Monday, March 28, 2011

العونيون يغرّدون خارج سرب الإفراط في التفاؤل الحكومي: ليـس المطلـوب حقـيـبـة «الداخليـة» بـل «تغييـر النـهـج»
عون
مارون ناصيف
منذ أن أعيد إطلاق قطار التأليف الحكومي بعد تظاهرة الثالث عشر من آذار، وجميع الأفرقاء في الأكثرية الجديدة ينادون بالإسراع في التشكيل ولكن بعيداً من التسرع.
هذه الرغبة المفرطة في الانتهاء من مهمة التشكيل، وما لها من مدلولات سياسية على صعيد استكمال مرحلة ما بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وتسمية نجيب ميقاتي
رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة في الإستشارات النيابية الملزمة، دفعت ببعض الأكثريين الى الإعلان بداية الأسبوع الفائت أن الحكومة شُكّلت وستعلن خلال الساعات
القليلة المقبلة، حتى أن هناك من قال إن مراسيم التشكيل كتبت وتنتظر التوقيع والإعلان.
مقابل كل هذا التسرع في الإعلان عن إنجاز لم يتم بعد، لا بل يحتاج الى الكثير من الترتيبات المطلوبة، غرّد صوت العونيين خارج السرب الأكثري، إذ أكّد أكثر من
مرة، نيابياً كان أم وزارياً، أن «هذه المعلومات التي تتحدث عن حكومة خلال ساعات، غير صحيحة وما من مؤشرات إيجابية تشير الى ذلك» وهذا هو المناخ الذي عكسه العماد
ميشال عون خلال ترؤسه اجتماع «تكتل التغيير» يوم الثلاثاء الماضي..
«بالتأكيد لم يأت هذا النفي من منطلق أن التيار البرتقالي يريد نسف الانتصار السياسي»، يقول عوني بارز على تماس مع مفاوضات التأليف الحكومي، مشيراً الى أن فريقه
هو من أكثر المتحمسين لانتهاء هذه المرحلة والانتقال الى العمل ولكن من دون أن تحل العقد على حسابه كما كان يحصل في الاستحقاقات السابقة».
وعلى رغم اقتناعهم المطلق بـ«أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي سيكون أول الخاسرين في حال فشل في مهمته»، لا يشطب العونيون من حساباتهم أن العماد ميشال عون
كان ولا يزال رأس الحربة في المعركة التي تخاض ضد الحريرية السياسية، وبالتالي «فان أي اعتذار قد يصدر عن ميقاتي ستكون له ارتداداته السلبية على تجمع الأكثرية
الجديدة»، كما أن الفريق الآخر لن يفوت الفرصة سياسياً للتصويب على هذا التجمع، لذلك فنظرية «العقدة العونية المعرقلة» ليست في محلها و«الى حدّ ما ظالمة» بحسب
العونيين.
وفي هذا الإطار يسأل نائب في تكتل التغيير والإصلاح «عندما يقول رئيس المجلس النيابي نبيه بري سأقف الى جانب العماد عون في مطالبه، ورئيس جبهة النضال الوطني
النائب وليد جنبلاط يردد أن مطالب عون الحكومية محقة، كيف يسمح البعض لنفسه بالتحدث عما يسمونه بـ«العقدة العونية»؟
بالنسبة الى قطب أكثري فـ«العقدة الحكومية لا تكمن لدى العماد عون، بل في مكان آخر. لقد بدأ الخطأ عند فتح باب المفاوضات على مصراعيه مع كل من رئيس حزب الكتائب
أمين الجميل، وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال بطرس حرب، وفيما بعد مع رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع من دون التنسيق مع الحلفاء الذين
كانوا وراء التكليف».
في البداية شعر حلفاء ميقاتي أن هذه المفاوضات هي من باب الشكليات، لذلك يمكن تمريرها من دون افتعال أي بلبلة، لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن ميقاتي شبه متمسك بإدخال
هؤلاء على تشكيلته، من دون الأخذ في الإعتبار أن الثلاثي جعجع – الجميل – حرب هم الأكثر خصومة على الصعيد السياسي مع من أوصلوه الى مرتبة التكليف لا سيما «حزب
الله» وحركة «أمل» كما «التيار الوطني الحر» الذي يضاف الى خصومته السياسية معهم تنافسه الانتخابي في دوائر قوته.
وهنا يسأل القطب الأكثري «لماذا لم يتمسك ميقاتي بمبدأ مشاركة تيار المستقبل وما لهذا الأخير من ثقل لناحية الغطاء السني، قدر تمسكه بذلك الثلاثي المسيحي؟ وماذا
لو قلبنا المقاييس وافترضنا أن ميقاتي شارك في تسمية رئيس حكومة غيره ينتمي الى حزب الله، فهل كان ليقبل أن يفاوض حزب الله تيار المستقبل من دون علمه؟ أو حتى
أكثر من ذلك أن يتمسك حزب الله بتوزير النائب سمير الجسر أو زميله محمد كباره أو حتى النائب السابق مصطفى علوش وهم أكثر المنافسين له انتخابياً على الساحة الطرابلسية»؟

من جهتها، لم تر أوساط الرئيس ميقاتي «أي عمل استفزازي في محاولته إدخال بعض قوى 14 آذار تشكيلته الحكومية مشددة على أن رئيس الحكومة المكلف كان يهدف من تلك
الخطوة إعطاء الطابع الوطني الجامع لحكومته على رغم الانقسام السياسي الذي كان قائماً في الإستشارات النيابية الملزمة والتي يجب اعتبارها غيمة صيف عابرة للعمل
في المرحلة المقبلة». وتصف أوساط رئيس الحكومة المكلف المفاوضات القائمة بـ«الجدية التي يمكن البناء عليها للتعويل على أن الحكومة ستبصر النور بعد الانتهاء
من مرحلة دوزنة المطالب على صعيد توزيع الحصص والحقائب بشكل يرضي الجميع».
«نعم لقد أخطأ ميقاتي يوم حاول أن يرمم ما تصدع» يقول القطب الأكثري، وهو ما يزال مستمراً في ارتكاب الأخطاء إذ أنه بدلاً من التعاطي مع فريق الأكثرية الجديدة
كحليف إستراتيجي له، معتبراً أن وزراء هذا الفريق هم وزراء رئيس الحكومة، يبذل قصارى جهده لتأليف كتلة وزارية له ولرئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي لم يبذل
أي جهد لإيصاله الى السرايا الحكومية، من دون تقدير «المكاسب» التي سيحصلها فيما لو خسر ميقاتي حلفاءه الأكثريين وربح رئيس الجمهورية، ومن دون أن يدرك المخاطر
التي تقف وراء ذلك الرهان.
إذاً ها هي الأسباب الحقيقية لتأخير التشكيلة الحكومية، «فلا وزارة الداخلية والبلديات ولا غيرها من الحقائب تشكل الأسباب الحقيقية لتمييع المفاوضات، بل هو
نهج في التعاطي يجب على المعنيين تغييره»، يقول العونيون، كونه يعيدهم بالذاكرة الى طريقة تعاط لطالما اعتمدها فريق الحريري معهم في تشكيل الحكومات ولطالما
كانت العقد تحل على حسابهم من خلال هذه الطريقة عينها.
السفير

No comments:

Post a Comment