Tuesday, August 24, 2010

الغرب يربط تزويد الجيش بسلاح متطور بتغيير عقيدته
نظرية نقل الوحدات الخاصة إلى الجنوب هدفها إفراغ الداخل!

داود رمال

تقدمت مسألة تسليح الجيش اللبناني وتجهيزه إلى الواجهة منذ مواجهة عديسة البطولية التي افقدت العدو الإسرائيلي صوابه وجعلته يعيد النظر في حساباته ودفعته إلى
بدء حملة دبلوماسية وسياسية ودعائية لوقف المساعدات الغربية لا سيما الأميركية المقدمة للجيش.
ولكن عملية تجهيز وتسليح الجيش قبل ان تكون تحدٍ خارجي لجهة استعداد الدول لتقديم سلاح نوعي خارق نسبياً للتفوق العسكري الإسرائيلي، فإنه تحدٍ داخلي لجهة السؤال
الكبير الذي يطرح حول القرار السياسي الموحد للتعاطي مع هذا الملف من منطلق وطني صرف بعيداً عن النيات المبيتة؟ وهل منطلقات ونيات جميع الافرقاء هي ذاتها التي
ينطلق منها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في مقاربته لهذا الملف من باب العارف والخبير بكل تفاصيل الأمور؟
هذا التساؤل الكبير يدفع مرجع سياسي معني للقول أن «ليس كل المنطلقات للأفرقاء هي ذاتها في مسألة تسليح الجيش وما يطرح من قبلهم لا يحتاج إلى عناء كبير لاكتشاف
أن وراء الأكمة ما وراءها وأن رأس الدولة في واد والبعض في واد آخر، فإذا كان رئيس الجمهورية ينطلق من واقع المؤسسة العسكرية مستنداً إلى تشاور مستمر مع قائد
الجيش العماد جان قهوجي في مسألة التجهيز والتسليح، فإن باقي الافرقاء ينطلقون من مقاربات سياسية ذاتية لجهة الدور والهدف والنيات التي يمكن وصف بعضها بالشيطاني
بامتياز».
ويضيف المرجع ان «الجيش ومعه لبنان الرسمي والشعبي لم يكن يوماً في موقع المعتدي او المهاجم للعدو الإسرائيلي، إنما كان على الدوام في موقع الدفاع، وللأسف،
الدفاع غير المتكافئ عن النفس. وعدم التكافؤ هذا، المستمر منذ عقود، والذي لم يؤثر يوماً على معنويات الجيش وعزيمة أفراده، فرض نفسه مع بدء مناقشة موضوع الاســتراتيجية
الدفاعية على بساط البحث كون اي استراتيجية دفاعــية عمادها الجيش اللبناني، ولكي تكون الاستراتيجية المنشودة فعالة هناك حاجة أكثر من ملحة لبناء جيش قادر،
وإذا كان هذا الجيش على المستوى البشري هو أكثر من قادر فإن نقطة الضعف المركزية تكمن في التجهيز والتسليح ومن هنا تبدأ عملية استكمال البناء».
ويوضح المرجع ان «الجيش لكي يصبح في موقع الدفاع المقبول عملانياً يحتاج الى ثلاثة أمور، الأول، منظومة دفاع بري تركز على مسألة مواجهة الدروع، والثاني، منظومة
دفاع بحري قادرة على إرباك الأسطول الحربي الإسرائيلي، والأمر الثالث، منظومة دفاع جوي تمنع سلاح الطيران الحربي الإسرائيلي من الاستمرار في استباحة لبنان على
مدار الساعة، وكل هذه الأمور لم تلتفت إليها الحكومات المتعاقبة منذ ما بعد الطائف بل هي اكتفت بالمساعدات والهبات التي تأتي من دول شقيقة وصديقة حتى وصل الأمر
في بعض الفترات إلى طرح البحث في مسألة موازنة الجيش لجهة الرواتب بأسلوب تشهيري اقل ما يمكن وصفه بأنه يؤثر على معنويات المؤسسة».
ويصف المرجع السياسي نفسه «ما طرحه الرئيس ميشال سليمان، من خطة مساعدة لدعم الجيش اللبناني بأنها استفتاء إضافي صادق حول المؤسسة العسكرية باعتبارها المؤسسة
التي تختزن التركيبة اللبنانية بأبهى صورها وبما يجب ان يكون عليه لبنان، بعيداً عن اي تطييف او تمذهب».
ويرى المرجع ان «طرح البعض (سمير جعجع) نظرية نقل الوحدات الخاصة في الجيش وتجميعها في الجنوب، ظاهرها العمل على وضع هذه الوحدات من النخبة في مواجهة إسرائيل
بهدف تكبيدها اكبر خسائر ممكنة او ربما هزيمتها، ولكن باطنها، إذا نظرنا إلى خلفية طارحيها، هو إفراغ الداخل اللبناني من اي قوة فاعلة، لجهة سحب أوراق القوة
والتدخل السريع عند حصول اي طارئ في الداخل».
واعتبر المرجع نفسه ان «في نيات أصحاب هذه النظرية، انه في حال حصول اي مواجهة كبيرة مع إسرائيل ستؤدي إلى القضاء على هذه الوحدات الخاصة مما يعني إفقاد الجيش
قوة ردع أساسية لديه تكشف الداخل أمام مشاريع قديمة ـ متجددة في سياق مخطط موصوف ظاهر المعالم، فالوحدات الخاصة تتمتع بتدريب مميز ولديها الوقت الكافي للتدريب
وهي وصلت إلى مراحل متقدمة منه وتتناسب نوعيته مع نوعية المهمات الموكلة اليها، اما الوحدات الأخرى فلديها برنامج تدريب مهم ولكنها احياناً تخضع لظروف تفرض
عليها ان تعمل في مهام متعددة كالاستحقاقات الانتخابية وغيرها بحيث يأخذ هذا الأمر منها الجهد العملاني الكبير».
ويذكر المرجع بأن «مراجعة سريعة لمواقف الدول المعنية، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، تظهر ان المشكلة مع مسألة تسليح الجيش وتجهيزه هي العقيدة الوطنية
الصلبة لهذا الجيش، فإذا شطبت من عقيدة الجيش ان إسرائيل عدو فإن أسلحة متطورة جاهزة للتدفق وبلا أي مقابل مالي، اما استمرار تمسك الجيش بهذه العقيدة فإنه لا
يلغي تقديم المساعدة ولكنها تبقى محددة في إطار معين لا يلامس اي سلاح فعال قادر على إيلام إسرائيل».
داود رمال
السفير

No comments:

Post a Comment