Friday, April 29, 2011

عساكر تؤكد حق الدولة بحفظ أمن مواطنيها وتنوه بالجهود السورية للإصلاحلبنان يجتاز «اختبار» مجلس حقوق الإنسان في جنيف
مارلين خليفة
اجتمع أمس في جنيف مجلس حقوق الإنسان في جلسة استثنائية بناء على دعوة واشنطن التي نجحت في نيل تواقيع 16 دولة عضوا في المجلس لعقد الدورة التي شارك فيها لبنان
كعضو مراقب ومفاوض من ضمن مجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي من دون أن يحق له التصويت. وبذلت الدول الأعضاء في «المؤتمر الإسلامي» جهودا كبرى للتخفيف من لهجة مسودة
المشروع الأولى التي اعتبرها دبلوماسي لبناني بأنها «غير متوازنة» وذلك عبر طرح تعديلات ومنها المطالبة بحذف الإشارة إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة. ولفت
الانتباه في جلسة التصويت النهائية خروج الأعضاء العرب وهم الأردن والبحرين وقطر في ما بقيت السعودية التي امتنعت عن التصويت على قرار الإدانة.
وتضمّن القرار النهائي الذي تم التصويت عليه إدانة واضحة لسوريا، وترددت في أجواء الجلسة أصداء السياسة غير المتوازنة التي اعتمدها المجلس في التحقيق في قضايا
حقوق الإنسان في سوريا فحسب، من دون دول أخرى (نموذج البحرين) إلا أنه يمكن تسجيل أن الجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها دول منظمة المؤتمر الإسلامي ومن
بينها لبنان، فضلا عن دعم بعض الدول مثل باكستان وبنغلادش وماليزيا ودول أميركا اللاتينية نجحت في التخفيف من حدة مسودة المشروع الأساسية.
وتمثل لبنان بوفد دبلوماسي يتألف من مندوبة لبنان الدائمة السفيرة نجلا رياشي عساكر والمستشارين رنا المقدّم وبشير عزام. وحرص لبنان في كلمته التي ألقتها عساكر
على التضامن مع سوريا وأشارت عساكر الى أن المجلس لم يستجب لرسالته الأساسية «ودوره المرتجى لجهة الركون الى الحوار والموضوعية والابتعاد عن الانتقائية وازدواجية
المعايير». وأشارت الى «استجابة الحكومة السورية من خلال عدد من الخطوات الإيجابية كرفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة وسواها (...) لكن للأسف سرعان
ما برزت محاولات لحرف التظاهرات المطلبية عن مسارها السلمي ما أدى الى وقوع ضحايا بريئة من السكان المدنيين ومن رجال الأمن، إضافة الى تخريب للممتلكات كما وهدد
بإثارة نعرات طائفية». وأضافت «إن لبنان إذ يعترف بأحقية المطالب الإصلاحية التي تبتغي الإصلاح بالفعل، وإذ يرحب وينوه بالخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية
يعبر عن عميق أسفه لسقوط ضحايا أبرياء (...) ويرى أن أي دولة ذات سيادة يجب أن تتخذ ما تراه مناسبا من الإجراءات لضمان أمن مواطنيها انطلاقا من مبدأ مسؤولية
الدولة عن رعاياها بعيدا عن أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية».
وبفعل الجهود الحثيثة تمت الإشارة الى جهود الحكومة السورية في الإصلاحات ولم يعمد المجلس الى إرسال لجنة تقصي حقائق مكتفياً بإرسال المفوضة السامية لحقوق الإنسان
الى سوريا لاستقصاء الوضع، على أن ترفع تقريرها الى المجلس في ايلول المقبل، كذلك تمت الإشارة في البيان النهائي الى التحقيقات التي تجريها سوريا في شأن حوادث
إطلاق النار.المسودة الأساسيةوكانت مسودّة مشروع القرار الذي أعدته الولايات المتحدة قد تضمّن عناصر عدّة أبرزها الآتي: «الإدانة الشديدة لقتل واعتقال المئات
من المتظاهرين سلميّا من قبل الحكومة السورية، مطالبة هذه الحكومة بوضع حدّ لجميع انتهاكات حقوق الإنسان ووقف اعتداءاتها ضد المتظاهرين سلميا، التذكير بقرار
الجمعية العامة الرقم251/60 الذي ينص على أن انتخاب أي دولة عضوا في المجلس يتم في ضوء مساهمتها في تعزيز حقوق الإنسان التي يجب أخذها في الاعتبار، وعليه يجب
الأخذ في الاعتبار الانتهاكات الأخيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في سوريا»، وذلك في إشارة ضمنية الى الرغبة السورية في الترشح الى عضوية مجلس حقوق الإنسان
في أيار المقبل، واقترحت المسودّة إرسال لجنة تحقيق مستقلة معينة من قبل رئيس المجلس للتحقق من ادعاءات الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا وتحديد
وقائع وظروف هذه الانتهاكات والجرائم المرتكبة لتحديد المسؤولين ورفع توصيات حول إجراءات محاسبة هؤلاء ورفع تقرير إلى المجلس في دورته الـ17، ويدعو السلطات
السورية إلى التعاون الكلي مع لجنة التحقيق، كذلك نصت المسودة على تشجيع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان للقيام بزيارة إلى سوريا ودعوة الحكومة السورية إلى
التعاون مع العاملين في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والطلب من المفوض السامي رفع تقرير أولي وإحاطات شفهية إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ17 ورفع
تقرير متابعة إلى المجلس في دورته الـ18 إلى تنظيم حوار تفاعلي حول وضع حقوق الإنسان في سوريا من خلال الدورة الـ18.خلفية الدعوةهذه الجلسة الاستثنائية لم تخل
من تفاصيل معبّرة عن سياسة المكيالين التي تعتمدها الدول الغربية في مقاربتها للانتفاضات العربية. فالدعوة لعقد الاجتماع بدأتها سويسرا بعد أن تقدمت باقتراح
عقد جلسة استثنائية عن حماية حقوق الإنسان في سوريا، عارضتها الدول العربية جميعها ولم تبد الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا حماسة تجاهها خشية
التطرق إلى الأوضاع في اليمن والبحرين، أما الدول الأوروبية واللاتينية ففضلت من جهتها عدم تصدّر لائحة الفريق الداعي وضمنها البرازيل التي أكدت على مبدأ عدم
الانتقائية. علما أنه وفقا للنظام الداخلي لمجلس حقوق الإنسان وخصوصا الفقرة العاملة العاشرة من قرار الجمعية العامّة الرقم 251/60، الذي أنشئ بموجبه مجلس حقوق
الإنسان فإن عقد أي جلــسة استثــنائية يتطلّب تأمين دعم ثلث أعضاء المجلس، أي ما يساوي 16 عضواً من أصل 48.
وبعد عجز المقترح السويسري عن تأمين عدد الأصوات الـ16 المطلوبة لعقد دورة استثنائية تم سحب المسعى السويسري، وسرعان ما استبدل بمسعى جديد قادته واشنطن ويقضي
بإرسال دعوة لعقد جلسة استثنائية عن أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، وتمكنت من جمع تواقيع الـ16 المطلوبة ومن بينها السنغال التي خالفت موقف مجموعة منظمة المؤتمر
الإسلامي الرافض لعقد دورة مماثلة، في حين امتنعت الدول العربية الأعضاء في المجلس عن القبول بالاقتراح الأميركي.
السفير

No comments:

Post a Comment