Wednesday, July 28, 2010

عبد اللّه يحمل إلى سوريا... خطّة لإسكاتها!
تطوّعت الرياض لتأدية دور «تطمين دمشق» والقاهرة تتحفظ (رويترز)بينما ينتظر اللبنانيّون وصول ملك السعودية ورئيس سوريا، على أمل أن تعمل «سين ــ سين» مجدداً، على تخفيف غليانهم، جاءت الأنباء من شرم الشيخ عن خطة لإسكات سوريا وطمأنتها، واستيعاب معارضة حزب الله للسلام في المنطقة!
بات من شبه المحسوم أن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي سيمضي ليلته اليوم في دمشق، لن يأتي وحيداً إلى بيروت غداً، بل مع الرئيس السوري بشار الأسد، بحسب ما كشف مسؤول حكومي كبير لوكالة فرانس برس، قائلاً «أبلغنا أنه سيسافر مع الملك عبد الله». كذلك نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين سعوديين أن عبد الله سيجري محادثات مع الأسد في العاصمة السورية قبل أن يتوجه الزعيمان إلى بيروت، لكنها أضافت أن مسؤولين سوريين لم يؤكدوا هذا الأمر.
لكن المحسوم أكثر، هو أن مجيء الزعيمين معاً، وإمكان أن ينضم إليهما أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الذي سيزور منطقة الجنوب، وعقد قمة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية في قصر بعبدا، مرتبط أساساً بمصير مباحثات عبد الله مع الرئيس المصري حسني مبارك، ثم مع الرئيس السوري اليوم، وخصوصاً أن جدول أعمال جولة ملك السعودية يحمل عناوين كبيرة، أبرزها ما يتعلق بالوضع الفلسطيني، والعلاقات العربية ـــــ العربية، ولا سيما العلاقة المتوترة بين القاهرة ودمشق، إضافة إلى التوتر المستجد في لبنان، مع وجود تباين واضح في النظرتين السورية والمصرية إلى هذه الملفات.
ومن شرم الشيخ بدأ عبد الله مساء أمس، جولة تقوده إلى سوريا، فلبنان ثم الأردن. وقد بدأ زيارته المصرية بخلوة مع مبارك، تبعتها جلسة موسعة على مأدبة عشاء في حضور أعضاء الوفدين المصري والسعودي، ومن بينهم وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ورئيس الاستخبارات العامة مقرن بن عبد العزيز.
وحتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لم تخرج تصريحات رسمية أو شبه رسمية عن محادثات عبد الله ـــــ مبارك، لكن مصادر مطلعة كشفت لـ«الأخبار» أن لقاء القمة كان بعيداً عن الشكليات والكلمات البراقة، وتمحور حول «خطة إسكات سوريا» كي لا تكون حجر عثرة في عودة المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو المطلب الذي تلحّ عليه الولايات المتحدة بإصرار يوصف في كواليس الدبلوماسيات العربية بأنه «عنيف»، وفيه ضغط على مصر والسعودية، حيث إن نائب رئيس الاستخبارات الأميركية زار الملك عبد الله فى الرباط أخيراً، وطلب منه المساعدة في هذا الإطار.
وبحسب المعلومات، كان السؤال الأساسي بين عبد الله ومبارك «كيف تسكت سوريا وقرار المحكمة الدولية على الأبواب؟». ولمعالجة المعضلة، تطوعت الرياض لتأدية دور الدليل لـ«طمأنة سوريا»، وهذا ما يمنح أهمية للملف اللبناني من باب المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي المرتقب.
ووفق المصادر، تتحرك السعودية تحت شعار اتفاق «الطائف»، في إطار من «تطبيع» العلاقات بين بيروت ودمشق على أكثر من مستوى. وهنا انسحبت السعودية من موقع الطرف في الشأن اللبناني الداخلي، إلى راعية «عودة الطائف»، من خلال اقتراح ملكها على مبارك عدم الترحيب بالقرار الاتهامي للمحكمة، أو اعتباره قضية تؤثر على توازنات القوى السياسية في لبنان.
وتلفت المصادر إلى وجود تحفّظ مصري وأردني على موضوع طمأنة سوريا، بسبب التحالف الاستراتيجي بين دمشق وطهران، وهو ما يُقلق القاهرة إلى حد يجعلها تقف حذرة من منح هذه الطمأنة «دون ضمانات تخفف من مستوى تحالف سوريا مع إيران، أو من دون خطوات لاستيعاب حزب الله في معادلة جديدة لا تجعله طرفاً على النقيض من خطة السلام».
وتشير المصادر إلى أنّ «استيعاب حزب الله» عربياً، سيكون بدوره مطلباً أو شرطاً مصرياً على سوريا، لإعلان حماية ما لأطراف لبنانية مقرَّبة من مصر بشكل أو بآخر، سواء عبر علاقات قديمة (مع عائلة الحريري) أو عبر جسور جديدة (قائد القوات اللبنانية سمير جعجع).
وتلفت تسريبات اللقاء إلى أن المهم في هذه الخطة التي يحملها الملك عبد الله، هو «صناعة سريعة لمزاج يتقبّل الدخول في مفاوضات مباشرة، ولبنان هنا هو ملعب تنفيذ خطة إرضاء سوريا لتمر الخطة». مع الإشارة هنا إلى أن جعجع كان قد استقبل نهار أمس، سفير مصر أحمد فؤاد البديوي.
ونقلت صحيفة الأهرام عن مصادر عربية رفيعة المستوى قولها إن «هناك توجهاً عربياً نحو ضرورة الحفاظ على التوافق اللبناني في ضوء الرسائل الإسرائيلية الخطيرة التي تلوّح بضرب المؤسسات الحكومية اللبنانية مباشرةً إذا ما تعرضت تل ابيب لإطلاق صواريخ من حزب الله».
وسينتقل عبد الله إلى دمشق اليوم، لعقد قمة مع رئيسها، سيتبلور على ضوئها إما توجّههما معاً إلى بعبدا، أو أن العاهل السعودي سيصل وحيداً إلى بيروت التي سبقه إليها أمس سلّم طائرته. إذ أفاد مراسل «الأخبار» في البقاع عفيف دياب، بأن 3 شاحنات سعودية كبيرة، إحداها مدنية والأخريان عسكريتان، وصلت بعد ظهر أمس، إلى نقطة المصنع الحدودية، وعلى متن إحداها سلّم الطائرة المجهز بزجاج واق من الرصاص، الذي عاق ارتفاعه عبور الشاحنة التي تحمله، ما استدعى تدبيراً مزدوجاً: خفض هذا الارتفاع وإزالة أجزاء من قرميد «هنغار» الأمن العام في المصنع، ليتابع بعدها موكب السلّم باتجاه مطار بيروت، بمواكبة من الجيش اللبناني. وقد شهدت الطريق الدولية زحمة سير خانقة.
كذلك سبقت وصول عبد الله، وربما الأسد معه، إضافة إلى أمير قطر وملك البحرين لاحقاً، ردود فعل متفائلة وأخرى تتحدث عن الهاوية والتوتر. إذ استهل رئيس الحكومة سعد الحريري، جلسة مجلس الوزراء أمس، بالقول إن زيارات القادة العرب هي تعبير عن الدعم العربي للبنان. وأضاف: «كلنا نريد المحافظة على لبنان، ويترتّب علينا التعاون معاً في سبيل مصلحة البلاد والعمل معاً لتجنيبها الانقسامات، وإن لغة الحوار هي خير وسيلة للتخاطب والتفاهم بين الجميع».
وفيما رأى النائب نهاد المشنوق أن مجيء عبد الله والأسد معاً هو ردّ على كل الأسئلة بخصوص الاستقرار في لبنان، قال الرئيس فؤاد السنيورة إن زيارات القادة العرب تعكس المرحلة الحرجة التي يواجهها لبنان. وأعرب عن اعتقاده بأن «قسماً كبيراً من التوتر هدفه التخويف»، لكنه ذكر أنه لا يقلل «من إمكان وجود محاولات لدفع لبنان نحو شفير الهاوية»، مضيفاً «للأسف، عندما يدفعون لبنان نحو حافة الهاوية، لا يكون من السهل عليهم السيطرة على الموقف»، من دون أن يحدد من هم.
وما تجنّبه رئيس كتلة المستقبل، قاله نائب رئيس تيار المستقبل أنطوان أندراوس، بحديثه عن وجود «أجندة إيرانية طلبت من حزب الله أن يبقي التوتر قائماً على الساحة اللبنانية»، سائلاً «لماذا نستبق الأمور ويتحول (الأمين العام لحزب الله) نصر الله إلى بيلمار ويستبق القرار الاتهامي». وأعلن عدم القبول بقرار اتهامي يتهم حزب الله أو سوريا «إذا لم يكن هناك قرائن».
وإلى سفير مصر، التقى جعجع أمس أيضاً السفيرة الأميركية ميشيل سيسون، وبحث معها «مسألة المحكمة الدولية التي تدعمها واشنطن بالمطلق لأنها ترى أن المحكمة تتمتع بخبرة عالية رفيعة المستوى في العمل القضائي».
________________________________________

كرامي ومراد في الضاحية والوفاء للمقاومة عند لحود
واصلت قيادة حزب الله استقبالاتها وزياراتها، لفاعليات وقيادات المعارضة سابقاً، لعرض التطورات الراهنة، وخصوصاً موضوع المحكمة الدولية. في هذا الإطار، استقبل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الرئيس عمر كرامي ونجله فيصل، ثم رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد. فيما زار وفد قيادي من الحزب، مقر جبهة العمل الإسلامي التي انتقد منسقها العام زهير الجعيد ما يشاع عن مضمون القرار الاتهامي للمحكمة، وقال إن «عدالة المحكمة ساقطة من خلال هذا القرار الظالم، وإسقاط هذا القرار واجب شرعاً لرفع الظلم ودرء الفتنة المذهبية».
وزار وفد من كتلة الوفاء للمقاومة مع رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، الرئيس إميل لحود، وتناول البحث الذي استكمل إلى مائدة عشاء، الوضع الراهن وما يرافقه من تجاذبات. وشدد لحود على «أن وحدة الشعب والجيش والمقاومة، هي من المسّلمات والثوابت الوطنية التي لا يجوز التفريط بها تحت أي ظرف».

عدد الخميس ٢٩ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment