Friday, November 26, 2010

صورة «الطيّب أردوغان» في ساحة الشهداء
تخرج تظاهرات الأرمن عن إطارها السلمي

لم تكتف الأحزاب ورؤساء الطوائف الأرمنية الثلاث بالاعتراض السياسي من على المنابر وبيانات التنديد بزيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى لبنان، فاستنفرت
شارعها واستدعته في بلوكات متراصة الى ساحة الشهداء أمس، احتجاجاً أولاً على «ثقافة» تجوال المسؤولين الأتراك برعاية رسمية على الأراضي اللبنانية، وثانياً تسجيلاً
لموقفهم الثابت والاستراتيجي من ضرورة تقديم الحكومة التركية الاعتذار للشعب الأرمني.
لكن المشهد الأرمني، وخلافاً للعادة، خرج عن الإطار السلمي الذي يطبع مسار التظاهرات الأرمنية الاحتجاجية، فتحوّلت صورة «الطيّب أردوغان» في ساحة الشهداء الى
«مشروع مشكل» مع القوى الأمنية فرضت على وزير الداخلية زياد بارود التدخل «عن بعد»، بعد اتصال من النائب الطاشناقي أغوب بقرادونيان، عبر الإيعاز الى القوى الأمنية
ترك المتظاهرين يعبّرون عن آرائهم بكل حرية.
فمع محاولة عدد من المعتصمين نزع صورة كبيرة لرئيس الحكومة التركية التي وضعت قبالة نصب الشهداء وإنزالها تعبيراً عن احتجاجهم ورفضهم رفعها في المكان راشقين
إياها بالحجارة والزيت الأسود، تدخلت القوى الأمنية لمنع ذلك فوقع تشابك بالأيدي بحضور بقرادونيان الذي افاد شهود عيان أنه تعرّض للضرب.
ووسط إجراءات أمنية مشددة من قبل شرطة مكافحة الشغب والجيش اللبناني، تواصل الاحتجاج ونزع المعتصمون الصورة، وأكد بقرادونيان أنه «طلب إزالة صورة اردوغان من
ساحة الشهداء حفاظأ على كرامة الشهداء واحتراماً لأرواحهم والقوى الأمنية لم تتفهم الاعتراض»، مشدداً على «ان وضع صورة رئيس وزراء تركيا امام تمثال الشهداء
إهانة للشعب اللبناني وللشهداء».
شارك في التجمع الأرمني عدد من نواب «تكتل التغيير والإصلاح» وفعاليات بيروتية ومتنية، وألقيت كلمات شدّدت على «رفض التطبيع والألاعيب المسرحية التركية التي
تحاول ان تتظاهر بعداوة مزيفة لإسرائيل».
ورأى رئيس ديوان مطرانية الروم الارثوذكس في لبنان سارو تونتيان أن الاعتصام «هو للتـنديد بزيارة أردوغان والحفاوة بالترحيب التي استــقبل بها من قبل الأوساط
اللبنانية». وقال رئيس حزب «الرامفغار» مارديك افديكيان «نطلب من تركيا الاعتراف بالمــجازر التي ارتكبــتها بحق اللبــنانيين سنة 1915ـ1916، والاعتراف بالمجازر
التي ارتكبتها بحق مليون ونصف مليون أرمني والتعــويض عن المتــضررين والكفّ عن اغتصاب الأراضي وإعادتها الى اصحابها الحقيقيين».
وقال اليكس كوشكريان باسم «الهانشاك» «هذه هي تركيا. تخرج إلينا اليوم بثياب الحمل الوديع، وهي ما زالت تضم اراضي، تحتل، تقتل، تهجر، تحاصر وتدّعي الديموقراطية».

وعن حزب «الطاشناق» تحدّث افيديس كيدانيان فتساءل «كيف يمكنكم ان تتناسوا بأن هذا الذي تستقبلونه اليوم على انه صديقكم تربطه علاقات استراتيجية سياسية عسكرية
واقتصادية مع من هو عدو لبنان والأمة العربية».
واعتبر مطران طائفة الأرمن الارثوذكس في لبنان كيغام كاتشيريان أن «تراجع الدول العربية هو ضعف واستسلام عن دورهم القيادي في التفاوض والتقاعس عن مسؤولياتهم
القومية وجعل أنفسهم رهناً لأمزجة العثمانيين».
الجدير ذكره أن محطة «أو تي في» تولّت وحدها النقل المباشر من ساحة الشهداء، فيما كانت باقي المحطات تنقل خطاب أردوغان من صيدا.
من جهة ثانية، استنكر النائب نعمة الله أبي نصر «الطابع الطائفي لزيارة أردوغان التي لم تكن على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين». وأشار إلى انه «كان بودّنا
أن نكون من بين المرحبين برئيس وزراء تركيا، الدولة التي نريد أن نعزز معها علاقاتنا الاقتصادية»، لكننا «لم نكن ننتظر منه أن يشارك في مهرجان انتخابي الطابع،
مذهبي الاتجاه لمصلحة فريق دون آخر». أضاف: فوجئنا بدفاعه عن العلاقات التاريخية بين لبنان وتركيا، لا سيما وأن العلاقات كانت على مدى أربعمئة سنة بين قوة محتلة
وشعب مقهور.
وإذ أكد أن الاعتذار لم يكن مطلوباً، إلا أنه أشار إلى أنه «كان يكفي أن يضع إكليلاً على نصب الشهداء ليطهر الذاكرة الجماعية من آثار الظلم الذي تسبّب به العثمانيون».

وشدّد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا على ان التجمع الاحتجاجي في ساحة الشهداء «أمر طبيعي»، داعيا اللبنانيين الى تذكر ان «كل عائلة لبنانية
سقط لها شهيد على يد الجيش العثماني».
وناشد رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، أمام وفد من الشبيبة الأرمنية زاره في مقر المجلس برئاسة أنترانيك سركيسيان، أردوغان أن «يعتمد موقفاً تاريخياً
مدوياً ليرفع وصمة العار التي ارتكبها أسلافه العثمانيون بحق الشعب الأرمني في الحرب العالمية الأولى».
أضاف: «رغم تقديرنا وترحيبنا بالزيارة التي يقوم بها أردوغان، والمساعي التي يبذلها من أجل استقرار لبنان، ناهيك بالمواقف المتشددة التي دان فيها السياسة الإسرائيلية،
إلا أنه لا يمكننا إلا أن نقف مع شهداء مواطنينا الأرمن الذين عبروا عن مطالبتهم تركيا بموقف اعتذار تاريخي عن المجازر التي ارتكبت في حقهم».
السفير

No comments:

Post a Comment