Wednesday, February 2, 2011

«الكتائب» و«القوات» في «الصالون الميقاتي»... عودة الإبن الضال؟
كلير شكر
في الخارج، أصوات «عتاة» «تيار المستقبل» تملأ فضاء المشاورات الحكومية، رافضة تغطية «الرئاسة الميقاتية». في الداخل سمير جعجع إلى مائدة نجيب ميقاتي المسائية،
وقبله أمين الجميل على «الصبحية». مشهد مفعم بالتناقض الشكليّ، لكنه لا يلغي التناغم الجوهريّ.
حتى اللحظة، يتسلّح النواب «الزرق»، بورقة المطالب التي تقدمت بها «كتلة المستقبل» النيابية إلى رئيس الحكومة المكلف، لإشهار اعتكافهم عن الجلوس إلى طاولة حكومية
برئاسة معقودة لغير سعد الحريري. يفلشون حججهم بطلاقة تعوقها «غصّة» التطورات غير المحسوبة: استشارات نيابية مكبّلة بقوة الضغط، تركيبة جديدة تسرق بساط الأكثرية
النيابية من تحت أقدام قوى الرابع عشر من آذار، ومستقبل غامض.
وبينما يستوي ميشال عون متربّعاً على «عرش» انتصاره وحلفائه، في «المعركة الحكومية»، وإن كانت «حربهم» لم تنته بعد، يستقبل مستوزيرين، ويودّع طامحين... يحاول
خصومه، لا سيما المسيحيين منهم، اللحاق بآخر عربات «القطار الميقاتي» الذي سينطلق حكماً، بمن حضر، ليترك البقية على رصيف الانتظار... والمعارضة. نداءات رئيس
الحكومة المكلف المكثّفة، لـ«حلفائه السابقين»، المحصّنة بإشارات إقليمية، أعادت إحياء الأمل في أذهان هؤلاء، بأن الواقف على باب السرايا الحكومية، متأهّباً
لدخولها، يفتح أمامهم «كوة» للعودة مجدداً إلى أحضان السلطة التنفيذية. ولا بدّ من إخضاعها لـ«المعاينة».
خلال الاجتماع الرباعي الذي استضافه سعد الحريري يوم الأحد الماضي، وضمّه الى كل من أمين الجميل، فؤاد السنيورة، وسمير جعجع، اتخذت «القيادة العليا» لقوى الرابع
عشر من آذار قرارها بالعودة عن قرار «المقاطعة» الحكومية، وفتح الباب أمام مفاوضات المشاركة، لتلقي المهمة على كتفيْ الجناحين المسيحيين، لا سيما أن «لقاءيْ
الدقائق المعدودة» بين الخلف والسلف، لم يتركا «للصلح مطرحاً».
على هذا الأساس، حضرت «سيرة» قوى الرابع عشر من آذار، طروحاتها، وطموحاتها، على جدول أعمال الرئيس ميقاتي. لقاءات بالمفرق، عقدها رئيس الحكومة المكلّف مع «الكتائب»
و«القوات»، وإن كان ضيوفه يقدّمون «عروضهم» على طبق «التفاهم» مع حلفائهم «المستقبليين». أكثر من دافع رفع من منسوب حماسة مسيحيي 14 آذار، وحملهم إلى «الصالون
الميقاتي»: انقلاب الصورة الإقليمية، التجاذب على الشارع المسيحي، والخوف من عزل قد يصيبهم بفعل تكرار تجربة المقاطعة المسيحية التي ارتدت سلباً على المسيحيين،
من دون إغفال هاجس الخوف من حليف قد يتخلى عنهم...
تراجع صوت المدافع «الزرقاء»، ورفغت رايات الهدنة. في هذه الأثناء، الجلستان بين الرئيس المكلف ورئيس الكتائب، أثبتتا، وفق أوساط «الكتائب»، أن قيادة «الصيفي»
لم تذهب «عارية» أو «يتيمة» إلى «أرض الخصوم»، وإنما متسلّحة بدرع التضامن الجماعي لمكونات 14 آذار، وأن هذا الفريق يحافظ على وحدة صفّه، وأن المفاوضات تتمّ
وفق أطر واضحة وصريحة.
أولى جلسات التفاوض «الماراتوني»، انتهت إلى إذابة جبل جليديّ، ارتفع دفعة واحدة بعد تحوّل «الأكثريات». تبلورت نيّة جديّة لدى الفرقين، لإيجاد صيغة مشتركة
تعيد إحياء حكومة الوحدة الوطنية. تلك النيّة تلمستها «القوات» وفق أوساطها، منذ أيام، لتقطع شكّها بيقين مسند إلى إشارات وصلتها من أكثر من اتجاه: مساعي رئيس
الحكومة الحثيثة لتوسيع بيكار حكومته، التي حوّلت الكلام من وراء الميكروفونات إلى جلسات عمل جدّية، مواقف «الخصوم» المطالبة بشراكة كلّ القوى، حتى لو تحت سقف
«الثلث المعطّل».
أصوات الاعتراض «الزرقاء» عل ألسنة «الصقور» و«الحمائم» على حدّ سواء، لا تنكرها «القوات»، ولا تصمّ اذنيها عنها، لا بل تحيلها إلى ردّات الفعل الانفعالية الطبيعية.
ولكنها في المقابل، تجيّر لنفسها النجاح في مهمّة إقناع الحريري، في التخلي عن «الفيتو»، والانضمام لنادي مشجّعي البقاء تحت جناح السلطة التنفيذية. كما أن عدداً
لا بأس به من الوزراء المسيحيين في قوى الرابع عشر من آذار، انضم إلى الصف المؤيد للعودة الحكومية، لترسّخ القناعة بأن هذا الفريق، فعلاً وقولاً، يسعى للاحتفاظ
بمقاعده الوزارية، وبأن مفاوضاته مع رئيس الحكومة المكلّف ليست من باب المناورة السياسية، وإنما على قاعدة «جدوى» الاعتراض من الداخل.
نقطتان أساسيتان استحوذتا على نقاشات رئيس الحكومة المكلّف مع ضيوفه: البيان الوزراي، ونسبة المشاركة في الحكومة. يهمّ قوى الرابع عشر من آذار، أن «تغطّي» قرار
انضمامها إلى «التركيبة الميقاتية» ببيان وزاري يعكس «لائحة الثوابت» التي عرضتها خلال الاستشارات النيابية. المحكمة الدولية، وقبلها القرارات الدولية، على
رأس تلك الثوابت، احتراماً لقناعاتها ولقناعات جمهورها. لا يبدي سيّد الدار، اعتراضه على هذه الصيغة، لأن «البيانات الوزارية لحكومات الوحدة الوطنية المتعاقبة،
كانت متشابهة إلى حدّ بعيد، ولا يفترض أن يكون البيان المرتقب شديد الاختلاف عما سبقه»، كما نقل عنه من التقاه من «القوات» و«الكتائب».
بداية مشجّعة، في ميزان قوى الرابع عشر من آذار، للمضي قدماً في مشوار المفاوضات، الذي «حمّلته» شرطاً ثانياً، ألا وهو حصتها الحكومية، حيث تطالب بمعاملتها
بالمثل، لناحية الحصول على الثلث المعطّل، بالمباشر أو «بالمواربة»، وفق صيغة 15+5+10 التي كانت قائمة.
نقطتان تنتظران ردّ رئيس الحكومة المكلف، وفق أوساط «الكتائب» كي تقول قوى الرابع عشر من آذار كلمتها النهائية من هذ الاستحقاق، قبل أن يبدأ البحث في التفاصيل،
من أسماء وحقائب، لم تجد بعد طريقها إلى النقاشات المشتركة... لكنها قادرة أن تجذب كلّ شياطين الأرض. ولكن بالنتيجة، إما تكون كلّ القوى الآذارية، موالية، وإما
لا تكون، وفق تأكيد الفريقين المسيحيين المذكورين.
ماذا عن موقف مسيحيي الأكثرية الجديدة وتحديداً العماد ميشال عون؟ هناك من يقول إن الرابية هي ممر الزامي لعودة «الكتائب» و«القوات» إلى أحضان الحكومة... وهناك
من يغمز من قنوات اتصال انتعشت بين بكفيا والرابية، تحسّباً لتطورات إيجابية قد تفرض نفسها، وإن كانت الكتائب تعتبر أن التلاقي المسيحي ـ المسيحي مشروع سابق
للحكومة، وغير متصل بها.
السفير

No comments:

Post a Comment