Tuesday, June 22, 2010

بلمار يحتفظ بأدلّة جنائيّة في قضيّة يدّعي أنها خارج اختصاصه
عمر نشّابة
بأيّ حقّ يحتفظ المدّعي العام في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بالرسائل التي كان قد وجّهها رئيس لجنة التحقيق الدولية سيرج براميرتس إلى المدعي العام لدى محكمة التمييز القاضي سعيد ميرزا بخصوص احتجاز أشخاص؟
إذا كان بلمار يرى أن تلك الرسائل من ضمن وثائق التحقيق السرّية، فهذا يعني أن مضمونها يدخل في صلب اختصاص عمله مدّعياً عاماً.
لكن المدعي العام يقول ويكرّر إن قضية احتجاز الناس في إطار التحقيق قبل انطلاق عمل المحكمة (آذار 2009) ليست من اختصاصه القضائي، لكنه يرفض الإفراج عما بحوزته من دليل في قضية جنائية يدّعي أنها ليست من اختصاصه، وفي ذلك مخالفة صارخة لمبدأ العدالة.
نشرت المحكمة الدولية يوم الجمعة الفائت، على موقعها الإلكتروني الرسمي (www.stl-tsl.org/sid/55 [1])، نسخاً عن الوثائق المرسلة الى قاضي الإجراءات التمهيدية دنيال فرانسين من قبل اللواء الركن جميل السيّد والمدعي العام الدولي دنيال بلمار. وكان السيّد قد تقدّم، بواسطة وكيله القانوني المحامي أكرم عازوري، في آذار الماضي من الرئيس القاضي انطونيو كاسيزي بطلب تحديد الصلاحية في قضية الاعتقال التعسّفي الذي تعرّض له.
لم يكن أمام كاسيزي من خيار إلا أمر فرانسين بتلقي مذكرة السيّد وتحديد البرنامج الزمني للمداولات التي قد تختتم بعقد جلسة علنية يحسم فيها الأمر. إذ إن القضية في منتهى الوضوح وهي تتعلّق بالحقّ البديهي لإنسان احتجز تعسّفياً في مقاضاة محتجزيه ومن يقف وراءهم. حدّد فرانسين البرنامج الزمني فمنح بلمار 14 يوماً للردّ على السيّد، ومن ثمّ للسيّد 14 يوماً للردّ على الردّ، ويُمنح بعد ذلك كلّ من الطرفين سبعة أيام للإدلاء بملاحظاتهما.
ردّ بلمار في 4 حزيران الفائت، وردّ عليه السيّد في 17 حزيران. قال بلمار إنه لن يغوص في أساس هذه القضية، مشدّداً على أنه لا صلاحية للمحكمة الدولية، بحسب نصوصها، للنظر باحتجاز السيّد. وأضاف إنه لا صفة قانونية للسيّد بالتقدّم بما تقدّم به الى قاضي الإجراءات التمهيدية، فهو ليس مشتبهاً فيه. وضمّ بلمار الى ردّه مئات الصفحات تضمّنت اجتهادات دولية في هذا السياق. وأخيراً شدّد على سرية المعلومات التي بحوزته لحين إصداره القرارات الاتهامية.
بالمقابل، سعى السيّد ومحاميه أكرم عازوري الى تثبيت أن ما تقدّم به بلمار غير دقيق، إذ إن المراجع التي استعان بها بلمار لدعم موقفه لم يطّلع، على ما يبدو، على كامل مضمونها بحيث إنها تدحض ادعاءات بلمار. فكيف يمكن أن يلغي المدعي العام صلاحية المحكمة النظر في قضية الاعتقال التعسّفي، بينما لا يلغي استعانته بمضمون التحقيقات التي أجريت خلال المدة التي سبقت انطلاق المحكمة، بما فيها التحقيقات التي قام بها عندما تولى بنفسه رئاسة لجنة التحقيق الدولية؟
السيد يطالب بحقّه البديهي في المثول أمام المحكمة، وبالتالي هو يطالب بحقّه في الاطلاع على محاضر الاجتماعات والمراسلات بين لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني بخصوص استمرار احتجازه، وبحقّه في الاطّلاع على تقارير يشتبه في أن «شعبة» المعلومات في قوى الأمن الداخلي أرسلتها الى اللجنة الدولية بخصوص الاحتجاز. وكذلك يطالب السيد بحقه في الاطلاع على تفاصيل تنحية القاضي إلياس عيد من قبل القاضي رالف رياشي، وإذا كان لذلك علاقة بسعي عيد إلى فكّ احتجاز السيّد.
لعلّ السؤال الأبرز الذي يطرح هنا هو: ماذا سيفعل بلمار بكلّ تلك الوثائق التي يحتفظ بها؟ هل في قواعد الإجراءات والأدلّة ما يشرّع له الاحتفاظ بها أصلاً؟ وأليس احتفاظه بوثائق تتعلّق بقضية جنائية «من خارج اختصاصه» ما قد يدعو الى الشكّ؟ أمام بلمار سبعة أيام للإدلاء بملاحظاته على ردّ السيّد، فلننتظر جوابه. إما أن يرضخ لمعايير العدالة أو يستمرّ بإضعاف صدقيّة المحكمة الدولية الخاصّة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟

عدد الاثنين ٢١ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment