Thursday, May 26, 2011

الرئيس لفيلتمان: حكم إسلاميّ متشدّد لسوريا خطر على المسيحيّين


تفادياً لويكيليكس جديدة، وضع سليمان بينه وبين فيلتمان مترجماً (أرشيف)
دافع الرئيس ميشال سليمان عن نظام الرئيس بشّار الأسد أمام السفير جيفري فيلتمان، عندما قرن أي تشجيع غربي لإسقاط النظام باحتمال وصول الإسلام المتشدّد إلى حكم سوريا، وتعريض مسيحييها ــ فضلاً عن مسيحيي لبنان ــ لخطر حقيقي على وجودهم

نقولا ناصيف
أبلغ رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى السفير جيفري فيلتمان بعضاً ممّا لم يُفصح عنه رسمياً. وقد انطوى على أهمية تتصل بموقف لبنان من الاضطرابات في سوريا، ومن نظام الرئيس بشّار الأسد، ومن الحاجة خصوصاً إلى استقراره. تبدو المفارقة الأكثر مدعاة إلى الانتباه، أن سليمان أحضر لأول مرة إلى اجتماع بمسؤول غربي رفيع مترجماً، بينه وبين فيلتمان، رغم إلمام الرئيس اللبناني بالإنكليزية. وأنهى اجتماعهما بمحضرين، أحدهما بالعربية احتفظت به دوائر القصر الجمهوري، والآخر بالإنكليزية احتفظ به الزائر الرفيع الذي ـــــ شأن ما كان يفعل إبّان وجوده في السفارة في بيروت، ثم فعلت مثله السفيرتان ميشال سيسون ومورا كونيللي ـــــ غالباً ما كان يصحب معه إلى اللقاءات الرسمية مَن يُدوّن محضر الحديث.

والواقع أن دوافع إحضار الرئيس مترجماً يسهر على دقة الحوار ونقل العبارات ومغازيها بصدقية بلا غموض ولبس، ووضع محضر بالعربية، رميا إلى تفادي ما يمكن أن يستخلصه المحدّث الأميركي من سوء تفاهم أو شكوك عندما يريد تدوين وقائع الاجتماع في تقرير دبلوماسي سرّي، يخلص فيه إلى استنتاجات قد تناقض أحياناً مضمون الحوار، كي لا تتكرّر مجدّداً الآثار السلبية التي لا تزال محاضر ويكيليكس تثيرها في لبنان.
وكان الدبلوماسي الأميركي قد تحدّث مع رئيس الجمهورية في عنوانين مهمين، إضافة إلى العنوان الرئيسي موضوع زيارته لبنان، في جولة أجراها في المنطقة، وهو خطاب الرئيس باراك أوباما إلى الأنظمة العربية تحت وطأة الثورات والاحتجاجات والاضطرابات التي تشهدها، وتقويم واشنطن لها:
ـــــ أحداث سوريا: نالت قسطاً وافراً من حديثه مع رئيس الجمهورية، فأكد أن إدارته تريد رؤية إصلاحات حقيقية في سوريا، إلا أنها تريد من الرئيس السوري الحالي أن يتولى هو إجراءها، موحياً بذلك بعدم ممانعة واشنطن بقاء الأسد في الحكم، لكن في ظلّ نظام سياسي تشمله إصلاحات أساسية. أكمل فيلتمان إيحاءه هذا بالتلميح للرئيس اللبناني، بأن الإدارة الأميركية تحبّذ الإصلاحات عبر الأسد «لا أن تجري بطريقة ثانية». كذلك تحدّث فيلتمان عن إدانة القمع الذي قال إنه يجري في سوريا لجبه المتظاهرين.
ـــــ تسليم الجنود السوريين: استغرب فيلتمان تسليم الجيش اللبناني الجنود السوريين الذين اجتازوا الحدود السورية ـــــ اللبنانية، وسأل عن مبرّر هذه الخطوة، وأظهر تبنّيه الرواية القائلة إنهم فرّوا من بلادهم هرباً من النظام. وقال: إن ما يصحّ عليهم هو مرجعية المفوضية العامة لشؤون اللاجئين التي ترعى، وفق قوانين الأمم المتحدة، أحوالهم، واصفاً إياهم بلاجئين.
تحدّث فيلتمان كذلك عن أحداث البحرين، وقال لرئيس الجمهورية إنه لفت النظام هناك إلى الخطأ الذي يعتمده في التعاطي الجاري مع المواطنين الشيعة، إلى حدّ وصف فيلتمان بين أقرانه في وزارة الخارجية الأميركية ـــــ كما قال ـــــ بالمتعاطف مع الشيعة البحرينيين.
في تعقيبه على أحداث سوريا، شدّد سليمان أمام الزائر الأميركي على أنّ تداعيات ما يحصل لا تقتصر على سوريا ولبنان، بل تشمل المنطقة برمتها. قال أيضاً: إذا تسلّم الإسلام المتشدّد الحكم في سوريا، فإن ما رأيتموه في العراق والسودان، مرشح كي يتكرّر في سوريا ولبنان. لن يبقى بعد ذلك مكان لمسيحيي سوريا ولبنان. ردّ الدبلوماسي الأميركي: نحن أيضاً لا نريد للإسلام المتشدّد تسلّم السلطة في سوريا. لذا، ندعم الأسد لإجراء إصلاحات حقيقية. الجميع يعرف أننا نؤيد الإسلام المنفتح والمعتدل.
أضاف الرئيس اللبناني: نحن الذين ندعو المغتربين اللبنانيين للعودة إلى بلادهم، سنجد أنفسنا ـــــ إذا انقلب الحكم في سوريا وصار لمصلحة الإسلام المتشدّد ـــــ ندعو المقيمين في بلادهم إلى الاغتراب. وشدّد أيضاً على ضرورة ضمان الاستقرار في سوريا، مع تأييده الإصلاحات التي يجريها الأسد.
في الشقّ المتعلّق بتسليم الجنود السوريين إلى قيادتهم، أنكر سليمان إضفاء صفة اللاجئين عليهم، وقال إن لبنان التزم معاهدتين مع سوريا ترعيان هذا الجانب، قضائية عام 1951 وأمنية عام 1991، وهو ملزم بتطبيقهما، وإن تسليمهم إلى سلطات بلادهم جرى تبعاً للأصول القانونية والرسمية بين البلدين.
تدخُّل الحريري
لكن جانباً آخر في قضية هؤلاء الجنود لم يكن محور حديث سليمان وفيلتمان، بل كان لبنانياً محضاً سبق تسليم الجيش الجنود.
فبعدما أمر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر تسليمهم إلى سلطات بلادهم، وأبلغ إلى قائد الجيش العماد جان قهوجي هذا القرار، عاود الاتصال به في وقت لاحق، وأخطره بأن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي سهيل بوجي خابره بعد تدخّل مباشر من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من السعودية، طالباً منه التريّث في تسليم الجنود السوريين، ريثما يصار إلى التوسّع في التحقيق معهم.
في حجّة الحريري، كما أبلغها بوجي إلى صقر، وصقر إلى قهوجي، أن ثمّة غموضاً في رواية تجاوزهم الحدود اللبنانية بين أن يكونوا قد هربوا من بلدهم، أو أن يكونوا قد أرغموا على عبور الحدود، ما يحتّم تجميد تسليمهم خشية تعرّضهم للقتل، انتقاماً، في بلدهم بذريعة الفرار.
اتصل قائد الجيش برئيس الجمهورية وأعلمه بمكالمة صقر وتدخّل الحريري، فردّ سليمان بموقف قاطع، هو تسليم الجنود السوريين إلى سلطات بلادهم. على الأثر، اتصل رئيس الجمهورية بصقر وطلب منه تنفيذ القرار وتطبيق القانون. ترافق ذلك مع اتصال أجراه الحريري بقائد الجيش بغية إيضاح الموقف الرسمي. ليل 16 أيار عبر الجنود السوريون الحدود اللبنانية ـــــ السورية.
تلاحقت هذه الوقائع في يوم واحد، هو الاثنين 16 أيار، بين العاشرة صباحاً والرابعة بعد الظهر.
الأربعاء 18 أيار، حاول سليمان الاتصال بالأسد للاطمئنان إلى تطورات الوضع في سوريا، على جاري العادة كل أسبوع، فلم يُوفّق. صباح السبت 21 أيار، تلقى الرئيس اللبناني من نظيره مكالمة هاتفية شكر له خلالها تسليم الجنود السوريين، وقدّر لـ«الدولة اللبنانية» هذا الموقف والتزامها الاتفاقات المعقودة بين البلدين، بما يضمن استقرار كل منهما.الاخبار

No comments:

Post a Comment