Tuesday, May 31, 2011

لجنة الاتصالات: لا تيأسوا إنّه لبنان

كل التباين في تفسير ما حصل يوم الخميس الماضي في مركز الاتصالات في العدلية، انتقل أمس إلى جلسة لجنة الاتصالات التي شهدت ما يشبه الجدل البيزنطي الذي لم يوصل إلى شيء، سوى اعتراف نائب من تيار المستقبل بأن الشبكة الخلوية الثالثة موجودة وباعتراف دولي!
«إنت شبّيح... واحد متلك شبّيح». علا الصراخ من القاعة التي عقدت فيها لجنة الإعلام والاتصالات النيابية جلستها أمس. اثنان من ممثلي الشعب يتبادلان تهمة التشبيح، في «حوار» يجري على خلفية معركة الطبقة الثانية من وزارة الاتصالات، وما تحويه من أجهزة لتشغيل شبكة ثالثة للهاتف الخلوي، اعترف نائب «مستقبلي» بوجودها أمس... الشبكة تشتغل، ونواب الأمة يتجادلون بشأن «جنس الملائكة»، على ما قال أحدهم بعد خروجه من الجلسة التي دامت أكثر من 5 ساعات، أمس. جلسة تضخّم عدد حاضريها إلى 35 نائباً، ما أدى إلى عدم انعقاد جلسة للجنة الدفاع النيابية كانت مقررة أمس.
جلسة اللجنة أمس، بعد كل الاحتقان الذي ساد منذ موقعة الطبقة الثانية، تفوّقت على تلك التي عقدتها عام 2009 لمناقشة الاتفاقية الأمنية مع السفارة الأميركية، وكادت أن تتحول إلى ما يشبه الميني جلسة عامة، إذ استنفر لها كل فريق بصقوره وملفاته وتفسيراته، وبفتح الدفاتر العتيقة للفريق الآخر. وإذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه، أي من خلال ما نقلته الكاميرات من داخل القاعة قبل بدء المناقشات المفترض أنها سرية، فإن نواب فريق الأكثرية الجديدة كانوا فائقي الحبور، يتبادلون الأحاديث المتبوعة بابتسامات وقهقهات، بطريقة توحي أنهم يتندرون على شيء ما. أما نواب قوى 14 آذار، فبدا على معظمهم الوجوم، حتى إن النائب عمار حوري تخلى عن ابتسامته الشهيرة.
هذا في الظاهر. أما في الجانب العملي، فإن الجلسة بدأت بإعادة طرح النقاشات التي دارت منذ واقعة يوم الخميس الماضي في الطبقة الثانية من مركز الاتصالات في العدلية، وبعدة الكلام نفسه، وطبعاً انقسم الحضور فريقين: نواب قوى 14 آذار تجندوا للدفاع عن المدير العام لهيئة أوجيرو عبد المنعم يوسف، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. ولتنفيذ هذه المهمة، تجنّد النواب مروان حمادة وأحمد فتفت وهادي حبيش ونهاد المشنوق وعمار حوري. أما نواب 8 آذار والتيار الوطني الحر، فتولوا الهجوم، دفاعاً عن الوزير شربل نحاس الحاضر بقوة في الجلسة، وأبرز من تولّى خوض المعركة منهم النواب إميل رحمة وعلي بزي وقاسم هاشم ونوار الساحلي ونبيل نقولا.
وتشعّب النقاش إلى كل ما يتعلق بالموضوع، كملكية الشبكة، ولمن تعود الإمرة على الطبقة الثانية من مبنى العدلية، والعلاقة بين وزير الاتصالات وهيئة أوجيرو، إضافة إلى الصلة بين المدير العام لقوى الأمن الداخلي ووزير الداخلية. وأبرز كل فريق مستنداته وحججه التي تقوّي موقفه.
في موضوع الهبة الصينية وإدارتها، أبرزت قوى 8 آذار المرسوم 1055 الصادر عام 2007، الذي ينص صراحة على قبول هذه الهبة لمصلحة وزارة الاتصالات، ويخلو من أي ذكر لهيئة أوجيرو. أما قوى 14 آذار، فأبرزت القرار 136 الذي اتخذه مجلس الوزراء يوم 21 أيار 2007، وبناءً عليه صدر المرسوم. وبحسب محضر جلسة مجلس الوزراء حينذاك، فإن الهبة توضع في عهدة هيئة أوجيرو التي تتولى تركيبها وتشغيلها تجريبياً. لكن ما يعيب القرار المذكور هو أن وضع الهبة في عهدة أوجيرو لم يرد في المحضر الأساسي للنص، بل وضعه فيه تصحيح أدخله الأمين العام لمجس الوزراء سهيل بوجي.
وبالانتقال إلى وضعية هيئة أوجيرو، قدم النائب هادي حبيش مطالعة رأى فيها أن وزير الاتصالات هو وزير وصاية على أوجيرو، ولا إمرة له عليها. وما حصلت عليه بموجب مرسوم صادر عن مجلس الوزراء لا يمكن الوزير استعادته بقرار منه. واستدل على ذلك من خلال عرض قرار نحاس الذي يمنح فيه إجازة إدارية لعبد المنعم يوسف، بصفته مديراً عاماً للصيانة والاستثمار، لا مديراً عاماً لأوجيرو. وشبّه حبيش استقلالية أوجيرو باستقلالية الجامعة اللبنانية. وردّ نحاس بأن استقلالية الهيئة تعود إلى الفترة التي نقلت فيها إليها موجودات «راديو أوريان»، ولما لم تعد هذه الموجودات قائمة، تحولت أوجيرو إلى ما يشبه المتعهد الذي ينفّذ أشغالاً لمصلحة وزارة الاتصالات، وذلك بموجب 3 مراسيم «مخالفة للقوانين» صادرة تباعاً أعوام 1975 و1994 و1995. وقال إن كل ما تكلف به أوجيرو يكون بناءً على طلب حصري من وزارة الاتصالات.
وعندما تحدث نواب 8 آذار عن الحاجة إلى معرفة تفاصيل الشبكة الثالثة والجهة التي تشغلها وأسباب استمرارها بالعمل، ردّ النائب عمار حوري مبرزاً قراراً صادراً عن الوزير السابق للاتصالات جبران باسيل، يضع من خلاله في عهدة أوجيرو عدداً من خطوط الهاتف الخلوي لاستخدامها خلال تركيب الشبكة الثالثة وتجريبها. ورأى حوري أن هذا القرار هو دليل على أن قوى 8 آذار تعلم بوجود الشبكة وأهدافها. وهنا أيضاً جاء الرد من نواب الأكثرية الجديدة بإبراز قرار الهيئة المنظمة للاتصالات الذي يمنح أوجيرو مهلة شهرين لا غير لتجريب الشبكة الثالثة. كذلك أبرز حوري مستنداً يثبت أن شركة «أوجيرو تيليكوم» مسجلة في الاتحاد الدولي للاتصالات، سائلاً: كيف تقولون إنكم لا تعرفون بوجودها؟ فأجاب نحاس: هذه إدانة لكم. فهذه الشركة بحاجة إلى ترخيص، وهذا ما لا يتوافر لشركة «أوجيرو تيليكوم».
وعندما سأل النائب نوار الساحلي حوري: ما هو دليلك على اتهامك لنحاس بأنه يريد فكّ الأجهزة وتسليمها لحزب الله؟ إذا ثبت ذلك، فأنا سأطلب محاكمة نحاس. فأجاب حوري: أنا نقلت ما جرى تداوله في الإعلام.
وعندما أثيرت مسألة ملكية وزارة الاتصالات للطبقة الثانية من مبنى العدلية، أشار نواب الأكثرية الجديدة إلى عدم جواز منع الوزير من دخول مكان عائد لوزارته، فردّ النائب أحمد فتفت بالقول إن هذه الطبقة مؤجرة لأوجيرو من الوزارة. فردّ نحاس سائلاً: أين عقد الإيجار؟ فردّ فتفت: إنه عقد شفهي غير مكتوب. فسأل نحاس: وأين بدل الإيجار؟ أجاب فتفت: أليست سكرتيرتك موظفة في أوجيرو؟ وأليست السيارة الموضوعة في تصرّفك ملكاً لأوجيرو؟ بمعنى أن ذلك هو بدل الإيجار، فردّ نحاس قائلاً: كل الأموال التي تدفعها أوجيرو رواتب لموظفيها ولشراء آلياتها تحصل عليها من وزارة الاتصالات.
وفي الموضوع الأشهر، أي تحريك فرع المعلومات لـ«حراسة» الطبقة الثانية حيث معدات الشبكة الثالثة، تسلح بعض نواب 14 آذار بمواد قانونية تفرض على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الاستجابة لطلبات المؤازرة والحراسة المقدمة من الإدارات العامة. كذلك أبرز النائب حوري طلبات سابقة واردة من إدارات رسمية مباشرة إلى هذه المديرية من دون المرور بأي وزارة. ودار نقاش في ما إذا كان ريفي قد خالف القانون بعدم تنفيذه أوامر وزير الداخلية ورئيس الجمهورية، تدخل فيه النائب مروان حمادة بالقول: مع احترامنا لفخامة الرئيس، ورغم أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإن من يعطي أمراً بتحريك هذه القوات هو مجلس الوزراء لا الرئيس.
وبعدما تجادلوا في كل نقطة ولم يتّفقوا على شيء، انتقلوا إلى النقاش في جنس الملائكة، فرأى النائب نهاد المشنوق أن هذه القضية تبحث في لجنة الدفاع النيابية لا في لجنة الإعلام والاتصالات، فردّ رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله بالقول إن النظام الداخلي لمجلس النواب يمنح كل لجنة البحث في القضايا الداخلة ضمن اختصاصها وما يتفرع عنها. ثم عقّب المشنوق بأنه كان على وزير الاتصالات أن يلجأ إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل للنظر في أحقيته في تفكيك معدات الشبكة الثالثة.
وبعدما اقترح فضل الله تأليف لجنة تقنية للكشف على معدات الشبكة الثالثة، على أن يعيّن وزير الاتصالات أعضاءها من الوزارة والهيئة المنظمة وأوجيرو، ردّ نواب 14 آذار بأن رئيس هيئة أوجيرو هو من يحق له تعيين موظف من الهيئة في اللجنة الفنية، فرفض نواب الأكثرية الجديدة هذا الاقتراح، مصرّين على رأي نحاس القائل بأن أوجيرو هي أشبه بمتعهد لمصلحة الوزارة. واللافت في هذا السياق أن النائب المشنوق أيّد فكرة أن يعين نحاس أعضاء اللجنة، بمن فيهم الموظف من أوجيرو.
ولفت خلال الجلسة أن النائبين سامي الجميّل وسامر سعادة لم ينطقا بكلمة دفاعاً عن وجهة نظر تيار المستقبل.
أجواء الجلسة لخّصها رئيس اللجنة حسن فضل الله الذي بدأ بالتأكيد أن الدولة موجودة وكذلك مؤسساتها، و«من غير المقبول أن يتصرف كلّ على هواه، كأن لا حسيب ولا رقيب في هذا البلد». ثم عرض أبرز ما جرت مناقشته، ومنه تأليف لجنة متخصصة لبتّ كل الأمور، التي لم يُتوصل إلى قرار تأليفها بسبب الخلاف على من يعيّن العضو من هيئة أوجيرو. ولفت فضل الله إلى أن الجلسة لم تُزل الهواجس، ومنها: ما هي الشبكة الثالثة التي تبيّن وجودها؟ وهل كانت تعمل أم لا؟ وما هي قضيتها؟ وإذا كانت liban telecom فأين ملكيتها وأين مجلس إدارتها، ووفق أي قانون تعمل؟ ثم توقف أمام موضوع صلاحيات الوزير، لافتاً إلى أن البعض طرح في الجلسة «أمراً خطيراً يفيد بأن هناك من يؤسّس لتغيير الدستور بوقائع على الأرض، وهذا أمر يمسّ الجميع». وطالب بدخول وزارة الاتصالات إلى مبنى العدلية حتى لا تبقى الأسئلة غامضة. وبعدما لفت إلى أنه «صحيح أننا لا نصل إلى نهاية في أي قضية في لبنان لأننا لم نحكّم الدولة والدستور حتى اليوم، وهناك محميات سياسية وطائفية وجهات دستورية ووزراء ومؤسسات لا يردّ عليها»، ختم بالدعوة إلى «عدم اليأس، بل إلى التمسك بالدولة وتطبيق القانون على الجميع».
وبعد الجلسة، تحدث عدد من نواب الفريقين، مكرّرين مواقفهم، وكاد النائب فتفت يلخّص موقف فريقه من هذه القضية، عندما أخطأ بالقول «أوجيه» عن أوجيرو.
وعقد نحاس مؤتمراً صحافياً استعاد فيه ملابسات ما حصل منذ الخميس، ثم تطرق إلى موضوع الشبكة الثالثة، ناقلاً عن بعض نواب المستقبل قولهم إن هذه الشبكة تضم 15 مشتركاً، وأحدهم «قال إن فيها 50 ألفاً. طبعاً نحن في حيرة، لأنه إذا كان هناك 50 ألفاً، فماذا يفعلون؟ ومن هم؟ وأين اختبأوا؟ وإذا كانوا 15، وكانت تدريبية، يطرح الشخص على نفسه سؤالاً عمّا إذا كانت هناك معدات أصبح لها 4 سنوات أتت إلى هنا ومدة حياتها الطبيعية 5 أو 6 سنوات، ونصفها لا يزال في الصناديق ولا يستخدم لشيء، والنصف الثاني يستخدمه 15 شخصاً، يعني يستخدم من أجل لا شيء. فهل هذه تحتاج إلى 400 مسلح بين مدني وعسكري لكي يقوموا بهذه القصة كلها؟ في الحالتين هناك استغراب».
يبقى أنه إذا حصل كل ذلك في جلسة للجنة نيابية، فماذا سيحصل في 8 حزيران المقبل، وهو الموعد الذي حدده الرئيس نبيه بري لعقد جلسة نيابية عامة؟ بل ماذا سيحصل من الآن حتى موعد هذه الجلسة التي كان السجال بشأنها قد بدأ منذ أكثر من أسبوعين؟
النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة الأنباء، اكتفى بالقول عن الوضع الداخلي: لا تعليق.
(الأخبار)
________________________________________
الراعي: إذا كنا في حاجة إلى طائف ثانٍ فليكن
دفعة واحدة، أبدى البطريرك الماروني بشارة الراعي عدم رضاه عن اتفاق الطائف وقانون الانتخابات النيابية وأشياء أخرى. فالطائف، في رأيه، بعد بلوغه عامه الحادي والعشرين، تبيّن أن فيه عثرات وثغراً وأموراً تحتاج إلى ضغط، بادئاً من رئاسة الجمهورية التي يجب أن تعطى الصلاحيات الضرورية، «أنا لا أقول بالعودة إلى النظام الرئاسي، انتهى»، مؤكداً أنه مع نظام المشاركة، ولكنه ضد هذه المشاركة «عندما يكون رئيس الجمهورية لا يملك أي إمكان لكي يقرر في الثغر الموجودة، ونضطر إلى انتظار كل أصدقائنا، أكان على المستوى العالمي أم الإقليمي (…) لكي يجلسوا إلى الطاولة ويقرروا لنا ماذا نريد أن نعمل». وأردف في هذا الإطار: «بدل أن يكون مجلس الوزراء هو الذي يحكم، أصبح رئيس الحكومة، وكذلك في المجلس النيابي، ولا يوجد شيء في يد رئيس الجمهورية. وظهرت عندنا الترويكا مع اتفاق الطائف الذي عانينا ما عانينا، وأصبحت الدويكا وما زلنا حتى اليوم نعاني من ذلك».
وقال إن البلد أصبح في حال اهتراء، و«لا نستطيع بعد اليوم أن نتغاضى عمّا يحصل. فهناك صلاحيات ينبغي أن تُعطى. ظهرت مشاكل في البلد، ويجب إيجاد حل لها»، مشدداً على أنه «لا يوجد شيء منزل في هذه الدنيا، واتفاق الطائف ليس منزلاً». وطالب بأن يتحمّل اللبنانيون مسؤولياتهم، «فإذا كنا في حاجة إلى طائف ثان، فليكن».
وحدّد الخطيئة الأصلية في لبنان بقانون الانتخابات النيابية، «إذ لا يجوز أن نضع قوانين انتخابية على قياس الزعماء»، لذلك طالب بالعمل على إعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، والبدء بالإعداد لقانون الانتخابات النيابية منذ اليوم، «كي يكون التمثيل على أفضل ما يكون من الشعب، ولكي يستطيع المواطن اختيار ممثليه على أساس إيصال الثوابت الوطنية إلى الأهداف المطلوبة. فيأتي التأييد الشعبي على أساس خدمة المصالح اللبنانية من مبادئها إلى ثوابتها. فلا يجوز بعد اليوم أن نسمع أن المحدلة ماشية لأن الدستور هو حكم الشعب في العالم الديموقراطي».
[1] [1]
العدد ١٤٢٤ الثلاثاء ٣١ أيار ٢٠١١
سياسة
الاخبار

No comments:

Post a Comment