Monday, July 26, 2010

المستقبل وصرخة الولادة: ماذا فعلنا في أيّار ومع سوريا؟
زحمة سير ومواكب: أصرّ الرئيس سعد الحريري على حضور جلسات المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل كاملة، باستثناء غيابه مرّات متتالية لارتباطه بمواعيد سياسية أخرى. فكان لافتاً تنقّل موكبه بين البيال ومنزله في وسط بيروت، إذ سبّب زحمة سير. كذلك حرص «الرئيس» على المشاركة في الحوارات، وقد اقترح أثناء شرح أحمد الحريري الهيكلية التنظيمية دمج التثقيف السياسي بإعداد الكوادر.
كما كان متوقّعاً، اختير سعد الحريري رئيساً لتيار المستقبل، وأحمد الحريري أميناً عاماً. لم يحمل المؤتمر التأسيسي للتيار أيّ مفاجآت، سوى أن قسماً كبيراً من مسؤولي التيار ومندوبيه ظلّوا حتى اللحظات الأخيرة من الجلسات يسألون رئيسهم عن أسباب النكبة في 7 أيار وما لحقها من زيارات لسوريا
نادر فوز
مرّ المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل، يومي السبت والأحد الماضيَين، مطابقاً للتوقعات، ووفق الخطة المرسومة من القيادة. ولولا الأخطاء التنظيمية مع الصحافيين والإعلاميين، وتأجيل إعلان توصيات المؤتمر نتيجة طول النقاش وجلسة الانتخاب، لكان بإمكان المستقبليّين القول: حقّقنا نجاحاً باهراً في تنظيم أكبر المؤتمرات الحزبية في لبنان. ففي تلك القاعة الضخمة في البيال، اجتمع مندوبو المستقبل، الذين فاق عددهم 560، وانضم إليهم عشرات المراقبين، من تقنيين ومنظّمين وأكاديميين. وإذ طغى اللون الأزرق على جدران البيال ولافتاته وجمهوره المحتشد في القاعة، بدا كأنه قرية السنافر. وفي هذه القرية النموذجية، كان كلٌّ يقوم بالمهمات الموكلة إليه، ثمة سنفور نشيط وآخر غضبان وثالث أكول، وبالتأكيد هناك سنفورة جميلة. يجتهدون في القراءة والنقاش والحوار ورفع الأيدي، لتصل جلسة انتخاب مسؤولي القرية ـــــ التيار.
بعد نقاشات طويلة، في اليومين الماضيين، حيث نوقشت الوثيقة السياسية للتيار، وعُرضت الهيكلية التنظمية المستحدثة، وصلت جلسات انتخاب قيادة المستقبل. وكانت أولاها لانتخاب رئيس التيار، إذ أعلن رئيس كتلة نواب المستقبل، فؤاد السنيورة، أن الرئيس سعد الحريري هو المرشّح الوحيد. علا التصفيق عند هذا الإعلان، ووقف الحريري محيّياً الحاضرين. وفي خطوة لم تكن محسوبة، ألقى الرئيس المنتخب بالتزكية كلمة مقتضبة، سأل خلالها عما إذا كان هناك ملاحظات وأسئلة. ففتحت مداخلة الحريري سيلاً من التساؤلات التي عبّر عنها الحاضرون، وعادت إلى النقاش والتداول الفكرتان البارزتان اللتان طغتا على نقاشات يومي المؤتمر: أحداث أيار 2008 والعلاقة مع سوريا. فقد نوقش هذان الملفّان سياسياً خلال اليوم الأول، المخصص للوثيقة السياسية، وتنظيميّاً يوم أمس. وتبيّن من خلال الدقائق الأربعين التي طرأت على جدول أعمال المؤتمر، أنّ النقاشات السابقة لم تحلّ شيئاً بين القيادة والمسؤولين.
سجّل عدد من الحاضرين مواقف حادة تسأل عن أمرين أساسيين: «من الذي أوصلنا إلى نتائج أيار؟ وكيف تجري محاسبة القيادة والمسؤولين الذي تخلّوا عنا في تلك الأيام السوداء». وكرّر الحاضرون سؤال الحريري عن زيارة سوريا، مشدّدين على فكرة وحيدة: «لم تقم يا دولة الرئيس باستشارتنا، ولم تهيّئ جمهورك، ولم تضعه في أجواء هذا التغيّر الذي حصل نتيجة الصعود إلى سوريا».
ويربط أحد المستقبليّين بين هذه المواقف المتصلّبة وظاهرة التصفيق الحاد المتواصل عند ذكر اسم الرئيس السابق، فؤاد السنيورة، خلال المؤتمر. ويمكن إضافة أنّ هذه الأجواء تؤكّد أنّ قسماًَ من مندوبي المستقبل لا يزال متمسّكاً بالمرحلة السابقة وما ومن تمثّله.
وإذا كان هذا التمسّك واضحاً من خلال الملاحظات والأسئلة والحدّة التي ظهرت في جلسات المؤتمر، فإنه لم يُترجم في جلسات الانتخاب، إذ حسمت بالتزكية كلّ من مناصب الرئيس سعد الحريري، الأمين العام أحمد الحريري، ورئيس هيئة الإشراف والرقابة، النائب سمير الجسر.
أما في انتخابات أعضاء المكتب السياسي، فدخلت الحسابات الشخصية والتركيبات الداخلية في التيار، إذ أظهرت النتائج أنّ القوة مقسّمة بين طرفين، الأول تابع للقيادة ويحوز 60% من الأصوات، والثاني يمثّل حالات اعتراضية (من منطلق خصومة مع المرشحين، أو لكون القيادة كانت قد وعدتهم ببعض المناصب ونكثت بوعدها) مشرذمة نالت نحو 30%، ولم تنجح في تسجيل أيّ اختراق. وأبرز دليل على هذا الأمر، أنّ المرشح للمكتب السياسي والأمين العام للتيار لاحقاً، أحمد الحريري، نال 441 صوتاً من أصل 556، ووجود 5 ورقات ملغية و5 بيضاء. وفي الأرقام أيضاً، نال آخر الفائزين في عضوية المكتب 200 صوت، فيما نجح أول الخاسرين بنيل 145 صوتاً.
وشارك في الترشّح لعضوية المكتب السياسي 28 عضواً، فاز منهم: باسم السبع، أحمد الحريري، حسن منيمنة، سمير ضومط، فايز مكوك، صالح فروخ، مصطفى علوش، يوسف النقيب، خالد أرناؤوط، جان أوغاسبيان، رولا عجوز، أنطوان أندراوس، نصير الأسعد، محمد الصميلي، وليد يونس، بلال علايلي، راشد فايد، داوود الصايغ. وكان أبرز الخاسرين عارف العبد، مستشار رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وكل من مالك العلي، وليد الحسيني، عبد الناصر الدنا، يوسف دوغان، جميل قمبريس، علي عمر، عز الدين سعد، فضل الله فليطي وفادي سعد.
النقاشات أظهرت أنّ المستقبل لم يخرج من حالة السنيوريّة السياسية
واكتمل عدد أعضاء المكتب السياسي، بعشرة آخرين اختارهم الرئيس سعد الحريري، وهم: أحمد فتفت (ممثلاً كتلة المستقبل في المكتب)، علي حمادة، محمد مراد، حسان الرفاعي، رضوان السيد، محمد السمّاك، ريا الحسن، سليم دياب، وليد النقيب، وغسان بلبل. واختار هؤلاء أحمد الحريري أميناً عاماً للتيار.
وانتخب كلّ من باسم السبع وأنطوان أندراوس وسمير ضومط نواباً للرئيس، ومن المرجّح أن يكون سمير ضومط من الأسماء اللامعة في قيادة التيار في المرحلة المقبلة، إذ تحدث أحد القادة عن مسؤولية إضافية ستوكل إليه نظراً إلى خبرته على صعيد المهن الحرّة.
اللافت أنّ النائب نهاد المشنوق غاب عن المؤتمر غياباً تاماً، ولم يحضر حفل الافتتاح ولم يشارك في أيّ جلسة، على عكس ما فعل أعضاء كتلة المستقبل، الذين تابعوا معظم النقاشات. وعند سؤال المشنوق عن سبب غيابه، رفض التعليق. والبعض رأى الجواب عن ذلك في حماسة قيادة التيّار لـ«تعويم» الصقور، كالنائب أحمد فتفت، والنائبين السابقين مصطفى علوش وباسم السبع، عبر الأدوار التي تعطى لهم. أمّا المفاجأة الكبرى، فتمثّلت في غياب أيّ دور للنائب السابق غطاس خوري، الذي كان متوقعاً أن يتبوّأ منصباً مهمّاً في قيادة التيار. وأنهى المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل جلساته دون إعلان المقررات، التي اكتُفي بتلاوتها على الحاضرين عبر عضو المكتب السياسي المستقبلي، مصطفى علوش. فشدّد الأخير على التمسك بالثوابت التي تضمّنها خطاب رئيس الحكومة سعد الحريري في افتتاح المؤتمر، ومنها تحرير مزارع شبعا وحقّ العودة للفلسطينيّين، ورفض التوطين. ومن الثوابت التي أكّد عليها علوش أن لا مساومة على العدالة في قضية اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، داعياً إلى وقف التهويل بالفتنة.
________________________________________

توصيات وحوار
يعلن الأمين العام لتيار المستقبل، أحمد الحريري، عند الساعة الواحدة من ظهر اليوم، مقرّرات المؤتمر التأسيسي للتيار. وجرى تأجيل إعلانها بسبب تأخّر أعمال المؤتمر نتيجة محاورة الحريري للحاضرين، في نقاش لم يكن مدرجاً على جدول الأعمال.
وأشار مطّلعون إلى أنه ستُضاف مجموعة من النقاط إلى توصيات المؤتمر، أبرزها توصية التأكيد على الدفاع عن الوجود المسيحي في الشرق، نتيجة القلق الشديد من الهجرة المسيحية، التي سيعدّها التيار مسؤولية عربية ـــــ إسلامية، كما هي مسؤولية مسيحية.
تضاف إلى هذا البند، ضرورة الطلب من الفاتيكان تنظيم مؤتمرات وتحركات للإضاءة على هذه القضية، ورفع مستوى الحوار بين الطوائف.
ومن التوصيات الأخرى التي ستُضاف إلى هذه الورقة، بند خاص باتفاق الطائف، وآخر يتناول تنظيم ورش العمل الداخلية في التيار، منها السياسي والتنظيمي.
________________________________________

صحافيّون في غرف مهجورة... وضياع في إعلام المستقبل
لم يأتِ مؤتمر تيار المستقبل كما كان يتوقعه الصحافيون. فجرى «نفي» الزملاء إلى غرفة تبعد عن مدخل قاعة المؤتمر، مسافة «محترمة». وعلى عكس ما أعلنه المنظمون قبل انطلاق الجلسات، لم تكن غرفة الصحافيّين مزوّدة بأيّ تجهيزات، بل كانت شبه مهجورة من المعدّات والتنظيم، ولم يؤنسها إلّا عدد من الصحافيّين، وحده المكيّف حاول إثلاج قلوبهم. إلّا أنّ هذه العزلة لم تكن وحدها ما عاناه الزملاء، إذ إنّ الوقوف عند مدخل قاعة المؤتمر ترافق مع «تنبّؤات» و«إعلانات» كثيرة من جانب المنظّمين. بحيث يخرج أحدهم لتحديد موعد، ليعود آخر ويعلن عكسه، في ظلّ ضياع المسؤولين الإعلاميّين المستقبليّين. وقد أعلن عن مؤتمر صحافي يعقد عند الرابعة، بحسب الموقع الإلكتروني للمستقبل، ليخرج منسق الإعلام، راشد فايد، ويشير إلى تأجيله إلى السابعة أو السابعة والنصف. لكنّ فايد حدّد موعداً أخر لم يصحّ أيضاً، وتأجّل المؤتمر إلى اليوم. ولم يستطع الصحافيّون سوى لقاء النائب عمار حوري (الصورة)، خارج أسوار المؤتمر.

عدد الاثنين ٢٦ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment