Tuesday, June 22, 2010

حين يتطوّع أهل البيت لفتح الملفات...
جان عزيز
غريب قانون المحرّمات لدى الأجسام الكنسيّة. طبعاً، لا يمكن مقارنته بقانون الصمت أو «أومرت» لدى بنيات المافيا. غير أن الكثير من مفاعيل القانونين تتشابه وتتطابق...
يكفي أن تكتب إشارة ما، إلى محرّمة كنسيّة ما، حتى تنهال عليك الاتصالات، عارضةً المزيد، ومتطوعةً لكل إفاضة واستزادة. وكلّها مدقّقة بالوقائع، وموثّقة بالأسماء والبيّنات، وخصوصاً أنها كلّها من مصادر أهل البيت.
تتحدث عن بعض ملفات الكنيسة المارونية، العالقة والمقلقة لأهلها؟ هناك الكثير غيرها: مثلاً هل تعلم أن روما ـــــ حتى اللحظة ـــــ لم تقبل بعد بتأجيل انتخاب الأساقفة الثمانية الجدد؟ وهل تعلم أن إيعازاً حَبرياً قد وصل إلى بكركي بضرورة عدم تجاهل المسألة ولا تركها مرجأة من دون مواعيد؟ حتى إن الرغبة الفاتيكانية كانت واضحة بضرورة أن يكون الأساقفة الجدد المنتخبون جاهزين للمشاركة في سينودس الخريف المقبل، وبالتالي أن يكون المجمع قد عُقد خلال أسابيع قليلة، وتكون سيامتهم قد جرت قبل نهاية الصيف...
ثم عن العلاقة بين الانتخاب الأسقفي الجديد، والضجة المثارة حول أحد المسؤولين الإداريين في الصرح البطريركي، هل تعلم أن ترتيباً يُعدُّ من دون ضجّة لإعفاء المسؤول المذكور من مسؤولياته، عبر «نفيه» أسقفاً وزائراً إلى كندا، بحيث تأتي التسوية بلا ضجة ولا مساءلة؟
وهل تعلم أن أسقفاً آخر على أبرشية خارج لبنان أُعفي عملياً من مهمّاته، مع أنه لم يبلغ سن التقاعد الأسقفي ـــــ 75 عاماً ـــــ وأن الأمر حصل لأسباب «مجهولة»؟ وهل تعلم أن تدبيراً قضى بنقل أسقف من مهمته زائراً رسولياً في منطقة عربيّة، إلى موقع الزائر البطريركي على تلك الأبرشية المجاورة للبنان، إثر تنحية راعيها ومطرانها؟
تريد المزيد؟ هل تعلم أن أحد الأساقفة تقدّم أخيراً باستقالته من مجلس إدارة وسيلة إعلامية شبه كنسيّة، نتيجة خلافات لم تخلُ من الحدّة بين المعنيين؟ وهل تعلم أن مسؤولاً كبيراً غير مدني نقل إلى المسؤولين الكنسيين معلومات دقيقة، تلامس الشكوى، بشأن بعض أهل البيت؟ وهل تعلم أنه ناشد المعنيين معالجتها بالسبل الممكنة؟
لا تكاد تقفل على نفسك هذا الباب، حتى يأتي مَن يفتح لك آخر: أنت تكتب عن الموارنة؟ وماذا عن الكنائس الأخرى؟ هل تعلم أن سينودس كنيسة الروم الملكيين المنتهية أعماله يوم أمس، قد حذا حذو بكركي؟ ذلك أن بين أعضائه ثلاثة أساقفة هم أيضاً قد بلغوا سن التقاعد الأسقفي كنسيّاً. وكان يفترض بالمجمع أن يبادر إلى انتخاب مَن يخلفهم. غير أن المفاجأة كانت أن «العدوى المارونية» انتقلت من بكركي إلى الربوة، حتى إن الحجّة قد قِيلت علناً في المجمع: لماذا علينا أن ننتخب ما داموا لم يفعلوا منذ أكثر من سنة؟ وما دامت روما ساكتة عن «التمديد»؟ هكذا انتهى المجمع إلى إبقاء أبرشياته الثلاث ـــــ في كل من طرابلس وزحلة وبيروت وجبل لبنان ـــــ مشغولة بأصحاب السيادة المتقاعدين...
تترك الملكيين بحالهم، فيأتيك من يفتح النافذة على «مستقيمي الرأي»: يسألك: لماذا لم تتابع قضية مستشفى رفيق الحريري في جامعة البلمند الأرثوذكسية؟ ألم تعرف أن المسألة وُجدت منذ طرحها قبل مدة طويلة مسألة خلافية داخل المجمع المقدس للكنيسة المسؤولة عن الجامعة والمشروع؟ وأن «المكرمة» الحريرية كانت موضع تحفّظ كبير لدى قسم من الأساقفة؟ وأنها لم تكن لتمر لولا أن صاحب الغبطة وضع ثقله في الميزان، وطالب بإمرارها؟
ثم، ألم تلاحظ ما حصل أثناء حفل التدشين؟ كانت المرة الأولى التي تقيم فيها الكنيسة الأرثوذكسية احتفالاً بوضع حجر أساس، من دون وضعه، لأن الطقوس الكنسيّة الأرثوذكسية تقضي في هذه الحال، برشّ المياه المقدسة، فيما اعتبارات صاحب «المكرمة» تتحفّظ عن ذلك، فاكتُفيَ بإزاحة ستارة عن لوحة رخامية، بعيداً عن موقع المستشفى المنوي تشييده. حتى اللوحة كانت موضع سجال، ذلك أن البعض لفت إلى ضرورة تضمينها مفردة «الشهيد» عند ذكر رفيق الحريري، فيما القاموس الكنسي الأرثوذكسي يحتفظ بهذه المفردة للقديسين من آباء الكنيسة وأبطال إيمانها فقط...
تريد فتح الملفات؟ الأفضل أن تنسى الموضوع، فالنسيان رحمة للمؤمنين.

عدد الثلاثاء ٢٢ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment