Saturday, January 22, 2011

«السفير» تنشر ورقة الحريري للمقايضة: كل السلطة ... مقابل المحكمة!

جنبلاط يحسم موقفه فيقلب المعادلة: الحكومة للمعارضة
دمشق ونصر الله مرتاحان للتحوّل «الاشتراكي» ... وميقاتي والصفدي يحدّدان خيارهما اليوم
جنبلاط يلوّح، خلال مؤتمره الصحافي، بنسخة من وثيقة تضمنت مطالب الرئيس الحريري مقابل قبوله بإعلان إلغاء بروتوكول التعاون مع المحكمة الدولية ووقف تمويلها وسحب
القضاة اللبنانيين منها (عباس سلمان)
يحبس اللبنانيون أنفاسهم ترقبا لما سترسو عليه لعبة حافة الهاوية التي تجري على ساحة استشارات التكليف الحكومي.
ولعل الفرصة الزمنية الفاصلة عن موعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة مساء يوم الثلاثاء، ستكون الأطول في عمر الصراع السياسي المفتوح منذ نحو ست سنوات،
وهي تقتضي من جميع اللبنانيين، وفي المقدمة، من الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية، عيونا ساهرة ومفتوحة على مدار الساعة، مخافة أن يحاول الأميركيون والإسرائيليون،
التخريب بالأمن و«الحرب الناعمة»، تعويضا عما عجزوا عن فعله كاملا في السياسة...
نعم يسجل للأميركيين أنهم نجحوا بالضغط والترهيب، بإسقاط التفاهم السوري ـ السعودي أولاً وبمنع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من وضع توقيعه وموافقته
على ورقة البنود الـ 11 التي كان قد تم التفاهم عليها بين دمشق والرياض، ثانياً، قبل تسليم المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي دانيال بيلمار قراره الاتهامي
الى قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين.
ويسجل لهم أيضا أنهم دفعوا رئيس حكومة تصريف الأعمال، عندما نقض التفاهم الأول، الى تفخيخ المبادرة السعودية ـ السورية، عندما سلم الجانبين القطري والتركي ورقة
ـ فضيحة، «شهرها» رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في مؤتمره الصحافي «التاريخي»، أمس، بوجه عشرات العدسات الصحافية، من دارته في كليمنصو، قبل
أن يودع نسخة منها مذيلة بتوقيع الحريري، في عهدة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في لقاء جمعهما، ليل أمس، وهو الثاني بينهما، خلال أسبوع تقريبا.

ورقة الحريري
وجاء في نص الورقة التي أبرزها جنبلاط في مؤتمره الصحافي الآتي:
«المطالب التي تقدم بها دولة الرئيس الحريري:
الشق الأول:
- سحب ملف شهود الزور.
- سحب الاستنابات القضائية السورية.
- تعهد الضباط الأربعة (جميل السيد وعلي الحاج ومصطفى حمدان وريمون عازار) الذين أطلقوا بألا يتابعوا الموضوع لا في لبنان ولا خارجه.
- عدم المس أو التهجم على فريق الرئيس الحريري (سعيد) ميرزا – (أشرف) ريفي ـ (وسام) الحسن...
- المواكبة الإيجابية لكل خطواته (أي خطوات الحريري).
الشق السياسي:
- سحب السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات (الناعمة وقوسايا وينطا وحلوى ودير العشائر الخ..).
- تحويل فرع المعلومات إلى شعبة.
- تغيير نظام التصويت في مجلس قيادة الأمن الداخلي (النصف + واحدا بدل الثلثين كما هو معمول به حاليا).
- إرسال الـ69 مشروع قانون المقرة في حكومة الرئيس (فؤاد) السنيورة إلى مجلس النواب من دون تمريرها عبر حكومة الرئيس الحريري.
- تثبيت اتفاق الطائف.
- معالجة البؤر الأمنية.
المقابل (أي ما تعهد سعد الحريري به في ورقته):
-إعلان إلغاء بروتوكول التعاون مع المحكمة الدولية.
- وقف تمويل المحكمة.
- سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة». (انتهى نص ورقة الحريري الحرفي).
ولعل هذه الورقة ـ الفضيحة، تحمل في طياتها، الأسباب التي جعلت فريق المعارضة، يبلغ الجانبين
القطري والتركي، اعتراضه أولا، لأن توقيت الموافقة جاء بعد صدور القرار الاتهامي، وثانيا، لأن مضمونها جاء مخالفا لما كانت قد تضمنته الورقة السعودية ـ السورية،
والتي يشير مضمونها أيضا الى أن المعارضة كانت مستعدة إلى حد ما لمقايضة الحكم والحكومة لسعد الحريري مقابل، تنازله عن البنود الثلاثة نفسها (إلغاء اتفاقية
المحكمة وسحب القضاة ووقف التمويل)، ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول سلوك المعارضة في الشأن السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، فضلا عن أسئلة أكبر تطال
الحريري نفسه، وكيف كان مستعدا لمقايضات مقابل الحصول على رزمة تجاوزات للدستور والقوانين، وهو الذي ما برح يردد ليلا ونهارا أنه المدافع الأول عن دولة القانون
والمؤسسات.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه، على مسافة، أكثر من أسبوعين من موعد الجلسة المفاجئة التي حدّدها رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي في السابع من
شباط المقبل لغرف الاستئناف في المحكمة من أجل مناقشة خمسة أسئلة قانونية «تساعد على النظر في مضمون القرار الاتهامي»، لماذا صارت أولويات رئيس حكومة تصريف
الأعمال حماية شهود الزور وسحب مذكرات التوقيف السورية ومنع الضباط الأربعة من المضي في دعاويهم محليا ودوليا ولماذا سلم ورقة بتوقيعه يجاهر فيها بأن قاضي قضاة
لبنان بالوكالة سعيد ميرزا حاليا، هو جزء من «فريقه السياسي» كما جاء في ورقته، مثله مثل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ورئيس فرع المعلومات
العقيد وسام الحسن.
والسؤال الثاني ما الذي كان يقصده رئيس الحكومة عندما طلب المواكبة الايجابية «لكل خطواتي»، هل كان يقصد مثلا تمرير زيادة الـ«tva» الى 15% أم المصادقة على
كل مشاريع الخصخصة، أم المزيد من استباحة أملاك الدولة في «السوليدير» أم المزيد من الهدر في مجلس الإنماء والإعمار وباقي «المجالس الطائفية» الخ...
الأسئلة كثيرة حول سحب السلاح الفلسطيني وتشريع «فرع المعلومات» وتعديل نظام التصويت في مجلس قيادة قوى الأمن وتمرير كل مشاريع قوانين حكومة فؤاد السنيورة البتراء
و«معالجة البؤر الأمنية» الخ...
عمر كرامي إلى التكليف الثلاثاء
في هذه الأثناء، حسم النائب وليد جنبلاط الوجهة السياسية التي سيسلكها مع ثلة من نواب «اللقاء الديموقراطي» الحزبيين وغير الحزبيين، في مضمار تسمية رئيس الحكومة
المقبل، في المؤتمر الصحافي الذي عقده، أمس، في دارته في كليمنصو، وذلك بإعلانه تموضعه النهائي حزبيا الى جانب المقاومة وسوريا، ولو أنه نجح بترك الموقف النهائي
من حيث الأرقام في دائرة الغموض، وذلك من خلال الصياغة الذكية التي قدمها، والتي فرضت تلقيها إيجابا سواء من قبل فريق الرئيس سعد الحريري او قوى المعارضة وأيضا
من خلال الطوق الذي «فرضه» على اجتماع اللقاء الديموقراطي منعا لتسريب وقائعه والمناقشات التي تخللته.
وحسب المعلومات، فإن جنبلاط قدم خلال الاجتماع عرضا مفصلا للأحداث التي شهدتها الساحة الداخلية في الآونة الاخيرة، والمسار الذي سلكته الأمور منذ استقالة وزراء
المعارضة من الحكومة مع الوزير عدنان السيد حسين، وتداعيات تلك الاستقالة وصولا الى لقائه الاخير مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله ومن ثم اللقاء
مع الرئيس السوري بشار الاسد. وعرض أمام أعضاء اللقاء عناوين مسودة التسوية التي خلص اليها المسعى العربي السوري السعودي، معرباً عن استيائه من تعطيلها، والتنكر
لها، وخصوصا أنها تشكل برأيه فرصة لتجنيب لبنان الانزلاق الى المجهول. كما عرض لمضمون النسخة المقدمة من الحريري للمعارضة، عبر القطريين والأتراك.
وقالت مصادر مشاركة في اللقاء إن جنبلاط أكد للنواب الوقوف مع المقاومة في لبنان في وجه ما تتعرض له، وخصوصا من قبل المحكمة والقرار الاتهامي، وكذلك الوقوف
مع سوريا، ومن هنا انتقل الى إعلان الموقف الذي سيحدده في استشارات الإثنين، وذلك بتسمية الرئيس عمر كرامي لتشكيل الحكومة الجديدة، معلنا ان هذا الامر سيلتزم
به النواب الحزبيون الاعضاء المنتمون الى الحزب التقدمي الاشتراكي، وهم خمسة إلا إذا ارتأى أن يعفي النائب علاء الدين ترو لاعتبارات خاصة بإقليم الخروب.
وتشير المعلومات الى ان نقاشا دار حول طرح جنبلاط، من قبل عدد من النواب، وتوزع هؤلاء بين فريق دعا الى التريث وأخذ الوقت المتبقي حتى الاثنين من أجل المزيد
من المشاورات على حد تعبير النائب مروان حمادة، وبين فريق رافض لهذا الطرح متمثلا بالنائب محمد الحجار الذي تبنى ترشيح الرئيس سعد الحريري، وأيده بذلك النائب
الكتائبي فادي الهبر. وبين فريق ثالث مؤيد لطرح جنبلاط ومن بينهم النواب هنري حلو وانطوان سعد وإيلي عون.
وقد تقرر في نهاية اللقاء عقد اجتماع ثان لتقرير الموقف النهائي قبيل جلسة الاثنين، علما ان مداولات اللقاء عكست وجود «حصة وازنة» لطرح جنبلاط التصويت للمرشح
الذي تقرره المعارضة، تبدأ من سبعة اعضاء، ما يعني، ان مرشح المعارضة وهو الرئيس عمر كرامي سيفوز بالتكليف بـ65 صوتا (57 صوتا + 7 من جنبلاط + النائب نقولا
فتوش)، وهي نسبة مرشحة للتحرك تبعا لموقف كتلتي الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، اليوم، مع بروز ميل الى اعتماد خيار عدم التسمية.
وبعد الاجتماع الذي استمر ساعة ونصف ساعة عقد جنبلاط مؤتمرا صحافيا، كان اقرب الى مطالعة تاريخية استند اليها جنبلاط لترسيم حدوده السياسية النهائية الى جانب
المقاومة وسوريا، وتظهير الموقف من المحكمة وفريقها وتحديد استهدافاتها.
ورأى جنبلاط «ان البلاد وصلت الى مفترق خطير بعد أن أخذت المحكمة الدولية بعدا سياسيا بامتياز صار يهدد الوحدة الوطنية والأمن القومي، وبعد أن تحول مسار هذه
المحكمة ليصبح بمثابة أداة تخريب وقد خرجت عن مسار العدالة لتدخل في بازار السياسة وسوق الابتزاز والابتزاز المضاد».
واستعرض جنبلاط مسار المبادرة العربية ونقاط المسودة التي انتهت اليها ومن بنودها إلغاء بروتوكول المحكمة وسحب القضاة ووقف التمويل، مشيرا الى انها مصدقة من
قبل الرئيس بشار الأسد والسيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري.
واعتبر «ان تسليم القرار الاتهامي في موعد الاستشارات يأتي في سياق التخريب على المبادرة العربية». وقال: عطفا على موقفي السابق الذي أعلنته مرارا وتكرارا وتشكيكي
بصدقية تلك المحكمة وقرارها الظني مع تشديدي وتأكيدي على تلازم مسار العدالة مع مسار الاستقرار، ورغم كل الاعتراضات التي واجهتني من سفراء من هنا أو مبعوثين
من هناك لا يكترثون للوحدة الوطنية بل يريدون للمحكمة الدولية أن تكون أداة اقتصاص وتصفية حسابات، أرى لزاما علي ومن موقعي وموقع الحزب وسيرته التاريخة ان أعلن
الموقف السياسي المناسب لمواجهة هذه المرحلة وتعقيداتها وحيثياتها، مؤكدا ثبات الحزب الى جانب سوريا والمقاومة، آملا أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مداها بعيدا
عن التشنجات والاصطفافات المذهبية، وأن نبقى بالرغم من الشرخ الذي حدث وسيحدث متمسكين بالحوار والاحتكام الى المؤسسات والدستور.
وأكد ان اللجوء الى الشارع يزيد التشنج ولا يحمي الاستقرار والاقتصاد كما أنه لا يخدم القضية المركزية في الحفاظ على منجزات المقاومة. واعتبر إن «أي قهر أو
قهر مضاد هو مخالف لأعراف التوافق والتقاليد اللبنانية بعيدا عن الحسابات العددية في الاستشارات النيابية»، مؤكدا أن «أي محاولة إلغاء من طرف لطرف آخر هي مغامرة
مستحيلة لا يمكن الا أن تولد المزيد من التشرذم والانقسام، لذلك من الأفضل أن يفسح المجال لتفاعل الأمور بشكل هادئ».
وأمل أن يشكل موقفه «فرصة ومتنفسا لاستعادة الهدوء والتعقل والحوار على أساس المبادرة العربية وبما ينقذ لبنان ويحفظ استقراره». ورفض كلام الحريري عن أنه معرض
لاغتيال سياسي»، كما رفض ما قاله أحدهم في المعارضة ان ما قبل القرار شيء وما بعده شيء آخر.
وزار جنبلاط، ليل أمس، السيد حسن نصر الله برفقة الوزير غازي العريضي وبحضور الحاج وفيق صفا، «حيث جرى التباحث بالموقف الاخير الذي اعلنه رئيس اللقاء الديموقراطي
في مؤتمره الصحافي وآفاق المرحلة المقبلة على الصعيدين الحكومي والوطني» كما جاء في البيان الذي وزعه إعلام «حزب الله».
وفيما أكدت مصادر سورية بارزة ارتياحها الواضح لخيارات جنبلاط الوطنية والقومية، قال مصدر مقرب من الرئيس الحريري لـ«السفير» «اننا نحترم خيارات النائب جنبلاط
أيا كانت ونحن نقدر حجم الضغوط التي تعرض لها، وفي كل الأحوال نحن ذاهبون الى استشارات الاثنين استنادا الى مضمون خطاب الرئيس الحريري وسنحتكم للدستور، وسنكون
اول المباركين لمن يفور بثقة النواب، وسنتمنى له التوفيق.
أما الرئيس عمر كرامي فقد اعتصم، أمس، بالصمت، ودعا امام زواره الى ترقب تطورات اليومين المقبلين قبل الاستشارات النيابية التي ستجري يومي الاثنين والثلاثاء
المقبلين.
السفير

No comments:

Post a Comment