Wednesday, February 2, 2011

من معراب إلى القاهرة: مات الملك... عاش الملك
اللقاء الأول... وربما الأخير (م. ع. م)
كلير شكر
لساعة وخمس دقائق، متجاوزراً الوقت المخصّص للاجتماع، التقى الرئيس المصري حسني مبارك، في 13 حزيران الماضي، رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير
جعجع. لم يدرك الرجلان يومها، أن «أرض الفراعنة» تغلي تحت رماد نظام ممسوك، لكن غير متماسك. كانت تكفيه «نسمة ياسمين» تأتيه من البلاد التونسية محمّلة بعبير
الثورة، حتى تهب بوجهه «عاصفة مليونية»، تطالب باقتلاعه من جذوره.
كان اللقاء الأول بينهما، وقد يكون الأخير، لا سيما إذا استمر المصريون بالنفخ في نيران زحفهم البشري نحو «ميدان التحرير»، مبكّرين في مواعيد الاستحقاق الرئاسي،
عن سابق إصرار وترصّد، لإحداث تغيير في رأس الهرم، قد يكون للمرة الأولى، معبّراً عن إرادة القاعدة، لكسر حلقة استفتاءات الـ99,99%، ولو أن تطورات الساعات الأخيرة
ظللت الثورة المصرية بسيل من الأسئلة والمخاوف.
ولكن التواصل القواتي ـ المصري ليس ابن ساعته، وإنما تطوره خضع لميزان «التنقيح»، الذي «دوزن» النظرة «الفرعونية» إلى أحد أطراف الحرب اللبنانية، الذي نادى
في واحدة من مراحله الذهبية، بالمفهوم الفدرالي. الالتحام بين «القوات» و«تيار المستقبل» حوّل «ضريح الشهيد» رفيق الحريري، قلّص المسافات بين القاهرة ومعراب.
وما حاك جعجع أولى قطباته، منذ استلامه القيادة القواتية، جهد لتثبيته خلال الأشهر الأخيرة، من خلال توثيق العرى مع واحدة من مكونات منظومة عربية، وقفت إلى
جانب «ثورة الأرز»، و«ثوارها»... قبل أن يصبح لبلاد «أبو الهول» و«خوفو» و«خفرع» ثورتها.
يتباهى «القواتيون» بتاريخية العلاقة التي تربطهم بالقيادة المصرية، «يوم قرر جعجع اعتماد نهج انفتاحي على العالم العربي، من الأردن، إلى العراق، مروراً بمصر
وحتى سوريا». دخول «القوات» في مربّع «الطائف»، «ساهم في تحسين صورة الميليشيا المسيحية، وتقديمها على طاولات الزعماء والرؤساء العرب، كواحد من «أبطال» السلم».

يقرّون أن انطباع المصريين عن «القوات»، شهد تبدّلاً نوعياً، ربطاً بحجم هذا الفريق ودوره في المعادلة اللبنانية، والطروحات السياسية التي يتبناها، بدءاً بإيمانه
بمفهوم الدولة القوية، ودعوته لإيجاد حلّ لسلاح «حزب الله»، وصولاً إلى تطلعه إلى العمق العربي.
وعلى الرغم من أن التلاقي المسيحي ـ الإسلامي في «ساحة الشهداء»، وتبعاته، فتح أبواب العالم العربي، أمام جعجع، كما يقول القواتيون، إلا أن فضل تعزيز العلاقة،
لا يعود إلى سعد الحريري أو إلى «تيار المستقبل»، بل إلى جهود «القوات» في ترجمة أقوالها إلى أفعال.
ولهذا، تراقب القيادة القواتية التحوّلات المصرية بهدوء، تحاول الاستفسار عن شكل غد القاهرة، وعن هوية أبطاله. يريحها الغموض الذي يلفّ المشهد: التغيير لا يبدو
جذرياً، ومن سيخلف مبارك لا يبدو من قماشة مختلفة، الأسماء المتداولة لوراثة «فرعون الثلاثين عاماً» لا تثير الريبة، وكأنها تدور في الفلك نفسه...
تنام معراب على «وسادة» ناعمة، لا يخبئ «ريشها» احتمال حصول انقلاب جذري في السياسة الخارجية المصرية، علماً بأن خصومها يضحكون في سرّهم، لأنها «وسادة من أوهام»،
سيستفيق عليها «القواتيون» بعد انتهاء «الكابوس».
في تقدير «القيادة الجعجعية» أن الغليان المصري، وإن كان من المبكر بنظرها الحكم على نتائجه العملانية والسياسية، لن ينتج سوى تبديل في «الوجوه»، على أن يحافظ
«الجوهر» على تماسكه وحضوره... من عمرو موسى وصولاً إلى محمد البرادعي، مروراً بعمر سليمان، وغيرهم من «المرشحين الرئاسيين»، لا تطرح هذه الأسماء أي مخاوف في
أذهان حلفاء القاهرة اللبنانيين، من احتمال تحوّل في النظرة المصرية إلى التركيبة اللبنانية. بمعنى أن «الانقلاب» المصري، فيما لو تمّ بتوقيع التظاهرات الشعبية،
فإن ذلك لن يعني تغييراً عقائدياً للنظام، أو وصول «الإخوان المسلمين»، على سبيل المثال، إلى رأس السلطة.
وحتى إشعار آخر، فإن أقصى ما يمكن لهذا التحرّك أن يحصده هو استبدال «سيّد» القصر الرئاسي، بـ«سيّد» آخر... «يموت الملك ليعيش ملك جديد»!
في أفق المشهد المصري، لا يرى «القواتيون» سيناريو واضح المعالم. «حتى اللحظة، النظام الحالي لم يرفع راية الاستسلام. الإصلاحات السياسية والاجتماعية المطلوبة،
حق مقدّس، كان يفترض الانحاء أمامه، من دون السماح لكوب الاعتراضات الشعبية بالطوفان. والدعوة للترقّب لا تعني الاعتراض على حركة الاحتجاج، لأن لكل شعب حق تقرير
مصيره، وإنما هي من باب صياغة قراءة واقعية».
البركان المصري يغلي تحت حمم اجتماعية ـ معيشية، لا أبعاد سياسية عميقة للأزمة، وفق قراءة معراب، التي لا تخشى ترددات الزلزال المصري، وانعكاساته على «بلاد
الأرز» و«أبطال ثورتها».
واشنطن التي ترصد الحركة المصرية عن كثب، من خلال بيانات «داعمة» لأقدام الثوار، ومواقف مؤيّدة لمطالب أصحابها، لا تدفع «حلفاءها» اللبنانيين إلى اتهامها بالتخلي
عمن ساندوها واستندوا إلى «جدارها» في «معاركهم الداخلية»... برأيهم «الإدارة الأميركية لم تدر ظهرها للنظام المصري، ولكنها تعتمد سياسة التقليل من الخسائر،
بدليل قدرتها على التعامل مع أي وضع جديد قد تفرزه الثورة. البراغماتية لا تعني أن البيت الأبيض فقد واحداً من حجاراته الداعمة له في الشرق العربي، أو أهمل
أحد حلفائه».
وبانتظار أن تنقشع الرؤية في بلاد الأهرامات، يتفرّج خصوم «القوات» على انهيار وحدات المنظومة الدفاعية لـ«قلعة معراب»، الواحدة تلو الأخرى، ويجاهرون بالقول:
بعد انكفاء المملكة السعودية، وانغماس «أبو الهول» في مستنقع احتجاجاته المليونية، فلنراقب مسار التأليف الحكومي في لبنان، ومن بعدها لكلّ حادث حديث...
السفير

No comments:

Post a Comment