Tuesday, June 22, 2010

«القوات» و«الكتائب» تصادران الزيارة... و«التيار الحر» يغيب
صفير في زحلة على وقع «الأمن»: خطاب هادئ لا يبدد أصداء باريس

سامر الحسيني

البقاع ـ سامر الحسيني
في زيارته التي وصفت بأنها «تاريخية» إلى زحلة عاصمة الكثلكة في لبنان والمشرق، اختار البطريرك الماروني نصر الله صفير، خطابا هادئا، مشيدا بتاريخ البقاع بعائلاته
وطوائفه ومذاهبه، مرددا مجددا عبارة «جارك القريب، ولا اخوك البعيد»، من دون أن يحدد من هو الجار ومن هو الشقيق ومن هو القريب ومن هو البعيد.
جاء توقيت زيارة زحلة بعد رحلة باريس وما رافقها من تصريحات ضد «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وسوريا، كما جاء غداة حادث أمني أظهرت وقائعه أنه ليس انفجارا
ولكنه ربما يكون أخطر بكثير نسبة للمواد التي تحللها الأدلة الجنائية و«الأسماء الرنانة» المشاركة، وبعضها من الرموز السلفية في بعض البلدات البقاعية، لكن صفير
لم يبدل مواعيده ومضى في زيارته الى زحلة بواسطة موكب سيار انطلق صباحا من بكركي ومر في محطات عدة، كان البارز فيها حرص «القوات اللبنانية» على مصادرة الزيارة
والدعوة وذلك من خلال اللافتات والصور والجمهور القواتي والأعلام «القواتية» فيما غاب «التيار الوطني الحر».
وكان لافتا للانتباه أن صفير تفادى التعرض لسوريا و«حزب الله» في خطابيه، في سرايا زحلة وفي كاتدرائية مار مارون، الامر الذي فاجأ «القواتيين» وحلفاءهم الكتائبيين
الذين احتشدوا مع صورهم وأعلامهم ولافتاتهم للقول ان زيارة صفير تعنيهم دون سواهم وخصوصا رئيس «الكتلة الشعبية» الوزير الياس سكاف الذي شارك في احتفال بلدية
زحلة و«فاجأهم بترحيبه» فأطلق «القواتيون» عبارة «يا بطركنا العظيم خلي عينك على الحكيم».
ونوه البطريرك صفير الذي زار البقاع بعد 72 عاما على آخر زيارة قام بها بطريرك ماروني الى زحلة في العام 1938 (البطريرك انطوان عريضة)، بأهالي البقاع الذين
عرف عنهم «نمط عيش مشترك وانصهار وطني يشكل مكسبا يستحق المحافظة عليه، وقد صمد في وجه التطرف الذي أملته الحوادث التي مرت بنا صمودا يذكر به البقاعيون هو الذي
يرفل لهم السلم الاهلي حاليا اكثر من سواه».
كما بارك البطريرك صفير زحلة من أعالي تمثال مقام سيدة زحلة والبقاع التي زارها في نهاية جولته الزحلية التي امتازت بإجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة، أتت عشية
الإعلان عن إحباط عمل ارهابي ترجح فرضياته وفق التحقيقات الأمنية الأولية، أنه كان سيستهدف البطريرك صفير، وقد دفع ثمن هذه الاجراءات الامنية عدد من الزملاء
الاعلاميين ولم تستثن بعض مرافقي نواب زحلة ونجل النائب الدكتور طوني ابو خاطر الذي تعرض للضرب على يد عناصر أمنية، علما أن المجريات الأمنية التي رافقت الزيارة
فرضت تعديلا في رحلة العودة، بحيث وضعت مروحية عسكرية للجيش بتصرف صفير وأقلته من زحلة الى بكركي، في رحلة دامت أقل من ربع ساعة.
زيارة صفير إلى زحلة كانت واضحة بدلالاتها: احتشاد ماروني برز في استقبالات المريجات وجديتا وتعلبايا وحوش الأمراء والمعلقة مع انكفاء الطوائف الأخرى وخصوصا
الكاثوليكية وحتى من جمهور تيار المستقبل وهو الأمر الذي بدا جليا في بلدة سعدنايل التي غابت عنها المظاهر الاحتفالية ولم يتم رفع اية لافتة على طول نطاقها
العقاري مقابل ارتفاع لافتات الاشادة بالمقاومة وفلسطين والترحيب بمطران القدس ايلاريون كبوجي الذي اقيم له احتفال تكريمي في ساحة البلدة.
وفي المقابل، برزت سيطرة لمناصري «القوات اللبنانية» والكتائب اللبنانية وكان لافتا ان يتقدم مستقبلي صفير بدءا من المريجات الى ختام زيارته ومحطاتها كافة نواب
البقاعين الاوسط والغربي فيما بادر صفير الى زيارة إقليم زحلة الكتائبي مباركا النائب ايلي ماروني!
استهل صفير زيارته بمحطة استقبال رسمية وشعبية في بلدة المريجات حيث استقبله كل من رئيس كتلة نواب زحلة النائب طوني ابو خاطر وأعضاء الكتلة، والنواب جمال الجراح،
زياد القادري وأمين وهبي، المطران منصور حبيقة، محافظ البقاع القاضي انطوان سليمان ورئيس بلدية المريجات فيليب مشعلاني.
وعند مفرق قب الياس أقيم استقبال آخر على وقع نحر الخراف ورش الورود وإطلاق الزغاريد بحضور رئيس اتحاد بلديات البقاع الأوسط رئيس بلدية قب الياس، عدد من رؤساء
بلديات المنطقة وحشد من الأهالي.
وعند مفرق جديتا قدم رئيس البلدية العميد وهيب قيقانو درع البلدية الى البطريرك، ومنها الى تعلبايا استقبال حاشد آخر، تقدمه رئيس البلدية جورج صوان. كما تضمنت
جولة البطريرك زيارة مباركة لكنيسة مار شربل في الكرك، فالمعلّقة واستقبال حاشد وصولا إلى الاحتفال الرسمي في ساحة سرايا زحلة التي فرش طريقها بالسجاد الأحمر
والورود وكان في استقباله وزير الثقافة سليم وردة وكتلة نواب زحلة والمحافظ أنطوان سليمان ورئيس البلدية جوزف دياب المعلوف والرئيس الأول في البقاع القاضي غسان
رباح، المدعي العام القاضي فريد كلاس، قائد منطقة البقاع لقوى الأمن الداخلي العميد غسان بركات، الذين توجهوا إلى المنصة الاحتفالية على درج سرايا زحلة، ومعهم
وفد من الأساقفة الموارنة.
كما حضر الاحتفال الرسمي النواب: نقولا فتوش، روبير غانم، نواب كتلة زحلة، النواب السابقون: ايلي الفرزلي، ايلي سكاف، خليل الهراوي، سليم عون، يوسف معلوف، كميل
معلوف وهنري شديد، الشيخ ابراهيم اللدن ممثلا مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس.
استهل الاحتفال، بتقديم من عضو مجلس بلدية زحلة ايلي شمعون، تلاه كلمة لرئيس بلدية زحلة - معلقة جوزف دياب المعلوف، قدم بعدها لصفير مفتاح المدينة المذهب في
علبة فاخرة من صنع الفنان جهاد الشويري القاصوف. بعدها قدم النائب فتوش وإلى جانبه شقيقه رجل الاعمال بيار فتوش «ايقونة ذهبية للسيدة العذراء من القرن الثالث
عشر» للبطريرك صفير، وكتب عليها: «زحلة عاصمة الكثلكة تهلل فرحا لزيارة بطريرك لبنان مار نصر صفير التاريخية لها».
ثم ألقى المحافظ سليمان كلمة للمناسبة وتبعه صفير مشيرا إلى أن زيارته قد تأخرت، «لان الظروف حالت دون إجرائها قبل اليوم، ولكن الوقت ازداد إلحاحا، وقد لاحظنا
حرارة ترحيبكم وسرنا أن نحيي مستقبلينا في البلدات التي مررنا بها ونستمطر عليهم بركات الله ونعمه».
وأشاد صفير «بما حققه أهالي البقاع من نمط عيش مشترك وانصهار وطني يشكل مكسبا يستحق المحافظة عليه. وقد صمد في وجه التطرف الذي أملته الحوادث التي مرت بنا صمودا
يذكر به البقاعيون هو الذي يرفل لهم السلم الأهلي حاليا أكثر من سواه. والأوطان كالأفراد والجماعات تحتاج الى التعاون المتبادل بينها على ما فيه خيرها وسلامها،
وهذا ما ندعو إليه على غرار ما هو قائم بين كل الدول المتجاورة والمتعاونة، ولا سيما التي يقوم بينها جوار حسن، وقد صدق ما يقوله المثل المعروف: «جارك القريب،
ولا أخوك البعيد».
ومن زحلة، اكمل موكب صفير مسيره الى حوش الامراء وأقيم له استقبال شعبي كبير. ثم وصل الى كاتدرائية مار مارون لتكريسها وكان في استقباله جورج الياس الهراوي.

بعد تكريس ومباركة الكاتدرائية ترأس القداس الاحتفالي الذي حضره وزير السياحة فادي عبود ممثلا رئيس الجمهورية، النائب عبد الطيف الزين ممثلا رئيس مجلس النواب،
الوزير عدنان القصار ممثلا رئيس مجلس الوزراء. كما شارك فيه وزير الثقافة سليم ورده، السيدة منى الهراوي، ووزراء ونواب البقاعين الاوسط والغربي، العميد وليم
مجلي، ممثلا نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس، الوزيرة السابقة ليلى الصلح ممثلة الامير الوليد بن طلال، السفير البابوي غابريال كاتشا وحشد من الشخصيات.

وألقى راعي ابرشية زحلة والبقاع المارونية المطران منصور حبيقة كلمة رحب فيها «بالزيارة التاريخية للرجل التاريخي». ثم تحدث عن الكاتدرائية «التي عمل على تحقيقها
الرئيس الراحل الياس الهراوي»، مشيدا بعائلته.
وألقى صفير عظته منوها «بعزم المرحوم الرئيس الياس الهراوي الذي حلم بهذه الكاتدرائية وتحقق حلمه».
وحيا ابناء ابرشيته، مطالبا إياهم «بالوحدة ورص الصفوف والمصالحة والتفاهم لتعزيز وجودهم القائم في هذه المنطقة وقد تجمع في هذه الرقعة من الارض اللبنانية عدد
لا يستهان به من اللبنانيين على اختلاف نزعاتهم الدينية والطائفية وقد اصابها ما اصاب سواها في فترة الاضطراب من تهجير قسري ولكن العقل تغلب على النزعات الفردية
وسادت روح التسامح وقبول الآخر والعيش المشترك».
وكانت كلمة لعائلة الرئيس الراحل الياس الهراوي القاها نجله جورج موجها الشكر الى صفير لرعايته تكريس الكاتدرائية وإلى الرؤساء الثلاثة مؤكدا «تعلق المسيحيين
في أرضهم وتجذرهم فيها رغم كل الظروف».
وما بين الاستراحة والغداء استقبل صفير مفتي زحلة والبقاع خليل الميس، على رأس وفد من مشايخ أزهر البقاع. وبعد الغداء زار صفير منزل عائلة الرئيس الهراوي في
حوش الامراء واختتم جولته الزحلية بمباركة مدينة، عبر زيارته مقام سـيدة زحلة والبقاع، حيث استقبله راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران
اندره حداد الذي رحب بالبطريرك باسم جميع أبناء الكنيسة الكاثوليكية، واصفا إياه «بقديس مناضل في سبيل الحفاظ على الوطن لبنان».
كما قدم نواب زحلة درعا الى صفير الذي غادر زحلة بطوافة عسكرية عائدا إلى بكركي.
جريدة السفير

No comments:

Post a Comment