Sunday, July 25, 2010

أساقفة زحلة حمّلوه "أمانة العمل على التهدئة"
عون: المفاوض الفلسطيني يعرف أن لا حق عودة
ويحاول أن يمرّر عملية التوطين على السكت
زحلة – "النهار":
نأى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون بزيارته لزحلة عن طابعها المحلي، وآثر من خلال لقاءاته مع فاعلياتها ومرجعياتها الدينية وشبابها وكوادر "التيار الوطني الحر" ومناصريه، في اليومين الماضيين، ان يخاطب كل الشعب اللبناني في الهمّ الوطني، متمسكا برسالة واحدة رددها في كل مناسبة وهي ان "الازمة القوية" التي يمر بها لبنان "يمكن تجاوزها بالخطاب العقلاني، والابتعاد عن الغرائز، وردات الفعل السريعة. ندافع عن قضايانا وحقنا من دون حقد وكراهية والعودة الى العنف".
اليوم الثاني من زيارته الزحلية، التي ارادها "غير سياسية وخارج اي توقيت انتخابي" كما قال، استهلها عون بزيارات لأبرشيات مدينة زحلة واساقفتها، وعندما سئل عن دور رجال الدين قال ان "واجب المؤسسات العسكرية والسياسية والروحية ان تحافظ على القيم الانسانية التي تجعل عند الانسان روادع اخلاقية عن القيام بالجريمة او التعدي على الآخر". مذكرا بتجربة الحرب الاهلية التي سقطت فيها مؤسسات المجتمع ومعها القيم.
وقد التقى عون، على التوالي المطران جورج اسكندر ومتروبوليت زحلة للسريان الارثوذكس المطران بولس سفر ومتروبوليت زحلة وبعلبك للروم الارثوذكس المطران اسبيريدون خوري وراعي ابرشية زحلة للموارنة المطران منصور حبيقة وراعي ابرشية الفرزل وزحلة للروم الكاثوليك المطران اندره حداد. وقد اجمع هؤلاء على ابداء خشيتهم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ومن الانقسام المسيحي والوطني. وقدروا "دوره الوطني وموقعه السياسي" وانطلاقا منهما حمّلوه "امانة العمل على التهدئة وازالة التشنج والعمل من اجل وحدة اللبنانيين ووحدة المسيحيين واستعادة دورهم في الحياة الوطنية".
ورداً على هذه المخاوف قال عون انه من خلال كلماته في زحلة "نحاول ان نعقلن الكلام السياسي ونتحدث بلغة فيها شهادة حق ومحبة كما هي المسيحية. كلمة الحق سنقولها، لبنان بلد مستضعف لذلك كثر يعتقدون انهم يستطيعون ان يمرروا الحلول التي يريدونها ولو على حساب اهله. منذ عام 1967 لم نرَ يوما واحداً مستقراً عشنا القلق والخوف احيانا لكننا صامدون". معربا عن اعتقاده انها "المرحلة الاخيرة التي تحضر لنا، نريد اجهاضها قبل ان تبدأ لانه لا يمكن ان يعاملنا العالم بهذا الاحتقار الزائد ونبقى صامتين. يقولون لنا انه في ايلول سنواجه اجواء ساخنة زيتوا البنادق، نظفوا السلاح، حضروا الخرطوش لانكم ستشتبكون بعضكم مع بعض في خطاب وقح جدا يحتقر عقلنا وضميرنا وحقوقنا. نحن اليوم نريد ان ندافع عن قضايانا انما ليس بخطاب مبتذل غرائزي".
منشأ مخاوف عون هو احساس اللبنانيين بالاسوأ من صدور القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وانطلاق السجالات حول حقوق الفلسطينيين في لبنان ونشاط "حركات اسلامية مرفوضة اسلامياً" (قاصدا المؤتمر الاممي لـ"حزب التحرير" في بيروت) ومع محاولات اسرائيل الدائمة لضرب لبنان واحداث فوضى بغية فرض توطين الفلسطينيين، وهي موضوعات اثارها مباشرة وغير مباشرة في كل كلماته الا انه رأى في المقابل ان اللبنانيين قادرون على اجهاض ما يخطط لبلدهم بتضامنهم ووحدتهم الوطنية وبالحوار.
احد الصحافيين سأل عون ما الذي يطلبه من رئيس الحكومة سعد الحريري، فأجاب: "ما اطلبه من نفسي ومن السيد حسن نصرالله، الحقيقة لا تأتي مركبة، الحقيقة بسيطة كما تراني واراك".
بعد اللقاءات الروحية توجه عون الى الكلية الشرقية حيث عقد لقاء عنوانه "ويل لأمة تضحي بشبابها من اجل شيبها".
ولأن الدعوة كانت عامة عبر لافتات رفعت في المدينة كنا نظن ان الرجل الذي خط الشيب رأسه سيكون مكشوفاً في مواجهة الشباب الزحلي على مختلف ميوله السياسية يقارعه في خياراته ومواقفه السياسية التي يصرف ايامه في مناقشتها في غيابه. حضر الرجل وتقاعس الشباب مضحين بفرصتهم لحوار مع زعيم سياسي يخاصمونه، وظل اللقاء محصورا بلون سياسي واحد كما كل اللقاءات السياسية. وما أثّر سلبا ايضا على ديناميكية الحوار هو اعتماد المنظمين الاسئلة المكتوبة التي تولى طرحها عليه الزميل ميشال ابي نجم فحرم العماد عون الرغبة التي ابداها في أن يسمع من الشباب كل همومهم حتى الصغيرة منها.
في حوار الساعتين تمحورت الاسئلة على هواجس المسيحيين من الموضوع الفلسطيني والاصوليات الاسلامية والمحكمة الدولية والاقتصاد وفرص عمل الشباب والجامعة اللبنانية. زحلياً تجاوز العماد عون السؤال عن العلاقة مع رئيس "الكتلة الشعبية" النائب والوزير السابق الياس سكاف الى ابعاد وطنية، حتى شكاوى شباب "التيار الوطني الحر" المتعلقة بأداء حزبهم وشؤونه التنظيمية الداخلية، التي كانوا يتداولونها قبل وصوله، لم تأخذ قسطها من النقاش.
استهل اللقاء الشبابي بكلمة قصيرة للعماد عون، منطلقا مما يرد في النشيد الوطني حول القلم "رمز الفكر والرأي" والسيف "للدفاع عن الفكر والحرية" مشيرا الى ان "القلم وحده ضعيف والسيف وحده غشيم ويبطش".
ولأن الشباب بحسبه، هم الاكثر عرضة للشائعات في بلد تكثر فيه الحوارات المتلفزة ونشرات الاخبار، فقد اكد لهم ان "للحقيقة وجهاً واحداً لتبيانه: عليهم ان ينّموا الحس النقدي والفكر". معتبرا ان على "المربين والاهل ان يعطوا التوجهات الاساسية للشباب ليتمكنوا من بناء مجتمع متضامن متكافل. فالحياة الاجتماعية لا تستقيم بالتفرد والمصالح الشخصية". معددا القواعد "كي يتمكن الوطن ان يعيش متضامنا وهي الاحترام المتبادل لحريات الفكر والمعتقد والتعبير". مشددا على حق الاختلاف "لان الانسان مبني على الفرادة". وقال "المشترك بيننا هو البعد الانساني لكن فيه فرادتنا. الاختلاف في الرأي يكوّن الرأي الافضل. في المجتمع المتنوع بالحوار نصل الى خلاصة تكون الافضل، في السياسة والدين وفي كل الموضوعات الاخرى. هذا ليس امرا سهلا انما يجب تنميته وعيشه وليس فقط تلقينه وهو يوفر علينا صدامات ليس لها سوى نتائج سيئة".
وحضّ عون الشباب على تحصيل العلم وحذرهم من تشويه الوقائع "بحيث يصبح القاتل بطلا والبطل قاتلا". ولفتهم الى المخاطر التي يتعرض لها لبنان مشددا على ان "الارض هي العنصر الاول للهوية، من دونها يصبح الشعب لاجئا ومن دون شعب تصبح الارض مشاعا. يجب ان نحافظ على ارضنا ولا نبيعها ونهاجر عند اول حاجة".
وفي الحوار سئل عون عن اللاجئين الفلسطينيين فأجاب ان "الفلسطيني الذي يفاوض يعرف انه لا يوجد حق عودة ويحاول ان يمرر العملية "على السكت" بدمج الفلسطينيين في اماكن اقامتهم". وتوجه الى الفلسطينيين قائلاً: "نحن مستعدون لأن نقاتل معكم حتى تعودوا، اما اذا قبلتم بحل غير العودة اي الاستيطان، سندلكم على دول الاستيطان. يمكنكم ان ترافقونا الى اوستراليا واميركا وافريقيا وآسيا".
ورداً على سؤال عن المحكمة الدولية قال: "انهم يفتشون على احد يلبّسونه الجريمة". وسأل: "هل ان الجرائم الـ 14 التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصلت كلها الى الكمال بحيث لم ينكشف احد في جريمة نتيجة خطأ ارتكبه؟ الجرائم لا تختفي الا اذا كان القاتل هو الذي يحقق".
واضاف: "نضع علامة استفهام كبيرة على المحكمة. لماذا هناك استثناء لاسرائيل من الاتهام؟ لماذا لم يفتح المسار الاسرائيلي ولو على سبيل التحقيق؟ العميل محمود رافع ارتكب 3 جرائم قبل اغتيال الرئيس الحريري وجريمتين بعد اغتياله. لماذا دائما الدوائر كلها تحوم هنا في لبنان؟ صحيح ان الجريمة عندنا طالت رئيس حكومتنا، لكن في هذه الدولة الصغيرة المستضعفة التي توجد فيها كل القوى الدولية تريد ان تفرض عليها حلا، هل اللبنانيون من يريدون زعزعة سياسة وطنهم ام انهم يريدون ان يضربوهم بعضهم ببعض؟ ما معنى ان نعامل بهذا الاحتقار؟ بدأوا يعطوننا اوامر ايحائية، كأنهم يريدون تنويم الشعب اللبناني مغناطيسيا. حمّوا اسلحتكم يجب ان تصطدموا بعضكم ببعض على اثر اعلان الاتهام لـ"حزب الله". لم نصل الى هذه الدرجة من السخافة لنخضع للمواقف الايحائية".
وسئل عون عن مستقبل التحالف بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" اذا صدر قرار ظني يتهم الاخير باغتيال الحريري، فأجاب: "ان التحدي الكبير هو وجود قرائن، وليس قرارا ظنيا مبنيا على تهمة ومن ثم نبحث عن شهود. لماذا خسرت المحكمة من صدقيتها؟ لانها تفتش عمن تلبسه طربوش الجريمة. لماذا كل هذه الدعاية والتحضير لأيلول؟ عندما توجد قرائن دامغة لتعلن لا احد يقول كلا. لكن عندما تكون استنتاجية وعائدة الى اقتناع القاضي فقط في قضية وطنية مثل هذه القضية فانها تخلخل مجتمعاً باكمله، حتى لو كان هناك اقتناع لدى القاضي من اين شكَّل اقتناعه؟ في تصريح للمدعي العام لدى المحكمة الدولية دانيال بيلمار قبل ايام من الولايات المتحدة الاميركية تحدث عن اتهام 6 الى 7 اشخاص انما لا توجد مستندات قانونية قوية. ماذا يعني هذا الكلام إلا انها تجرب فينا؟ ان تستعملنا حيوانات مخبرية لتروا ماذا يحل بنا لدى الاتهام؟"
وفي الشأن الزحلي وعلاقته مع النائب والوزير السابق الياس سكاف، قال عون: "تعمدت ان تكون هذه الزيارة بعد الانتخابات البلدية لسبب ان لقائي معكم ليس جوهره استقطاب اصوات، ولكن للتعارف واعطاء بعض الافكار للشباب وعليها يبني خياره. حصل خلاف في النظرة الى بعض الموضوعات الاساسية في ادارة الحياة السياسية الداخلية في لبنان وفي المنطقة. سمعت كلاما لو اعتبرته صحيحا لما اتيت، منه ان زحلة مقبرة الاحزاب. قد تكون هناك تجربة سيئة مع الاحزاب لكن هذا لا يعني ان الحياة الحزبية ليست جيدة. من دون تكتلات سياسية كبيرة وفاعلة لا يمكننا ان نؤثر في المجلس النيابي، اذا اردنا فكرا اصلاحيا فلا يمكننا الا ان ننخرط في حزب او ندعمه".
وأضاف: "بعد الانتخابات البلدية قلنا لن نقتصّ من زحلة. اصواتنا ستبقى في الجهة التي نعتبر انه يجب ان تكون فيها. ونريد ان نجرب استفتاء على وجودنا، فوجدنا ان لنا وجوداً وجئنا لنزوره. لكن هذه الزيارة كان يجب ان تحصل من زمن قبل الانتخابات النيابية.
ولما هتف احدهم "زحلة لك جنرال" قال: "عندما تكون زحلة لاهلها تكون لي، وان لم تكن لاهلها لا تكون لي. لا تظنوا انه في تعاطينا السياسة لا نحترم خصوصيات المجتمع الذي نوجد فيه، الخصوصيات التي نعتبرها مزعجة نلقي الضوء عليها لحصول تغيير بارادة اهل المجتمع وليس بالضغط. التحول يكون بشكل طبيعي والتغيير ضروري في المجتمعات".

No comments:

Post a Comment