Tuesday, August 24, 2010

القوات «محرومة» نقاشَ المحكمة: ليست ملكيّة أكثر من الملك
سمير جعجع في أمسّ الحاجة إلى الحديث عن المحكمة لكنّه يمتنع (أرشيف)يستغرب بعض السياسيين صمت القوّات اللبنانيّة في موضوع المحكمة الدوليّة، فيجد البعض هذا الأمر نتيجة توجيهات خارجيّة، فيما ترى مصادر القوّات أنه أمر طبيعي، لكون النقاش قضائياً وليس سياسياً
ثائر غندور
ينتشر في الصالونات السياسيّة في بيروت استغراب لصمت القوّات اللبنانيّة عما يخصّ المحكمة الدوليّة بشأن اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وتحديداً المؤتمر الصحافي الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
يتساءل كثيرون عن سبب هذا الصمت. يستعيد بعضهم عبارة تردّدت مراراً على لسان رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوّات اللبنانيّة سمير جعجع في إطار ردوده الدائمة على الأمين العام لحزب الله: «يا سيّد حسن»، أو «يقولون ونقول».
يضع البعض سيناريوات لأسباب هذا الصمت. معظم هذه الأسباب «سيئة النيّة». هناك من يرى أن القوّات لا تريد أن تضع نفسها في الموقع الأول في ملف المحكمة الدوليّة، ولا تُريد أن ترفع السقف عالياً ثم تُفاجأ بتسويات تكون على حسابها «بين الكبار»، فلا ينفع بعدها الندم.
والحديث عن التسويات مرتبط هنا، بالتواصل السوري ـــــ السعودي، وبطلب الملك السعودي من فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، من أحزاب وشخصيّات، التزام التهدئة السياسيّة والإعلاميّة، التي اتفق عليها مع الرئيس السوري بشّار الأسد.
لكن المعطيات تُشير إلى أمر آخر. هناك من طلب من القوّات الصمت في هذا الملف. كلامها على المحكمة الدوليّة لا يفيد. لا بل هو يضرّ. المعنيّون الدوليّون بملف المحكمة يُريدون منها أن تُعطي النتيجة المرجوّة، ولذلك ممنوع تعريض هذه النتيجة لأخطاء ناتجة من تصريحات.
والذين ينقلون هذه المعطيات، يُشيرون إلى أن سمير جعجع في أمسّ الحاجة والرغبة إلى الحديث عن المحكمة الدوليّة، لكنّه يمتنع، ولا يقول أكثر من كلام عام عن الثقة بالمحكمة. ويلفت هؤلاء إلى أن الرجل في جلساته الضيّقة مع كوادر حزبه، يُردّد أن من يُريد أن «يبتزّه» بعد اليوم في موضوع اغتياله رئيس الحكومة رشيد كرامي، عليه أن ينظر إلى أن حزب الله متّهم باغتيال رئيس حكومة آخر، هو رفيق الحريري.
لا تُريد القوات أن ترفع السقف ثم تُفاجأ بتسويات تكون على حسابها
بالإضافة إلى أن جعجع وفريقه، في أمسّ الحاجة إلى الاستفادة من هجوم رئيس التيّار الوطني الحرّ العماد ميشال عون على المحكمة ليكتسب جعجع وفريقه مزيداً من الجمهور في الساحة المسيحيّة. لكنّه (جعجع) «محروم» هذه الاستفادة. وقد يأتي تصريح نائب القوّات أنطوان زهرا رداً على عون مثالاً على ذلك؛ إذ أورد الموقع الإلكتروني للقوّات جملة واحدة لزهرا رداً على كلام عون أول من أمس من كسروان، وهي: «كلام رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون على المحكمة واعتبارها لعبة دولية لا يؤدي دوره إلا بالدفاع عن موقف حلفائه والاصطفاف معهم».
من هنا، قد يُفهم عدم تكرار رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل لمواقفه الناريّة التي صدرت غداة مؤتمر الأمين العام لحزب الله.
لكن ما الذي يقوله القوّاتيّون؟ يتحدّث بعض كوادر القوّات، عن أن حزبهم اليوم متفرّغ للعمل التنظيمي الداخلي، وخصوصاً بعد إقرار النظام الداخلي للقوّات. «فبعد خمس سنوات من خروج الحكيم، علينا أن ننظر إلى وضعنا الداخلي وننظمه قليلاً، مستفيدين من الهدوء الموجود في البلد»، يقول أحد المسؤولين القوّاتيين. يُضيف أن الكلام السياسي اليوم لا يعدو كونه كلاماً في الهواء، إذ إن المرحلة مُخصّصة لإمرار الوقت لا أكثر.
ويتحدّث كادر آخر عن أن القوات اللبنانيّة لا تُريد أن تكون ضحيّة سياسيّة، لذلك هي لا تريد أن تكون «ملكيّة أكثر من الملك» انطلاقاً من اعتباره أن رئيس الحكومة سعد الحريري هو المعني الأول بملف المحكمة، أو بحسب تعبير نصر الله «ولي الدم». لكن هناك في القوات من لديه رأي آخر مخالف لرأي هذا «الكادر» القواتي، إذ يرى أن القوات تخسر عندما لا تتحدّث في الإعلام، ولا تكون المعنيّة الأولى في المحكمة لجهة معرفة من قتل المغدورين جبران تويني والنائب بيار الجميّل، ومحاولة اغتيال مي شدياق.
أمّا المصادر القواتيّة الرسميّة، فتقول إن كلام الأمين العام لحزب الله هو كلام قانوني، لذلك فإن الردّ عليه يجب أن يكون قضائياً لا سياسياً. ومن المفترض أن تردّ عليه، نفياً أو تأكيداً، لجنة تحقيق أمنيّة وقضائيّة. تُضيف المصادر أن معطيات نصر الله وصلت إلى لجنة التحقيق الدوليّة، وهي المرجع المختصّ لتحديد أهميّة هذه المعطيات وصدقيتها القانونيّة أو عدمها.
وترى المصادر أنه «ليس بالضرورة كلما تكلّم السيد حسن نصر الله أن يرد عليه رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانيّة، فالمسألة هنا ليست مبارزة إعلاميّة، والقوات تردّ عندما ترى أنّ من الضروري الردّ، واليوم سيتحدث السيّد، فإذا كان مضمون كلامه سياسياً، يجب الردّ عليه. فعندها ترى القوات ما هو أفضل في الخصوص».
وتردّ هذه المصادر على مقولة أن القوّات اللبنانيّة تُركّز على عملها الداخلي، بالقول إن «القوات لا تأخذ فرصة من العمل السياسي، فهي تعمل على تنظيمها الداخلي، وفي الوقت نفسه عينها حاضرة في الحياة السياسيّة، وتقديم سمير جعجع استراتيجيّته الدفاعيّة التي لا تزال محط اهتمام في الأوساط السياسيّة والإعلاميّة دليل على ذلك».

عدد الثلاثاء ٢٤ آب ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment