي عشناها، والعملاء الذين ينبتون، اعتقد ان الإعدام هو افضل رادع».
وقال جنبلاط لـ«السفير» ان الخروق الاسرائيلية المتمادية للسيادة اللبنانية «لم تتوقف كما الشبكات التجسسية والدخول الاسرائيلي الى عمق النسيج اللبناني، وكل
ذلك يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة. وفي موازاة تلك المخاطر، تبقى المقاومة هي الاحتياط الاستراتيجي للدفاع عن لبنان، ولذلك يجب أن تتوقف نظريات الاستعجال والإلحــاح
في موضوع السلاح، فهذا أمر خطــير يخدم شعار التحييد المرفــوض. وقال إن المقاومة هي سلاح احتــياطي، ويجب أن يستفيد منها العرب والمسلمون لأننا ما زلنا في
بداية الطريق».
دريدة السفير

Monday, June 28, 2010

Report Calls Attention to the Continued Persecution of Iraq's Minorities
Although the overall security situation in Iraq has gradually improved, the conditions for minority communities of the country's diverse population remain extremely distressing. Investigations throughout 2009 by Minority Rights Group International's (MRG's) partner in Iraq, Iraqi Minorities Organization (IMO), coupled with secondary research sourced from 2009 and the first half of 2010, lay bare the frequent bombings, torture, arbitrary arrest, intimidation, displacement and marginalization facing Iraq's cultural and religious minorities.
Read full report
The research focuses on the Kurdistan Region; Kirkuk and Nineveh provinces in the north; and Baghdad, given the concentration of minorities in these areas, collecting accounts primarily from Christians, Faili Kurds, Shabaks, Turkmen and Yazidis. The report details evidence of violence against these communities, including targeted killings, gender-based violence and attacks on religious sites; arbitrary arrests and intimidation; political disenfranchisement; internal displacement and resulting loss of property; and discrimination in accessing public services. It finds that violence and marginalization has occurred for reasons ranging from territorial disputes between Arabs and Kurds, to religious bias, political representation and long-standing patterns of discrimination.
Although little disaggregated data is available for 2009 on minority women, research suggests that minority women and children represent the most vulnerable section of Iraqi society. The ongoing threat of violence has seriously restricted minority women's freedom of movement and can inhibit their right to express their religious and ethnic identity through the way they dress. These limitations in turn restrict their access to health services, education and employment.
While levels of displacement in Iraq have stabilized, the report identifies how an estimated 2.8 million people remain displaced. A significant number of those people displaced internally in Iraq since 2006 -- almost 250,000 -- represents minority populations. Figures for November 2009 show that, for example, of the several thousand Christian families originally from Baghdad, just 60 currently reside there, the remainder of them having fled mostly due to attacks and intimidation. Meanwhile, internal displacement following violence in the run-up to the March 2010 elections has left internally displaced persons (IDPs) in critical need of humanitarian support.
The report highlights how property restitution following displacement needs to be addressed urgently. Though certain procedures and bodies are in place to deal with the issue, they have so far largely failed to deal with land and property disputes, including complaints of property destruction. For minorities, the difficulties can be compounded. A majority of IDPs surveyed in 2009 reported not seeking assistance from relevant institutions, as they lacked required documents, mistrusted state institutions, could not afford the required fees, or feared retribution.
MRG remains extremely concerned about the ongoing climate of impunity that exists in relation to attacks on minorities. Indeed, despite the extent of the atrocities committed against minorities in recent years, the victims see little evidence of investigations to identify and prosecute the perpetrators of these attacks. Even in cases where investigations have been conducted, they have generally been limited to those related to Christians and the conclusions, if any, have not been made public.
In looking to solutions, the report highlights the urgent need for legislation implementing minority rights, particularly those enshrined in Article 125 of the Iraqi Constitution, after a process of consultation allowing for effective and meaningful consultation with minority communities.
Other key recommendations of the report include:
• The Iraqi government should draw up an implementation plan to accompany the current National Policy on Displacement which should comprise:
1. greater resource allocation to female-headed IDP households;
2. a focus beyond return which includes resettlement and reintegration policies.
• The Iraqi government and the Kurdistan Regional Government (KRG) should initiate independent investigations of all violence against minorities, including killings, random arrests and torture, and attacks on religious property, congregations and clergy. Results of the investigations should be made public, and those against whom credible evidence exists should be prosecuted in full compliance with fair trial standards.
• The Iraqi government and the KRG should consult with minority representatives and should put in place protective measures for minority communities, STILL TARGETED: CONTINUED PERSECUTION OF IRAQ'S MINORITIES 3 particularly in Nineveh and Kirkuk. These measures should include the hiring of minority police officers.
• The Iraqi government and the KRG should allocate resources to protect minority women and other victims of gender-based violence through the establishment of more women's shelters, and through increased support to women's NGOs and services.
• The KRG should make revisions to Article 5 of the Kurdish Constitution to give legal recognition to Shabaks and Yazidis as distinct ethnic groups. Accordingly, Articles 35 and 36, which outline minority rights, should be extended to include Shabaks and Yazidis, and Article 14 should be extended to include the Shabak and Yazidi languages.
• The KRG should enact legislation implementing Articles 35 and 36 of the Kurdish Constitution to ensure minorities' cultural and administrative rights. The Kurdistan National Assembly should establish a committee on minority affairs that includes representatives of all minorities and that should be consulted during the drafting of such legislation.
• In accordance with Article 19 of the Kurdish Constitution, the KRG should take immediate action against state officials and others who persecute members of minorities for choosing not to identify themselves as Kurds or affiliate themselves with Kurdish political parties.

Minority Rights Group International
- لميا شديد : الرهبانية المارونية تزف إلى لبنان الطوباوي اسطفان نعمة بمشاركة رسمية وشعبية

ممثل البابا بنديكتوس تحدث عن ديناميكية «الجبل الأبيض» موئل المسيحيين

الرهبانية المارونية تزف إلى لبنان الطوباوي اسطفان نعمة بمشاركة رسمية وشعبية

table with 2 columns and 5 rows

منصة الاحتفال الدينية وفيها ممثل البابا والبطريرك صفير ولفيف من رجال الدين (أ.ف.ب)
الرئيسان سليمان والحريري في مقدمة الحضور
حشود المؤمنين في كفيفان
مزيد من الصور
table end

لميا شديد
كفيفان :
زفت الرهبانية اللبنانية المارونية يوم أمس قديساً آخر بعد القديسين الحرديني وشربل ورفقا. ومع الرهبانية المارونية احتفل لبنان أمس بعرس قداسة جديد تمثل بإعلان
الراهب اللبناني الأخ اسطفان نعمة، ابن بلدة لحفد الجبيلية، طوباوياً على مذابح الكنيسة في لبنان والعالم بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته
ورئيس الحكومة سعد الحريري وأركان الدولة.
وترأس الاحتفال الكبير رئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان وسط حضور رسمي وشعبي حاشد، وقدر المنظمون للاحتفال عدد المؤمنين المشاركين بالآلاف. وغصت الطرقات
المؤدية إلى دير مار قبريانوس ويوستينا في بلدة كفيفان في منطقة البترون، حيث سجي جثمان الطوباوي الجديد بالسيارات والمشاة والحافلات الآتية من المناطق اللبنانية
كافة، وسط تدابير أمنية مشددة.
واستعداداً لعرس القداسة، لم تنم كفيفان ليل السبت - الأحد، ومعها أبرشية البترون وقرى وبلدات المنطقة ومعها وفود من مختلف المناطق اللبنانية. جاء المؤمنون
يتباركون من الضريح، قاصدين كفيفان من كل مكان. ولم يقتصر الحضور على مؤمني لبنان بل حضر بعضهم من البلدان البعيدة والقريبة، من اميركا والمكسيك واوروبا وكندا
واوستراليا وسوريا والدول العربية. وفي كفيفان كان بحر من البشر، زحف بشري انتقل إلى ديرها الذي عاش فيه الأخ اسطفان، وتعب وعمل في أرضه.
وشاركت البترون كفيفان، أضيئت الشموع على سطوح المنازل والشرفات عشية التطويب لتحوّل ليلها إلى نهار، وازدانت الطرقات التي تصل الاوتوستراد الساحلي بدير كفيفان
بأقواس النصر. كما رفعت اللافتات وصور الأخ اسطفان والقديس مارون والبطريرك صفير ولافتات التهنئة بالطوباوي الجديد والترحيب بالبطريرك صفير وبالرئيسين ميشال
سليمان وسعد الحريري في «ارض القداسة».
وعند التاسعة من صباح أمس، قرعت أجراس الكنائس والأديرة فرحاً، ووضعت صورة الطوباوي الجديد على مذابح الكنائس.
وكانت ساحات الدير امتلأت بالمشاركين منذ الساعات الأولى من يوم أمس، افترش المؤمنون الأرض، وأمضوا ليلتهم في العراء بانتظار الساعة العاشرة، موعد إعلان التطويب.
وتولت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي تنظيم الوصول إلى مكان الاحتفال وكانت ترشد المواطنين إلى الأماكن المخصصة لهم. كما سجل تفتيش دقيق لكل المدعوين
الذين خصصت لهم أماكن بحسب البطاقات التي بحوزتهم. وتم توزيع قبعات بيضاء تزدان بصورة الأخ اسطفان وعبوات مياه لكل الواصلين، بالإضافة إلى كتب خدمة القداس الإلهي
ورتبة الإعلان عن التطويب. ولتمكين المؤمنين من رؤية ومتابعة مراسم الاحتفال جرى تجهيز ساحات الدير بشاشات عملاقة، كما فرشت سجادة حمراء على طول الدرج المؤدي
إلى المنصة حيث ارتفع مذبح كبير توسطه صليب، ورفعت وراءه أيقونة كبيرة للطوباوي الجديد، وخصصت مقاعد الرسميين إلى يمين المذبح والصحافيين ورجال الدين إلى يساره.

بداية الاحتفال
بدأ الاحتفال الرسمي والشعبي برتبة التطويب التي ترأسها ممثل قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر رئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان انجلو أماتو، ومن ثم القداس
الإلهي التي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير. وخدمت القداس جوقة جامعة الروح القدس - الكسليك بمشاركة جوقة قاديشا بقيادة الأب يوسف
طنوس. وتولّت الفرقتان الترنيم وخدمة الرتبة والقداس.
وعند التاسعة والنصف، بدأ وصول الرسميين، مع وصول رئيس الحكومة سعد الحريري ثم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته وفاء ونجله شربل عند العاشرة إلا
ربعاً حيث أقيم استقبال في صالون الدير. بعد ذلك، توجّه الجميع إلى مكان الاحتفال الذي بدأ عند العاشرة وعشر دقائق على وقع ترنيمة «مجد لبنان أعطي له».
ترأس الذبيحة الإلهية البطريرك صفير وعاونه ممثل البابا المطران أماتو، راعي أبرشية البترون المارونية المطران بولس اميل سعادة، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية
المارونية الاباتي الياس خليفة، المدبر العام في الرهبانية اللبنانية المارونية الأب ميلاد طربيه، أمين السر العام في الرهبانية الأب كلود ندره، وكيل دعاوى
القديسين الأب بولس قزي، رئيس دير كفيفان الأب ميشال اليان، الخوري جوزيف بواري، مرشد دير مار يوسف جربتا الأب نجم الهاشم.
كما شارك في الذبيحة الإلهية بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، الرئيس السابق للمجمع الشرقي
البطريرك السابق للسريان الكاثوليك موسى داود، السفير البابوي غبريال كاتشيا، القائم باعمال السفارة البابوية توماس حبيب، وجمع من مطارنة الطائفة المارونية
والروم الكاثوليك والارمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك، واللاتين والكلدان، الرؤساء العامون والرئيسات العامات للرهبانيات في لبنان من مختلف الكنائس الكاثوليكية،
رؤساء أديار ولفيف من الكهنة والآباء والرهبان والراهبات.
وفاجأت ابنة شقيق الطوباوي الجديد الأخت مارينا نعمة التي تجاوز عمرها المئة عام المشاركين بحضورها وهي التي حصلت معها أعجوبة الشفاء التي اعتمدت في دعوة إعلان
تطويب الأخ اسطفان نعمة.
البطريرك صفير
بداية، أقيمت رتبة إعلان التطويب التي استهلت بالتماس إعلان التطويب حيث توجّه البطريرك صفير نحو ممثل البابا والتمس منه إعلان المكرم الأخ اسطفان نعمة طوباوياً.

وقال البطريرك صفير «إن الكنيسة المارونية والرهبانية اللبنانية المارونية قد التمسوا باتضاع من قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، أن يرتضي ويدوّن في عداد
الطوباويين خادم الله المكرم الاخ اسطفان نعمة اللحفدي، الراهب اللبناني الماروني».
ثم قرأ طالب دعاوى القديسين الاب بولس قزي سيرة الطوباوي الجديد ثم قرأ المطــران اماتو البراءة الرسولية باللاتينية التي من خــلالها أمر قداسة البابا بتدوين
اسم الاخ اسطــفان فــي عداد الطوباويين.
ثم تمّت إزاحة الستار عن أيقونة الطوباوي الجديد ونقلت ذخائره في زياح احتفالي وضعت إلى يمين المذبح وسط ترنيم الجوقة نشيد إعلان التطويب، ثم شكر البطريرك صفير
باسمه وباسم الكنيسة المارونية والرهبانية اللبنانية المارونية قداسة البابا على نعمة التطويب.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك صفير عظة توجه في مستهلها إلى المطران اماتو باللغة الفرنسية، مرحباً ومعبراً عن «الفرحة الكبيرة للبنان، خصوصا للطائفة
المارونية، على الرغم من الحجم الصغير لمساحة هذا البلد والعدد الصغير لسكانه».
وبعد أن رحب البطريرك صفير بالرئيسين سليمان والحريري، تحدث عن الأخ اسطفان الذي «كان عاملا بسيطا وكان عمله صلاة.. لم يتذمر يوماً، أو شكا تعباً، أو رفض خدمة
طلبت منه، ولا سعى إلى مجد عالمي، أو ربح مادي، لقد كان مثالاً في التجرّد، ونكران الذات.. وكان يردد دائماً، خاصة قبل أي عمل يقوم به، أن الله يراني.. وكان
يقوم بكل ما يقوم به من أعمال، برفق ولين خاصة مع الضعفاء، علماً منه أن القوة غالباً ما تؤدي إلى الانفعال ورد الفعل، وهذا يؤدي إلى الغضب والانتقام والانقسام
والبلبلة».
وخلال تقديم القرابين قدّم أهالي بلدة لحفد مسقط رأس الطوباوي كتاب صلاة بالسريانية يمثل الكتاب الذي كان يصلي فيه الأخ اسطفان صلاة الأخوة العملي، كما قدموا
جرار خمر وزيت ومياه من «نبع الغرير» في لحفد لتبريك المؤمنين وصورة للطوباوي الجديد والبسة بيعية للبطريرك صفير وممثل البابا.
وبعد المناولة، ألقى ممثل البابا المطران اماتو كلمة اكد فيها «يجب أن نكون ممتنين للبابا بنديكتوس السادس عشر على هديته للشعب اللبناني من خلال إعلان تطويب
الأخ اسطفان، وهذه صفحة جديدة مجيدة من القداسة تضاف إلى الصفحات التي أضاءها القديس شربل والقديسة رفقا والقديس نعمة الله الحرديني والأب يعقوب»، مؤكداً «أن
لبنان «الجبل الأبيض» الذي تمنى النبي موسى رؤيته هو بلد الطوباوي الجديد، الرجل البار الذي ارتفع عالياً في سماء القداسة كالارز المقدس في بلدكم العظيم». وتحدّث
اماتو عن «لبنان ارض قداسة التي زارها يوماً السيد المسيح، حيث وصل إلى صور وصيدا وحرر شابة من الشيطان الذي كان يعذبها بناء على إلحاح والدتها». وتابع: «لبنان
هو موئل المسيحية وله أهمية دينية وتاريخية نظراً لوجود العديد من الجمعيات الديناميكية ولديكم العديد من الكنائس والأديرة والعديد من القديسين وان إكرامكم
الكبير هو لسيدة لبنان التي يتعبد لها الشعب المسيحي، وان تلاوة الوردية طبعت روحكم المسيحية».
وتناول المطران اماتو خصال وصفات الأخ اسطفان بعمله ونقاوة قلبه وصلاته المستمرة بتلاوة المسبحة الوردية...
ثم ألقى الاباتي خليفة عن أهمية المناسبة بالنسبة للبنان وللكنيسة المارونية وللشعب اللبناني، شاكراً كل من ساهم في إقامة الاحتفال.
وفي ختام الاحتفال جال الرئيس سليمان والبطريرك صفير في أرجاء الدير وزارا ضريح الطوباوي .
وبعد الاحتفال توجه الرئيس سليمان إلى دارته في عمشيت، حيث استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري وعرض معه الأوضاع العامة.
حضور الاحتفال
حضر الاحتفال إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، والوزراء بطرس حرب، جبران باسيل، جان اوغاسابيان، طارق
متري، وميشال فرعون، والنواب نعمة الله ابي نصر، جيلبرت زوين، انطوان زهرا، ابراهيم كنعان، رياض رحال، فريد الخازن، وليد خوري، سامر سعادة، اميل رحمة، زياد
اسود، نديم الجميل، عصام صوايا، جوزيف معلوف، احمد فتفت، وسيمون ابي رميا، عقيلتي رئيسي الجمهورية السابقين منى الهراوي ونايلة معوض، السفير الإيطالي غبرييل
كيكيا ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الرابطة المارونية الدكتور جوزف طربيه، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم، النائبان
السابقان إيلي الفرزلي وشامل موزايا، قائد الدرك العميد انطوان شكور، رئيس أركان قوى الأمن الداخلي العميد جوزف حجل، المدير العام لجهاز امن الدولة اللواء جورج
قرعــة، المدير العــام في وزارة التربية الدكتور فادي يرق، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي سليم غزالة.
< جريدة السفير
لبنان أرض القداسة!
بحضور حشد من عشرات آلاف المؤمنين، احتفلت الكنيسة المارونية بتطويب الراهب إسطفان نعمه في دير كفيفان، بقداس ترأسه ممثل البابا بنديكتوس السادس عشر، رئيس مجمع القديسين في الفاتيكان المطران أنجلو أماتو والبطريرك الماروني نصر الله صفير، بحضور رئيسي الجمهورية والحكومة وعدد كبير من السياسيين، تقدمهم رئيس حزب الكتائب أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع. ورأى وزير العمل بطرس حرب أن الاحتفال يدل على أن «لبنان أرض قداسة، وأن العناية الإلهية تحميه على الرغم مما مر عليه من حقب صعبة ومزمنة». بدوره، قال النائب أنطوان زهرا إن «الأخ اسطفان يمهد الطريق للكثيرين ليدخلوا ملكوت السماء». أما وزير الطاقة جبران باسيل، فقال إن «أرض القداسة اليوم في البترون جمعت أركان الدولة»، داعياً إلى تفعيل السياحة الدينية في لبنان عبر وزارة السياحة.

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
- لميا شديد : الرهبانية المارونية تزف إلى لبنان الطوباوي اسطفان نعمة بمشاركة رسمية وشعبية

ممثل البابا بنديكتوس تحدث عن ديناميكية «الجبل الأبيض» موئل المسيحيين

الرهبانية المارونية تزف إلى لبنان الطوباوي اسطفان نعمة بمشاركة رسمية وشعبية

table with 2 columns and 5 rows

منصة الاحتفال الدينية وفيها ممثل البابا والبطريرك صفير ولفيف من رجال الدين (أ.ف.ب)
الرئيسان سليمان والحريري في مقدمة الحضور
حشود المؤمنين في كفيفان
مزيد من الصور
table end

لميا شديد
كفيفان :
زفت الرهبانية اللبنانية المارونية يوم أمس قديساً آخر بعد القديسين الحرديني وشربل ورفقا. ومع الرهبانية المارونية احتفل لبنان أمس بعرس قداسة جديد تمثل بإعلان
الراهب اللبناني الأخ اسطفان نعمة، ابن بلدة لحفد الجبيلية، طوباوياً على مذابح الكنيسة في لبنان والعالم بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته
ورئيس الحكومة سعد الحريري وأركان الدولة.
وترأس الاحتفال الكبير رئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان وسط حضور رسمي وشعبي حاشد، وقدر المنظمون للاحتفال عدد المؤمنين المشاركين بالآلاف. وغصت الطرقات
المؤدية إلى دير مار قبريانوس ويوستينا في بلدة كفيفان في منطقة البترون، حيث سجي جثمان الطوباوي الجديد بالسيارات والمشاة والحافلات الآتية من المناطق اللبنانية
كافة، وسط تدابير أمنية مشددة.
واستعداداً لعرس القداسة، لم تنم كفيفان ليل السبت - الأحد، ومعها أبرشية البترون وقرى وبلدات المنطقة ومعها وفود من مختلف المناطق اللبنانية. جاء المؤمنون
يتباركون من الضريح، قاصدين كفيفان من كل مكان. ولم يقتصر الحضور على مؤمني لبنان بل حضر بعضهم من البلدان البعيدة والقريبة، من اميركا والمكسيك واوروبا وكندا
واوستراليا وسوريا والدول العربية. وفي كفيفان كان بحر من البشر، زحف بشري انتقل إلى ديرها الذي عاش فيه الأخ اسطفان، وتعب وعمل في أرضه.
وشاركت البترون كفيفان، أضيئت الشموع على سطوح المنازل والشرفات عشية التطويب لتحوّل ليلها إلى نهار، وازدانت الطرقات التي تصل الاوتوستراد الساحلي بدير كفيفان
بأقواس النصر. كما رفعت اللافتات وصور الأخ اسطفان والقديس مارون والبطريرك صفير ولافتات التهنئة بالطوباوي الجديد والترحيب بالبطريرك صفير وبالرئيسين ميشال
سليمان وسعد الحريري في «ارض القداسة».
وعند التاسعة من صباح أمس، قرعت أجراس الكنائس والأديرة فرحاً، ووضعت صورة الطوباوي الجديد على مذابح الكنائس.
وكانت ساحات الدير امتلأت بالمشاركين منذ الساعات الأولى من يوم أمس، افترش المؤمنون الأرض، وأمضوا ليلتهم في العراء بانتظار الساعة العاشرة، موعد إعلان التطويب.
وتولت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي تنظيم الوصول إلى مكان الاحتفال وكانت ترشد المواطنين إلى الأماكن المخصصة لهم. كما سجل تفتيش دقيق لكل المدعوين
الذين خصصت لهم أماكن بحسب البطاقات التي بحوزتهم. وتم توزيع قبعات بيضاء تزدان بصورة الأخ اسطفان وعبوات مياه لكل الواصلين، بالإضافة إلى كتب خدمة القداس الإلهي
ورتبة الإعلان عن التطويب. ولتمكين المؤمنين من رؤية ومتابعة مراسم الاحتفال جرى تجهيز ساحات الدير بشاشات عملاقة، كما فرشت سجادة حمراء على طول الدرج المؤدي
إلى المنصة حيث ارتفع مذبح كبير توسطه صليب، ورفعت وراءه أيقونة كبيرة للطوباوي الجديد، وخصصت مقاعد الرسميين إلى يمين المذبح والصحافيين ورجال الدين إلى يساره.

بداية الاحتفال
بدأ الاحتفال الرسمي والشعبي برتبة التطويب التي ترأسها ممثل قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر رئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان انجلو أماتو، ومن ثم القداس
الإلهي التي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير. وخدمت القداس جوقة جامعة الروح القدس - الكسليك بمشاركة جوقة قاديشا بقيادة الأب يوسف
طنوس. وتولّت الفرقتان الترنيم وخدمة الرتبة والقداس.
وعند التاسعة والنصف، بدأ وصول الرسميين، مع وصول رئيس الحكومة سعد الحريري ثم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته وفاء ونجله شربل عند العاشرة إلا
ربعاً حيث أقيم استقبال في صالون الدير. بعد ذلك، توجّه الجميع إلى مكان الاحتفال الذي بدأ عند العاشرة وعشر دقائق على وقع ترنيمة «مجد لبنان أعطي له».
ترأس الذبيحة الإلهية البطريرك صفير وعاونه ممثل البابا المطران أماتو، راعي أبرشية البترون المارونية المطران بولس اميل سعادة، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية
المارونية الاباتي الياس خليفة، المدبر العام في الرهبانية اللبنانية المارونية الأب ميلاد طربيه، أمين السر العام في الرهبانية الأب كلود ندره، وكيل دعاوى
القديسين الأب بولس قزي، رئيس دير كفيفان الأب ميشال اليان، الخوري جوزيف بواري، مرشد دير مار يوسف جربتا الأب نجم الهاشم.
كما شارك في الذبيحة الإلهية بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، الرئيس السابق للمجمع الشرقي
البطريرك السابق للسريان الكاثوليك موسى داود، السفير البابوي غبريال كاتشيا، القائم باعمال السفارة البابوية توماس حبيب، وجمع من مطارنة الطائفة المارونية
والروم الكاثوليك والارمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك، واللاتين والكلدان، الرؤساء العامون والرئيسات العامات للرهبانيات في لبنان من مختلف الكنائس الكاثوليكية،
رؤساء أديار ولفيف من الكهنة والآباء والرهبان والراهبات.
وفاجأت ابنة شقيق الطوباوي الجديد الأخت مارينا نعمة التي تجاوز عمرها المئة عام المشاركين بحضورها وهي التي حصلت معها أعجوبة الشفاء التي اعتمدت في دعوة إعلان
تطويب الأخ اسطفان نعمة.
البطريرك صفير
بداية، أقيمت رتبة إعلان التطويب التي استهلت بالتماس إعلان التطويب حيث توجّه البطريرك صفير نحو ممثل البابا والتمس منه إعلان المكرم الأخ اسطفان نعمة طوباوياً.

وقال البطريرك صفير «إن الكنيسة المارونية والرهبانية اللبنانية المارونية قد التمسوا باتضاع من قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، أن يرتضي ويدوّن في عداد
الطوباويين خادم الله المكرم الاخ اسطفان نعمة اللحفدي، الراهب اللبناني الماروني».
ثم قرأ طالب دعاوى القديسين الاب بولس قزي سيرة الطوباوي الجديد ثم قرأ المطــران اماتو البراءة الرسولية باللاتينية التي من خــلالها أمر قداسة البابا بتدوين
اسم الاخ اسطــفان فــي عداد الطوباويين.
ثم تمّت إزاحة الستار عن أيقونة الطوباوي الجديد ونقلت ذخائره في زياح احتفالي وضعت إلى يمين المذبح وسط ترنيم الجوقة نشيد إعلان التطويب، ثم شكر البطريرك صفير
باسمه وباسم الكنيسة المارونية والرهبانية اللبنانية المارونية قداسة البابا على نعمة التطويب.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك صفير عظة توجه في مستهلها إلى المطران اماتو باللغة الفرنسية، مرحباً ومعبراً عن «الفرحة الكبيرة للبنان، خصوصا للطائفة
المارونية، على الرغم من الحجم الصغير لمساحة هذا البلد والعدد الصغير لسكانه».
وبعد أن رحب البطريرك صفير بالرئيسين سليمان والحريري، تحدث عن الأخ اسطفان الذي «كان عاملا بسيطا وكان عمله صلاة.. لم يتذمر يوماً، أو شكا تعباً، أو رفض خدمة
طلبت منه، ولا سعى إلى مجد عالمي، أو ربح مادي، لقد كان مثالاً في التجرّد، ونكران الذات.. وكان يردد دائماً، خاصة قبل أي عمل يقوم به، أن الله يراني.. وكان
يقوم بكل ما يقوم به من أعمال، برفق ولين خاصة مع الضعفاء، علماً منه أن القوة غالباً ما تؤدي إلى الانفعال ورد الفعل، وهذا يؤدي إلى الغضب والانتقام والانقسام
والبلبلة».
وخلال تقديم القرابين قدّم أهالي بلدة لحفد مسقط رأس الطوباوي كتاب صلاة بالسريانية يمثل الكتاب الذي كان يصلي فيه الأخ اسطفان صلاة الأخوة العملي، كما قدموا
جرار خمر وزيت ومياه من «نبع الغرير» في لحفد لتبريك المؤمنين وصورة للطوباوي الجديد والبسة بيعية للبطريرك صفير وممثل البابا.
وبعد المناولة، ألقى ممثل البابا المطران اماتو كلمة اكد فيها «يجب أن نكون ممتنين للبابا بنديكتوس السادس عشر على هديته للشعب اللبناني من خلال إعلان تطويب
الأخ اسطفان، وهذه صفحة جديدة مجيدة من القداسة تضاف إلى الصفحات التي أضاءها القديس شربل والقديسة رفقا والقديس نعمة الله الحرديني والأب يعقوب»، مؤكداً «أن
لبنان «الجبل الأبيض» الذي تمنى النبي موسى رؤيته هو بلد الطوباوي الجديد، الرجل البار الذي ارتفع عالياً في سماء القداسة كالارز المقدس في بلدكم العظيم». وتحدّث
اماتو عن «لبنان ارض قداسة التي زارها يوماً السيد المسيح، حيث وصل إلى صور وصيدا وحرر شابة من الشيطان الذي كان يعذبها بناء على إلحاح والدتها». وتابع: «لبنان
هو موئل المسيحية وله أهمية دينية وتاريخية نظراً لوجود العديد من الجمعيات الديناميكية ولديكم العديد من الكنائس والأديرة والعديد من القديسين وان إكرامكم
الكبير هو لسيدة لبنان التي يتعبد لها الشعب المسيحي، وان تلاوة الوردية طبعت روحكم المسيحية».
وتناول المطران اماتو خصال وصفات الأخ اسطفان بعمله ونقاوة قلبه وصلاته المستمرة بتلاوة المسبحة الوردية...
ثم ألقى الاباتي خليفة عن أهمية المناسبة بالنسبة للبنان وللكنيسة المارونية وللشعب اللبناني، شاكراً كل من ساهم في إقامة الاحتفال.
وفي ختام الاحتفال جال الرئيس سليمان والبطريرك صفير في أرجاء الدير وزارا ضريح الطوباوي .
وبعد الاحتفال توجه الرئيس سليمان إلى دارته في عمشيت، حيث استقبل رئيس الحكومة سعد الحريري وعرض معه الأوضاع العامة.
حضور الاحتفال
حضر الاحتفال إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، والوزراء بطرس حرب، جبران باسيل، جان اوغاسابيان، طارق
متري، وميشال فرعون، والنواب نعمة الله ابي نصر، جيلبرت زوين، انطوان زهرا، ابراهيم كنعان، رياض رحال، فريد الخازن، وليد خوري، سامر سعادة، اميل رحمة، زياد
اسود، نديم الجميل، عصام صوايا، جوزيف معلوف، احمد فتفت، وسيمون ابي رميا، عقيلتي رئيسي الجمهورية السابقين منى الهراوي ونايلة معوض، السفير الإيطالي غبرييل
كيكيا ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الرابطة المارونية الدكتور جوزف طربيه، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي غالب غانم، النائبان
السابقان إيلي الفرزلي وشامل موزايا، قائد الدرك العميد انطوان شكور، رئيس أركان قوى الأمن الداخلي العميد جوزف حجل، المدير العام لجهاز امن الدولة اللواء جورج
قرعــة، المدير العــام في وزارة التربية الدكتور فادي يرق، ممثل الرئيس نجيب ميقاتي سليم غزالة.
< جريدة السفير
لبنان ارض القداسة


... مع إعلان اسطفان نعمة طوباوياً في طريقه الى القداسة يتأكد أن لبنان هو وطن القديسين والطوباويين، فمن شربل الى رفقا، مروراً بالحرديني وكبوشي، وصولاً الى الطوباوي اسطفان نعمة. وفي المقابل، ففي لبنان برز علماء مسلمون وضالعون بعلم الفقه، ما يضع هذا الوطن الصغير في سلم الدول التي تحميها العناية الإلهية على الرغم من الويلات التي مرت به.

... مع إعلان اسطفان نعمة طوباوياً في طريقه الى القداسة يتأكد أن لبنان هو وطن القديسين والطوباويين، فمن شربل الى رفقا، مروراً بالحرديني وكبوشي، وصولاً الى الطوباوي اسطفان نعمة.

وفي المقابل، ففي لبنان برز علماء مسلمون وضالعون بعلم الفقه، ما يضع هذا الوطن الصغير في سلم الدول التي تحميها العناية الإلهية على الرغم من الويلات التي مرت به.

... نعم، إن لبنان أرض القداسة، وكما هو منارة للفكر والتجدد والعلم في دنيا العرب، فهو كذلك أرض التعايش والمحبة، وهو وطن صيغة حوار الديانات والثقافات، وهذه فرادة غير موجودة في كل أصقاع الارض.

... لقد مرت بلبنان حروب مدمرة كانت بأكثريتها نتيجة عوامل خارجية، وتم دفع لبنان الى أزمات في عمليات التجاذب الإقليمي والدولي، ولكن هذا الوطن بقي متمسكاً بدوره الحضاري في المنطقة، وليس في التاريخين القديم والحديث بلد في هذا العالم عصفت به الحروب المدمرة والازمات وبقي على صلابته وإصراره على ممارسة دوره الطليعي، وعلى التمسك بالتعايش الاسلامي - المسيحي.

.. ولعل كل العالم يذكر أن مدينة كبرى في أعظم دولة في هذا العالم مثل نيويورك انقطعت فيها الكهرباء لمدة ست ساعات نتيجة عطل فني، فوقعت فيها عشرات الجرائم، وحدثت مئات ويقال آلاف عمليات السلب والنهب، ولم تستطع شرطتها المجهزة بآلاف العناصر، ولديها إمكانات أمنية هي الاكثر تطوراً في العالم، من ضبط الفوضى، حتى عادت الكهرباء وقد هرب لصوصها وقتلتها واختبأوا في جحورهم خوفاً من الانكشاف.

... لبنان عصفت به حرب تواصلت على مدى سنوات طوال، من عام 1975 وحتى التسعينيات من القرن الماضي، أي الى توقيع اتفاق الطائف، وتخلل ذلك حروب اسرائيلية وصلت إحداها عام 1982 الى احتلال العاصمة بيروت، ولكن مع ذلك فقد استطاع اللبنانيون الحفاظ على التعايش والمناصفة، وأزالوا كل آثار الحروب، وانطلقوا مجدداً في بناء بلدهم بعدما نجحوا في إعادة البناء والإعمار.

.. هذا هو لبنان، الذي على الرغم من كل ذلك برز فيه قديسون وطوباويون وعلماء ومفكرون واقتصاديون كبار والخ، وها هم اللبنانيون الذين عانوا من مشكلة الكهرباء، إضافة الى مشاكل اخرى خدماتية ومعيشية، استمروا في التطلع نحو غد أفضل، وعملوا وما زالوا على بناء صروح حضارية في بلدهم، وأيضاً، مغتربون حققوا المعجزات وجمعوا ثروات كبرى وشاركوا في بناء البلاد التي هاجروا إليها.

... إن هذا الوطن بقداسة أبنائه وبتحصين مؤسساته الدينية وبمعادلة التعايش بين الطوائف والمذاهب لا يمكن إلا أن يكون قوياً بعزيمة أبنائه، ما يجعلنا نؤكد وباعتزاز أن بلدنا هو أرض القداسة. جريدة الشرق
تسوية في موضوع النفط ترضي النواب والحكومة نعمة طوباويا جديدا من لبنان


طُوّب امس الراهب اللبناني الاخ اسطفان نعمة في احتفال كبير رأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان الكاردينال انجلو أماتو وسط حضور رسمي وشعبي حاشد. تقدم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري وعدد كبير من الرسميين في احتفال التطويب الذي أقيم في دير مار قبريانوس ويوستينا التابع للرهبانية اللبنانية المارونية.

طُوّب امس الراهب اللبناني الاخ اسطفان نعمة في احتفال كبير رأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان الكاردينال انجلو أماتو وسط حضور رسمي وشعبي حاشد.

تقدم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري وعدد كبير من الرسميين في احتفال التطويب الذي أقيم في دير مار قبريانوس ويوستينا التابع للرهبانية اللبنانية المارونية.

وخلال الاحتفال اعلن الكاردينال اماتو الذي كلفه البابا بنديكتوس السادس عشر تمثيله في احتفال تطويب الاخ اسطفان، والطوباوية هي الدرجة الاخيرة في الكنيسة قبل إعلان القداسة، وقال الكاردينال اماتو إن الاخ اسطفان "قضى حياته الرهبانية في الصلاة التأملية وفي روح الخدمة بلا حدود لصالح الاكثر فقراً الذين كانوا ضحية الجوع"، ثم ازيل الستار عن لوحة ضخمة للراهب الماروني معلقة على الجدار الامامي للدير.

بدوره، قال البطريرك الماروني خلال الاحتفال: "إنها لفرحة كبيرة لا سيما للطائفة المارونية ولكل لبنان الذي على الرغم من صغر مساحته وعدد سكانه القليل، لا يزال يقدم القديسين الى الكنيسة الكاثوليكية". بعد ذلك حُملت ذخائر الاخ اسطفان في مسيرة جالت على المؤمنين الذين بدت عليهم علامات التأثر.

وكانت لجنة اطباء مختصة مكلفة من الفاتيكان قد أقرّت في ايار 2007 ان شفاء الاخت مارينا نعمة، ابنة شقيقة الاخ اسطفان من مرض السرطان "حصل بأعجوبة"، وكانت مارينا اصيبت بالمرض قبل ثلاثين عاماً وطلبت شفاعة خالها من اجل شفائها، وهذه "الاعجوبة" هي التي اعتمدت من جانب الفاتيكان لإعلان الاخ اسطفان طوباوياً، وقد حضرت الاخت مارينا (95 سنة) احتفال التطويب محمولة على سرير طبي.

في غضون ذلك، وفيما هددت اسرائيل باستخدام القوة لحماية ما تعتبره حقها في التنقيب عن النفط، يحضر الملف النفطي مجدداً اليوم في مجلس النواب بحيث سيحضر بنداً أولياً على جلسة اللجان النيابية المشتركة، مع إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على تعيين اكثر من جلسة اذا لم يقر اقتراح التنقيب في الجلسة، يقابله تأكيد نواب كتلة "المستقبل" بأن لا قرار بعدم حضور جلسة اللجان المشتركة، اما رئيس الحكومة سعد الحريري فقد نفى وجود اي إشكال مع رئيس المجلس حول التنقيب.

وقد استكمل وزير الطاقة والمياه جبران باسيل حركة وساطته والتي بدأها بالقصر الجمهوري مروراً بعين التينة بحيث زار اول من امس رئيس الحكومة سعد الحريري وجرى البحث في موضوع النفط والغاز.

مصادر مطلعة اعتبرت ان الرئيس بري "يهدف من تحركه النفطي" الى الضغط على الحكومة بمشروع الموازنة العامة التي ستكون امام اللجان النيابية الاسبوع المقبل التي ستبدأ البحث ببنودها، والضغط في ملف مطالب المعلمين، وصرف النظر عن موضوع السلاح والمواقف منه في ضوء ما اثير اخيراً حول طاولة الحوار.

وفي وقت لاحق، أفادت المعلومات ان تسوية تمت في موضوع التنقيب عن النفط ترضي مجلسي النواب والحكومة وتقضي بطرح الملف اليوم في اللجان المشتركة على أن تدرسه الثلاثاء اللجنة الوزارية المختصة قبل إدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء ثم إرساله الى مجلس النواب.
جريدة الشرق
مع الأسف... لا وجود لمسألة لبنانيّة!
ابراهيم الأمين
لا يبدو أنّ في لبنان مَن يقدر على صياغة موقف واضح من الأزمة الإقليمية القائمة من حولنا. وفضيحة امتناع لبنان عن التصويت ضد العقوبات على إيران في مجلس الامن، لا تشير فقط الى استمرار الانقسام الحاد المرتبط بالوضع الإقليمي، بل أيضاً الى نقص في الفهم السياسي. وربما اتّكل أصحاب الرأي بالامتناع (أي الموافقة الضمنيّة على العقوبات) على أنّه لن تكون هناك مشكلة جدية في لبنان، وأن إيران نفسها لن ترى في هذه الخطوة ما يثير حفيظتها، وأنّ الجميع سيتفهّمون الموقف اللبناني بعدما تعرّض فريق 14 آذار لضغوط للسير بمشروع العقوبات.
لكنّ المسألة لا تقف عند هذا الحدّ. فلبنان كدولة معطَّل عن أيّ دور فعلي في التطورات الجارية من حولنا، التي تصيبنا في كل شيء، بينما توجد في لبنان قوى بارزة ذات صلات إقليمية ودولية كبيرة، تملك دوراً يتجاوز حدود البلاد.
ولأنّ الجميع يقول في السرّ ما لا يقوله في العلن، فإنّ الناس المنحازين إلى هذه الجهة أو تلك، يجهدون في محاولة معرفة وجهة الأيّام المقبلة. وكي لا تبقى الأمور مرمّزة إلى يوم الاستحقاقات الكبرى، وبعيداً من الشعارات الكبرى مثل موقف الدولة الموحّد والعبور إلى الدولة والمصلحة اللبنانية العليا... إلى آخر هذه المعزوفة المملّة، فإنّ واقع الحال هو الآتي:
أوّلاً: إنّ فريق 14 آذار تعرّض لاهتزاز كبير بفعل تراكم الأحداث التي تلت قيامه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وكانت الذروة في ما تلى أحداث أيار 2008. وبات هذا الفريق في وضع صعب أدّى الى تضعضع كبير في مستوياته القيادية والقاعدية.
ثانياً: إن طبيعة التطورات هي التي جعلت وليد جنبلاط يأخذ خطوة الى الوراء. وهو لم يحسم انتقاله تماماً، بانتظار تطورات أخرى على الصعيد الإقليمي، وتحديداً ما يتصل بعلاقة المملكة العربية السعودية بكل من إيران وسوريا.
ثالثاً: إنّ التطوّرات نفسها هي التي دفعت الرئيس سعد الحريري الى الاقتراب من سوريا ضمن سياق أساسه غير محلي ويتعلق مباشرة بالسياق السعودي الذي تقررّ بعد قمة الكويت الاقتصادية، ودعوة الملك عبد الله فيها إلى طيّ صفحة الماضي.
رابعاً: إنّ عدم قدرة الولايات المتحدة الأميركية على فرض وقائع جديدة في لبنان أو في فلسطين أو في العراق أو أفغانستان، جعلت من قوى 14 آذار تعيش مرحلة من الإحباط والاكتئاب. فقد كانت موعودة من الأميركيين بإنجاز الكثير، من قلب النظام في سوريا وإيران إلى محاصرة المقاومة في لبنان وفلسطين، إلى تغيير سلوك أطراف وجهات كثيرة في المنطقة.
وبناءً على ذلك، فإنّ العقل الباطني لجميع مكوّنات 14 آذار لا يزال يعمل على خطّين، الأوّل يتعلق بالتمنيات والرغبات، والثاني بالمصالح. والتضارب بين الأمرين يتطلّب علاجات من نوع خاص. وهو ما يُظهر بعض القوى الملحقة أو الجانبية كأنّها صاحبة دور أساسي في هذه المرحلة، مثلما تحاول «القوات اللبنانية» وبعض أجهزة وكتبة فريق 14 آذار القيام بدور «مالئ الفراغ» الذي سبّبه انسحاب جنبلاط من جهة، وذهاب الحريري الى سوريا من جهة ثانية.
ولذلك، فإنّ الكثير من المواقف التي تخرج عن قيادة «القوات» أو البيانات التي تصدر عن بعض الشخصيات أو عن أمانة سر 14 آذار، إنما تحاول بناء وضعية استعداد للانتقال الى ما هو أكثر فعالية إذا ما جاءت التطورات مناسبة أو مؤاتية. والتطورات مرة جديدة، ليست محلية المنشأ، والانقسام الطائفي في البلاد يفرض وضعية تقاسم نفوذ يصعب معها على أي طرف إعلان قيادته
شاهد زور جديد في قضية اغتيال الحريري ضمن برنامج تزخيم الادّعاء السياسي
لبقية الأطراف، بمعزل عن قوته ونفوذه. وبالتالي، فإن كل محاولات إعطاء بعد داخلي أو هوية وطنية لمواقف هذه الجهات من مسائل حساسة كملف المقاومة والعلاقات مع سوريا والموقف من المقاومة في فلسطين، والعلاقة مع الغرب وبقية العرب، كلها محاولات من دون جدوى، لأنها واضحة للعيان مهما جربوا تغليفها بأغطية خاصة. فكيف الحال وهم الذين استهلكوا نفوذاً إعلامياً استثنائياً أتيح لهم خلال أعوام 2005 و 206 و 2007؟
أما ما يتعلق بهذه التطورات الخارجية، فهذا ما يمكن الالتفات إليه بدون مواربة، ومتابعته كما يجب. وهو الأمر المتعلق بالمناقشات الجارية بين الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى، في شأن الوجهة المفترضة إزاء معالجة ملفات مثل ملف إيران وملف فلسطين وما طرأ من تطورات على ملف تركيا. وهذه المناقشات تشمل في كثير من الأحيان الأطراف الحليفة في المنطقة، من إسرائيل المسكونة بهاجس توسّع التحالف ضدها، الى مصر التي يخشى الحكم فيها على نظامه، الى المجموعات السياسية التي تحوّلت الى أدوات بيد الولايات المتحدة والغرب خلال العقد الأخير. وهي تيارات موجودة في كل الأمكنة وفي لبنان أيضاً.
وحتى لا يذهب المرء بعيداً، فإنّ محور هذه التطورات يدور الآن حول مهمة مركزية تتعلق بما أشار اليه رئيس الحكومة الإسباني السابق خوسيه ماريا أزنار، لناحية ضرورة بذل أقضى الجهود لحماية إسرائيل، لأن انهيارها يعني مشكلة كبيرة للغرب.
وبانتظار اكتمال العدة، ثمة مسارح بديلة يعمل عليها اللاعبون، من بينها مسرح المحكمة الدولية وملف التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، حيث تبرز معلومات أكيدة عن شاهد زور جديد، ومن عيار يعتبرونه رفيعاً جداً...

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
اقتراح قانون المطبوعات للحدّ من حرية الإعلام!
آريس ــ كوباقدّم رئيس لجنة الإدارة والعدل، النائب روبير غانم، اقتراح قانون إلى المجلس النيابي لتعديل قانون المطبوعات الصادر بتاريخ 14/9/1962 وتعديلاته، حيث يضيف الاقتراح موضوع النشر بواسطة الوسائل الإلكترونية، ويوسع نطاق ما يحظر نشره، خافضاً من الغرامة حيناً، متشدداً في فرض عقوبة الحبس أحياناً. فهل يصل إلى نقطة التوازن بين حرية الصحافة والمسؤولية في ممارسة المهنة؟
إكرام شاعر
شهد المجلس النيابي أخيراً عقد جلسة للجنة الإعلام والاتصالات النيابية، درست خلالها 9 مواد من اقتراح تعديل قانون لمطبوعات.
اقتراح القانون ترك هامشاً للصحافيين يتوافق إلى حد ما مع المعايير المعتمدة دولياً، فالأحكام استمرت في نهج القانون الحالي، بحيث لا تخضع المطبوعات لأية مراقبة مسبقة إلا في حالات استثنائية، كأن تتعرض البلاد أو جزء منها لخطر أو عند وقوع أحداث تأخذ طابع الكارثة (المادة 38 وما يليها من المرسوم الاشتراعي 104/77)، وتمنع التوقيف الاحتياطي (المادة 6 من القانون رقم 330/94)، وتعطي صلاحية النظر في جميع القضايا المتعلقة بجرائم المطبوعات إلى محكمة غير عسكرية. لكنها في المقابل، تمارس رقابة «لامرئية» من خلال تكريسها عدم اعتماد نظام التأسيس الحر عبر بيان «العلم والخبر»، ومن خلال فرض الحصول على رخصة من وزارة الإعلام بعد استشارة نقابة الصحافة لإصدار أية مطبوعة صحفية أو تأسيس دار نشر، وكذلك الأمر بالنسبة إلى كل من يريد أن يبيع صحفاً وكتباً وغيرها من المطبوعات (المادة 74 من القانون الحالي). أعطت المادة 27 من الاقتراح مدة أطول لوزير الإعلام لمنح الرخصة إذا تحقق من أن طالب الرخصة استوفى الشروط القانونية، لتصبح شهرين في حد أقصى، بينما هي اليوم «خلال شهر من تاريخ تقديم الطلب».
الشكل الآخر لهذه الرقابة التي تحد، وإن على نحو مستتر من حرية الإعلام المقررة في الدستور والمعاهدات الدولية، هو استمرار التمييز بين المطبوعة الصحفية السياسية وغير السياسية، من دون أن يقدم الاقتراح تعريفاً للمادة السياسية التي من الممكن أن تتداخل مع مواد صحفية أخرى ليس آخرها انتهاكات الأجهزة الإدارية والقضائية لحقوق الإنسان؛ فقد التزم الاقتراح بالمرسوم الاشتراعي 74/53 الذي أغلق الباب دون إصدار أي مطبوعة سياسية جديدة، ونص على أنه لا يعطى الترخيص بعد أن يصبح عدد المطبوعات الدورية السياسية 25مطبوعة يومية سياسية و20 مطبوعة سياسية مؤقتة إلا لمن كان يملك صحيفة واحدة تتوقف نهائياً عن الصدور، فضلاً عن اشتراط ألا يقل رأسمال الشركات الصحفية عن مبلغ 500 مليون ليرة لبنانية، بالإضافة إلى أنه يجب على مالك المطبوعة أن يقدم كفالة نقدية أو مصرفية تضمن ما قد يترتب عليه من تعويضات مختلفة ومنح وزارة الإعلام تقدير هذه الكفالة (المادة 33 من القانون الحالي).
لم يراع الاقتراح الطبيعة غير المادية والسريعة الزوال للبيانات المتداولة في الوسائط الإلكترونية
الاقتراح، كما القانون الحالي، يفرض على صاحب المطبعة أن يقدم تصريحاً لوزارة الإعلام لتأسيسها، وفرضت عليه أيضاً أن يتخذ سجلاً يدون فيه بالتسلسل عناوين المؤلفات والمطبوعات المعدة للنشر وأسماء أصحابها وعدد النسخ المطلوبة منها، وهذا السجل يعرض على السلطة الإدارية والقضائية عند كل طلب. وتفرض المادة 19 من الاقتراح على المالك إرسال ست نسخ عن كل مطبوعة غير المطبوعات الدورية (هي 4 نسخ حالياً): واحدة للوزارة، وأخرى للمكتبة الوطنية، ونسخة إلى مؤسسة المحفوظات الوطنية ونسختان إلى نقابة الصحافة (الشرطان الأخيران غير مطبقين في القانون الحالي)، فضلاً عن إرسال نسخة للنيابة العامة إذا كانت المطبوعة سياسية. التجديد يتجلى في المادة 19 من الاقتراح التي أشارت إلى أنواع جديدة من الوسائل، فعلى كل مالك مؤسسة إنتاج أشرطة أو أقراص مدمجة إيداع مؤسسة المحفوظات الوطنية نسخة من مطبوعته أو إنتاجه، ويطبق هذا التدبير على جميع المواد الصوتية أو البصرية أو البصرية ـــــ السمعية التي تطبع وتسجل في لبنان.
جرائم المطبوعات
لعل أبرز ما يميز القيود على حرية التعبير عن الرأي هو أن مخالفة نصوص قانون المطبوعات يعاقب عليها بالحبس وبالغرامة، لأنها من المخالفات الجزائية، وتخضع للمرسوم الاشتراعي 104/77 جرائم المطبوعات والرقابة عليها وعلى مداخيلها، الذي ألغى المواد من 51 إلى 70 من قانون المطبوعات (1962). الاقتراح لم يغير المادة 6 من المرسوم التي تنص على أن كل خبر أو مقال تنشره إحدى المطبوعات الصحفية وترد فيه إشارة إلى شخص معين أو يقصد به ولو تلميحاً شخص معين يعطى هذا الشخص حق الرد تحت طائلة إنزال الغرامة بالمطبوعة والملاحقة القضائية، فاتحة المجال أمام الاستغلال المفرط لحق الرد، وخاصة أن عقوبة الحبس تعود وتحكم قبضتها حول عنق المدير المسؤول (المادة 57 من الاقتراح تفرض الحبس من 15 يوماً إلى 3 أشهر) في حال امتناع المطبوعة، لأسباب محقة محددة في القانون، عن تنفيذ قرار قاضي الأمور المستعجلة بوجوب نشر الرد، علماً بأن عقوبة الحبس قد أُلغيت من قانون 1952، ولا تفرض حالياً إلا الغرامة في هذا المجال. هذه العقوبة ما زال شبحها حاضراً ضمن الإطار نفسه في المادة 4 من المرسوم المعدلة في عام 1994 بالنسبة إلى رفض نشر تصحيح عن مقالات أو أنباء خاطئة تتعلق بالمصلحة العامة وينص الاقتراح على إعطاء إمكان طلب الرد إلى الوزير المختص، فضلاً عن وزير الإعلام.
يمنع الاقتراح نشر معلومات عن مداولات مجلس القضاء الأعلى، إلا ما يصرح به رئيس المجلس، ونشر صور أو كتابات تتناول انتحار القاصر، ومعلومات عن جرائم الاغتصاب أو التشهير بأسماء ضحايا هذه الجرائم أو كشف معلومات تمكن من التعرف إليها، ما لم يُستحصَل على موافقة مسبقة من ذوي العلاقة، فضلاً عن حظر إفشاء معلومات عن عمليات التبني، وأبقى العقوبات على حالها.
الاقتراح لم يقم بأي جهد تشريعي يرمي إلى توضيح بعض المفاهيم الضبابية كتعكير السلام العام
لم ينص الاقتراح على أي تعديل لجهة تعريف القدح والذم. ففي المادة 385 من قانون العقوبات اللبناني تعريف للذم مفتوح على احتمالات؛ فهو حسب المادة نسبة أمر، ولو في معرض الشك أو الاستفهام، ينال من شرفه أو كرامته. وكل لفظة ازدراء أو سباب، وكل تعبير أو رسم يشفان عن التحقير، يُعَدّ قدحاً إذا لم ينطو على نسبة أمر ما، علماً بأن لا تعريف للتحقير حتى في النبذة 3 من الفصل الثاني من قانون العقوبات المعنون «في التحقير»، والمادة 583 من القانون نفسه لا تسمح لمرتكب الذم تبريراً لنفسه بإثبات حقيقة الفعل موضوع الذم أو إثبات اشتهاره. تقترح المادة 65 خفض عقوبة الحبس على الذم لتصبح من شهر إلى 6 أشهر، مع إبقاء عقوبة القدح على حالها. المادة 67 من الاقتراح فضلت أن يكون للنيابة العامة الاستئنافية المختصة الصلاحية بتحريك دعوى الحق العام بمعزل عن شكوى المتضرر إذا نشرت إحدى المطبوعات ما يتضمن تحقيراً أو قدحاً أو ذماً بحق قاضٍ بسبب أو أثناء أو بمعرض ممارسته وظيفته القضائية، ويحق لها مصادرة أعداد المطبوعة، إلا أنها خفضت الحد الأدنى لعقوبة الحبس لتصبح من 6 أشهر إلى سنتين، بينما هي الآن من سنة إلى سنتين.
أما التعديل الأبرز في هذا الباب، فوقع في الباب السادس منه الذي يقترح إضافة المسّ بكرامة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية إلى المسّ بكرامة الرؤساء، فشددت من عقوبة الحبس للمسّ بكرامة رئيس الدولة أو رئيس دولة أجنبية لتصبح من سنة إلى 3 سنوات، بينما هي حالياً من شهرين إلى سنتين (المادة 4 من القانون 330/94) لكنها في المقابل تقترح خفض الغرامة. ومن الملاحظ أن في هذه الجرائم تمييزاً بين عقوبة الجرم الواقع على الأشخاص والسفراء والموظفين، حيث تقام الدعوى بناءً على شكوى المتضرر والجرم الواقع على الرؤساء والقضاة حيث تحرك الدعوى النيابة العامة.
الاقتراح لم يقم بأي جهد تشريعي يرمي إلى توضيح بعض المفاهيم الضبابية كتعكير السلام العام وإثارة النعرات الطائفية أو العنصرية، أو تحقير إحدى الديانات المعترف بها في البلاد، وهل يتلاقى ذلك قانوناً مع المسّ بالشعور الديني المعرف في المادة 473 وما يليها (عقوبات)، والمسّ بالشعور القومي غير المعرف حتى في المادة 295(عقوبات) المعنونة «شعور قومي»، واستقر على معاقبة (المادة 70 منه) كل مطبوعة تنشر ما يتضمن الأمور الواردة أعلاه، فضلاً عن كل ما يعرض سلامة الدولة أو سيادتها أو وحدتها أو حدودها أو علاقة لبنان الخارجية للمخاطر، مشرعاً الأبواب على شتى أنواع الممارسات حتى القمعية منها، مقترحاً مضاعفة العقوبة في حال تكرار المخالفة دون أن يأخذ في الاعتبار أن يكون التكرار قد تم قبل مرور 7 سنوات على انقضاء العقوبة الأولى كما ينص القانون الحالي.
النقلة الإلكترونية
تمارس رقابة «لامرئية» من خلال تكريسها عدم اعتماد نظام التأسيس الحر
التجديد الأهم والأبرز والأكثر تماشياً مع ضرورات العصر يكمن في إضافة الفصل التاسع المؤلف من 4 مواد تضبط الجرائم المرتكبة في العالم الافتراضي كي لا يكون أرضاً خصبة للاعتداءات على الحقوق، حيث يعرف النشر الإلكتروني بأنه كل ما يوضع بتصرف الجمهور أو فئة منه بوسيلة من وسائل النشر الإلكترونية لإشارات أو علامات أو كتابات أو صور أو أصوات أو رسائل لا ترتدي طابع المراسلة الخاصة (المادة 74). لأن المادة 77 من الاقتراح لحظت أنه يعاقب بالعقوبة الملحوظة في هذا القانون كل جريمة منصوص عليها فيه يجري ارتكابها بواسطة وسيلة إلكترونية بما فيها جرائم القدح والذم وغيرها. فهل تصنف هذه الوسيلة الجديدة ضمن وسائل النشر الواردة في المادة 209(عقوبات) التي على أساسها تحدد العقوبات للتعرض للآداب العامة (المادة 531 وما يليها) وجرائم القدح والذم (المادة 385 وما يليها)؟ بمعنى آخر هل يكفي هذا التعريف للنشر الإلكتروني ليندرج ضمن إطار «الكتابة والرسوم والصور إذا عرضت في محل عام أو مباح للجمهور أو معرض للأنظار أو إذا بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على شخص أو أكثر» المادة 209؟
فبالإضافة إلى خصوصية الطبيعة القانونية لهذه الشبكة وخدماتها، لم يراع الاقتراح الطبيعة غير المادية والسريعة الزوال للبيانات المتداولة ووضع آليات تتيح إمكان تكوين الدليل وعناصر الإثبات للجرم المرتكب، وفرض أن يكون لكل خدمة نشر مدير مسؤول، وعرف موزع الخدمات أنه شخص يتعاقد مع ناشري الخدمات لتكوين عرض خدمات موجه للجمهور بواسطة الشبكة، مرتباً عليه مسؤولية مدنية دون المسؤولية الجزائية إلا ثبت تدخله الفعلي في الجريمة، مطبقاً أحكام قانون العقوبات المتعلقة بالاشتراك أو التدخل الجرمي بين المدير ومؤلف المنشور كفاعلين أصليين.
________________________________________

الرقابة على مداخيل المطبوعات
لم يغير الاقتراح من أحكام الرقابة على مداخيل المطبوعات، حيث فرضت المادة 90 منه، أنه يجب على مالك كل مطبوعة أن يقدم كل 6 أشهر إلى وزارة الإعلام حساب الاستثمار العائد لمطبوعته. في هذا الحساب لا تدخل المبالغ أو الموارد الناتجة من ممارسة الصحافة بمفهومها المهني والقانوني (أي الكتابة في المطبوعات الصحفية وتصحيح كتاباتها ومدها بالأخبار أو المواد المترجمة والتحقيقات والصور والرسوم)، وعلى الوزارة أن تتأكد مما ورد في الحساب ومن موارد الإعلانات والمبيع بكل الطرق من أن الكسب قد جرى بطريقة مشروعة، تاركة دقائق التطبيق لمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الإعلام.
يُشار من جهة ثانية، إلى أن النائب حسن فضل الله (الصورة) قال أخيراً، إن لجنة الإعلام النيابية تبحث في إقامة ورشة عمل مع مديرين وأصحاب مؤسسات مرئية ومسموعة لمناقشة عدة نقاط، منها المادة المتعلقة بتعريف الصحافي.

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
الاخبار
الدولة تشرّع التسوّل: المجالس البلـديّة نموذجاً
أوّل الدروس التي بدأ بعض رؤساء المجالس البلديّة الجدد تعلّمها إثر فوزهم المظفّر في الانتخابات الأخيرة، هو التسوّل. فبين جوع وزارة المال وصمت وزارة الداخلية والبلديات ورغبة معظم السياسيين في إبقاء البلديات رهينة لديهم، لا يبقى أمام الرؤساء الراغبين في العمل إلّا التسوّل
غسان سعود
بعد شهر على انتهاء الانتخابات البلدية، يكاد يكون الاكتشاف واحداً عند معظم رؤساء المجالس (باستثناء رئيس مجلس بلدية بيروت تقريباً): «لا إنماء ولا من يطبّلون. المبالغ الموجودة في صناديق البلديات لا تكفي لدفع رواتب الموظفين وأجر المبنى البلدي والعمّال. ويفترض برؤساء المجالس البلدية الراغبين في إنجاز القليل أن يضعوا رواتبهم الشهرية بتصرّف صندوق المجلس».
أساساً، المجلس البلدي هو جهاز منتخب يأخذ الأموال من المواطنين عبر مجموعة ضرائب ليوفّر لهم في المقابل مجموعة خدمات. «أهلية بمحلية» إذاً، بعيداً عن أيّ تدخّل لأجهزة الدولة.
تحت هذا العنوان، وفّر قانون البلديات للمجالس البلدية مجموعة مهمّة من مصادر التمويل (المادة 84 من قانون البلديات): رسوم مباشرة تستوفيها البلدية مباشرةً (ضريبة الأملاك)، رسوم تستوفيها الدولة لحساب جميع البلديات (رسوم على أرباح المهن التجارية والصناعية، رسم الانتقال على التركات والوصايا والهبات، رسوم التسجيل العقارية، رسوم على عقود التأمين، رسوم تسجيل المركبات الآلية، ضرائب على التبغ والتنباك والسيجار)، رسوم تستوفيها المؤسسات العامة أو الخاصة لحساب البلديات ويجري توزيعها مباشرةً لكل بلدية (الكهرباء، المياه والهاتف). وبالطبع فإنّ مجموع هذه الرسوم يوفر للمجالس البلدية مبالغ كبيرة يمكن الاستفادة منها في إنجاز الكثير من المشاريع الإنمائية على مختلف الصعد.
لكن، وفي خطوة استباقيّة لاحتمال تحرر رؤساء المجالس البلدية من الارتهان للسياسيين، سيطرت الحكومات المتعاقبة على أموال البلديات. فالمادة 87 من قانون البلديات نصّت على «إيداع العلاوات المشتركة العائدة لجميع البلديات أمانة في صندوق بلدي مستقل في وزارة الداخلية». هذه «الأمانة» الموضوعة في صندوق في الوزارة تحوّلت إلى حساب في مصرف لبنان، ودخلت وزارة المال على اللعبة، فشرّعت الأخيرة لنفسها حقّ التصرف بأموال الصندوق البلدي وفق احتياجاتها، لا وفق احتياجات المجالس البلدية. وحين يذهب رئيس المجلس البلدي اليوم إلى مصرف لبنان ليطالب بالأمانة التي وضعها أهل بلدته في الصندوق البلدي المستقل لتستفيد منها البلدة كلها، يجيبه المعنيون بأنّ الأموال غير موجودة. هكذا اختفت الأموال التي دفعها المواطنون لإنماء بلداتهم بين عامي 1980 و1992. وهكذا تستمر الحكومة الحالية في إساءة الأمانة الموضوعة بتصرفها. إذ باتت وزارة المال تتحكّم في البلديات و«تربّحها جميل» دفعها ما هو في الأصل أمانة للبلديات عندها (آخر توزيع بتاريخ 19 حزيران 2009 اقتصر على عائدات عام 2007، وصرفت وزارة المال مبلغ 234 مليار ليرة من أصل عائدات بلغت 491 مليار ليرة).
أثار هذا الأمر استياء عدد كبير من رؤساء المجالس البلدية ورؤساء الاتحادات، لكن معظم الاعتراضات لم تترجم عملياً. وقد دفع ذلك عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان إلى التعاون مع بعض رؤساء المجالس البلدية لتحديد أساس المشكلة. وتوصّل هؤلاء إلى وجود خمس ملاحظات/ مآخذ جدية، هي:
1ـــــ بات الصندوق البلدي المستقل بتصرف وزارة المال لا وزارة الداخلية والبلديات كما تقتضي المادة 87 من قانون البلديات.
2ـــــ شرّعت وزارة المال بالتعاون مع مجلس الوزراء، عام 1995، حقّ التصرف بالأموال/ الأمانة، دون الرجوع إلى البلديات. فيكلّف مجلس الوزراء الإدارات العامة بتنفيذ اللوازم والأشغال والخدمات التي تخصّص لجميع البلديات، وتحوّل لها قيمة الاعتمادات المعقودة بقرار مشترك من وزيري المال والداخلية.
3 ـــــ حُرمت بعض البلديات واتحادات البلديات من الحصول على كامل العائدات المستحقة لها لمصلحة بلديات واتحادات بلديات أخرى أكثر حظوة من سواها، الأمر الذي يخالف مبادئ العدالة والمساواة التي تقضي بأن توزع أموال الصندوق البلدي المستقل على جميع البلديات واتحادات البلديات دون تمييز أو محاباة. وقد استفادت بلديات واتحادات بلديات من عائدات الصندوق البلدي المستقل، أكثر من غيرها لأنها مشمولة بعقود تلزيم كنس وجمع النفايات ضمن نطاقها، علماً بأنّ التدقيق في الجداول التي أعدّتها مؤسسة «الدولية للمعلومات» عن توزيع العائدات من الصندوق البلدي المستقل يظهر فوارق لافتة بين بلدية وأخرى. فعدد الناخبين في العاقورة في جبيل مثلاً هو 3847 ناخباً، وقد حصلت بين عامي 2002 و2007 على نحو مليار ومئة وعشرة ملايين ليرة. وفي المقابل، فإن عمشيت، التي يبلغ عدد ناخبيها 3805 ناخبين، حصلت في الفترة نفسها على نحو مليار ونصف مليار. ومن جبيل إلى كسروان، حصلت حراجل (4440 ناخباً) في الفترة نفسها على قرابة مليار وأربعمئة مليون ليرة، مقابل حصول زوق مكايل (4337 ناخباً) على أكثر من ضعفي المبلغ الذي حصلت حراجل عليه (قرابة 3 مليارات ليرة). وفي المتن، حصلت بلدية بسكنتا (6513) التي يبلغ عدد ناخبيها ضعف عدد ناخبي برمانا (3081) على المبلغ نفسه الذي حصلت عليه برمانا.
4 ـــــ الحكومة التي لم توزّع عائدات الصندوق البلدي المستقل عن عام 2008 حتى تاريخه، خالفت أحكام المادة السابعة من المرسوم رقم 1917 الصادر بتاريخ 6 نيسان 1979، التي توجب توزيع عائدات الصندوق عن سنة ما في مهلة أقصاها نهاية شهر أيلول من السنة التالية.
5ـــــ تجاوزت الحكومة التي ما زالت غافلة عن إيجاد مخرج قانوني لاحتساب عائدات الصندوق البلدي المستقل العائدة للأعوام من 1980 ولغاية 1992 ضمناً وتوزيعها على مستحقيها، جميع الأحكام التي ترعى أصول إيداع الأمانات وردها إلى مودعيها ضمن المهل المحددة.
اللافت أنّ رؤساء المجالس البلدية يتجنّبون المجاهرة بملاحظاتهم على أداء وزارة المال حتى لا تصادفهم إجراءات انتقامية. وبحسب أحد هؤلاء، فإنّ سيطرة وزارة المال على أموال الصندوق البلدي المستقل، تزامنت مع مجموعة تطورات تشريعية إضافية قلّصت الموارد البلديّة:
ـــــ خفضت موازنة عام 1999 الرسم البلدي على القيمة التأجيرية من 10% إلى 5% للسكن، ومن 11% إلى 7% لغير السكن.
ـــــ أعفى القانون رقم 210 الطوائف المعترف بها في لبنان والأشخاص المعنويّين التابعين لها، والمؤسسات العامة ذات الصفة التجارية من الرسوم البلدية.
ـــــ حرم قانون تسوية مخالفات البناء البلديات 60% من الرسوم والغرامات.
تزامنت سيطرة وزارة المال على أموال الصندوق البلدي المستقل مع تقليص الموارد البلديّة
أساءت الحكومة التصرف بالأمانة وصرفت أموال المواطنين دون مراجعة المعنيّين
ـــــ خفض القانون رقم 282/93 نسب ضريبة الدخل، ورسم الانتقال وضريبة الأملاك البلدية، فانعكس كل ذلك سلباً على حاصلات الرسوم البلدية من هذه الموارد.
ـــــ توقفت عائدات الكازينو للبلديات الصغرى.
وبالتالي، فالمطلوب اليوم، بحسب أحد رؤساء المجالس البلدية الكسروانيّين، ثلاثة أمور أساسية حتى لا تفقد المجالس البلدية مبرّر وجودها، ولا تكون الانتخابات البلدية مجرد استحقاق تنافسي يفقد بعد شهر واحد طعمه ولونه:
1ـــــ تطبيق أحكام المواد 96 و 97 و 98 من قانون الرسوم البلدية، التي تنص على وجوب دفع الأمانة التي تجبى لحساب البلدية المعنية، من جانب المؤسسات العامة والمصالح المستقلة كل ثلاثة أشهر (كهرباء، مياه، هاتف).
2ـــــ تطبيق أحكام المادة 87 من قانون البلديات التي تنص على أنّ أموال الصندوق البلدي المستقل هي أمانة لدى وزارة المال، إضافةً إلى إيداع العلاوات المجباة لمصلحة البلديات في نهاية كل شهر مصرف لبنان، وذلك في حساب الصندوق البلدي المستقل، وتوزيع هذه العائدات كل سنة في مهلة أقصاها شهر أيلول من كل عام.
3 ـــــ عدم استعمال أموال الصندوق البلدي المستقل من جانب أي جهة غير البلدية ولأي غاية، غير تلك التي نص عليها قانون البلديات، فلا تقتطع الأموال لا لمجلس الإنماء والإعمار ولا لشركة سوكلين ولا لصناديق المدارس الرسمية ولا لغيرها.
بدوره، قدم النائب كنعان، في 22 آب 2010، سؤالاً إلى الحكومة يستفسر فيه عن نيّة الحكومة وضع نص تطبيقي يحدّد قواعد توزيع حاصلات الصندوق البلدي المستقل المنشأ لدى وزارة الداخلية؟ وموعد توزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل المتراكمة عن عامي 2008 و2009؟ وموعد إيجاد أو اقتراح مخرج قانوني لمعالجة عائدات الصندوق البلدي المستقل عن الأعوام من 1980 ولغاية 1992 ضمناً. وسأل كنعان الحكومة أيضاً إن كانت تنوي الكف عن التعدي على صلاحيات البلديات في الاضطلاع بأعمال النظافة.
وتزامناً مع تأخر رئيس الحكومة سعد الحريري في إجابة كنعان، بعدما حوّل وزير الداخلية والبلديات زياد بارود له السؤال، أعدّ كنعان اقتراح قانون معجّل مكرّر، سيقدَّم باسم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، يرمي إلى الإجازة للحكومة إصدار سندات خزينة لدفع عائدات البلديات واتحادات البلديات من حاصلات الصندوق البلدي المستقل. وينظّم اقتراح القانون توزيع حاصلات الصندوق البلدي المستقل، إضافةً إلى اقتراحه حلاً لمشكلة الديون حقوق البلديات المتراكمة لدى الدولة بين عامي 1980 و1992.
بغضّ النظر عن موقف تكتل التغيير والإصلاح، تبدو واضحة صعوبة انطلاق المجالس البلدية المنتخبة حديثاً في خطط إنمائية ما دامت هذه المجالس تُمنع من الحصول على أموالها. ويبدو واضحاً أيضاً أنّ عدداً كبيراً من رؤساء المجالس البلدية يتطلّعون إلى دور مؤثّر وفعّال لوزير الداخلية والبلديات زياد بارود في استعادة حقوقهم والدفاع عنها، وخصوصاً أنه يمثّلهم على طاولة مجلس الوزراء.

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
طرابلس: السفير السوري يخترق مقاطعة المستقبل
السفير السوري علي عبد الكريم علي في طرابلس أمس (الأخبار)كادت الزيارة الأولى للسفير السوري علي عبد الكريم علي إلى طرابلس، أول من أمس، أن تصاب بـ«نكسة» سياسية، بسبب «مقاطعة» غير معلنة لنواب تيار المستقبل وفريق 14 آذار في طرابلس والشمال، لولا استدراك مرجعيات عاصمة الشمال وفاعلياتها الأمر، متجنّبة بذلك إدخال مدينتهم مجدداً في لعبة التجاذبات وتصفية الحسابات المحلية والإقليمية
عبد الكافي الصمد
مع أن الغياب المتعمد لنواب المستقبل وحلفائه في قوى 14 آذار عن برنامج الزيارة الأولى للسفير السوري علي عبد الكريم علي إلى طرابلس، أول من أمس، لم يكن معلناً، إلا أن ما يشبه «كلمة سر» جرى تداولها في ما بينهم، ودفعت معظمهم إلى مقاطعة زيارة السفير السوري، في خطوة فسرها مراقبون على أنها «تهدف إلى إفشالها، وتصوير مجيئه إلى طرابلس على أنه قدوم غير مرغوب فيه». وأوضح المراقبون تعليقاً على الموقف الاعتراضي لتيار المستقبل، ولو كان غير معلن، أنه «ليس مقبولاً في السياسة ولا على مستوى العلاقة بين البلدين، الغياب عن استقبال السفير السوري، وإعطاء تفسيرات بأن طرابلس ما زالت ترفض تقبل الحضور السوري فيها وتعامله معها، فيما نرى أن الرئيس سعد الحريري وقادة في 14 آذار يزورون دمشق تباعاً، ويلتقون المسؤولين فيها، فلماذا علينا أن ندفع الثمن مرتين: مرة أثناء الكباش ومرحلة التوتر، ومرة ثانية بعد عودة العلاقات إلى طبيعتها، فهل يجب علينا أن نكون دائماً كبش محرقة في الصراعات التي تأتي على حساب طرابلس وأهلها؟».
لكن مصادر سياسية متابعة أوضحت لـ«الأخبار» أن أوساط تيار المستقبل في طرابلس «كانت تأمل أن يتوقف السفير السوري في إحدى محطاته الطرابلسية عندها، ومراعاة حيثيتها السياسية في المدينة، ولو شكلاً، شأنها في ذلك شأن الآخرين، أو أن تقوم هي بدعوته في التوقيت الذي تراه مناسباً؛ وبما أن أي شيء من ذلك لم يحصل برغم بقائهم مراهنين عليه حتى قبل 24 ساعة من وصوله إلى طرابلس، أعلنوا إما اعتذارهم عن عدم الحضور، أو عدم الاعتذار وعدم الحضور معاً».
هذه الأجواء برزت قبل 4 أيام من موعد الزيارة، عندما عبّر النائب محمد كبارة عن «تحفظه» على حفل التكريم، وأسفه على «تسابق البعض في لبنان للحصول على شهادة حسن سلوك من الوصاية»، وهو موقف تزامن مع الإعلان عن أن السفير علي سيزور الرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنائب السابق أحمد حبوس، قبل حضوره حفل تكريم أقامه على شرفه الرئيس السابق لجمعية تجار طرابلس مأمون عدرة في فندق «كواليتي ـ إن».
على هذا الأساس، بدا من خلال «تحفّظ» نواب تيار المستقبل وكوادره، حيال زيارة سفير سوريا إلى طرابلس، أن تقربهم من المسؤولين السوريين ما زال خياراً عسيرَ الهضم عليهم، فضلاً عن أنهم ظهروا بعيدين عن «مجاراة» الحريري في فتحه صفحة جديدة مع دمشق، ما يدل على أن التناغم بدا مفقوداً داخل تيار المستقبل لجهة كيفية النظر والتعامل مع «الطرف الآخر».
التحضيرات لإفشال زيارة السفير السوري إلى طرابلس بمقاطعته وصلت إلى أسماع كرامي، الذي آثر الحضور شخصياً حفل التكريم ليمثّل ذلك غطاءً سياسياً مهماً له، ويعوض غياب الآخرين عنه، وهو الأمر الذي ترجمه أيضاً حضور الصفدي وحليفه النائب قاسم عبد العزيز، ليؤكدا حصول الافتراق بينهما وبين تيار المستقبل في أعقاب التباين والسجال الحاد الذي دار بين الجانبين بشأن مقاربة الانتخابات الفرعية في قضاء المنية ـــــ الضنية التي جرت في 13 حزيران الجاري.
غير أن حضور حلفاء تيار المستقبل حفل التكريم لم يقتصر على الصفدي الذي جلس بمحاذاة كرامي، ودار بينهما حديث وهمس طويلان، بل حضر أيضاً مسؤول الشمال في الجماعة الإسلامية النائب السابق أسعد هرموش، في خطوة عكست ما أوضحه مصدر مسؤول في الجماعة لـ«الأخبار» من أن «المياه عادت إلى مجاريها بيننا وبين السوريين وأن التواصل بات في أرفع مستوياته».
وإذا كان قد سُجّل حضور نائب الكورة نقولا غصن الدعوة ممثلاً وحيداً لنواب تيار المستقبل إلى جانب نقابيين محسوبين على التيار، مثل نقيب الأطباء الجديد فواز البابا، فإن تلبية النائب السابق مصباح الأحدب الدعوة، وهو الذي بقي لفترة طويلة رأس حربة تيار المستقبل وفريق 14 آذار في وجه سوريا وحلفائها في لبنان، جاءت في أعقاب «انكسار الجرة» بين الأحدب وحلفاء الأمس بعد استبعاده عن لائحتهم الانتخابية العام الماضي في طرابلس، وظهور تباين بينه وبينهم في مقاربة كثير من الملفات والقضايا الداخلية، أو على صعيد العلاقة مع سوريا.
وكان الأحدب قد استبق حفل التكريم بمؤتمر صحافي أعلن فيه أنه سيحضره، لكنه سأل عما «يحكى عن مقاطعة البعض لهذه الزيارة، وبعض التصريحات التي صدرت، وتأييد زيارات على أعلى المستويات من ناحية أخرى»، مؤكداً أنه «ندعم خطوات الرئيس سعد الحريري باتجاه حل الأمور مع سوريا، لكن لا يجب لهذه السجالات والخلافات التي شغلت الإعلام أن تعالج بهذه الضبابية»، فرأى أن المطلوب «أفضل العلاقات مع سوريا، لكن وفق قواعد جديدة، والمعادلة هنا بسيطة جداً وواضحة: لا للعودة إلى الوصاية، ولا للاستمرار في العداء أو الجفاء مع سوريا».
لكن ما لفت الأنظار على صعيد تغيّب المدعوّين عن الغداء التكريمي أن الأمر لم يقتصر على السياسيين، بل امتد ليشمل بعض رجال الدين المسلمين والمسيحيين. إذ طرحت تساؤلات عن أسباب غياب مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، إضافة إلى عدم حضور راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران رولان أبو جودة وراعي أبرشية طرابلس للروم الكاثوليك المطران إلياس رياشي، في الوقت الذي حضره رئيس المحاكم الشرعية السنية في الشمال الشيخ سمير كمال الدين، وراعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت إفرام كرياكوس، ونائب رئيس المجلس الإسلامي العلوي محمد عصفور.
أوساط المستقبل في طرابلس كانت تأمل أن يتوقف السفير السوري عندها
تلبية الأحدب الدعوة جاءت في أعقاب «انكسار الجرّة» بينه وبين حلفاء الأمس
ومع أن زيارة السفير الشامي إلى طرابلس كانت محل اهتمام الوسط السياسي فيها، فإن أي تحرك اعتراضي عليها لم يحصل، وخصوصاً لجهة رفع لافتات وشعارات، في موازاة غياب مماثل للافتات التأييد والترحيب، وهو ما يشير إلى أن علاقات سوريا مع طرابلس تدور حالياً في مرحلة انتقالية بعد خروجها من مرحلة التشنج والتوتر، لكن من غير وصولها إلى مرحلة العلاقات الطبيعية على مستويات السياسة والاقتصاد تحديداً.
هذه «النقلة» اعتبرها صاحب الدعوة، مأمون عدرة، إشارةً إيجابيةً، لأن سوريا وتحديداً «ساحلها وعمقها القريب منّا هو المتنفس الاقتصادي الرئيسي لطرابلس والشمال، وهو أمر خبرناه أيام الحرب وبعدها»، معبراً عن ارتياحه للحضور كمّاً ونوعاً، الذي «يمكن اعتباره نجاحاً في اتجاه تطوير العلاقات بين البلدين نحو الأفضل».
إلى ذلك، جاءت زيارة السفير علي لتعطي قوى المعارضة السابقة جرعة دعم إضافية وتعزز حضورها، وتثبت صحة توجهاتها السياسية في المرحلة السابقة، وهو ما عكسه الارتياح الذي كانت معالمه واضحة في صفوف الموجودين الذين كانوا بأغلبيتهم حاضرين، فإلى جانب كرامي حضر وزير الدولة يوسف سعادة ممثلاً رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، ومنسق جبهة العمل الإسلامي الشيخ بلال شعبان، وأمين الحزب السوري القومي الاجتماعي في طرابلس عبد الناصر رعد، ومنسق التيار الوطني الحر في طرابلس طوني ماروني، ونواب سابقون وفاعليات سياسية.
________________________________________

غيمة صيف أم غيوم مطر؟
حرص السفير السوري علي عبد الكريم علي على التأكيد لـ«الأخبار» أن «العلاقة بين لبنان وسوريا لم تكن غير طبيعية حتى تعود إلى طبيعتها، بل هي كما تعودناها دائماً علاقة تعاون وأخوة»، رافضاً اعتبار ما حصل في السنوات الخمس الماضية «غيمة صيف ومرت»، لأن «الغيوم فوق البلدين هي دائماً غيوم مطر تحمل الخير والبركة» على حد تعبيره.
وكان علي قد شدد في كلمته على أن المخاطر التي تهدد البلدين «تستدعي منا أن نتكامل في السياسة والثقافة والاقتصاد والرؤى». أما كرامي فرأى أن «التجربة أثبتت أنه إذا لم تكن العلاقة طبيعية وودية ومميزة، فلن يرتاح لبنان ولن يكون هناك استقرار فيه»، وميقاتي الذي أقام له «ترويقة» واعتذر عن عدم حضور تكريمه لارتباطه بموعد مسبق، والصفدي الذي أكد أن «العلاقات التي نصبو إليها هي العلاقات الودية والثابتة التي نستطيع أن نبني عليها مستقبلاً ثابتاً للبلدين في التعاون والانفتاح الاقتصادي».

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
العراق ومصالح الجوار: هذا ما يجمع إيران وسوريا وتركيا
الملك الأردني مرحباً بالرئيس العراقي في عمان أمس (علي جاركجي ـ رويترز)
أما وقد أصبح ملف تأليف الحكومة العراقية في يد الجوار، بفعل الطريق المسدود الذي آلت إليه آليات الاختيار المحلية، فلا بد من الوقوف على مصالح هذه الدول ومشاريعها في المنطقة، علّ ذلك يوفر معطيات يمكن أن تشير إلى الاتجاه الذي تأخذه المفاوضات التي تجري في كواليس العواصم الإقليمية، وإلى الصفات المطلوبة من الحاكم المقبل للعراق، على مشارف الانسحاب الأميركي
إيلي شلهوب
يبدو جليّاً أن العراق، هذا البلد الذي مثّل على مدى عقود رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية، قد بات أرضاً مفتوحة تعصف بها الرياح من الاتجاهات كلها. أرض كانت ذات يوم عصيّة على الخارج، أصبحت اليوم عرضة لعدوى اللبننة والصوملة وما إلى ذلك من ميكروبات تملكت بدول هي أقرب إلى جمهوريات الموز منها إلى البلاد، مكتملة عناصر النشوء والقوة، قبل أن تبني ميكروباً خاصاً بها بات يعرف بمصطلح «العرقنة».
واقع زادت من حدته حال التشرذم داخل البيت العراقي، على ما يظهر الآن في أوضح تعبيراته في سياق مفاوضات تأليف الحكومة العتيدة، بل بلغ الأمر حداً يُختصر فيه النقاش في هذا الملف بسؤال لا يزال ينتظر جواباً: هل حق اختيار حكام العراق بيد الداخل، فيما حق النقض بيد الجوار أم بالعكس؟ ولو أن الاتجاه، على ما يبدو، يميل إلى «العكس». وإذا كان الوضع على هذه الحال، تصبح ضرورة معرفة خريطة المصالح التي تحدد سلوك دول الجوار حيال العراق.
لعل البلد الأكثر انخراطاً وتأثيراً في الواقع العراقي هذه الأيام ليس سوى إيران، التي تقارب هذا الملف من زاوية استراتيجية، لها علاقة بمعادلة توزع القوى والصراع في المنطقة. يبدو واضحاً أنّ الهدف الأساس للنظام الإيراني إقامة حكم في بغداد يضمن أن تكون بلاد الرافدين جزءاً لا يتجزأ من محور الممانعة. حلقة وسطية تضمن التواصل بين عمقه الاستراتيجي (إيران) وقاعدته اللوجستية (سوريا) وخطوطه الأمامية (غزة وجنوب لبنان). بديهي أن عراقاً من نوع كهذا سيعزز هذا المحور ويضيف إليه من عناصر القوة ما يساعده على إملاء قوانينه على لعبة العلاقات في المنطقة. مثلما هو بديهي أن عراقاً ينتمي إلى الجبهة الأخرى يمكن أن يكون له تأثير مدمر على هذا المحور. وهذا ما يفسر القرار الإيراني الضمني باستئصال أي نفوذ لمحور الاعتدال (وخاصة السعودية ومصر) في الداخل العراقي. حتى الحياد مرفوض، بناءً على هذا المنطق (ولعل ذلك سبب عرقلة التجديد لنوري المالكي صاحب شعار «العراق أولاً»).
هدف النظام الإيراني إقامة حكم في بغداد يجعل بلاد الرافدين جزءاً من محور الممانعة
هذا من زاوية عامة. أما من حيث المصالح الإيرانية الضيقة، فلعل الهدف الأول للسياسة الإيرانية في العراق هو ضمان عدم قيام نظام معادٍ، على ما كانت عليه الحال أيام صدام حسين. يليه من حيث الأهمية ضمان ألا تنتهج بغداد سياسة خارجية تتعارض مع النهج الإيراني. لعل الوسيلة الفضلى لتحقيق هذين الهدفين تعزيز وضع الشيعة في هذا البلد (يفسر عدم استبعاد المالكي، الشخصية الشيعية الأقوى على الساحة حالياً)، بما يمكن الإيرانيين من ضمان السيطرة على السلطة ومفاصلها فيه. واقع يجعل طهران الأكثر حرصاً على وحدة بلاد الرافدين، على قاعدة أن الأفضل لها أن يجاورها عراق موحد تتحكم هي بسلطته المركزية (إبراهيم الجعفري مرشحها المفضل)، بدلاً من دويلات عراقية ثلاث تتعدد فيها مراكز القرار بما يجعل الأمور أكثر تعقيداً بالنسبة إليها لما يوفره من أرضية لتدخلات خارجية عبر دعم هذه الدويلة أو تلك. وهناك أخيراً ضمان خروج الاحتلال بتوقيت محدد، أي يوم تكون طهران قد راكمت من القدرة داخل العراق ما يمكنها من تعبئة الفراغ الأمني الذي سيسبّبه الانسحاب، وضمان الإمساك بجميع خيوط اللعبة. بناءً عليه، تبدو العلاقات التجارية العراقية الإيرانية التي تجاوزت عام 2010 الـ7 مليارات دولار، في آخر لائحة اهتمامات طهران مع بغداد.
أما سوريا، فتبدو مطمئنة للإدارة الإيرانية للملف العراقي من زاوية استراتيجية. لم تعد تخشى الفدرلة، مع ما تحمله من بذور تقسيمية، مرفوضة سورياً (خشية امتدادها إلى الداخل السوري) وتركياً وإيرانياً. ولم تعد تخشى انتقال عدوى الاقتتال الأهلي إلى ربوعها، بعدما ثبت أن العرقنة أدت إلى تعزيز تماسك المجتمع السوري والتفافه حول قيادته (أدّت الأحداث اللبنانية بين 2004 و2008 دوراً أساسياً في تعزيز هذا التوجه). وهي أيضاً لم تعد تخشى الانتشار العسكري الأميركي في العراق، بعدما ثبت لها بما يدعو للشك أن المشروع الأميركي في المنطقة في تراجع، بل إن الأميركي ذهب ليفاوضها ويطلب مساعدتها على ضمان أمن قواته التي يستعجل سحبها من بلاد الرافدين.
لذلك، تطفو على السطح الاهتمامات التكتيكية السورية بهذا الملف، على المستويين الاقتصادي والسياسي. على المستوى الأول، يبدو الاهتمام الرئيسي لدمشق منصباً على إعادة تشغيل خط أنابيب النفط بانياس ـــــ كركوك، لما يوفره من مداخيل مالية بالعملة الصعبة للخزينة السورية (من هنا يمكن فهم لماذا تعمد وفود حزب «الدعوة» إلى إثارة هذا الموضوع كلما زارت دمشق من أجل الترويج لنوري المالكي). هناك أيضاً ضمان تنفيذ وتفعيل اتفاقيات التبادل التجاري الحر بين البلدين (800 مليون دولار في 2009)، وتعزيز التعاون بين المنطقة الحرة السورية في اليعربية والمنطقة الحرة العراقية في القائم. أما على المستوى السياسي، فتريد دمشق، على ما يبدو، حصة من الكعكة السياسية العراقية، بمعنى أن تتولى شخصيات مقربة منها بعض المناصب الرئيسة في بغداد بما يضمن أن تكون لها كلمة في القرار السياسي العراقي (وهذا ما يفسر تزكية سوريا لإياد علاوي وعادل عبد المهدي اللذين تربطهما علاقات قوية بالمسؤولين السوريين من أيام ما كانا في حزب البعث).
إهتمامات تكتيكية سورية على المستويين الاقتصادي والسياسي
وهناك أيضاً تركيا، التي يحتل الملف الكردي صدارة اهتماماتها العراقية، إن لناحية خلايا حزب العمال الكردستاني المنتشرة في جبال قنديل، والتي تحصل على الدعم اللوجستي من حاضنته الشعبية في الشمال العراقي. أو لناحية كركوك، من حيث ضمان أمن الأقلية التركمانية فيها، ومن حيث ضمان ألا تسقط بيد الأكراد خشية أن تتحول ذات يوم بنفطها إلى مصدر دخل للدولة الكردية العتيدة، التي تُعدّ خطاً أحمر بالنسبة إلى أنقرة التي ترى أن وحدة الأراضي العراقية هدف استراتيجي. كذلك الأمر بالنسبة إلى الملف النفطي، خط نفط جيهان كركوك أو غيره، الذي يوفّر لتركيا موارد دخل إضافية. أو بالنسبة إلى التبادل التجاري، الذي تجاوز تسعة مليارات دولار في 2010 (كان 3.5 مليارات في 2007). وترى أنقرة أيضاً في العراق بوابة إلى التدخل في قضايا المنطقة، تطبيقاً لسياسة التحول إلى الشرق التي اعتمدتها، يضاف إليها سياسة «صفر مشاكل». لذلك تجد أجهزة الاستخبارات التركية فاعلة في العراق، من شماله إلى جنوبه، ومعها الدبلوماسيون الأتراك الذين أخذوا على عاتقهم ترتيب البيت السني العراقي بالتعاون مع السعودية وسوريا، قبل أن تُكلف الأخيرة بهذا الملف. وهذا ما يفسر التبنّي التركي لإياد علاوي منذ البداية، ويفسر في الوقت نفسه عدم ممانعة أنقرة لأي من المرشحين الآخرين، تحت عنوان أنها على مسافة واحدة من الجميع. لكن لا بد من أن تكون أنقرة ضد عادل عبد المهدي، إذا ما صحت الاتهامات بأنه وعد الأكراد خطياً بتطبيق المادة 140 المثيرة للجدل في الدستور العراقي.
في المقابل، هناك السعودية، التي كانت أول المتحمسين لغزو العراق (بندر بن سلطان نموذجاً). لكنها سرعان ما وجدت أنه بات محمية إيرانية على حدودها. لعل في كلام ملك الأردن عبد الله الثاني عن الهلال الشيعي الممتد من طهران إلى غزة ما قضّ مضجعها. صحيح أن مخاوفها من قيام دولة شيعية على حدودها الشمالية لا بد أن تكون قد زالت، لسبب بسيط هو أن دولة كهذه في جنوب العراق تحرج إيران أكثر مما تفيدها، فضلاً عن أنها تحرمها من منافع جمة تحصل عليها حالياً. لكن حالة التهميش التي وجد سنّة العراق أنفسهم فيها بسبب انكفائهم على أنفسهم بعد الغزو، ومن ثم مقاطعتهم العملية السياسية وانتخابات 2005، لا بد أن تحرم الرياض من عنصر قوة داخل هذا البلد.
الموقف من الواقع السني هذا يمثّل عامل تقاطع مع الأميركيين الذين اكتشفوا في عهد زلماي خليل زادة يوم كان سفيراً في بغداد، أنه مسيء للمصالح الأميركية في العراق. حجته في ذلك كانت أن هؤلاء السنة، الذين تمثّل السعودية مرجعهم الروحي والمالي، هم الحليف الطبيعي للأميركيين في العراق لا الشيعة الذين ثبت لواشنطن أن مرجعهم الأول والأخير يبقى إيران، مهما تعمّقت علاقة العم سام بهم. من هنا يمكن فهم التنسيق السعودي مع تركيا، الدولة السنية الكبرى التي تنافس السعودية ومصر على زعامة المنطقة، في ترتيب البيت السني العراقي. ومن هنا أيضاً يمكن فهم الدعم السعودي التركي لإياد علاوي لرئاسة الوزراء، الذي تباركه أميركا التي ترى بدورها في أبو حمزة حصانها الرئيس في اللعبة العراقية.
وفي السياق، لا بد من الإشارة إلى أن الفيتو الإيراني الموضوع على علاوي يعود في الأساس إلى العلاقات السعودية لهذا الأخير لا الأميركية، على ما تفيد مصادر وثيقة الاطلاع، تحت عنوان أن جميع المرشحين الآخرين تربطهم علاقات بواشنطن، وإن كانت بطبيعة ومستويات مختلفة.
بناءً على ما تقدم، يمكن فهم خلفيات التقارب السوري الإيراني التركي في الملف العراقي. تقارب لا يعود إلى سياسة المحاور التي تعصف بالمنطقة فقط. بل هناك لائحة من المصالح المرتبطة بالساحة العراقية تجعل الدول الثلاث محكومة بالتوافق عراقياً، وإن حصل تباين في لحظة تاريخية ما يعود إلى مسببات ظرفية، من مثل رغبة سورية في الدفع قدماً بالمصالحة مع السعودية أو في تسليف إدارة أوباما، أو حتى رغبة تركية في مغازلة السعودية أو إيجاد موطئ قدم في صفوف سنّة العراق.
________________________________________

< إلى أنقرة من جيفري>
عيّن الرئيس الأميركي باراك أوباما، السفير الأميركي الحالي لدى تركيا جيمس جيفري (الصورة)، سفيراً جديداً لدى العراق خلفاً لكريستوفر هيل الذي يعتزم التقاعد. وينتظر أن يصدّق مجلس الشيوخ على تعيين جيفري، الذي يتمتع بخبرة واسعة في شؤون المنطقة. وكان جيفري قد تولى منصبه في أنقرة في تشرين الثاني 2008، وسبق أن كان نائباً لمستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش، ونائباً لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ومستشاراً خاصاً لوزيرة الخارجية آنذاك كوندوليزا رايس حول العراق. كذلك سبق له أن شغل منصب نائب رئيس البعثة الأميركية في بغداد وقائماً بالأعمال في الفترة بين عامي 2004 و2005. وهو شغل أيضاً منصب السفير في ألبانيا، وكان نائباً لرئيس البعثة الأميركية في كل من تركيا والكويت وتونس.

عدد الاثنين ٢٨ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار