Tuesday, March 29, 2011

جنبلاط يتصل بزعيم «المستقبل» ويتمنى عليه الحوار مع «حزب الله» الحريري ودمشق: تمنيات لعبور الأزمة ورهان على الـ«س س»
كلير شكر
بينما كان «السندباد الحريريّ» يتنقّل من عاصمة إلى أخرى، مستطلعاً التطورات المتسارعة في «الميادين» العربية، كانت «الإخبارية السورية» تضع فريقه «الأزرق» في
قفص الاتهام المباشر، وتحوّل الأنظار من مدينة درعا إلى جارتها الطرابلسية، التي قيل إن سفينة محمّلة بالأسلحة انطلقت من أحد موانئها دعماً لـ«الحركات الاحتجاجية»،
ما استدعى ردّاً سريعاً ومقتضباً من أمين عام «تيار المستقبل» أحمد الحريري ينفي فيه أي صلة لفريقه بما يحصل على الأراضي السورية، وأكملت النائبة بهية الحريري
في اليوم التالي أنه ليس مسموحاً المساس بسوريا حتى بالكلمة.
في المقابل، فإن صمتاً حذراً ساد أوساط النواب «المستقبليين» الذين يحاذرون الدخول في متاهة السجال العابر للحدود و«للخطوط الحمراء»، مكتفين بنفض غبار المسؤولية
عن أكتافهم، وبالنأي بأنفسهم عن المشاركة في صناعة «ربيع دمشق»، وفق نظرة خصوم القيادة السورية.
على لسان «النواب الزرق»، نفي واحد: «لا علاقة لنا بما تتناقله وسائل الإعلام»، علماً بأن بينهم من يجد نفسه غير معني بالردّ على اتهامات لم تكتسِ رداء الموقف
الرسمي الذي يعبّر عن رأي «قصر تشرين». فحاملو شعار «لا للتدخّل السوري في لبنان»، أضافوا بالأمس لا جديدة، «لا للتدخّل اللبناني في الشؤون السورية، فالشعب
السوري أدرى بشعابه، كما بقية الشعوب العربية المعنية وحدها بقضاياها الداخلية».
وما يجوز على «الاتهام الأمني» يسري أيضاً على «الشائعات» التي تحدّثت عن نيّة «تيار المستقبل» التحضير لتظاهرات مؤيدة لـ«الحركة الاحتجاجية السورية»، حيث برّأ
«المستقبليون» أنفسهم من هذه المهمّة، ورموها عن أكتافهم، بعدما انفلشت بقعة الكلام حول دور «لوجستي» يقدّمه «الزرق» لجيرانهم. «نحن لسنا في موقع يخوّلنا دعم
أي تظاهرة من هذا النوع على الأراضي اللبنانية، وإذا كان هناك سوريون مؤيدون للاحتجاجات، فهذا شأنهم ولا يجوز منعهم، طالما أن لبنان بلد ديموقراطي ويحترم الحريات».

وكأن الاتصال بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، قد اخترق «السواتر الترابية»، ليحرك المياه الراكدة بين الرياض ودمشق
من جهة، وبين قصر الشعب وبيت الوسط من جهة ثانية. ففي العاصمة اللبنانية، هناك من انتعشت آماله لإمكان إعادة إحياء محور «السين السين»، المعطّل من لحظة وأد
المبادرة السعودية - السورية في مهدها. مشروع الاتفاق الذي «دفنه» سعد الحريري، لم يفقد صلاحيته، وقد يجوز «نبشه» ليكون وسيطاً جدّياً على طريق بيروت - دمشق...
ولا بأس أن يمرّ من الدوحة حيث كان ولي عهدها في دمشق قبل يومين.
«آلو» استثنائية أعادت الحرارة بين الحريري ووليد جنبلاط. ولا شك في أن «البيك» المبادر قد أسدى نصيحة إلى «دولة الشيخ»، بفتح النافذة المطلّة على «الشام»،
لمناسبة الأحداث الأخيرة، من دون أن يأتي الجواب المنتظر من المقلب الآخر... فهل دغدغت فكرة العودة إلى السرايا الحكومية مشاعر رئيس حكومة تصريف الأعمال وما
يزال يكبتها حتى الآن؟.
جنبلاط ابلغ الحريري ان المرحلة التي يمر فيها لبنان والمنطقة تاريخية وعصيبة ودقيقة جداً، ونصحه على الصعيد الداخلي بالحوار مع الشيعة وخاصة مع «حزب الله»
والرئيس نبيه بري. ورد الحريري بأنه يتعرض لحرب الغاء من جانبهما، فكيف يتحاور معهما وأجابه جنبلاط: «وهم يتعرضون لحرب ضد سلاح المقاومة وعليك ان تحسم خياراتك،
إن باختيار الاشتباك او الحوار».
في قراءة «المستقبليين»، لا تحمّل الجولة الخليجية للحريري، أكثر مما تحتمل. «التطورات السريعة على الساحة العربية تستدعي متابعتها عن كثب، وقد لعبت قطر دوراً
بارزاً إن كان في الوضع الليبي أو اليمني على حدّ سواء، ولا بدّ بالتالي من استطلاع التفاصيل من قادتها مباشرة».
أما العودة إلى الرئاسة الثالثة فمرتبطة، وفق النواب «الزرق»، «بظروف ولادة أكثرية نيابية جديدة تلتزم بالعناوين التي تؤمن بها قوى الرابع عشر من آذار». ولهذا
يعتبرون أن التواصل السعودي - السوري يتجاوز الملف اللبناني، باتجاه بناء خط دفاع عربي يحول دون تطور الأمور بشكل دراماتيكي، وإن كان هؤلاء لا ينكرون أنّ أيّ
تحسّن على هذا المستوى من شأنه أن يحمل ترجمة إيجابية على الساحة اللبنانية، وعلى خطّ العلاقة بين دمشق و«المستقبل» تحديداً... لكن غليان المنطقة لا يترك مكاناً
للتفاصيل اللبنانية، أقله في المدى المنظور. فالأولوية اليوم على الأجندة السورية، هي للوضع السوري بالدرجة الأولى.
ويذهب أحد نواب «المستقبل» إلى حدّ الحديث عن قرار حاسم في «التيار» و«الكتلة» يقضي بالتعامل بكلّ إيجابية مع ضرورات الاستقرار في سوريا. قرار سابق للاتصال
«الملكي» بالرئيس السوري، وبتقديره فإن «الأسلوب الاستيعابي الذي استخدمه فريقه في تلقّف «الاتهامات»، دليل قويّ على قناعة راسخة لديه بالسير مع رياح التهدئة».

هذا الكلام يتناقض ومناخات أشيعت ضمن «التيار الأزرق» في الأيام الأولى لأحداث درعا، بعدم الدخول على خطها «لأنها سترتد سلباً علينا وتشد العصب حول النظام على
طريقة المردود نفسه لخطاب «حزب الله» في قواعدنا».
محطة «المنار» التي نقلت الخبر عن «الإخبارية» السورية عادت بالأمس وبثّت الشريط الذي يظهر المعلومات التي وضعتها المحطة السورية بتصرّف الرأي العام، والتي
تقول إنه «تمّ ضبط سبع سفن محمّلة بالأسلحة في ميناء اللاذقية»، انطلقت من مرفأ طرابلس، وثمة شكوك لدى سوريا بتورّط «تيار المستقبل» بما يجري على أراضيها».
وأفادت مصادر «المنار» أنها كانت حصلت على المعلومات ذاتها منذ يوم الأحد الماضي، من مصادر أمنية لبنانية طرابلسية، ومصادر أمنية سورية، لكنها تحفّظت عن بثها
بانتظار الموقف الرسمي، فيما نقلت محطة الـANB يوم الأحد الماضي، المعلومات نفسها. ولم تنشر «المنار» تلك المعطيات إلا بعد صدورها على شاشة «الإخبارية» السورية.

وقد نفى مسؤول إعلامي سوري ما ذكر أن التلفزيون الرسمي الحكومي بث خبراً حول مصادرة السلطات السورية قوارب محملة بالاسلحة قبالة السواحل السورية قادمة من لبنان.
وقال مدير الأخبار في التلفزيون السوري غالب فارس في تصريح لأحد المواقع الالكترونية اللبنانية «إن التلفزيون السوري لم يبث أي خبر بهذا الخصوص على الإطلاق».

وقد بدا من هذا التوضيح أن القيادة السورية ليست بوارد استخدام هذه «المعلومات الإعلامية» من باب استدراج «خصوم افتراضيين» لحلبة السجال السياسي، بغية شدّ العصب
المحلي، علماً بإن «الإخبارية» السورية، محطة شبه رسمية، ولكن مستقلة عن التلفزيون السوري.
وكانت «كتلة المستقبل» النيابية توقفت في اجتماعها الأسبوعي «أمام محاولات بعض الأطراف ووسائل الإعلام الزجّ بلبنان في ما يجري في المنطقة العربية والادعاء
زوراً، أن لبنان أو بعض القوى السياسية فيه تشكل مصدراً للسلاح أو التحريض لزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا. إن هذه الادعاءات عارية تماماً عن الصحة وربما
كان الغرض منها استعمالها في التجاذبات السياسية الداخلية اللبنانية، والكتلة إذ تنفيها، تتمنى للشقيقة سوريا أن تجتاز هذه المرحلة سريعاً في ظل الأمن والسلام
والخير والتقدم».
كما نفى «تيار المستقبل» الخبر، معتبراً في بيان له أنه «دأبت وسائل اعلام «حزب الله» على إطلاق أكاذيب كان آخرها ما روج له موقع «الانتقاد» الالكتروني عن أن
نواباً تابعين للتيار يعملون على التحضير لتظاهرات في الشمال. ان وسائل الاعلام التابعة لـ«حزب الله» تعمل على اثارة الفوضى الإعلامية لتحميل «تيار المستقبل»
تبعات ما يجري عند الشقيقة سوريا، علماً أنه سبق للأمين العام للتيار أحمد الحريري أن اعلن ان استقرار سوريا من استقرار لبنان، وأن لا شأن لنا في ما يحصل لأن
الشعب السوري راشد».
أضاف البيان «إن «تيار المستقبل» إذ يرد هذه المزاعم إلى أصحابها، فإنه يهيب بوسائل الاعلام عدم الأخذ بها، خصوصاً أن ليس فيها أية صدقية. ويربأ الزج بالعلاقات
بين لبنان وسوريا في سجالات سياسية داخلية».
بدوره عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش نفى «أي تدخل لـ«تيار المستقبل» في الاحداث التي تشهدها سوريا، واصفاً كل ما يشاع عن هذا الموضوع «بالأقاويل السخيفة
التي لا تستأهل الرد عليها». وأكد ان «ليس هناك من مصلحة لأحد بحصول عدم استقرار في سوريا».
وكان المكتب الإعلامي للنائب محمد كبارة ردّ على ما ورد في جريدة «الوطن» السورية، وقال: «لفقت صحيفة الوطن السورية بياناً صادراً عن قوى سياسية في الشمال وتحديداً
النائب محمد كبارة وغيره بالدعوة للتظاهر ضد السلطة في سوريا متهمة اياه بتهديد العمال السوريين في حال عدم تظاهرهم غداً. إن لجوء اتباع النظام السوري لمثل
هذه الاكاذيب لن تساهم في الدفاع عن النظام السوري بل تزيد من عزلته. ونحن بقدر ما نرفض تدخل هذا النظام في شؤوننا اللبنانية الداخلية فإننا نرفض بالقوة نفسها
تدخلنا في شؤونه الداخلية».

السفير

No comments:

Post a Comment