Friday, April 29, 2011

القوّات اللبنانيّة: ورشة رفع الأيدي
تطلق معراب اليوم المؤتمر العام للقوات اللبنانية، الذي سيناقش مسودة النظام الداخلي، ويحوّل القوات إلى حزب. يسعى سمير جعجع عبر أعمال المؤتمر، إلى التأكيد أنّ حزبه ليس «حزب الشخص»، وأن فيه ديموقراطية فعّالة، خصوصاً أنّ قيادته ستُنتخب مباشرة من القاعدة
نادر فوز
اليوم سيرفع القواتيون شعار «إنسان، حرية، غد»، لكونهم سيبدأون التحوّل من منظمة أو ميليشا إلى «حزب ديموقراطي، رائد في لبنان والمنطقة»، كما ينص عنوان المؤتمر العام الذي تنطلق أعماله اليوم في معراب. وبعد أيام سيصبح سمير جعجع زعيماً حزبياً فعلياً، إذ سيبصر حزب القوات اللبنانية النور. بعد المؤتمر التأسيسي للحزب، سيتمكن سمير جعجع في مطلع الأسبوع المقبل من مواجهة اتهامات خصومه وأعدائه. هو يدرك اليوم تماماً أن انتقال تنظيمه من ميليشيا إلى فريق محظور ثم إلى حزب يضع عليه الكثير من المسؤوليات التي لم يكن ليواجهها طوال سنوات الحرب والتشتّت وحتى المعارك السياسية.
وهي مسؤوليات تضعه في موقع المُسَاءل أمام ناسه وجمهوره ومناصريه، بعدما كان الآمر الناهي في القوات اللبنانية. وتحوّل القوات إلى حزب، لا يعني انتهاء المرحلة الجعجعية فيها، لكنه يعني أمراً مهماً: إذا أخطأ جعجع فثمّة من سيحاسبه، وإذا أخطأ القواتيون يمكن القيادة أن تحاسبهم عبر نصوص النظام الداخلي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ قسماً من القواتيين لا يعنيهم وجود هذا الحزب، وهم من أصحاب سوابق صبرا وشاتيلا والكرنتينا وغيرها.
عند الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم، سيطّل جعجع من معراب عبر مجموعة من المؤسسات الإعلامية، ليقول إنّ «هذه التجربة الحزبية ستهمّ كل اللبنانيين، ستعطي منحىً جديداً للعمل السياسي الحزبي في لبنان». وسيؤكد أنّ القوات اللبنانية ستختلف عن جميع الأحزاب، إذ إنها «لن تكون حزب الشخص الواحد، بل حزب المؤسسات والهيئات التنظيمية».
يعاني سمير جعجع كثيراً عندما يناقش قاعدته التي تنقسم إلى ثلاثة أجيال: جيل الحرب، جيل الحظر وجيل آذار 2005. إقناع الفئة الأخيرة وربما ما قبلها بالتحوّل إلى حزب واضح القوانين والتنظيم، قد يكون أمراً سهلاً، أو حتى يمكن القول إن قسماً من هاتين الفئتين يطالب ببناء هذا الحزب. لكن، كيف لجعجع أن يقنع جيلاً قواتياً بكامله اعتاد رؤيته بالبزة العسكرية، واعتاد مناقشته في كيفية احتلال هذه المنطقة والمحافظة على تلك؟ كيف يمكنه اليوم مناقشة هذا الجيل في قانون انتخابي أو آليات عمل داخلية؟ لا يملك جعجع ومن حوله دواءًَ سحرياً لشفاء هذه الفئة، وقد حاولوا إقناعها بشتى الوسائل، ولم يبق لهم سوى التضرّع إلى الله طالبين حصول معجزة وبركة ما تنير العقول. وهي عقول، على الأرجح، لم تتقبّل بعد تحوّل القوات من تنظيم مسلّح مسيحي بحت، إلى «حزب لبناني، يحق لأي لبناني مقيم وغير مقيم الانتساب إليه»، بحسب النظام الداخلي المنتظر إقراره في المؤتمر العام.
يدلّ هذا على أنّ جعجع صدق مع قاعدته، على الأقل على المستوى الداخلي للقوات. في 2005، بعد خروجه من السجن بأسابيع، وعد ببناء الحزب، وها هو اليوم يفعل. واللافت في عملية إطلاق حزب القوات، توقيت خروجه إلى العلن، أي في الظروف الداخلية والإقليمية المشتعلة والتي ليس فيها من أي أمر ثابت، سواء أكان على صعيد الحرب أم السلم، والاستقرار أم التوتّر.
اليوم وغداً، كما هو مقرّر، سيناقش المؤتمر العام 303 مواد يتكوّن منها النظام الداخلي للقوات اللبنانية، وسيكون لجعجع الدور الأبرز في النقاش، إذ سيقرأ هو شخصياً مسوّدة النظام الداخلي ويتلو المواد ويدير النقاش حولها. وكان من المفترض أن يشارك في المؤتمر 106منتسبين، سيغيب منهم ستة بداعي السفر، وهم يكوّنون الهيئة العامة التي ستطلق النظام الداخلي، الذي سيعلن الحركة التنظيمية داخل الحزب.
وبحسب أجواء معراب، تظهر لوائح المطالبة بوضع الملاحظات، أن من بين كل مواد النظام الداخلي ثمة 155 مادة فقط للمناقشة. فعلى الأوراق الرسمية لإدارة المؤتر العام، ثمة 327 طلباً للمداخلات وللتعليق أو وضع الملاحظات، ما يعني أنّ أمام هذا المؤتمر الكثير من العمل والإجابة عن الكثير من الأسئلة، وهو ما يطرح سؤالاً حول إمكانية انتهاء أعماله في يومين فقط، أو في 16 ساعة بنحو أدق، خصوصاً أنه تقرر قراءة المواد علناً، مادة مادة، حتى المواد التي لم تسجّل عليها ملاحظات، والتصويت عليها برفع الأيدي، وهي عملية تستهلك الكثير من الوقت.
أهم الأمور التنظيمية التي يطرحها النظام الداخلي القواتي، عقد مؤتمر عام كل سنة، يهدف إلى إعادة درس الآليات ومراجعة النشاط التنظيمي، وهو ما يراه القيّمون على النظام الداخلي «محاولة لجعل التجربة الحزبية قابلة للنقد والتطوير كل سنة». ومن المهم أيضاً تأكيد النظام الداخلي عقد مؤتمر تنظيمي كل أربع سنوات تُنتخب فيه هيئة تنفيذية ورئيس ونائب رئيس لها. والمفاجأة في نص النظام، أنّ هذا الثلاثي تنتخبه القاعدة مباشرةً، لا عبر مندوبين أو هيئات وقطاعات حزبية، وهو تطوّر بارز في العمل الحزبي اللبناني.
على صعيد آخر، ينصّ النظام الداخلي على إنشاء «هيئة الرقابة الحزبية» التي تضمّ هيئة التفتيش وهيئة الادعاء ومجلس الشرف، والتي سيكون من مهمّاتها معالجة كل المشكلات التنظيمية بين القواتيين.
بعد انتهاء الورشة التنظيمية اليوم وغداً، وربما بعد غد، سيكون على الهيئات التنظيمية الحزبيّة مهمة فتح أبواب الانتساب وتحديد المهل اللازمة لعقد المؤتمر التنظيمي للانتخابات الداخلية. وبذلك يكون القوّاتيون قد أتمّوا الخطوة الأولى تجاه مأسسة حزبهم.
العدد 1399
29 نيسان 2011
الاخبار

No comments:

Post a Comment