Tuesday, June 28, 2011

طريق بعبداـ بكركي قد لا تمرّ في الرابية

يكثر الحديث عن تقارب بين سليمان وعون بمباركة الراعي (أرشيف ــ هيثم الموسوي )
صُدم البعض عندما أبلغوا بأنّ الدعوة التي وجّهها الرئيس ميشال سليمان إلى العماد ميشال عون، في 16 تموز المقبل، وصلت أيضاً إلى معظم القوى والشخصيات المسيحية. فتراجع الحديث عن تقارب بين الرجلين، وسط تأكيدات بأنّ الطريق من بعبدا إلى بكركي قد لا تمرّ حصراً في الرابية
نادر فوز
تحت نافذة بكركي وبين يدي «سيّدة حريصا» وفي مجمّع فؤاد شهاب وما يحمله من رمزية، التقى يوم السبت كل من الرئيس ميشال سليمان والعماد ميشال عون ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع. بدا المشهد جامعاً خلال ليلة إطلاق مهرجانات جونية الدولية، فهذه الشخصيات الثلاث تقابلوا بسلامات حارّة وابتسامات متكلّفة ودردشة سريعة حول «الشَوْب» وفرحة الناس وغيرها من المواضيع التي يمكن أي مواطنَين التحدث عنها خلال صدفة لقائهما.
علّق كثيرون أهمية على حصول هذه «الجَمعة» في كسروان، وفي جونية تحديداً بصفتها «عاصمة لبنان المسيحي» (1975 ـ 1990) ولخّصوا المشهد وفق الآتي: في مجمّع فؤاد شهاب اجتمع كل من الزعيم المعنوي، ميشال سليمان، والزعيم الشعبي ميشال عون وزعيم الأقلية المسيحية (والمعارضة المسيحية) سمير جعجع. وهو مشهد أراح قسماً من جمهور «لبنان المسيحي» لكون التلاقي حصل ويحصل بين أقطاب الطائفة في عاصمتهم.
ورغم هذا الجوّ الإيجابي الذي يوحي به هذا اللقاء، ورغم هذه الابتسامات وتلك الدردشة، فإنّ التمايل على أغاني ماجدة الرومي لا يلغي أبداً أنّ هذا الثلاثي يتناتش هذا المكان، جونية. وسليمان وعون وجعجع، جميعهم لا يرتضون تقسيم النفوذ في هذه العاصمة الذي له ثلاثة أوجه: القصر الجمهوري الذي شغله الرئيس فؤاد شهاب بعد أحداث 1958، ثكنة صربا ومعانيها إن كان في خمسينيات القرن الماضي أو خلال «حرب الإلغاء»، إضافةً إلى القطاعات والدلالات الحياتية لـ«العاصمة» ككازينو لبنان ومرفأ جونية وغيرهما.
ليس بعيداً عن أجواء مجمّع الرئيس فؤاد شهاب، يجري التسويق في الآونة الأخيرة لمشروع يقوم به الرئيس سليمان، بمباركة البطريرك بشارة الراعي، على صعيد لملمة «أبناء الطائفة» وجمعهم تحت مجموعة من العناوين التي باتت معروفة لجميع من حضر «الاجتماعين الداخليّين»، المصغّر والموسّع في بكركي. وفي هذا الإطار، كثر الحديث في المجالس السياسية عن تقارب يحصل بين الرئيس سليمان والعماد عون، بمباركة الراعي أيضاً، بصفتهما يملكان جزءاً كبيراً من الأدوات التنفيذية في الحكم. وفي هذه المجالس أيضاً، اتّخذ إطار تواصل سليمان ــــــ عون شكلاً سياسياً بحتاً بعيداً عن مصالح الطائفة، ومن أسبابها شعور الرئيس بأنه لا قدرة له على الحراك بدون كتلة وزارية ونيابية ككتلة الإصلاح والتغيير، إضافة إلى كون فريق 14 آذار بات في «خبر كان» بالنسبة الى بعبدا. وتتدّعم هذه الأفكار المتداولة بنشاط الحركة بين بعبدا والرابية، إن كان لجهة التواصل المباشر بين الرجلين أو لجهة تواصل مستشاريهما.
ومن أولى دلالات هذا التقارب، الدعوة التي وجّهها سليمان إلى عون لتناول العشاء في منزله في عمشيت يوم 16 تموز المقبل، بحضور الراعي.
لكن سرعان ما تراجع التفاؤل بإمكان تركيب التحالف بين بعبدا والرابية، إذ تبيّن أنّ سليمان يقيم اجتماعاً موسعاً للقوى المسيحية بعد ثلاثة أسابيع، دعا إليه نواباً ووزراء وشخصيات سياسية غير رسمية. وعلى لائحة المدعوين سمير جعجع، ومجموعة من قادة 14 آذار، وأولهم منسّق الأمانة العامة لهذه القوى، النائب السابق فارس سعيد. وكسرت هذه المعلومات التفاؤل بأنّ «أمراً ما يجري تركيبه» بين سليمان وعون. وأشار مدعوون إلى عشاء عمشيت إلى أنه سيجري طرح قضية موقف الطائفة المسيحية من الانقلابات والتغييرات الحاصلة في المنطقة العربية وانعكاسها على المسيحيين في هذه البلدان، ما يعني أنّ بانتظار المشاركين في العشاء نقاشاً جدياً في هذا الملف، قد ينتهي عبر حسم سليمان بضرورة استكماله في وقت لاحق، معلناً الترحيب بكل الموجودين لاستكمال النقاش في موعد آخر.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول إنّ سليمان يتّجه نحو بكركي، لا إلى الرابية، وخصوصاً أنّ مستشاريه عملوا في الأسابيع الماضية على تزويده بملاحظات فريق الأقلية على أدائه. ولم يتردّد المعنيون في الأقلية الجديدة بالقول إنّ الرئيس غيّر بوصلته واتّخذ محوراً سياسياً آخر له، ويلخّصون رأيهم بسليمان عبر مجموعة من المفردات: «مُطلِق نموذج الوزير عدنان السيّد حسين»، مؤجِّل الاستشارات النيابية تحت ضغط «القمصان السود»، و«مشاركته وتغطيته ودعمه لحكومة مواجهة المجتمع الدولي».
وصلت هذه الملاحظات إلى بعبدا ومنها إلى عمشيت، فدارت الفكرة في رأس سليمان الذي أعاد صياغة جزء من موقعه المفترض أن يكون في الوسط. ويفضّل الرئيس اليوم الحديث عن جمع المسيحيين بدل تناول ملف المحكمة الدولية، ويريد استبدال الأسئلة عن مواقف الغرب من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بأجوبة عن كيفية تحصين الثقة بين اللبنانيين. ولو أنّ الراعي بات واضحاً في دعمه الحكومة، إلا أنّ سليمان لا يستطيع تجاهل الكثير من الأمور والنقاط التي تجمعه بقوى 14 آذار، وأولها علاقتهما بالغرب وآثار الانتخابات النيابية ونتائجها التي خاضاها بوجه التيار الوطني الحرّ.
حتى إنّ نواباً في تكتل التغيير والإصلاح يكررون في مجالسهم أنه «يجري تضخيم ما يحصل بين سليمان والجنرال»، مشيرين إلى أنّ «التطوّر الحاصل في العلاقة عادي حتى الآن وليس بالحجم الذي يجري التداول به». وبالتالي، لا يزال مبكراً الحديث عن علاقة سليمان ـــــ عون. والصراع على «عاصمة المسيحيين» لا يمكن أن ينتهي بأي اتفاق، وخصوصاً أنه بات لسمير جعجع ممر سياسي نحو كسروان، أثبتته نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة.
الاخبار

No comments:

Post a Comment