Tuesday, August 24, 2010

إيران وروسيا واليونان والعراق
لم تعـد تمثـل «تهديداً» لتركيا

محمد نور الدين

تعرف تركيا دستورين: واحد معروف وعلني هو دستور 1982 المعمول به حتى الآن، والثاني ما يعرف بالدستور السري او «الكتاب الأحمر»، وهو عبارة عن وثيقة استراتيجية
تحدد كل الأخطار والتهديدات التي تحيق بتركيا.
وعلى امتداد الحرب الباردة وسنوات التسعينيات، كانت التهديدات المحيقة بتركيا معروفة، ولا سيما الخطر الشيوعي، والدول التي تشجع منظمات ضد تركيا. وكان انتماء
تركيا لحلف شمال الأطلسي، وتحالفها الوثيق مع اسرائيل، وتشدّد نظامها العلماني يضع تلقائياً بعض الدول في مصاف الأعداء والأخطار، ومنها سوريا والعراق وإيران.أما
اليونان فمنطلقات العداء معها تختلف، وتنبع من الحساسيات التاريخية والخلافات الجغرافية، ولا سيما بعد فتح اسطنبول عام 1453، ان لم نذهب الى موقعة ملازكرد عام
1070، والتي انتهت الى هزيمة البيزنطيين امام السلاجقة الأتراك الذين اندفعوا الى داخل الأناضول.
الكتاب الأحمر او الدستور السري ليس نتاج مؤسسة او جهة واحدة في تركيا، بل هو محصلة رأي كل من وزارتي الداخلية والخارجية ورئاسة الأركان والاستخبارات وجهات
أخرى. ويتم إعداد الوثيقة من جانب الامانة العامة لمجلس الأمن القومي وتطرح كل عام في مطلع الخريف على اجتماعه الشهري.
ومع ان بانتهاء الحرب الباردة تغيّر العديد من المعطيات والوقائع، لكن الخطوط الاساسية في الوثيقة أبقت على التهديدات الاساسية التي كانت خلال الحرب الباردة،
ومن ذلك ابقاء روسيا في مصاف الأخطار برغم زوال الشيوعية.
لكن وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة عام 2002 كان بداية لتحولات جذرية في السياسة الخارجية، فتحولت العلاقات العدائية مع روسيا واليونان وايران وسوريا
والعراق ليس فقط الى علاقات صداقة، بل إلى إنشاء مجالس للتعاون الاستراتيجي معها. وكان لا بد لذلك من ان تشهد الوثيقة المذكورة تعديلات مهمة وجذرية ايضاً.
وكما ترك أحمد داود اوغلو بصمته على السياسة الخارجية، ترك بصمته على وثيقة الأمن القومي التركي الجديدة، التي أفضت الى إخراج اربع دول من قائمة التهديدات الاستراتيجية
لتركيا بعدما كانت أخرجت سوريا في وقت سابق من هذه القائمة. والدول الأربع هي العراق وايران واليونان وروسيا.
وفي ما خص العراق، تشير الوثيقة إلى التعاون البناء الذي يبديه العراق وشماله لمحاربة حزب العمال الكردستاني الذي لا يزال يشكل تهديدا لتركيا.
وكانت اليونان واحدة من الدول التي تشكل تهديداً، بل إن الوثائق السابقة رأت في تأكيد اليونان على أن مياهها الإقليمية تمتد الى 12 ميلا هو سبب لحرب. وقد اخرجت
هذه العبارة من الوثيقة الجديدة. كما رأت الوثيقة ان احتمال نشوب حرب في ايجه ضئيل. وبحسب صحيفة «صباح» فإنّ سبب هذا التعديل هو تشكيل مجلس للتعاون الاستراتيجي
بين الدولتين، اللتين أصبحتا تنظران إلى حوض بحر إيجيه كمنطقة تعاون.
وأخرجت الوثيقة ايران من دائرة الأخطار الاستراتيجية بعدما كانت في وثيقة عام 2005 تمثل تهديداً بسبب طبيعة نظامها وبرنامجها النووي. ركزت الوثيقة ليس على البرنامج
النووي الإيراني، بل على ضرورة إخلاء الشرق الاوسط بكامله من السلاح النووي. كما أشادت بتعاون ايران لمحاربة حزب العمال الكردستاني.
أما روسيا، فبعدما كانت بلداً مهدداً بسبب تناقض المصالح مع تركيا في القوقاز وبسبب الطاقة، أصبحت شريكاً بفضل الرؤية المشتركة للاستقرار في القوقاز والتعاون
في مجال الطاقة والتجارة والاقتصاد عموماً.
وتبعاً لقائمة التهديدات الجدية فإن نجاح تركيا في المستقبل في ايجاد حل للمشكلة الكردية سوف يجعلها بلداً خارج اي تهديد جدي.
السفير

No comments:

Post a Comment