Thursday, August 26, 2010

إيران تعلن عن الاستعداد لتسليح الجيش اللبناني بما يريد «إذا طلب»
بيروت تستعيد هدوءها: جمر الأسئلة تحت الرماد
مجلس الوزراء يطلب تخفيف الاحتقان ... وحزب الله يرى أن الحادث كشف «بروفات»

لملمت منطقة برج أبي حيدر أمس جراحها، فيما بقيت الأسئلة التي أثارتها الاشتباكات بين حزب الله وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية من دون أجوبة واضحة، في انتظار
انتهاء التحقيق، ما ترك الباب مفتوحا أمام استنتاجات عدة.

وإذا كانت شرارة الإشكال فردية، إلا أن تطوره السريع بشكل دراماتيكي عزّز الاعتقاد باحتمال دخول مندسّين على الخط، عمدوا إلى صب الزيت على النار، وهو أمر لا
يبرر بطبيعة الحال ما جرى، بل كان أولى به أن يدفع الطرفين المعنيين إلى مزيد من الوعي والتنبه إلى مخاطر الاختراق، وهما اللذان يدركان حساسية المرحلة، وخصوصا
أن خطابهما السياسي يواظب على التحذير من الفتنة.

ولأن حزب الله هو القوة الأكثر تنظيما، ولأنه الحزب الأكثر عرضة للاستهداف السياسي والأمني نتيجة التزامه بخيار المقاومة، فقد بدا هو المعني، في الدرجة الأولى،
بعدم الانجرار الى مستنقع صراع الزواريب الذي اختبرته قوى أخرى في السابق وخرجت منه منهكة.

وليس صعبا الاستنتاج أن حزب الله هو المتضرر الأكبر مما حصل، كما بيّنت التداعيات السباسية لمعركة برج أبي حيدر، علما أن أوساطه تؤكد أنه كان الطرف المعتدى
عليه وأن خسارته لمسؤول بارز فيه كانت موجعة، وأنه خلافاً لكل ما يقال فهو أظهر قدراً عالياً من ضبط النفس، حال دون أن تأخذ الأمور أبعادا أخطر.

وقالت أوساط الحزب لـ«السفير» إنه يجب الالتفات إلى أن من قتل في اللحظات الأولى هو المسؤول الميداني الذي يتولى عادة في حالات التوتر لجم الانفعالات وضبط الشارع،
وبالتالي فإن العناصر التي تعمل تحت إمرته صدمت بمقتله المفاجئ وبفقدان مرجعيتها المباشرة، فلجأت إلى رد فعل تلقائي احتاجت السيطرة عليه إلى بعض الوقت.

أما المسؤول الإعلامي في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية عبد القادر فاكهاني فأكد لـ«السفير» أنه تم الاتفاق مع حزب الله على رفع الغطاء عن كل من يخل بالأمن،
ودعا إلى التوعية والحذر من أطراف تحاول استغلال ما حدث في سبيل مآربها الخاصة. وشدد على أن الجيش يقوم بالتحقيق «ولا غطاء فوق رأس أحد، وبالنسبة إلينا فإن
إطلاق النيران تم من جهة واحدة علينا، ولكننا لا نريد الحديث عمّا حصل ونفضل تجاوزه».

ولئن كان حزب الله وجمعية المشاريع صادقين في الرغبة المعلنة في عدم الانجرار إلى اقتتال داخلي عبثي لا طائل منه، إلا أنه ثبت، بتجارب أخرى، أن الفتنة ليست
دائما نتاج قرار سياسي متعمد، بل قد تكون أحيانا وليدة «أسباب فردية» كتلك التي أضرمت النار أمس الأول وكادت تحرق الأخضر واليابس، لا سيما متى كان الشارع بطبيعته
«سريع الاشتعال»، ويمكن أن يتفاعل بسرعة مع المواد الملتهبة.

وكما كان متوقعا، منحت معركة برج أبي حيدر خصوم المقاومة هدية مجانية لاستئناف التصويب المباشر على سلاحها، فيما كان لافتا للانتباه قول رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة»
النائب محمد رعد إن «الحادثة كشفت سيناريوهات وبروفات»، مشيراً إلى أن «الله أراد على ما يبدو أن ينبّه الناس جميعا إلى مخاطر الاستدراج والاندفاع».

ورأى أنه من غير المبرر أن «يقضي بعض الشباب في نيران صديقة وأن يكون هناك استخفاف في الضغط على الزناد في موقع غير موقع مواجهة مع إسرائيل».

وبدا أن رعد تعمد إطلاق كلام «حمّال أوجه»، تراوح بين عدم الطمأنة وعدم التهديد، علما أن بعض التفسيرات وضعت ما أدلى به في خانة توجيه رسالة ضمنية، بعدما لاحظ
حزب الله أنه خلال الاشتباكات مع الأحباش، انتشرت عناصر من تيار «المستقبل» بكثافة في الطريق الجديدة وعائشة بكار ومناطق أخرى في العاصمة، ما أوحى بأن لديها
«جهوزية منظمة».

مجلس الوزراء: معالجة تفشي السلاح

واشتباكات برج ابي حيدر حضرت بقوة أمس على طاولة مجلس الوزراء، مستحوذة على ساعتين من البحث، من أصل الساعات الخمس التي استغرقتها الجلسة في السرايا الحكومية
برئاسة الرئيس سعد الحريري.

وعلمت «السفير» أن الحريري شدد على أنه لا يجوز الخلط بين سلاح المقاومة وأي سلاح آخر. إلا أنه سأل «عن مبرر وجود الأسلحة في شوارع بيروت»، معتبرا أن ما حدث
ليس جديدا في نوعه، «لأنه وفي غير منطقة من لبنان ولأسباب مختلفة يظهر السلاح الخفيف والمتوسط بسرعة وتدور اشتباكات عنيفة ترعب الناس». وأكد أن ما حدث «غير
مقبول وعلى القوى الأمنية أن تفرض الأمن بسرعة وحزم في بيروت كما في سائر المناطق»، ورأى أنه «يترتب على كل القوى السياسية مسؤولية في ضبط الشارع ورفع الغطاء
عن المخلين بالأمن».

وتكلم وزيرا حزب الله حسين الحاج حسن ومحمد فنيش، فأكدا أن ما حصل في برج أبي حيدر هو حالة مدانة ومستنكرة علما أن الحادث فردي ولا خلفيات سياسية له. وشددا
على وجوب عدم توظيف ما حصل للاستخدام السياسي وللخلط ما بين سلاح المقاومة وأي سلاح آخر.

وسأل الوزير الكتائبي سليم الصايغ عما يفعله سلاح حزب الله في شوارع بيروت، وكذلك الحال بالنسبة إلى سلاح الأحباش وسلاح مصطفى حمدان، كما قال.

وتكلم كذلك عدد من وزراء 14 آذار منبهين إلى خطورة تفشي السلاح واستعماله، وداعين إلى جعل بيروت مدينة منزوعة السلاح.

وتجنب وزيرا حزب الله التعليق على هذا الكلام، فيما استغرب وزراء آخرون من بينهم جبران باسيل ويوسف سعادة أن يطرح البعض مدينة بيروت منزوعة السلاح وكأنه من
المسموح حمل السلاح وقتل الناس في مناطق أخرى.

وبعد النقاش، قرر مجلس الوزراء وضع يده على ملف الأحداث الأمنية، وشدد على تحميل القيادات السياسية مسؤولياتها في تخفيف الاحتقان، وكلف الأجهزة العسكرية والأمنية
والقضائية متابعة القيام بدورها كاملا وإلقاء القبض على الفاعلين لأي فريق سياسي انتموا. وشكل المجلس لجنة برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزيري الدفاع والداخلية
«لمعالجة ظاهرة تفشي السلاح بين المواطنين في كل المناطق اللبنانية ولا سيما في بيروت، وإيجاد الحلول الفاعلة لها، على أن ترفع اقتراحاتها إلى مجلس الوزراء
في جلسة قريبة مقبلة».

تسليح الجيش... والاستعداد الإيراني

الى ذلك، تطرق الوزير الحاج حسن في مداخلته إلى مسألة تسليح الجيش، وقال إن «الرئيس ميشال سليمان طرح بعد مواجهة العديسة ضرورة تسليح الجيش، وأمس (الأول) أثار
الأمين العام لحزب الله هذا الموضوع، وأنا أقترح بما ومن أمثل تشكيل لجنة وزارية تجول على الدول العربية الممتلئة مخازنها بالأسلحة لطلب الحصول على كميات منها،
على أن تزور اللجنة أيضا إيران ونحن جاهزون أن نوظف صداقتنا مع إيران لتسهيل الحصول على سلاح منها»، معتبرا أن «حقنا على أصدقائنا وأشقائنا مساعدتنا في تسليح
الجيش».

وبينما تجنب مجلس الوزراء اتخاذ موقف من اقتراح حزب الله، أعلن وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي عن استعداد إيران التام لتسليح الجيش اللبناني بما يريد
في حال تسلمت طلبا منه بذلك. ونسبت وكالة «أنباء فارس» إلى العميد وحيدي قــــوله إن بلاده على استعداد تام لتجهيز الجيش اللبناني، مشيرا إلى أن «لبنان يعتبر
من الدول الصديقة للشعب الإيراني».

أزمة الكهرباء

وتوقف مجلس الوزراء مطولاً عند أزمتي الكهرباء والمياه والاحتجاجات الشعبية، وأكد الحريري أن حرق الإطارات وإقفال الطرق «ممارسات غير مقبولة»، وطلب من وزير
الطاقة والمياه جبران باسيل تقديم خطة طوارئ فورية توجد حلا لبعض مشكلات الكهرباء والمياه في انتظار إقرار الموازنة في مجلس النواب.

وعُلم أنه تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزيــــري الطاقة جبـــران باسيل والمال ريا الحسن من أجل درس إمكانيـــة اتخاذ خطوات عاجلة للتخفيف من
أزمة الكــهرباء.

وتكلم باسيل داعيا الى عدم توقع معالجات جذرية سريعة، وشدد على أن هناك مساواة في التقنين بين كل المناطق باستثناء بيروت التي تحظى بـ21 ساعة، لكنه أشار الى
إمكانية تلاعب بعض الموظفين الذين ربما يعطون هذه المنطقة أو تلك ساعات تغذية أكثر من الأخرى، وهذا الأمر يخضع للتحقيق.

وتوقف عند قيام البعض «بالتحريض بل الاعتداء على مؤسسة كهرباء لبنان ومنشآتها»، وذكّر بأن خطة الكهرباء التي أقرّتها الحكومة تلحظ عدداً من الإجراءات الفورية
التي تخفف من حجم المشكلة لكنها تبقى قاصرة عن حلها. وشدد على أهمية الاستعجال في تصليح الأعطال ووقف التعديات على الشبكة والتي تفاقم هذه الأعطال. وأكد أنه
سيرفع إلى مجلس الوزراء قريباً اقتراحا بإجراءات تسرع في استدراج العروض الخاصة بالمولدات الصغيرة والكبيرة وموضــوع باخرة توليد الطاقة الكهربائية وذلك في
سبيل تأمين كمية إضافية من إنتاج الكهرباء لتوفيرها للمواطن.
السفير

No comments:

Post a Comment