Tuesday, August 24, 2010

ممنوع مناقشة مشروع الموازنة
الحريري يستغل «الاحتجاجات الكهربائية» للضغط على النواب
مشكلة الكهرباء تستغل لمآرب سياسية (أرشيف ــ هيثم الموسوي)بعد سلسلة تحرّكات احتجاجية على «الظلم الكهربائي»، الذي تمارسه الحكومة منذ عقد من الزمن بهدف فرض خيار الخصخصة خياراً وحيداً، خرج رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بموقف يشبه موقف «ماري أنطوانيت» عندما سألت عن سبب أعمال الشغب في باريس حينها، فقيل لها «إن الشعب جائع ولا يجد الخبز»، فما كان منها إلا الردّ باستغراب: «فليأكلوا البسكويت إذاً»
ردّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري السبت الماضي على الاحتجاجات الكهربائية المتنقّلة من منطقة إلى أخرى، بإطلاق حملة مضادة تهدف إلى الضغط على النواب لوقف مناقشاتهم لمشروع موازنة 2010، والعمل على إقرارها بسرعة، «لكي تتمكن الحكومة من المباشرة بتنفيذ العديد من الخطط الإنمائية، وخصوصاً في الكهرباء».
هذا الموقف ليس جديداً، سبق أن أطلق الحريري حملة لمنع مناقشة مشروع موازنة 2010 في مجلس الوزراء، وقد جاءت الدعوة حينها للإسراع في إقرار هذا المشروع بعدما أصرّ عدد من الوزراء على مناقشته وتفكيك بعض ألغامه، بعيداً عن منطق المحاصصات في الاعتمادات المالية الذي يفضّله هذا الفريق، لكونه يتيح له إمرار ما يريد من مخالفات ومسايرات على حساب المال العام وحقوق اللبنانيين.
فالمناقشات يجب منعها قدر الإمكان، وهو ما يريده فريق الحريري الآن، في ظل إصرار أعضاء من لجنة المال والموازنة النيابية، ولا سيما رئيسها النائب إبراهيم كنعان، على الوفاء بواجباتهم وممارسة دورهم الكامل في المساءلة والتدقيق... فالجولات التي شهدتها اجتماعات اللجنة أدّت إلى المزيد من التعديلات لبعض المواد «المخالفة للدستور»، وتكفي الإشارة إلى التعديلات التي فُرضت على المادة الخامسة من المشروع، التي تجيز الاقتراض بلا سقف أو حدود، لفهم مدى الإحراج الذي أصاب هذا الفريق بعد معاركه الشرسة في مجلس الوزراء لمنع إجراء أي تعديل على هذه المادّة، بذريعة أن تقييد صلاحية وزيرة المال في الاقتراض (وهو تقييد مفروض دستوراً) يمكن أن يحدّ من قدرتها على إدارة المالية العامّة بمرونة (وهي المرونة التي سمحت بوصول دين الدولة الفعلي إلى اكثر من 70 مليار دولار، فيما الكهرباء مقطوعة، ونصف اللبنانيين غير مشمولين بأي تغطية صحيّة مستقرة ودائمة...).
انطلقت حملة الحريري الجديدة لمنع استكمال مشروع الموازنة، فكرّت سبحة المواقف المبرمجة، فأعلن عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري أن «بوابة الحل لمعالجة موضوع الكهرباء اليوم هي إقرار الموازنة العامة في المجلس النيابي، التي تتضمن مليار دولار لهذا القطاع». وقال لـ تلفزيون الجديد إن «مشروع الموازنة العامة لم يُقَرّ لأنه ما زال في طور المناقشة لدى لجنة المال والموازنة». واكتشف عضو كتلة المستقبل النائب كاظم الخير أن «مشكلة انقطاع التيار الكهربائي باتت مشكلة وطنية، لا بد من معالجتها سريعاً... بالضغط على رئيس لجنة المال والموازنة وأعضائها للإسراع بدراسة مشروع الموازنة وإحالته على الهيئة العامة للتصويت عليه وإقراره، فهو يحمل عدّة مشاريع إنمائية للمناطق، وخاصة مشروع الكهرباء». ودعت كتلة «نواب زحلة» إلى «الإسراع في معالجة ملف الكهرباء، متسائلة: «من المسؤول عن تأخير إقرار مشروع الموازنة في لجنة المال، الذي أقرّ مليار دولار لقطاع الكهرباء»...
سبحة هذا النوع من المواقف لن تقف عند هذا الحد، ففريق الحريري ـــــ السنيورة يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد: الأول، إمرار مشروع الموازنة من دون المزيد من التدقيق وكشف الفضائح والضغط لإقراره بسرعة، منعاً لعودة المطالبة بالحسابات المالية للسنوات السابقة، بذريعة أن الكهرباء أهمّ من المحاسبة العمومية... والثاني، استغلال ذاكرة الناس القصيرة للادعاء أن هذا الفريق يسعى منذ سنوات طويلة إلى معالجة أزمة الكهرباء، فيما هناك من يريد العرقلة لغاية في نفس يعقوب!
تتجاهل الحملة الراهنة وقائع وحقائق كثيرة، أبرزها:
مشروع الموازنة استغرق 8 أشهر تقريباً وفريق الحريري مسؤول عن 6 أشهر منها
* أن فريق الحريري ـــــ السنيورة هو المسؤول الأول عن تأخير إقرار الموازنة حتى الآن، فالحكومة الحالية التزمت في بيانها الوزاري أن تحيل المشروع على المجلس النيابي في مهلة أقصاها نهاية كانون الثاني الماضي، إلا أن وزيرة المال لم تسلّم المشروع إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء إلا في منتصف نيسان، أي بعد تأخير لا يقلّ عن 3 أشهر عن الموعد المحدد في البيان الوزاري (وتأخير 5 أشهر عن الموعد الدستوري). والمفارقة أن التأخير لم يقف هنا، إذ إن الرئيس الحريري لم يدرج هذا المشروع على جدول أعمال مجلس الوزراء إلا في منتصف أيار، أي بعد شهر من وروده إلى الأمانة العامّة، وبالتالي فإن مجلس الوزراء لم يبدأ مناقشة المشروع إلا بعد تأخير 4 أشهر على الموعد الذي التزمت به الحكومة في بيانها الوزاري، علماً بأن مناقشات مجلس الوزراء لم تستغرق سوى شهر واحد، إذ أعلن وزير الإعلام طارق متري في 18 حزيران إنجاز المشروع تمهيداً لإحالته أخيراً على المجلس النيابي... إلا أن مرسوم الإحالة لم يصدر إلا في 9 تموز، أي بعد 22 يوماً من إقراره في مجلس الوزراء، وبالتالي لم تتسلّم لجنة المال والموازنة هذا المشروع لتبدأ دراسته وتعديله إلا في 21 تموز، وهي تستمر بدورها وتعقد جلسات ماراتونية منذ شهر تقريباً... خلاصة الأمر، أن مشروع الموازنة استغرق 8 أشهر تقريباً عن الموعد المحدد في البيان الوزاري، إلا أن مناقشات مجلس الوزراء لم تستغرق إلا شهراً واحداً ومناقشات لجنة المال والموازنة استغرقت شهراً آخر، فيما في 6 أشهر من التأخير، كان المشروع نائماً لدى وزيرة المال ورئيس مجلس الوزراء... فمن هو المسؤول عن التأخير؟
* أن فريق الحريري ـــــ السنيورة هو الذي مانع على مدى عقد من الزمن أي استثمار أو توظيف في زيادة القدرات الإنتاجية لمؤسسة كهرباء لبنان، وقد مارس هذا الفريق كل أنواع التدمير المنهجي لهذه المؤسسة بغية تبرير خصخصتها أو إشراك القطاع الخاص في مهماتها. وتكفي الإشارة إلى سلوك السنيورة التدميري في حكومته الأخيرة عندما منع وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان من عرض أفكاره على مجلس الوزراء لتدارك اتساع الأزمة الكهربائية التي يعانيها اللبنانيون حالياً. وخلافاً لما يروّج له البعض الآن في ظل الحملة الجديدة لإمرار مشروع الموازنة كيفما كان، فإن هذا الفريق يتحمّل مسؤولية النتائج التي أدّت إليها السياسات المالية منذ النصف الثاني من التسعينيات عندما أُلغي كل إنفاق استثماري بحجج وذرائع واهية، تبين لاحقاً أن هدفها ضمان مصالح شخصية ضيقة على حساب المجتمع والاقتصاد عموماً.
(الأخبار)
________________________________________

2.5 مليار دولار
هي الخسائر على الاقتصاد الوطني بسبب أزمة قطاع الكهرباء بحسب دراستين لكهرباء فرنسا (EDF) والبنك الدولي (مراجعات النفقات العامة). وتشمل الخسائر 1.3 مليار دولار للمولدات الخاصة و1.2 مليار دولار، خسائر مباشرة على المستهلكين.
________________________________________

تمييز بيروت الإدارية
يبلغ متوسط القدرات الكهربائية المتاحة، عبر الإنتاج والاستيراد، نحو 1500 ميغاواط، فيما يصل معدل الطلب إلى ما بين 2000 و 1200 ميغاواط، علما بأنه يتجاوز حالياً في ظل موجة الحر 2500 ميغاواط، أي إن العجز يبلغ في أوقات الذروة أكثر من 1150 ميغاواط، أو ما نسبته 46% من الطلب، ولا سيما أن الاستيراد من سوريا ومصر (بمعدل 150 ميغاواط) معلّق راهناً بسبب ارتفاع الطلب في هاتين الدولتين... وما يزيد من حدّة تأثير هذا العجز أن فريق الحريري ــ السنيورة لا يزال يصر على تمييز بيروت الإدارية بكمية من الطاقة على حساب بقية المناطق.

عدد الاثنين ٢٣ آب ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment