Thursday, March 10, 2011

إلى أبي البطريرك السابع والسبعين
فيوليت الخوري مسنّ

غبطة أبي البطريرك السابع والسبعين،
قرأت في الأسبوع الفائت مقالة، يسأل كاتبها عن صفات البطريرك الجديد، عن كيفيّة انتخابه وأيّة سلطة ستتدخّل للتأثير على هذا الاختيار، ومن هو الأسقف الأوفر حظاً للوصول إلى سدّة البطريركيّة في زمن الأحداث العصيبة التي يمرّ فيها لبنان، وزمن الثورات التي يعبرها الشرق الأوسط. كما كان أيضاً بين الأسئلة: أي دور للعلمانيين في تحديد صفات البطريرك المنتخب؟
فتساءلت بدوري: أين هم العلمانيّون في الكنيسة المارونيّة؟ وأيّ دورٍ لهم اليوم في هذا الاستحقاق؟ أليسوا هم الكنيسة، أي جماعة المؤمنين بالربّ يسوع المسيح؟ فرحت أسأل بعضهم ما رأيك في هذا الاستحقاق الكنسي وكان الجواب: "نحن نشعر أننا غائبون أو مغيّبون عن دورنا الديني في الكنيسة المارونيّة، حتى أنّ بعضنا وجد دوره في كنف الأحزاب السياسيّة المارونيّة للتعويض عن الانتماء الديني في الكنيسة".
هنا تذكّرت أنني معنيّة بالموضوع بصفتي إعلاميّة مؤمنة ومربّية ومسؤولة في اللجان الكنسيّة. لذلك إسمح لي، أبي البطريرك، أن أتوجه اليك بهذه الرسالة، باسمي وباسم أولادك وبناتك، أبناء رعيّتك المارونيّة.
ما هي صفات البطريرك الجديد؟ بكلّ بساطة، أن يكون بطريركًا، أي أبا الآباء، والأبوّة الروحيّة مقدّسة، يا أبي، لأنّها من الروح القدُس. نحن رعيّتك نؤمن بأنّ دعوتك هي منذ البدء دعوة إلهيّة، و"رجل الله يهتم بالرعيّة لبنيان جسد المسيح" (أفسس 12:4). نحن نريدك يا أبي أباً روحيّاً، يراقب رعيّته، يسأل عن خرافه، يهتمّ بالأكثر فقراً والأكثر حاجةً، يبحث عن الخروف الضّالّ ليستعيده ويسعد به لأنّه الوكيل الأمين على شعبه. نريدك يا أبتِ قائداً لشعبك، صاحب سلطة إلهيّة، حاضراّ لبذل نفسك حتى لا يهلك أحدٌ منهم. قائداً لا يطلب العزّ والدلال وتأمين مصالح رؤساء هذا العالم، بل قائداً يغسل أرجل أولاده، متمثلاً بالمعلّم الأوّل، الرّب يسوع المسيح، الذي علّمنا انّ الأول هو خادم للجماعة، والكبير هو المسامح والجامع، حامل سرّ الحبّ المصلوب. نريدك أباً روحيّاً، والأب يتألم عندما ينقسم أبناؤه، ولا يغمض له جفن قبل أن يجمعهم، حتى ولو كانت أفكارهم متباينة، ومواقفهم وتيّاراتهم مختلفة. يقبلهم كما هم وعلى علاّتهم، ويتوب عنهم.
أبي البطريرك، نريدك نبيّ العهد الجديد، تنبئنا بفكر الله وإرادته في مجتمع محا الله من قاموس حساباته، لنعود ونشرب من روح التقوى والعفّة والوداعة، فنأخذ الوديعة ونسلّمها بدورنا إلى أبنائنا، وننقلها من جيل إلى جيل بكلّ إيمان ورجاء، بدون خوف أو تردّد.
نريدك صاحب شخصيّة قويّة تحمل رؤية جديدة مرسّخة على أسس المسيح، محاورًا، منظّمًا، تدبّر كنيستك بعناية، تسعى إلى تكوين فريق عمل متكامل، صالح، مراقب، مخطّط ومتابع لأمور الرعيّة وهمومها وشجونها وحضورها، ليجذبها إلى المسيح لأنها صورة جسده المقدّس.
كنيستنا، يا أبي، تنتظرك راعيًا، حامل البشرى السارّة، يعظ بالتعليم الصحيح، يوجّه، يرافق ويرشد بالمحبة والعيش، وليس فقط بالكلام، وعند ذاك ستناديها وستعرف صوتك، وستتبعك وتقبل زعامتك الإلهيّة عليها.
دورك، يا أبي، لا شكّ أنّه صعب ومحفوف بالمخاطر والمتاعب والتحدّيات، لكنّ الربّ سيمدّك بحكمة إلهية واضحة تؤهلك لتتبوّأ هذه المكانة ليتجلّى المسيح في شخصك. ونحن بدورنا، أبناؤك وبناتك، سنحمل معك هذه المسؤوليّة، وسنصلّي لأبينا القدوس ليمدّك بكل القوّة والحكمة لتحمل رسالتك على أكمل وجه، ولنهلّل معًا ونعلن "مجد لبنان أعطي له".

No comments:

Post a Comment