Thursday, August 26, 2010

نصر الله: نحن محصّنون ولا يعنينا التحقيق والمحكمة ... ولا نريد إسقاط الحكومة
اشتباكات برج أبي حيدر: مَن يفسّر «اللغز الدامي»؟
بيـلمار يطلـب اسـتكمال ملـف القرائـن: لـن أصـدر قـراراً إلا اسـتناداً إلى أدلـة قـاطعـة

خطفت الاشتباكات المفاجئة في منطقة برج ابي حيدر مساء أمس الاضواء والاهتمام، نظرا الى عنفها الميداني، وعدد ضحاياها المرتفع، وأجواء التوتر والقلق التي أشاعتها
في البلد، علما بأن طرفيها مصنفان من حيث الخيارات السياسية الاستراتيجية في خانة واحدة!
وبرغم ان الحادث بدأ فرديا، وبرغم ان طرفيه حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الاحباش) أكدا ان لا خلفيات سياسية او مذهبية له، إلا ان ذلك لم يعف
من طرح أسئلة ملحة حول الأبعاد الحقيقية لما جرى، وهل ثمة اختراق أمني او مخابراتي تسبب في تفاقم الموقف، ولماذا اخفق الطرفان المعنيان في السيطرة سريعا على
عناصرهما؟ وتبقى الاجوبة مرتبطة بما سيؤول اليه التحقيق المشترك الذي سيقوم به الحزب والجمعية إضافة الى تحقيق الجيش.
وفي كل الحالات، بدا واضحا ان الاحتقان المتجدد في الشارع على خلفية أكثر من ملف مفتوح، شكل بيئة خصبة للاشتباك الليلي الذي واكبته موجة من الشائعات، كادت تؤدي
الى انفلات الامور وخروجها عن السيطرة، لولا مسارعة الجيش وقيادتي حزب الله وجمعية المشاريع الى احتواء الموقف ورفع الغطاء عن أي مخل بالامن.
وإذا كان ثمة خلاصة يمكن ان تستخرج من تجربة الامس، فهي ان الشارع يغلي، وان الارض تهتز تحت أقدام استقرار هش، سريع العطب، بحيث ان خلافا فرديا بين عناصر في
تنظيمين حليفين كاد يشعل حريقا كبيرا في بيروت، فماذا لو اختلفت طبيعة المواجهة وأطرافها؟
وفي حين أجرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس نبيه بري اتصالات واسعة مع الجهات المعنية لتدارك الوضع، أصدرت قيادتا حزب الله وجمعية المشاريع بيانا ليل
أمس بعد اجتماعهما في فرع مخابرات بيروت، أكدتا فيه أن الحادث المؤسف هو فردي ولا خلفيات سياسية أو مذهبية وراءه، وقد تم الاتفاق على محاصرته وانهائه فورا ومنع
أي ظهور مسلح. كما تقرر فتح تحقيق عاجل من قبل قيادة الجيش اللبناني ورفع الغطاء عن كل من يحاول المس بمسيرة الأمن والاستقرار.
وكانت الاشتباكات التي بدأت عند السابعة والنصف ليلاً، قد تركزت حول مسجد أبي حيدر التابع لجمعية «المشاريع الإسلامية»، في ظل انتشار مسلح من قبل أفراد تابعين
لـ«حزب الله» من جهة، ومجموعات مسلحة منضوية في «المشاريع» من جهة ثانية. وما لبث ان توسع اطار المشاركين
في الإشكال واستخدمت أسلحة رشاشة خفيفة وثقيلة، تخللها إطلاق قذائف من نوع «أر. بي. جي»، كما انتقل التوتر الى أحياء وشوارع مجاورة. واستمرت الاشتباكات المسلحة
في محيط المسجد، حتى الساعة العاشرة والنصف ليلاً، حيث بدأت تخف تدريجا مع دخول دوريات معززة من الجيش اللبناني الى المنطقة، تزامناً مع دخول سيارات الإسعاف
المدني التي سحبت القتلى والجرحى. وساد الهدوء الحذر ابتداء من ساعة متأخرة من الليل.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل كل من مسؤول حزب الله في برج ابي حيدر محمد فواز ومحمد علي جواد، واحمد جمال عميرات المقرب من «جمعية المشاريع»، إضافة الى سقوط عدد
من الجرحى.
نصر الله: الحزب محصن
في هذا الوقت، أنهى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله صيامه عن الكلام السياسي في شهر رمضان، وأطلق في كلمة ألقاها خلال إفطار الأنشطة النسائية في
هيئة دعم المقاومة الإسلامية عددا من المواقف المهمة حول العديد من القضايا المطروحة.
وإذ أكد نصر الله انه أصبح لدينا في لبنان أغنى تجربة نضالية وسياسية وعسكرية، قامت على معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي نجحت، ونحن معنيون بأن نحافظ عليها،
تطرق الى موضوع تسليح الجيش، متوقعا ان يقرر الأميركيون الاستمرار بتسليحه بحجة «ان مواجهة حزب الله تستدعي عدم وقف تسليح الجيش، لأن هذا سيسقط لبنان بيد حزب
الله».
وعرض الخيارات المتاحة لتسليح الجيش، قائلا: الخيار الاول هو وضع موازنة لشراء السلاح وهذا الأمر مكلف. والخيار الثاني هو التبرعات وهذا ما دعا إليه الرئيس
ميشال سليمان وهذا الأمر جيد، لكن كما قال الرئيس نفسه ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، فإن التبرعات الشعبية لا تسلح جيشا. وأضاف: هناك
الخيار الثالث، وهو ان «كل الدول العربية تفصح عن حبها للبنان وتوجد دول صديقة لنا أيضاً، فأقترح من هذا المنطلق أن تحدد الحكومة نوع السلاح الذي تحتاج اليه
في تسليح الجيش وتعرض مطلبها على الدول العربية على قاعدة اننا لا نريد أموالا بل نريد السلاح لأن الصدأ سيتآكله لديكم».
ودعا الحكومة الى اتخاذ قرار بطلب مساعدة ايرانية، متعهدا أن يعمل «حزب الله بقوة ويستفيد من كل صداقاته كي تقوم ايران بتسليح الجيش اللبناني»، معربا عن اعتقاده
أن «إيران التي قدمت للبنان على مدى 28 عاماً بلا حدود، لن تبخل على الجيش بأي مساعدة».
وبالنسبة الى ملف جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أكد ان «البنية التنظيمية لحزب الله محصنة، وغير قابلة للاختراق، ونحن لم نُخترق حتى الآن، وأنا
أبني على معطيات علمية»، واضاف: الإسرائيلي كان معنيا بأن يخترقنا، وكنا معنيون بمنع هذا الاختراق. لذلك منذ 28 سنة لدينا جهاز لمكافحة التجسس وأدعي أنه أكبر
جهاز لمكافحة التجسس في لبنان».
ورأى انه مهما تبدلت تسمية شهود الزور، فلن يتغير في حقيقة الأمر شيء، وهو ان هنالك من ضلل التحقيق ومن علمهم وقال لهم اذهبوا الى التحقيق الدولي والقضاء اللبناني
وقولوا كذا وكذا.
وأوضح أنه لم يقدم أدلة بل قرائن ومعطيات تفتح آفاقا في التحقيق، «ونحن قدمناها للقضاء اللبناني ولا علاقة لي بالتحقيق الدولي، أنا غير معني بالمحكمة وسأقول
أسبابي في الوقت المناسب، أنا جاهز للتعاون مع القضاء اللبناني، وجزء كبير من المعطيات التي استندت اليها موجود عند القضاء».
وحول أزمة الكهرباء وتداعياتها، شدد على ان لا خلفية سياسية للتحركات في المناطق، نافيا ان يكون ما شهدته بعض الشوارع «بروفة» لاسقاط الحكومة، فالكل يريد الاستمرار
في الحكومة، والمعارضة اليوم لا تحتاج الى الشارع لتسقطها. وفي حال أرادت اسقاطها، يمكنها فعل ذلك في البرلمان.
وأبدى قلقه مما يجري أحيانا في الشارع «لأننا نخاف من جهات مخابراتية تدفع في بعض المناطق الى صدام بين الناس والجيش أو قوى الأمن، وهذا ما نتضرر منه جميعا
وخصوصا المقاومة». ودعا الحكومة الى اجتماع استثنائي للبحث في أزمة الكهرباء، وطالبها بالبحث في وضع خطة لبناء مفاعل نووي للطاقة السلمية من أجل إيجاد حل جذري
لأزمة الكهرباء، لافتا الانتباه الى ان «كلفة مفاعل بوشهر كلها أقل مما أنفقه لبنان على الكهرباء».
بيلمار: ملف الحزب منقوص
على خط مواز، وبعد أيام من استلام مكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بيلمار الوثائق والقرائن التي قدمها السيد نصر الله من القضاء اللبناني،
اعتبر مكتب بيلمار أمس انها منقوصة، وطلب من السلطات اللبنانية تزويده في أقرب وقت ممكن ما بقي من المواد التي أشار إليها نصر الله خلال المؤتمر الصحافي. وكان
لافتا للانتباه إشارة مكتب بيلمار الى ان «المدعي العام لن يصدر أي قرار إلا إذا اقتنع بأنه يستند إلى أدلة قاطعة، وذلك في ضوء الظروف كافة».
وجاء في البيان الصادر عن مكتب بيلمار أنه «إثر المؤتمر الصحافي الذي عقده الأمين العام لحزب الله في التاسع من آب/أغسطس 2010، طلب مكتب المدعي العام من السلطات
اللبنانية تزويده بكل المعلومات والقرائن التي يحوزها الأمين العام لحزب الله أو تلك التي يسعه الحصول عليها».
«وقد خص هذا الطلب أشرطة الفيديو التي عرضت في أثناء المؤتمر الصحافي، بالإضافة إلى أي مواد أخرى من شأنها أن تساعد مكتب المدعي العام على كشف الحقيقة.
وردا على طلب مكتب المدعي العام المؤرخ 17 آب/أغسطس 2010، سلم مسؤولون في حزب الله إلى النائب العام التمييزي اللبناني مغلفا يحتوي على ستة أقراص فيديو رقمية،
وأحيلت هذه المواد على مكتب المدعي العام في اليوم ذاته.
وقد شرع مكتب المدعي العام في مراجعة هذه المواد، وتبين إثر التقييم الأولي لأقراص الفيديو الرقمية أن جواب حزب الله منقوص إذ اقتصرت المواد المذكورة على أشرطة
الفيديو التي عرضت في أثناء المؤتمر الصحافي المنعقد في 9 آب/أغسطس 2010، ولم تشمل بقية القرائن التي أشار إليها السيد نصر الله في خلال مؤتمره الصحافي. وستخضع
المعلومات المستلمة لتقييم دقيق، ولا يمكن إتمام هذه العملية إلا بالاستناد إلى ملف كامل. لذا، فقد طلب مكتب المدعي العام من السلطات اللبنانية تزويده في أقرب
وقت ممكن بما بقي من المواد التي أشار إليها الأمين العام لحزب الله في خلال المؤتمر الصحافي الآنف الذكر».
وختم البيان: «وفي غضون ذلك، يمضي مكتب المدعي العام قدما في تحقيقه بمثابرة ووفقا لأسمى معايير العدالة الدولية، وسيحدد المدعي العام موعد تقديم قرار الاتهام
إلى قاضي الإجراءات التمهيدية لتصديقه، كما سيحدد الأشخاص الصادر بحقهم هذا القرار، غير أنه لن يصدر أي قرار إلا إذا اقتنع بأنه يستند إلى أدلة قاطعة، وذلك
في ضوء الظروف كافة».
الحريري: هجوم منظم
الى ذلك، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري في كلمة ألقاها خلال حفل الافطار السنوي لدار الايتام الاسلامية في «البيال»، أن لبنان «يستطيع أن يواجه أي عواصف ومتغيرات
خارجية، إذا أحسنا إدارة الشأن الداخلي، بالحوار والهدوء والكلمة الطيبة».
وقال: هناك من يصر على استدراج البلاد إلى لعبة التجاذب، وربما الى انهاء مفاعيل القمم العربية التي عقدت في لبنان. هناك شخصيات تتطوع لهذه المهمة، وهناك أقلام
لا تتوقف عن توجيه الرأي العام يومياً، وضخ المعلومات والاخبار والمواقف، التي تصب في خانة الهجوم المنظم على قضية الرئيس الشهيد. أما نحن، من جهتنا، فلن ننساق
إلى هذه اللعبة، ولن نوفر أي جهد أو عمل، في سبيل حماية الاستقرار، والتأكيد على جعل الحوار، الاسلوب الوحيد لمعالجة القضايا، مهما كانت معقّدة.
ورحب باستئناف المفاوضات الاسرائيلية ـ الفلسطينية، آملا الا تذهب أدراج الرياح كسابقاتها. وقال ان هذه المفاوضات هي الحلقة الأخيرة وسيكون من الصعب بعدها،
على أي إدارة دولية، أن تجمع أي فلسطيني إلى طاولة واحدة مع الإسرائيليين، وستكون نتيجة فشل هذه المفاوضات، التأسيس لجولة جديدة من الصراع.
وكان رئيس عمدة مؤسسات الرعاية الإجتماعية ـ دار الأيتام الإسلامية فاروق جبر قد ألقى كلمة قال فيها إن هذه المناسبة هي لتكريم أهل الخير في بلد الخير لما قدموه
لمؤسساتنا من دعم مادي ومعنوي، أتاح لها ان تنمو وتزدهر. وأشاد بالرئيس فؤاد السنيورة و«بصموده في السرايا الحكومية خلال الازمة السياسية»، علما بأن السنيورة
لم يكن مشاركا في حفل الافطار.
السفير

No comments:

Post a Comment