Saturday, July 31, 2010

الرئيس السوري لبري: الحفاظ على وحدة لبنان ووفاقه واستقراره في مواجهة المشاريع الإسرائيلية
قمة عبد الله ـ الأسد في بيروت: سحب «الاتهام» يمنع الفتنة

أميـر اتفـاق الدوحـة يـضيـف جـهــده إلـى «ثـلاثيـة بيـروت» ... انطـلاقـاً مـن الجنـوب

على مدى أربع ساعات استغرقتها القمة الثلاثية ضمنها ترتيبات الاستقبال والوداع والغداء واللقاءات الأجنبية، تبدّى وكأن الزيارة المزدوجة للملك عبد الله بن عبد
العزيز والرئيس بشار الأسد قد نقلت أو هي مهّدت لنقل لبنان من مناخ موبوء يهدد وحدته واستقراره، إلى شيء من الاسترخاء بعد توكيد الرعاية العربية (الثنائية)
لأموره جميعاً، السياسية أساساً، ومن ثم الأمنية وسائر أسباب الاطمئنان إلى الغد.
وفّرت القمة لكل طرف ما يطلبه: للحكم تثبيت شرعيته والاستعداد لمساعدته، للرئيس سعد الحريري ضمانات حمايته وموقعه وحكومته ودوره بعدما أرخى الملك عبد الله عباءته
فوق بيت الوسط، بكل الحشد الواضح الصبغة الذي دعي إليه ليسمع ما يطمئنه بإبعاد شبح الفتنة عنه وعن شركائه في الوطن.
من الواضح أن الضمانة كانت ثنائية، خصوصاً أن الرئيس بشار الأسد قد غمر بها الرئيس سعد الحريري خلال لقاءاته المتعددة والمباشرة معه في دمشق.
بالمقابل، فإن القائدين العربيين الكبيرين كانا قد توصلا إلى التفاهم في ما بينهما على كل ما يطمئن «حزب الله» إلى أنه لن يُترك فريسة الاستهداف السياسي الذي
تشارك فيه أطراف دولية وعربية عدة فضلاً عن إسرائيل التي كلفت نفسها بإعداد القرار الظني بتجريمه، في محاولة مكشوفة للنفخ في رياح الفتنة، بما يخدم جهودها المنهجية
لتصفية القضية الفلسطينية.
لقد جاء الملك عبد الله والرئيس الأسد إلى لبنان معاً بعدما أنجزا صياغة مشروع تفاهم سياسي حول ما يحفظ سلامة هذا الوطن الصغير، وأساساً حول كيفية التعامل مع
موضوع المحكمة الدولية والتسريبات المشبوهة حول القرار الظني والتي تشارك في نسجها جهات دولية عديدة وإن تُرك لإسرائيل ـ باعتبارها الأعرف بـ«حزب الله» نتيجة
المواجهات التي لم تتوقف معه منذ ربع قرن أو يزيد ـ.
وبالتأكيد فإن الأطراف المعنية، وبالتحديد الدولة والحكومة (والرئيس سعد الحريري بشكل خاص) و«حزب الله» باتوا يعرفون جوهر التفاهم الذي يفترض أن يخرج اللبنانيين
من إسار خوفهم على وطنهم الصغير الذي تتهدده الفتنة.

وفي انتظار معلومات تفصيلية عن هذا التفاهم فإن اللبنانيين قد استعادوا شيئاً من الطمأنينة إلى أن «أهلهم لم ولن يتخلوا عنهم» ولسوف يساعدونهم على الخروج من
المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه نتيجة الاستثمار السياسي لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
لقد التقط اللبنانيون أنفاسهم، واستعانوا بصور اللقاءات والمصافحات والإيماءات بعدما تعذر عليهم الاستماع إلى كلام رسمي مباشر وصريح... قال بعضهم لبعض آخر:
ما كان الملك والرئيس ليجيئا إلينا معاً لو أنهما اختلفا على جوهر مسألتنا. وقال بعض آخر: لقد تكفل الملك بفريق والرئيس بفريق وكلاهما معاً بالدولة لإشاعة جو
مطمئن ومريح، بعد كشح الجو المقلق الذي ساد خلال الأسبوعين الماضيين، والذي حاولت إسرائيل أن تزيده التهاباً بتبرعها بسلسلة من الأخبار التفصيلية عن القرار
الظني وكأن حكومتها هي من سوف يكتبه.
بعد القمة الثلاثية جاء أمير قطر فإذا الاستقبال الرسمي في المطار يتحول إلى لقاء اجتماعي فاخر وحاشد من حول مائدة العشاء الرئاسية في القصر الجمهوري.
ومع أن التزامن في المواعيد لم يكن مخططاً له أو مقصوداً فإن قدوم أمير قطر، صاحب الدور المعروف في اتفاق الدوحة، قد عمّق الشعور بالاطمئنان إلى أن لبنان يحظى
برعاية عربية فائقة للخروج من الأزمة التي كان يُراد لها أن تفجّر أوضاعه بالفتنة، في ظل ما تبدّى من خلافات عربية ـ عربية بدا وكأنها تقسم العرب إلى معسكرين
متواجهين فوق أرضه.
وقد اختار الشيخ حمد أن يكون، اليوم، ضيف الجنوب، في خطوة لم يسبقه إليها أحد من القادة والزعماء العرب حتى الآن، حيث سينتقل برفقة الرئيس سليمان إلى بنت جبيل
ومنها إلى الخيام فالمصيلح مروراً بدير ميماس.
تفاصيل المحادثات
وفيما أكد مصدر وثيق الصلة برئيس الحكومة سعد الحريري لـ«السفير» ان الجو «إيجابي جدا»، علم ان الاتصالات التي جرت بين الجانبين السوري والسعودي في دمشق، دخلت
في تفاصيل الالتباسات التي شاعت في لبنان حول المحكمة الدولية والقرار الاتهامي. وتوقف الجانبان عند الحساسية الخطيرة التي تشوب الواقع اللبناني وتركيبته القابلة
للاهتزاز تحت أي عنوان خلافي، ولذلك، فإن الجانبين انطلقا في المباحثات بروحية النأي بالساحة اللبنانية عن تجرّع الكؤوس المرّة.
وقالت مصادر متابعة إن موضوع المحكمة الدولية لم يطرح في اللقاء الموسع بين الرئيس الاسد والملك عبد الله بل خلال المحادثات الثنائية التي استمرت حتى ساعة متقدمة
ليلا، وأفضت الى صيغة مخرج، أملت زيارة سريعة قام بها الامير عبد العزيز بن عبد الله الى بيروت ليل الخميس ـ الجمعة موفدا من الملك، حيث التقى رئيس الحكومة
سعد الحريري وتم استعراض بعض الصيغ لكيفية الخروج من المأزق، والتي تم تداول بعضها نهار أمس وقبيل وصول الملك السعودي والرئيس السوري، مع رئيس المجلس النيابي
نبيه بري وقيادة «حزب الله».
وعلمت «السفير» أن الصيغة المخرج التي طُرحت تقضي بتأجيل إصدار القرار الظني، على أن تجري خلال الفترة الفاصلة محاولة لإيجاد مخرج للموضوع، وهذه الصيغة رُفضت
من قبل «حزب الله».
وعلم ان اللقاء الذي عقد بين وزير الخارجية السورية وليد المعلم وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، تلته خلوة ضمت وزير الخارجية السورية والمستشارة
الاعلامية والسياسية للرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب فضل الله والمعاون السياسي لرئيس حركة «امل» النائب
علي حسن خليل.
وقالت مصادر المجتمعين ان المعلم وشعبان أطلعا المجتمعين على اجواء القمة السورية السعودية، وأكدا ان الموضوع اللبناني كان الاساس في محادثات دمشق. وعكس كل
من المعلم وشعبان الموقف السوري الثابت حيال المقاومة، ورفض المساس بها باعتبار انها من عناصر القوة والاستقرار والسيادة للبنان كما لسوريا، وهو أمر اكده الرئيس
الاسد امام الملك عبد الله.
وكشفت المصادر ان ما طرح من صيغ ومعالجات في موضوع المحكمة انطلق من حرص سعودي سوري على النأي بلبنان عن أية توترات، وقالت ان الأولوية لدى الجانب السعودي كانت
الحفاظ بالدرجة الاولى على حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها سعد الحريري، وعدم تعريضها لأي اهتزاز.
وفيما تحدثت المصادر عن رغبة سعودية بتلقي ضمانات حيال الموضوع الامني والحكومة، أشارت من جهة ثانية، الى وعود قطعها الجانب السعودي بالسعي لايجاد المخرج الملائم
للأزمة الناشئة في لبنان حول القرار الظني والمحكمة الدولية.
وقال أحد نواب تيار المستقبل لـ«السفير» ان البيان المشترك عن القمة الثلاثية اعطى غطاء سوريا سعوديا للاستقرار في لبنان، وتطمينا للفرقاء جميعا، وشكلت الزيارة
التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز الى بيت الوسط، اشارة بالغة الدلالة في هذا السياق.
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله لـ«السفير» ان حجم المخاطر المتأتية عن المشروع الاسرائيلي، استدعت هذه الزيارة العربية والحضور العربي في
لبنان، وأشار الى ان موقف حزب الله، هو موقف مرحب بكل تلاق عربي وتنسيق عربي في مواجهة ودرء مخاطر الاستهداف الاسرائيلي للبنان الذي بدأ يطل من خلال القرار
الظني الذي صدر بالأمس في اسرائيل.
وحول المناخات الايجابية قال: نحن نرى ضرورة ان تقترن بنتائج ايجابية وخطوات عملية تحصن لبنان من الاستهداف الاسرائيلي لوحدته الداخلية واستقراره السياسي والأمني.

وقال مصدر مطلع لـ«السفير» ان ضخ المناخات الايجابية بعد قمة الاسد وعبد الله في بيروت هو أمر بديهي ذلك أنه ليس من مصلحة الجانبين الأكثر تأثيرا في الساحة
اللبنانية أن يزورا بيروت وأن يكون المردود سلبيا، لكن الثغرة الحاصلة مفادها أنه في موازاة المناخات الايجابية لم يلمس أحد من المشاركين في المحادثات والمشاورات
أية مفردات تترجم الكلام السياسي المطمئن من هنا وهناك، وبالتالي قد يكون البعض يريد أن يعطي فسحة للقاء يمكن أن يحصل قريبا بين السيد حسن نصر الله والرئيس
سعد الحريري، علما أن رئيس الحكومة أبلغ مجلس الوزراء، مساء يوم الأربعاء الماضي أنه سيسافر بعد المشاركة باحتفال عيد الجيش في اجازة عائلية الى سردينيا لمدة
عشرة أيام، أي الى منتصف شهر آب!
ودعا المصدر الى ترقب ما يمكن ان يصدر عن الاجتماع الموسع الذي ستعقده قيادات 14 آذار، وكذلك خطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الثلاثاء المقبل...

بيان الثلاثية: مصلحة لبنان أولا
وجاء بيان القمة الثلاثية السعودية السورية اللبنانية، تكريسا للمنحى الذي اعتمدته قمة دمشق بين الرئيس الاسد والملك عبد الله، حيث نوه القادة الثلاثة بالتطورات
الإيجابية التي حصلت على الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة»، وأكدوا على «استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنية ودرء الأخطار الخارجية»، وأعلنوا
عن «تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقاتها اليومية لسيادته واستقلاله وسعيها لزعزعة استقراره».
وأكد القادة «أهمية الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة
لبنان العليا على أي مصلحة فئوية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات».
وأكد الزعيمان السوري والسعودي «استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما فيه مصلحة اللبنانيين». وشدد القادة على «مواجهة ما يحاك للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات
لإرباكها بالفتن الطائفيّة والمذهبيّة، والتي لن تكون أيّ دولة عربيّة بمنأى عن تداعياتها، وهي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك».
وفيما اكتفى الرئيس السوري بشار الاسد بالقول بعد القمة ان الاجواء كانت ممتازة جدا، ذكرت وكالة الانباء السورية «سانا» أن الأسد استعرض مع الرئيس نبيه بري
في القصر الجمهوري، «التطورات الايجابية للعلاقات السورية اللبنانية وأهمية ما تم انجازه وما يجب البناء عليه ليرقى باستمرار إلى المستوى الذي يلبي طموحات الشعبين
الشقيقين ويخدم مصالحهما المشتركة».
وأكد الرئيس الأسد «أهمية الحفاظ على وحدة لبنان ووفاق بنيه وأمنه واستقراره ومناعته في مواجهة المشاريع الاسرائيلية».
السفير

No comments:

Post a Comment