Saturday, June 25, 2011

«كيف نلم الوطن بعد سقوط المنظومة القائمة من سوريا إلى لبنان»؟«14 آذار» بين هواجس المعارضة الظرفية ورسم مستقبل البلد
دنيز عطالله حداد
لا يتحدث سمير فرنجية وفارس سعيد الكثير عن زيارتهما الباريسية للقاء سعد الحريري. كذلك يفعل أمين الجميّل ونجله سامي. يكتفون بعموميات وتأكيد ثبات الحريري
على مواقفه وحرصه على المعارضة بكل أبعادها وعلى كل المستويات، وطبعا تحت سقف ما يضمنه القانون.
في الامانة العامة لـ«قوى 14 آذار» كثر يسألون ويستوضحون. ينتظرون سماع جدول أعمال مفصل بالخطوات والإجراءات المنوي اتخاذها. لا يبدو ذلك متوافرا. وتكتم «البيك»
و«الحكيم» لا يخفي خطة عمل بقدر ما يعكس غياب هذه الخطة. ومع ذلك، يحاولان.
بالامس وجّها باسم الامانة العامة كتابا الى الرئيس فؤاد السنيورة يقترحان فيه أسماء محترفة ومحترمة لتتولى مسؤولية متابعة مجموعة ملفات تتوزع بين القانوني
والاقتصادي والسياسي والامني والاعلامي. أسماء من أشخاص عرفوا بقدرتهم على العمل الجاد وليس فقط «العمل الاستعراضي». فالاكيد أن «كل الملفات التي ستطرح ستتم
متابعتها ودراستها في كل الوزارات والمؤسسات ومن متخصصين. 14 آذار ستعارض بدءا من المجلس النيابي وانتهاء بأصغر ملف في أية وزارة. ولكل فعل رد مواز من حجمه
وأكثر. وأي تصرف كيدي أو انتقامي سيجد الرد المناسب».
تعوّل الامانة العامة لـ«قوى 14 آذار» على المعارضة الجدية لكنها لا تضع كل «بيضها في سلتها». والسبب؟ «ان مثل هذه الحكومة بتركيبتها وتنافر مكوناتها وتصرفات
رعاتها الداخليين والناطقين باسمها تسهل مهمتنا». عيون المجتمعين على التطورات في المنطقة، وتحديدا في سوريا. فمن الثوابت غير القابلة للنقاش عندهم ان «عمر
هذه الحكومة من عمر حكم بشار الاسد». والمهم برأيهم «كيف يمكن أن نعيد لمّ البلد وتركيبته بعد أن تسقط كل المنظومة القائمة؟».
هل نوقش هذا الطرح في باريس؟ يبدّل «رفيقا الدرب» الباريسي الحديث ليركزا على الحراسة الفرنسية المشددة التي تؤمنها السلطات الفرنسية للرئيس سعد الحريري. يسهبان
في الكلام عن السيارات المصفحة ومواكبة الشرطة وانتشارها في المبنى الذي يسكنه. ويهمس أحد الحاضرين مؤكدا صحة المعلومات التي نشرتها صحيفة «ليبراسيون» عن محاولة
اغتيال الحريري. وينسب معلوماته «الى جهات فرنسية».
تكثر المداخلات التي تصب في خانة تأكيد «أن ما جرى ويجري يهدف الى استدراج الحريري الى العودة الى لبنان لأحد سببين: إما لهدف أمني أو ليكون أشبه بالرهينة عند
صدور القرار الظني للمحكمة الدولية».
وحين يعود النقاش الى السياسة يبرز السؤال الاصعب مجددا «كيف يمكن للبلد أن يقف على قدميه مجددا بعد هذه المرحلة التي ستبقى مؤقتة وظرفية مهما طالت؟ كيف يمكن
إيجاد أطر جامعة وصيغ تسمح بتجاوز الأزمة القائمة وتداعياتها لاحقا؟». ولان المعني الاول بالنسبة الى «14 آذار» هو «حزب الله» فإن الاسئلة حوله تزداد تعقيدا.
برأيهم «يعرف «حزب الله» جيدا تطور الاوضاع في سوريا. ويدرك أن كل التهويل الذي استخدمه النظام بالأوراق التي يملكها سواء الفلسطينية أو اللبنانية، ومنها تشكيل
الحكومة، لم يعط النتيجة المرجوة. فهل يربط «حزب الله» مصيره بمصير نظام يتداعى وعلى أبواب السقوط؟». يكثر المحللون في الاجتهاد لكن الهاجس يبقى «أن هذا الحزب
لا يورط نفسه وكادراته وعددا من مسؤوليه. هو مسؤول عن مصير طائفة. فهل يجوز أن يجر هذه الطائفة معه الى خيارات مماثلة؟ وكيف سيتصرف الحزب مع تفاقم الوضع في
سوريا؟».
يرى المسؤولون في «14 آذار» أن من «أبرز النتائج السلبية لتشكيل الحكومة بالطريقة التي شُكلت بها أن عددا من الشخصيات التي كان يراهن عليها لإعادة الوصل بين
اللبنانيين قد فقدت أهليتها. فرئيس الجمهورية ميشال سليمان مثلا أصبح شريكا ضعيفا في حكومة ضعيفة. ووليد جنبلاط أحرق مراكبه. ونبيه بري أحرق أوراقه. وها هي
مرحلة خطيرة على شفير الهاوية ستطوي صفحة تاريخية في لبنان والمنطقة وما من قوى أو شخصيات قادرة على لعب دور الوصل بين اللبنانيين للعبور الى ضفة اخرى. حتى
القيادات الروحية الإسلامية - المسيحية التي كانت تلتقي على ثوابت البلد ضعيفة وهي لم تتمكن من التوصل الى الاتفاق حول بيان موحد في القمة الاخيرة التي عقدتها.
والسـؤال المفـروض الإجابة عنه اليوم: ماذا بعد الانهيار الحتمي للمنظومة الاقليمية والسلطة التابعة لها في لبنان؟».
تبحث «14 آذار» عن الإجابة بجدية وبجهد لكنها لا تتوصل ولو الى طرف خيط منها. يفتخر أحد الحضور بأن «14 آذار» كانت الجسر الوطيد «مِنْ كُهوفِ الشرق، مِنْ مُستـنـقع
الشرقِ الى الشرقِ الجديد» ويخاف أن «ينهار الجسر فتسقط معه كل أحلام الناس وأمانيهم، لا بل أكثر ان يسقط البلد ومستقبله».
يعتبر المجتمعون انهم «أدوا قسطهم الى العلى» فحذروا من الانجرار وراء حسابات ومصالح خارجية. وانهم نبهوا وينبهون من مخاطر التذاكي والوقوف صراحة أو مواربة
في وجه المجتمع الدولي. وانهم في زمن الانتفاضات وتمرد الشباب العربي لن يتخاذلوا ويتقوقعوا. وعلى الراغبين اليوم الذهاب الى الحج السوري أن ينتبهوا الى ان
الناس عائدة منه وهو اليوم في أسوأ أيامه وأكثرها عزلة. والفرصة لا تزال متاحة ليتعظوا في الداخل فيفكوا ارتباطهم مع الخارج ونبحث معا في كيفية ترتيب أوضاعنا
الداخلية». لكن قائلي هذا الكلام يختمون دوما «مع الاسف هذا لن يحصل لاعتبارات غير لبنانية».

No comments:

Post a Comment