Saturday, July 31, 2010

قمة ثلاثيّة بلقاءات ثنائية ترضـي كلّ الأطراف
الأسد يسقي شجرة الصداقة اللبنانية ــ السورية في باحة قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)انتهت القمّة الثلاثية التي جمعت الرئيس ميشال سليمان والملك السعودي عبد الله والرئيس بشار الأسد في بيروت، بتأكيدات ترضي الجميع، حضر فيها تعزيز الأمن، وضرورة عدم اللجوء إلى العنف، وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، وقبل كل ذلك «ضرورة» السعي إلى إقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط
245 دقيقة فقط، هي المدّة التي أمضاها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشّار الأسد، في لبنان، وتحديداً في بقعة لم تتجاوز قصر بعبدا، عند تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، لأحدهما، وامتدت بالثاني إلى وسط بيروت. لكنها مدّة كانت كافية لتحقيق أول «معجزة» لوصول قطبي معادلة الـ«سين. سين» معاً إلى بلد «ثورة الأرز» في شهر انتصار المقاومة، وهي حصول اتفاق لبناني فريد من نوعه على الإشادة بـ«الزيارة التاريخية»، والتعويل على نتائجها في تخفيف التوتر اللبناني.
وفي ما عدا هذه «المعجزة» فإنّ النتائج العملية للزيارة العربية الثنائية، لم تظهر مباشرةً، إذ لم يسمع صوت أيّ من الزائرين بعد قمتهما الثلاثية مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، كما لم يصدر أيّ بيان رسمي مشترك عن مضمون المحادثات ونتائجها، واستُعيض عن ذلك بالخبر الرسمي الذي وزّعه المكتب الإعلامي في قصر بعبدا، عن مباحثات القادة الثلاثة، وما أكدوه، والذي لم يتعدّ عبارات يمكن كلّ طرف أن يقرأ فيها ما يطمئنه ويريحه، بدءاً بتعزيز الأمن والاستقرار و«النمو الاقتصادي والاجتماعي»، مروراً بالتشديد على الحوار وعدم اللجوء إلى العنف، وصولاً إلى «ضرورة» السعي إلى سلام «عادل وشامل» في المنطقة.
وبحسب ما أذاعه المكتب الإعلامي الرئاسي، فإنّ سليمان وعبد الله والأسد، عقدوا أمس قمة في القصر الجمهوري في بعبدا، وأجروا مباحثات تناولت «سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان، وتحسين فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي». ونوّهوا بـ«التطورات الإيجابية التي حصلت على الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة»، وأكّدوا «استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنية ودرء الأخطار الخارجية»، وأعلنوا «تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقها اليومية لسيادته واستقلاله، وسعيها إلى زعزعة استقراره».
الحريري والملك عبد الله في وسط بيروت أمس (بلال جاويش)وأكّدوا أيضاً «أهمية الاستمرار في دعم اتفاق الدوحة، واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني، والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف، وتغليب مصلحة لبنان العليا على أيّ مصلحة فئوية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات».
وقبل الانتقال إلى الوضع الإقليمي، أشار المكتب إلى أنّ ملك السعودية والرئيس السوري أكّدا «استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما هو في مصلحة اللبنانيين». ثم ذكر أنّ القادة الثلاثة عرضوا «تطور الأوضاع على الصعيد الإقليمي»، وأكدوا «ضرورة التضامن والوقوف صفاً واحداً لرفع التحديات التي تواجهها الدول العربية، وعلى رأسها التحدي الإسرائيلي، الذي يتمثّل في استمرار الاحتلال للأراضي العربية والممارسات التعسفية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وحصار غزة، والسعي المدان لتهويد مدينة القدس، وكذلك مواجهة ما يحاك للمنطقة العربية من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفية والمذهبية، التي لن تكون أيّ دولة عربية بمنأى عن تداعياتها، هي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك». وأكّدوا في هذا المجال «ضرورة السعي بصورة حثيثة إلى إقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، دون إبطاء، وضمن مهل محددة، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام في جميع مندرجاتها».
وكان الزعيمان السعودي والسوري، والوفدان المرافقان لهما، قد وصلوا بعد ظهر أمس، في موكب طيّار، حيث حملت طائرة ملكية سعودية، الوفد السعودي، وحطت في مطار رفيق الحريري الدولي عند الساعة الثانية، ووصلت بعدها بربع ساعة، طائرة تقل عبد الله والأسد معاً. ووصلت بعد فترة، طائرتان رئاسيتان سوريتان، لتقلا الأسد والوفد المرافق في طريق العودة.
وكان في استقبال الضيفين في المطار، رئيس الجمهورية، رئيسا مجلسي النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري، وحشد من الشخصيات اللبنانية والسفراء العرب.
وبعد استراحة قصيرة في الجناح الرئاسي في المطار، انتقل الحدث إلى القصر الجمهورية، حيث أخذت الصورة التذكارية في بهوه، ثم عقد سليمان وعبد الله والأسد قمة ثلاثية، انضم إليها لاحقاً بري والحريري، قبل أن تتحول إلى اجتماع موسّع شارك فيه وزراء خارجية الدول الثلاث: علي الشامي وسعود الفيصل ووليد المعلم، إضافةً إلى المدير العام لرئاسة الجمهورية ناجي أبي عاصي، رئيس الاستخبارات العامة في السعودية مقرن بن عبد العزيز، والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان. وخلال الاجتماع، قدّم سليمان إلى كل من ضيفيه وسام الأرز الوطني ـــــ القلادة الكبرى، وبادله الأسد بوسام أمية الوطني ذي الوشاح الأكبر.
وبعدما تفقّد الزعماء الثلاثة، شجرتي الصداقة اللبنانية ـــــ السعودية، واللبنانية ـــــ السورية في الحديقة الرئاسية، وقّع كل من عبد الله والأسد السجل الذهبي لرئاسة الجمهورية، وأعربا في كلمتيهما عن السعادة بالزيارة، متمنّيَين للبنان وشعبه المزيد من التقدم والأمن والاستقرار والازدهار.
وفي «قاعة 25 أيار»، أقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء على شرف الضيفين والوفدين المرافقين لهما، حضرها حشد لبناني رسمي، وسفراء الدول العربية والإسلامية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. واستُثني من الدعوة إليها رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة السابقون، ورؤساء الأحزاب من غير الوزراء والنواب، الأمر الذي أثار اعتراض حزب الكتائب ومقاطعة وزيره ونوابه للغداء.
وإلى القمة الثلاثية، عقد سليمان والأسد لقاءً ثنائياً بحثا خلاله العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، وسبل تطويرها وتعزيزها على كل المستويات وفي شتى المجالات، بحسب ما ذكر المكتب الإعلامي في قصر بعبدا. كذلك التقى الأسد بري، في إحدى قاعات قصر بعبدا، إضافةً إلى عقد سلسلة اجتماعات جانبية بين أعضاء الوفود الثلاثة، فيما زار الملك السعودي دارة الحريري في وسط بيروت، حيث التقى حشداً من الشخصيات السياسية والدينية، معظمها ممن استُثني من غداء بعبدا.
وعند السادسة والثلت غادر عبد الله، وتبعه مباشرةً الأسد عائداً إلى دمشق، فيما توجّه ملك السعودية إلى الأردن، حيث عقد قمة مع الملك عبد الله الثاني، وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أنّ الزعيمين بحثا التطورات اللبنانية، وشدّدا على وقوفهما إلى جانب لبنان «في جهوده لتعزيز أمنه واستقراره، ودعم وحدة صفه الداخلي ووفاقه الوطني». كما بحثا ملفي العراق وفلسطين، و«الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفي سياق إقليمي شامل يضمن استعادة جميع الحقوق العربية».
وفي المواقف قالت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان، لوكالة «يو بي آي»، إن زيارة عبد الله والأسد لبيروت «خطوة مهمة على طريق وحدة الصف العربي، وطريق التضامن العربي لمواجهة كل التحديات التي بدون شك تستهدف العرب جميعاً في أقطارهم». ووصفت لقاءهما في دمشق بأنه كان «مهماً جداً واتسم بالكثير من المودّة والمحبة والثقة»، مضيفةً «وأعتقد أنه حين تتوافر هذه العوامل فإنّ هذا الأمر ينعكس على الملفات الساخنة في العالم العربي، ويسهم في حل هذه الملفات».
وانتقدت تصريحات الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي قائلةً «من غير اللائق التدخل في العلاقات السورية السعودية، لأنه حين تحضر سوريا والسعودية لا توجد أي كلمة، ولا علاقة للولايات المتحدة في ما بينهما ولا في المنطقة، لأنهما دولتان مستقلتان صاحبتا كرامة، وهما مهتمتان بقضايا المنطقة وشعوبها، ولا يردّان على الإملاءات والتدخلات الخارجية».
وفي المواقف اللبنانية، قال النائب حسن فضل الله لوكالة «فرانس برس»، إنّ حزب الله ينتظر أن تترجم نتائج زيارة عبد الله والأسد «لمصلحة حماية لبنان في مواجهة محاولات إسرائيل جرّه إلى أتون فتنة لا تهدّد لبنان فقط، بل تهدّد المنطقة بأسرها». وأعلن ترحيب الحزب «بكل جهد، وخاصةً من أشقائنا العرب، لدرء مخاطر هذا المشروع الإسرائيلي الجديد، الذي يطل برأسه من خلال قرار اتهامي أعلن من إسرائيل»، مؤكّداً أن التطورات المتعلقة بالمحكمة الدولية «ومحاولة توظيفها سياسياً من جانب أعداء لبنان، وفي مقدمهم إسرائيل، كانت المحور الأساسي للقمة» في بيروت. وتخوف من أن تلجأ الإدارة الأميركية «إلى تعطيل هذا الجهد، وإبقاء الأمور متوترة لمصلحة إسرائيل».
تأكيد على تغليب المصلحة العليا على أيّ مصلحة فئوية والاحتكام إلى حكومة الوحدة لحل الخلافات
حزب الله: ننتظر أن تُترجم النتائج بحماية لبنان في مواجهة محاولات جرّه إلى فتنة
وفي حديث لمحطة «سي إن إن»، وصف الرئيس فؤاد السنيورة، الزيارة بأنها «تاريخية بكل معنى الكلمة»، وهي «بمثابة رسالة مشتركة تفيد أن سوريا والسعودية بلدان معنيان بالسلام والاستقرار في البلد، لن يسمحا لأيّ جهة بأن تعبث بأمنه، أو أن تعمل على تحويل لبنان مسرحاً لأيّ مغامرة من أيّ نوع كانت». ورفض ربط الزيارة بتطوّرات المحكمة الدولية، قائلاً إن هدفها هو إعطاء رسالة كي لا يجري العبث بالمحكمة «من خلال إطلاق التكهنات».
وقد التقى السنيورة أمس السفيرة الأميركية ميشيل سيسون، وذكر مكتبه الإعلامي، أنّ الزيارة وداعية «كان فيها بحث للأوضاع الراهنة».
يشار إلى أنّ كتلة نواب القوات اللبنانية، لم تحذُ حذو زميلتها الكتائبية، إذ شاركت في غداء القصر الجمهوري. ولدى وصولها إلى بعبدا، قالت النائبة ستريدا جعجع: «حدث اليوم كبير وتاريخي، ومن هذا المنطلق نحن موجودون هنا، على الرغم من الخطأ الشكلي مع رئيسنا الدكتور سمير جعجع. وفي بناء الأوطان نتجاوز الشكليات». وتابعت، متجاهلةً أحد الضيفين: «ولا ننسى أنّ الضيف الموجود هنا، الملك عبد الله، أسهم في استقرار لبنان، ولا يزال يسهم في ذلك».
في مجال آخر، مدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما (واشنطن ـــــ محمد سعيد) العمل بقانون الطوارئ الوطني الخاص بلبنان عاماً آخر، وهو قانون يدعو إلى تجميد أصول أشخاص ترى الولايات المتحدة أنهم يهدّدون سيادة لبنان والعملية الديموقراطية فيه، بزعم استمرار نقل الأسلحة إلى حزب الله. وقال في رسالة وجّهها إلى الكونغرس إنه على الرغم من تسجيل تطور إيجابي في العلاقة بين سوريا ولبنان أخيراً، إلّا أنّ استمرار نقل الأسلحة إلى حزب الله، بما فيها الأسلحة الأكثر تطوراً، يؤدّي إلى تقويض سيادة لبنان، ويسهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولا يزال يمثّل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وإنه لذلك مدّد حالة الطوارئ التي أعلنت في عهد سلفه جورج بوش.
وكان البيت الأبيض قد أصدر يوم 2 آب 2007 قائمة بأسماء الشخصيات السورية واللبنانية التي يستهدفها القانون ويحظر دخولها إلى الولايات المتحدة، ضمت النائب الحالي أسعد حردان، والوزراء والنواب السابقين: عبد الرحيم مراد، عاصم قانصوه، ميشال سماحة، ناصر قنديل، ووئام وهاب، ومسؤولين في الاستخبارات السورية من بينهم: مدير الاستخبارات العسكرية آصف شوكت، ومسؤول الاستخبارات السابق في لبنان رستم غزالة، إضافةً إلى جامع جامع، ومستشار الرئيس السوري الجنرال السابق في الاستخبارات العامة السورية هشام اختيار.

عدد السبت ٣١ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment