Monday, July 26, 2010

نصر اللّه يرفض المخارج ويبطل مقترحَي جنبلاط والسعوديّة
ابراهيم الأمين
خلال وقت قصير، سيتّخذ الرئيس السوري بشار الأسد قراره بشأن الاقتراح السعودي مرافقة الملك عبد الله إلى بيروت يوم الجمعة المقبل. ملك السعودية كان قد أوفد ابنه عبد العزيز إلى دمشق عارضاً مساعي سعودية جديدة بين سوريا ومصر، وأنّ الملك يودّ لو يتزوّد بشيء قبل انتقاله الأربعاء إلى القاهرة، حيث يُفترض أن ينتقل منها إلى العاصمة السورية قبل أن يزور لبنان الجمعة، لعدّة ساعات كما هو مقرّر حتى الآن.
في دمشق، ينفون أن يكون عبد العزيز قد شارك في مباحثات الأسد والرئيس سعد الحريري، لكنهم لا ينفون أنّ عبد العزيز جاء ليتحدث أيضاً عن الوضع في لبنان. من زاوية علاقة دمشق بالحريري. ومن زاوية التوتّر المستجد نتيجة تبلّغ حزب الله من الحريري نفسه ومن آخرين أنّ هناك توجّهاً لإصدار قرار اتّهامي يتهم عناصر من الحزب بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
حسب المعنيّين، فإنّ البحث كان طويلاً، وقد شمل نقاطاً عدّة، وإنّ الموفد السعودي سمع رأي الرئيس السوري في العلاقة المرتبكة مع الحريري، وخصوصاً أنّ الأسد كان قد انتظر سلوكاً مختلفاً من الحريري حيال مسائل كثيرة تخصّ العلاقات الثنائية، وتخص تفاهمات جرت بينهما في وقت سابق. وبدا للبعض في دمشق، أنّ الحريري غير قادر أكثر منه غير راغب في إدخال تعديلات جوهرية على السياق السياسي الذي يعتمده، وقد عمل المسؤول السعودي على ترتيب العلاقة بالقدر الذي يمنع أيّ انفجار، والرياض هنا باتت تعرف خريطة طريقة الهدوء والاستقرار، وخريطة ألغام التوترات والانفجارات. وبدا في أكثر من مناسبة أنّ التعهدات السعودية للمسؤولين السوريين لا تنعكس التزاماً جدياً من الحريري، وهو ما ترك أثره السلبي عند الأسد، إلى حدود أنه كان قد أبلغ من يهمّه الأمر أنّه لا يريد أن يفرض شيئاً على أحد، وأن الحريري يمكنه بناء علاقة عمل جدية مع سوريا، وهناك مجالات للحوار والتعاون مع نظيره السوري محمد العطري. وبحسب هذه الفكرة كان يفترض بالأسد أن يلتقي الحريري والوفد المرافق بحضور العطري ومسؤولين سوريين آخرين، الأمر الذي فُهم على أنه لقاء بروتوكولي يهدف إلى تحديد إطار ضيّق للعلاقة مع الحريري، فكانت الاتصالات التي شارك السعوديون في جانب منها، لإعادة فتح النقاش بطريقة مختلفة، الأمر الذي أدّى إلى تعديل في برنامج زيارة الحريري لجهة بقائه وعقد لقاءات إضافية وصريحة مع الأسد.
لكن من ينظر إلى نتائج هذه الزيارة على مستوى سلوك الحريري والمقرّبين منه إعلامياً وسياسياً وأمنياً، يعتقد بأنّ ثمة رسائل لم يفهمها الحريري، أو هو غير قادر على البوح بها أمام أنصاره، فما كان منه إلا أن طلب بحزم من جميع أعضاء كتلته النيابية، والمقرّبين أو الناطقين الرسميّين وغير الرسميّين، الامتناع نهائياً عن أيّ إشارة سلبية إلى سوريا، وإلى دورها في لبنان، وحتى الامتناع عن أيّ إشارة تقول إنّ سوريا تتدخّل في لبنان، ومقابل ذلك، سمح الحريري لهؤلاء بالعمل على مواجهة حزب الله بلطف، وذلك لأنه لا يريد الوصول إلى لحظة توتّر تتطلّب تدخّلاً من النوع الذي يضطر فيه إلى إبلاغ جمهوره ما يسمعه في عواصم أخرى، وما يتعهّد به أيضاً.
وفي سياق ما يفترضونه من علاجات، ثمة إصرار من الفريق المقرّب من الحريري على القول، إنه نجح في تحييد سوريا عن السجال الدائر بشأن المحكمة الدولية في لبنان، رغم أنه حاول أكثر من ذلك في زيارتَيه الأخيرتين إلى دمشق، وزيارات معاونين له إلى مسؤولين أمنيّين في سوريا، وخصوصاً لجهة رغبته وسعيه إلى انتزاع قرار سوري بتجميد الملاحقات القضائية السورية بحق المدعى عليهم من جانب اللواء جميل السيد في دعواه على شهود زور ومفبركين لهم ومسؤولين عن الاعتقال التعسفي للسيد ولضباط ومواطنين آخرين.
لماذا يمتنع الحريري عن إطلاع مساعديه وجمهوره على حقيقة كلام الأسد له؟
ولأن النقاش في هذه المسائل يحتاج إلى توضيحات كثيرة، فإن الموجز المفيد، يدعو إلى إعادة التذكير بأنّ الحريري سمع كلاماً واضحاً يعيد الاعتبار إلى موقف سوريا غير المعنيّ بكل ملف المحكمة الدولية، لا من قريب ولا من بعيد، وأنّ سوريا لا تحترم سوى القضاء السوري، وهي مستعدة لإعدام من يثبت تورطه في أيّ جريمة من هذا النوع، وذلك بناءً على تحقيقات نزيهة وأدلّة واضحة، وأنّ سوريا، التي ذاقت الأمرّين من التسييس الذي رافق التحقيقات في السنوات السابقة، لا تحتاج إلى من يشرح لها أبعاد ما يحصل، وبالتالي فإن نقل العنوان من سوريا إلى المقاومة لا يغيّر في الأمر شيئاً، عدا أنّ سوريا لا تقبل تحت أي ظرف محاولة تشويه صورة المقاومة في لبنان، أو فلسطين.
بقي الأمر الأخير، وهو محاولة اللجوء إلى مناورات جديدة. يقترح النائب وليد جنبلاط الاكتفاء بالحقيقة دون تحقيق العدالة. ثم يأتي من بعيد من يقترح أن تعمل السعودية مع الدول الكبرى على اقتراح تأجيل إصدار القرار الظني إفساحاً في المجال أمام حوار للبحث عن مخرج، أو الكلام الأكثر سذاجة: اذهبوا إلى المحكمة وأثبتوا براءتكم.
تدرّج ردّ حزب الله على هذه الأفكار العجيبة الغريبة. قال النائب محمد رعد لرئيس الجمهورية ميشال سليمان: ليس لدينا ضباط يقضون 4 سنوات في السجن، ليس لدينا من يقضي 4 ثوان في السجن.
وأمس ردّ السيد حسن نصر الله بوضوح أكبر: لن نتحدّث مع أحد يتصرّف معنا كمتّهمين، ما يعني (لسنا معنيّين بأيّ تأجيل أو تأخير أو علاج شكلي للقرار الاتهامي)، وتابع: نحن نريد العدالة، وتحقيقها كما نريد الحقيقة (يعني أننا لا نريد علاجاً على طريقة تبويس اللحى، لسنا الفاعلين، ونريد للتحقيق أن يستمر بنزاهة حتى تحديد هوية القاتل الحقيقة، ومن ثم محاسبته)...فهل من يسمع؟

عدد الاثنين ٢٦ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment