Friday, May 27, 2011

قهوجي يتصل بريفي قُبيل توفير المخرج المناسبمنسوب القلق يرتفع من توسع دائرة «معركة الاتصالات»
دنيز عطالله حداد
لم يكن ينقص اللبنانيون إلا متابعة فصول «معركة الاتصالات» ليرتفع منسوب القلق والخوف عندهم، تزامناً مع انخفاض كل المؤشرات الايجابية السياسية والاقتصادية
والأمنية.
وفي وقت يحاولون فيه التأقلم مع الفراغ الحكومي داهمتهم صورة مفجعة عما يمكن ان يؤدي اليه الفراغ على مستوى المسؤوليات والمؤسسات وانحلال الدولة.
بدا المشهد اقرب إلى فيلم قديم من «جمهوريات الموز». مسلحون بثياب مدنية أقرب شكلاً إلى عناصر الميليشيات، يفترض أنهم يتبعون إلى جهاز أمني رسمي. نقل تلفزيوني
مباشر في ما يشبه المسرحية المحضرة. استنفار يقارب المواجهة بين جهتين أمنيتين رسميتين. وزير يناقش ضابطاً ويحقق معه. وزير آخر لا يجد سوى اعتكافه يرميه في
وجه التفلت من الانضباط واحترام الأطر القانونية والدستورية. ويصدف ان هذا الوزير من قلة من وزراء تصريف الأعمال الذين كانوا يداومون في وزاراتهم حتى وقت متأخر
من كل ليلة.
ومع ذلك، وعلى رغم «خزي» الصورة يبقى السؤال الأهم الى اين من هنا؟ هل هي قلوب مليانة انفجرت ونثرت من حولها ما نثرت؟ ام ان هذه القطرة هي ما ستفيض الجرة فتغرق
البلد أكثر في صراعات جانبية او جوهرية خطيرة؟
«السياسيون في لبنان يلعبون بالنار في لحظة اقليمية دقيقة من دون تقدير عواقب الامور ومدى خطورتها فعلاً» يقول مصدر متابع، ويشير إلى «ان المؤسسة العسكرية في
لبنان منذ استقالة الحكومة الى اليوم وهي تعمل بأقصى طاقتها قيادة وضباطاً وعسكريين. تتابع شؤوناً وتفاصيل يفترض الا تكون من اختصاصها، لكن في ظل غياب الحكومة
ومن يتحمل المسؤولية المباشرة فإن عملها تضاعف على كل المستويات. وان المطلوب منها كثير وضاغط من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال وصولاً الى تفاصيل عمل الوزارات
والشؤون الأمنية». يضيف المصدر «عند حصول إشكال الاتصالات كانت تنهال على مكتب قائد الجيش العماد جان قهوجي عشرات الاتصالات والطلبات من أمنيين وسياسيين. اختار
القائد أهون الطرق فاتصل بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي وخاطبه بوجوب السعي إلى إيجاد المخرج المناسب من أجل الحفاظ على صورة القوى الأمنية
والعسكرية وثقة اللبنانيين بها واطمئنانهم اليها».
يضيف المصدر «إن قائد الجيش الذي يحمل اليوم عشرات الأعباء لا يريد اضافة واحدة اخرى قد تعتبر سابقة خطيرة ومسيئة للجميع. وهو يشكو كما جميع اللبنانيين غياب
المرجعية السياسية المتمثلة بحكومة تتحمل مسؤولياتها لا سيما لجهة اخضاع كل المؤسسات العسكرية لسلطة القرار السياسي الموحّد. ومع ذلك فهو يعمل بالمتاح من المساحة
للحفاظ على الاستقرار الأمني بعيداً عن الخوض في الصراعات السياسية وجر المؤسسة العسكرية اليها».
هذا الاستقرار هو بالضبط ما بات البعض يعتبره على حافة الانهيار. وكلام مسؤولين من الاكثرية الجديدة والسابقة يعزز هذه المخاوف. اذ يبدي نائب في «كتلة المستقبل»
تخوفه من ان « يكون السيناريو الذي تابعناه في اليومين الماضيين مقدمة لعمل أمني او محاولة لجر البلاد الى فتنة او صراع داخلي. فتوقيت زيارة وزير الاتصالات
شربل نحاس مصحوباً بكاميرا يتيمة مريب. والمشهدية التي أداها مبالغ فيها. وطلباته بالفك والنقل والتركيب كلها مثار اسئلة واستفهام، ناهيك عن حجبه داتا الاتصالات
عن شعبة المعلومات لأسباب مشبوهة». يضيف «بما ان الوزير ينتمي الى فريق قويّ بسلاحه ويملك حساباته المتقاطعة داخلياً وخارجياً فخوفنا كبير من ان يكون هذا الاستعراض
مقدمة لعمل عسكري او انقلابي او ما شابه».
في المقابل يشارك نائب في «تكتل التغيير والاصلاح» زميله في «المستقبل» الخوف من محاولات زعزعة الاستقرار الأمني. لكنه حكماً يحمّل «قوى 14 آذار وتيار المستقبل
خصوصاً، ومن يحمي ويحرك ويدعم اشرف ريفي مسؤولية الاتقلاب الحاصل». ويقول «لا استبعد ان تكون هذه الخطوة الاستفزازية والانقلابية مقدّمة لخطوات لا قانونية او
دستورية اخرى تصل الى حد القلائل الأمنية». يضيف «اذا لم يكن تمرّد مرؤوس أمني على رئيسه او مسؤوله السياسي يعتبر انقلاباً فما هو تعريف الانقلاب؟». ويستفيض
النائب في طرح علامات الاستفهام حول «خلفيات تحرك شعبة المعلومات وما تحاول أن تخفيه أو تحصل عليه». معتبراً «ان كل الأداء والسلوك مريب ويرفع الموضوع الى مستوى
الخطر على اسس الدولة ونظامها الديموقراطي. ويعكس لدينا خوفاً جدياً من افكار جهنمية تحضّر للبلد تحت شعارات وعناوين مختلفة وملتبسة».
استفاض بالأمس الفريقان في الدفاع عن «شرعية» ممارساتهما. شككا بسلوك الطرف الآخر وبأدائه وخلفياته. تبادلا الاتهامات مستخدمين لغة قديمة - جديدة في مواضيع
استباحة الدولة والعمالة والانقلاب وتجاوز القانون وكل ما فاضت به جعبتهم من كلمات باتت ممجوجة لكثرة استخدامها.
نجح الطرفان في إشغال اللبنانيين قليلاً عن همومهم وأعبائهم الحياتية المتزايدة، لكنهم أضافوا إليهم هماً جديداً «ماذا لو تطورت الأمور بين الأجهزة الأمنية
نفسها؟ الى من يلجأ المواطن ومن يحميه؟ اية هشاشة سياسية وأمنية نعيش فيها إضافة الى أزماتنا اللامتناهية اقتصادياً واجتماعياً؟ كيف نستعيد الدولة ومؤسساتها،
وممن؟».
بعض الأسئلة تحمل علقم الأجوبة وعقمها.

No comments:

Post a Comment