Tuesday, June 22, 2010

انفجار زحلة
السياسيّة
لم تحسم الأجهزة الأمنية بعد حقيقة «انفجار» المنطقة الصناعية في زحلة؛ فالتحقيقات المتواصلة أعطت أدلة أولية غير نهائية على عدم وجود «نيات» إرهابية أو تخريبية كانت ستستهدف البطريرك نصر الله صفير
عفيف دياب
توصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية إلى تكوين صورة غير مكتملة العناصر والأدلة عن الانفجار الذي وقع ليل السبت الماضي داخل محل للخرضوات وبيع قطع غيار السيارات في المنطقة الصناعية شرق مدينة زحلة. وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إن التحقيقات «لم تنته بعد، لكن توصلنا إلى معطيات عدة وأدلة تثبت وتؤكد أن الانفجار وقع «عرضياً» وليس ناجماً عن عمل إرهابي كان يُعَدّ لاستهداف البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير. أضافت أن «التحقيق الميداني والأمني المستمر توصل إلى عوامل وأدلة تنفي وجود ما نشرته أو بثته بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية». وتعدّد المصادر الأمنية لـ«الأخبار» بعض العناصر والأدلة التي حسمت بنسبة 80% خلال التحقيقات الأولية، و«هي تنفي حتى اللحظة وجود نيات تخريبية أو إرهابية كان سيقدم عليها الموقوفان والقتيل زياد حسين، لكن التحقيق لا يزال جارياً ولا يمكن منذ الآن حسم الملف، سلباً أو إيجاباً». ويوضح مصدر أمني أن الأدلة التي جرى التوصل إليها حتى اللحظة هي:
تعيش مجدل عنجر تحت ضغط اتهامات أمنية وإعلامية وسياسية
1ـــــ عدم وجود حفرة أو ثقوب أو شظايا ناجمة عن الانفجار في موقعه أو خارجه.
2ـــــ وجود مادة بنزين داخل محل الخرضوات وقطع كسر السيارات ومواد أخرى قابلة للاشتعال السريع.
3ـــــ الجريحان كانا خارج المحل، وأحدهما نقل الآخر إلى المستشفى وأبلغ القوى الأمنية فوراً قبل وصوله إلى المستشفى بوجود زميل ثالث لهما داخل المحل، طالباً إسعافه.
4ـــــ أبلغ الجريح خالد حمزة المحققين بأنهم لحظة وصولهم إلى المحل، وخلال إقدام زياد حسين على إشعال «قداحته» لتتسنى له الرؤية، اشتعلت النيران فوراً وحصل ما يشبه الانفجار.
5ـــــ صاحب المحل خالد دلة سلم نفسه فوراً لمخفر درك المعلقة حين سمع بالانفجار داخل محله عبر وسائل الإعلام، واضعاً نفسه بتصرف الأجهزة الأمنية، وقد أبلغ ما جرى معه وكيف حضر الثلاثة طالبين منه التوجه معهم إلى المحل لإحضار قطعة غيار لسيارة، وقد أعطاهم المفتاح على أن يلحق بهم.
6ـــــ جثة القتيل زياد حسين متفحمة بالكامل، ولا آثار لشظايا ناجمة عن انفجار، كذلك فإن الجريحين مصابان بحروق فقط.
يضيف المصدر الأمني لـ«الأخبار» أن هذه الأدلة تعطي إشارة أولية إلى عدم وجود نيات تخريبية، وتنفي أيضاً وجود مواد تفجيرية أو ما شابه، تستخدم في الأعمال الإرهابية. ويتابع ان التحقيقات منصبة الآن على معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء وجود هؤلاء الشباب الثلاثة في المكان والزمان غير المناسبين، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية المعنية «لم تصدر بياناً توضيحياً لأنها لم تنجز تحقيقاتها بعد، وما صدر في وسائل الإعلام ليس رسمياً أو من مصدر أمني رسمي، بل هي قد تكون من مصادر أخرى غير معنية بالتحقيق ومتابعته وليست أمنية رسمية». ويكشف أن «المعلومات الأولية التي حصلنا عليها لحظة الانفجار، سمحت باستبعاد أولي لنظرية «المؤامرة» لهدف تخريبي أو أمني يطال البطريرك، لكن الحادث، بتوقيته ومكانه وهوية الأشخاص، استدعى توسعاً في التحقيق لتوفير مزيد من التأكيدات الحسية والتقنية والعلمية لحسم الجدال وتبيان الخيط الأبيض من الأسود، وقد شارفنا على إنجاز الملف وأسبابه، وسنحتاج إلى وقت إضافي قصير جداً لتحليل بعض المواد الأخرى التي أُخذت منها عينات من داخل المحل».
توصل الأجهزة الأمنية المعنية بملف التحقيق بالانفجار إلى تكوين صورة غير مكتملة بعد عما حصل، واستبعاد أولي لنظرية عمل تخريبي كان سيستهدف صفير، كان واضحاً بعد ساعات من وقوع الانفجار، وهو خلاصة تحقيقات أولية جرت ليل السبت وأبلغت إلى المعنيين في الكنيسة التي لم تلغ زيارة صفير أو تعدل في برنامجها يوم الأحد. ويقول المصدر الأمني: «الأدلة الأولية التي لمسناها حسياً وأمنياً أعطت ما توصلنا إليه لاحقاً من أنه لا نيات أمنية كانت ستطال زيارة البطريرك، وكل ما حكي ليس إلا تخمينات إعلامية». هذا الكلام الأمني أكده أيضاً رئيس بلدية مجدل عنجر سامي العجمي الذي زار على رأس وفد من البلدة مرجعاً أمنياً لاستيضاح ما جرى. وأبلغ العجمي «الأخبار» أن الأجهزة الرسمية المعنية بما جرى في المدينة الصناعية «قالت لنا إنه لا أدلة بحوزتها على وجود نيات تخريبية». أضاف أن الأجهزة الأمنية «تركز في تحقيقاتها على أسباب اندلاع النيران في المحل، وقال لنا لا وجود لانفجار»، موضحاً أن الجيش سيسلم جثة القتيل زياد حسين إلى ذويه اليوم تمهيداً لدفنه.
ما صدر في بعض وسائل الإعلام ليس رسمياً أو من مصدر أمني
التخمينات والمعلومات الإعلامية التي رافقت ما يسمى انفجار المدينة الصناعية في زحلة، أقلقت أهالي مجدل عنجر الذين استغربوا تحميل بلدتهم بالكامل مسؤولية تصرفات بعض شبابها، ومحاولات البعض كتابة سيناريوات أمنية وغير أمنية لمجرد وجود اسم شخص من مجدل عنجر في أمر أو قضية ما. ويقول رئيس نادي الحدود نضال خالد إن «قرينة البراءة غير موجودة عند بعض الأجهزة الأمنية وبعض الوسائل الإعلامية في كل ما يتعلق بمجدل عنجر وأبنائها». ورأى أن «جميع أهالي مجدل عنجر متهمون بالإرهاب، ولو كان الحادث مأساوياً ولا علاقة له بالإرهاب، فالسيناريو الهوليوودي، للأسف، موجود سلفاً في أذهان بعض الأجهزة الأمنية ووسائل إعلام وتنتظر تذيلها بأسماء من مجدل عنجر، وهذا ما يحمّل الأجهزة الأمنية وبعض الإعلامية مسؤولية أخلاقية لتوضيح حقيقة الأمور للرأي العام».
مطالبة أهالي مجدل عنجر بتوضيح الحقيقة كاملة للرأي العام، شدد عليها أيضاً النائب عاصم عراجي، وقال في تصريح صحافي له إن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، داعياً إلى انتظار البيان الرسمي الذي سيصدر عن الجيش اللبناني أو قوى الأمن، ومؤكداً بقوله: «إننا لن نغطي أي شخص إذا ثبتت إدانته، لكن قبل إعطاء الإثباتات يجب أن تحترم كرامات الناس». وأوضح عراجي أن الشخص الذي نقل إلى المستشفى «كان محروقاً ولم يكن هناك أي أثر لشظايا»، داعياً إلى «انتظار التحقيقات التي ستبيّن الحقيقة». بدوره، شجب المكتب السياسي الكتائبي، في بيان اجتماعه الدوري أمس «حادثة التفجير التي وقعت في المدينة الصناعية في زحلة، عشية زيارة البطريرك صفير»، مشيراً إلى أنّ «من الصعب التصديق أن ليست لها علاقة بتلك الزيارة الرعوية التاريخية، علماً بأن البطريرك صفير ليس من النوع الذي تخيفه محاولات كهذه، التي نتمنى أن تكون صفحتها قد طويت إلى الأبد». وطالب الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة التي وضعت يدها على الملف بـ«وضع الرأي العام اللبناني بشفافية على حقيقة ما كان يُدَبّر».

عدد الثلاثاء ٢٢ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment