Sunday, May 29, 2011

نماذج «الاتصالات».. والعلاقات مع بعبدا وجنبلاط وميقاتي و«دوامة المؤسسة»هذه هي معارك عون الرابحة... والخاسـرة خلال عقد من الزمن:
«التفـاهـم» مظلـة اسـتراتيجية .. لا تُعفي مـن أخـطاء تكتيكيـة
ملاك عقيل
من بوابة تفاهمه التاريخي الاستراتيجي مع «حزب الله» أولا وسوريا ثانيا، يحاول ميشال عون اعادة المسيحيين الى دائرة القرار.
الأرجح ان الغالبية العونية، لم تحفظ مضمون الورقة الموقّعة بين الرابية والضاحية. «هذا ليس مهماً، فإنجاز 6 شباط»، برأي العونيين، «يُترجم بالممارسة اليومية
لا على الورق».
هذا التفاهم قاد «التيار» الى خوض مواجهة مفتوحة راكمت في رصيده الاستراتيجي نقاطا إضافية، ولو أنه خسر «شعبية» ملحوظة في الشارع المسيحي منذ خمس سنوات حتى
الآن.
في الحديث عن ميزان الربح والخسارة، يشير العونيون بثقة الى سجلّ حافل بالانجازات، على قاعدة أن «زمن الإخفاقات المسيحية قد ولّى». الواقعية تقودهم طبعا الى
الاعتراف بجملة نكسات، لا تؤثر على الجوهر. هذا بنظر العونيين، أما أخصامهم ففي فمهم ماء.
لا تأثير يذكر للثرثرات البرتقالية التي شرعها «ويكيليكس» على العلاقة مع الحليف الشيعي، ولو أن ثمة حذرا موجودا أصلا من بعض القيادات العونية. حتى ان «إعصار»
فايز كرم، تحوّل الى زوبعة في فنجان. قيادة «حزب الله» التزمت الصمت العلني المطبق عندما كان نواب ووزراء «التيار» يرفعون صوتهم على المنابر وفي المحكمة دفاعا
عما أسموها «وطنية الجنرال المظلوم»، فيما كان «حزب الله» يدعو عبر القنوات الضيقة الى طي الملف لأن التهمة دامغة والرجل تعامل واعترف بالصوت والصورة... ولكن
دون طائل!
وفي مواجهة كل من استفاض في تحليل «منسوب» غضب الضاحية من السقوف العالية للعماد ميشال عون خلال مشاورات تأليف الحكومة، جاء الرد هذه المرة شخصيا على لسان السيد
حسن نصر الله في خطاب الذكرى الـ11 للتحرير بقوله «لسنا بوارد الضغط على أحد من حلفائنا». الـ«أحد» هو «الجنرال» وليس أي أحد آخر.
جملة تلقفها نجيب ميقاتي ليحسم أمره الى حد كبير مع خيار حكومة الأمر الواقع في الأسبوع الطالع، زاعما أنه غطى نفسه سورياً ومع حليفه نبيه بري، وبالتالي فإن
مهلة الشهر كافية لتدوير الزوايا مع بعض المعترضين على التشكيلة الميقاتية.
أما وليد جنبلاط فقد بنى على كلام «السيد» أن «حزب الله» لا يريد أن يضغط على عون وهذا يعني أنه لا يريد تأليف الحكومة...
يحلو لمنظّري الرابية إجراء مقارنة بسيطة مع «وضعية» الأخصام للتدليل على مغزى الانجاز المسيحي الأهم في رصيد الرابية: في ما يتعلق باستراتيجية استعادة الحقوق
الضائعة من الطائف حتى العام 2005. ميشال عون هو نقطة الارتكاز والحلفاء يدورون من حوله، بمن فيهم «حزب الله». أما مع مسيحيي 14 آذار فالآية معكوسة. لأن التبعية
لبيت الوسط تجعل هؤلاء في موقع المنفّذ والتابع لا المقرّر. «معركة الشراكة» التي فتحها عون، بعد عودته من المنفى، رفعت مستوى التحدي بإعادة التوازن المسيحي
كماً ونوعاً.
بهذا المعنى يأمل ميشال عون في دخول حكومة «ما بعد سعد الحريري» وبيده أكثر من ورقة رابحة: شبه حصة مسيحية «خالصة»، لم تذهب فيها «تركة» القوات والكتائب «فرق
عملة» للحلفاء الجدد. ثلث مسيحي معطّل يؤمن شراكة مسيحية كاملة في التعيينات الادارية والامنية والقضائية. الأهم هو تحديد بوصلة قانون الانتخاب للعام 2013.

من الأوراق الثمينة ايضا، مواجهة «الترقيع» في مسألة صلاحيات الرئاسة الأولى و«حصتها» في الحكومات، من بوابة محاولة فرض تعديلات دستورية تتيح حصول بعبدا على
حقها بقوة النص الدستوري. التفاؤل العوني يذهب الى حده الاقصى، «بخمسة وزراء استطعنا اعتراض مسار «امبراطورية تجاوزات» عمرها من عمر الحريرية السياسية، فكيف
بثلث معطّل»؟
هنا تصل «جماعة الرابية» الى بيت القصيد. «نعم نحن أم الصبي في مشروع تنكيس أعلام «الحريرية»، ليس بمعناها السياسي فقط، بل بامتداداتها الامنية والادارية والاقتصادية
والمالية...». قد تكون مجرد صدفة، وليس أكثر، أن يشرب أهل «التيار» كأس الانتصارات المزدوجة. هذا ما يبرّر تصرف عون في الأشهر الماضية وكأنه «فرعون الموارنة
والمسيحيين». ففي الوقت الذي أمسك فيه «الجنرال»، منفردا، بعصا تقرير الحجم المقتطع من قالب الجبنة الحكومي، تشهد بكركي «ربيعا سياسيا» أعاد وصل حبل التناغم
المفقود على مدى سنوات طويلة بين الرابية وسيّد الصرح.
حتى الساعة، لا يزال انتصار الأكثرية الجديدة بإسقاط حكومة سعد الحريري، مطعّما بـ«مرّ» الفشل في تأليف الحكومة. يقول احد المقرّبين من عون «انتصارنا ناقص.
كل مشروعنا الإصلاحي سيتعثّر إذا وصلنا إلى الحائط المسدود. زعزعة «النهج المستقبلي» هي فرصة حقيقية للتغيير».
وحتى يحين أوان الترجمة العملية لإزاحة الحريري عن الشاشة. يذكّر العونيون بعقلية «الصدم» التي ينتهجونها في مسيرة الألف ميل لـ«قصقصة أرجل» الأخطبوط الحريري
في الإدارات والمؤسسات العامة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، ها هو «فرع المعلومات» على نار «الفضيحة». «تلفزيون الواقع» بمشاهده الصاخبة من مبنى وزارة الاتصالات في المتحف جاء «شحمة» على «الفطيرة
العونية». ومن أفضل من شربل نحاس لخوض معركة من «الطراز الأول» مع أشرف ريفي وعبد المنعم يوسف «على الهواء» في مواجهة ذهنية الهيمنة والميليشيا المقنّعة بعنوان
«المدراء العامين»؟
قرار التصدي لمديونية الستين مليار دولار من بوابة لجنة المال والموازنة ومكاتب وزارتي الاتصالات والطاقة واستطرادا من «غرفة العمليات» في الرابية، هي «أم المعارك
العونية». إصلاح مالي واقتصادي لن يكتب له الإقلاع الآمن إلا برأس سلطة تنفيذية تتبنى الخيارات الاصلاحية، برأي العونيين. وايضا بقطع الحلفاء حبل سرّة ممارسات
العهود السابقة.
في حسابات العونيين هو فقط «زمن الانتصارات». لكن في جعبة حلفاء العونيين مآخذ على الأداء، وخاصة على التكتيك، نموذج العلاقة مع رئيس الجمهورية ومع «حلفاء»
مثل وليد جنبلاط وايلي سكاف في زحلة. نموذج فايز كرم. نموذج الخطاب العدائي لآل الحريري. استعداء نجيب ميقاتي من دون أسباب مقنعة.
وعندما يصل النقاش الى حكومة الأكثرية الجديدة، تجد بحارا في أفواه الحلفاء تمنعهم من تظهير قناعاتهم. لا سبب يبرر استمرار الحرب المفتوحة بين «الجنرالين» (سليمان
وعون)، واذا كان الأول قد بات يؤخذ عليه أنه لا يبادر، فإن الثاني يصر على التعامل بلغة العداء والخصومة مع رئيس جمهورية يفترض أنه شريكه في مواجهة خصم مسيحي
مشترك («القوات»)، ولو شاب أداء «سيد بعبدا» في السنوات الثلاث الأولى أخطاء، وكلها جاءت في خانة ردود الفعل على منطق الاستئثار البرتقالي في دوائر مسيحية تتسع
لـ«التيار» وحلفاء آخرين، كانت لهم ريادة الوقوف الى جانب سوريا والمقاومة في ظروف صعبة ولكن صاروا في المرتبة الثانية بعد تفاهم 6 شباط ونوم «حزب الله» على
حريره، مهملا باقي المكونات المسيحية وتاركا لميشال عون أن يستعديها.
نموذج تشكيل الحكومة والموقف السلبي من توزير زياد بارود ومن ثم من حصة رئيس الجمهورية، «فإذا كان عون يمني نفسه بأنه صار يستطيع أن يسمي رئيس الحكومة، فعليه
أن يدرك أنه لولا وليد جنبلاط ونجيب ميقاتي وأحمد كرامي ومحمد الصفدي ونقولا فتوش، لما كان فريقه يتحكم بالأكثرية».
وبدل أن يتلقف «الجنرال» موقف بعبدا الحاسم من موضوع احتلال مقر وزارة الاتصالات في العدلية، أكمل التصويب على رئاسة الجمهورية... و«هذه عقلية لا يمكن ان تساعد
في توسيع القواسم مع رئيس الجمهورية».
المأخذ الأخير والأبرز هو تعمد «الجنرال» مرارا عدم التقاط حساسية «حزب الله» و«الخط الأحمر» الذي يرسمه حول موضوع الفتنة السنية الشيعية.
تجد أيضا عند مسيحيي الرابع عشر من آذار جردة لما يسمونها «إخفاقات وخسارات بالجملة» تسحب البساط تدريجا من تحت أقدام «الجنرال» الذي نصّب نفسه زعيما للمسيحيين.

يطرح هؤلاء سؤالا مباشرا، يكاد يختصر برأيهم خريطة «الطريق المسدود» الذي أوصل عون شارعه اليه: ألم يجد رجل الدولة المدنية والتيار العلماني نفسه معنيا بالرد
على ما أعلنه نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قبل ايام عن رفض الحزب قانوناً مدنياً للأحوال الشخصية لأنه مخالف للشرع؟ خيار التحالف مع السلاح،
كبرى أخطاء عون برأي هذا الفريق. واذا كان «جنرال الرابية» قد اخترع توليفة الحد الأدنى لتبرير ممارسات السابع من ايار واستعراض «القمصان السود»، فماذا سيكون
موقفه اذا قرّر السيد حسن نصر الله، من دون استشارته، «استخدام فائض قوته» لحماية النظام السوري وبالطريقة التي يجدها مناسبة؟
وبميزان الاصلاح والتغيير نفسه، المروّجون لخيارات عون الخاطئة يصوّبون بسهولة على بيته الزجاجي. ففيما يتباهى «القواتيون» بولادة حزبهم الاخضر إيذانا بخضوع
معراب لديموقراطية المحاسبة والمساءلة و«المؤسسات»، لا يزال العماد عون يجد وقت الحد الادنى، بين مواعيده السياسية الضاغطة، للتشاور مع بعض شباب «التيار» المتقدّمين
على غيرهم في نيل رضى «الجنرال»، للبحث في تعيينات تبدو كأنها مكمّلة لذهنية الرابية في حصرية القرار المركزي بها وحدها.
ثمة اعتراف عوني، بفشل التحوّل من «الحالة» الى الحزب ـ المؤسسة. الأكثرية لا تعفي عون نفسه من المسؤولية المباشرة، ما دام هو المدرك الأول للخلل. بالمقابل،
«تطنيش» لإبقاء مسؤولين في الواجهة «غير مسؤولين»، وتغييب مقصود على مستوى آليات اتخاذ القرار.
وبعد ست سنوات من دخول «التيار» حلبة العمل السياسي، لا يبدو ان القيادة «البرتقالية» قد استثمرت جيدا في نسج شبكة علاقات متينة مع الخصوم كما مع الحلفاء، باستثناء
«حزب الله». توتر «منظّم» مع نبيه بري. برودة ظاهرة مع وليد جنبلاط. تواصل فاتر مع سليمان فرنجية. عدم متابعة لخيوط الالتقاء مع «الكتائب». عدم الاستثمار في
الإخفاقات القواتية. هنا يكبس البعض الزر عائدا الى «المشكلة الام». حصرية القرار في الرابية. سوء توزيع الادوار والمهمات، واستسهال «تجييرها» الى الحلقة الأضيق.
الـ«وان مان شو» أزمة الرابية حتى إشعار آخر.
أما في التجربة النيابية، فليس في الرصيد ما ينبئ باختراقات نوعية في الأداء والانجازات. تتكرّر «بروفا» فتح الملفات، من دون استخدام مطرقة الحسم. 25 اقتراح
قانون مقدّماً من تكتل التغيير والاصلاح منذ العام 2005، بينها اقتراح فصل النيابة عن الوزارة وضمان الشيخوخة، وإعادة النظر بالتركيبة الأمنية الرسمية، وقد
اختار عون مرحلة تصريف الاعمال ليذكّر بضرورة تفعيل الورشة النيابية لإقرارها.
يعيش العونيون، منذ الآن، هاجس قيام الرابية بنقرة الـ copy paste، عام 2013 لوجوه نيابية أثبتت انها «نافعة من أجل لا شيء». «بالجملة» تبدو صورة النواب العونيين
قابلة للهضم. «بالمفرّق» تظهر الكوارث في فرق الأداء والانتاجية والحضور السياسي والخدماتي والتشريعي. نواب «كوما» وآخرون يغزلون على عدد الساعات. نواب يأخذون
من رصيد «جنرالهم» و«خلية» صغيرة تمنح «نيابة» الرابية قيمة مضافة.

No comments:

Post a Comment