Wednesday, June 22, 2011

علاقة طرابلس بالسنيورة..
«كل عضة بغصة»
غسان ريفي
لم تحظ طرابلس يوماً بتجربة إيجابية مع الرئيس فؤاد السنيورة، رغم أنها أعطته كثيراً بشفاعة انتمائه السياسي يوم كان رئيساً للحكومة محاصراً في السرايا بالمعترضين
على سياسته وعلى حكومته البتراء، فانتفضت دفاعاً عن الكرسي الذي يشغله وعن إرث رفيق الحريري، لكن السنيورة «الحاكم بأمره» على مدار أربع سنوات في لبنان لم يعرف
كيف يرد الجميل لمدينة هي بأمس الحاجة لاهتمام ورعاية الدولة، بل على العكس تماما، فقد ردّ على حمايتها له بالتخلي عنها، وعلى احتضانها لحكومته بتهميشها، وعلى
صدقها تجاهه بوعود عرقوبية بتنمية لم تبصر النور وبمشاريع غير قابلة للتنفيذ بسبب طغيان عقلية «المحاسبجي».
وما ساء طرابلس، أنها بعدما نسيت أو تناست معاناتها مع حكومتيّ السنيورة، أطل من جديد ليستفيد من الدماء البريئة التي سالت يوم الجمعة الفائت، وليستخدمها في
توجيه رسائل سياسية وفي الضغط على ابنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بموقف فضفاض يهدف الى الاحراج ويقضي بجعلها «مدينة منزوعة السلاح» كان الأجدى بـ«دولة الرئيس»
أن يترجمه خلال توليه الحكم، وعندما رعى المصالحة التي سميت تاريخية، بينما كانت فولكلورية بامتياز، أعطت بعضاً من المسكنات من دون أن توفر الدواء الشافي، لكن
السنيورة صدق يومها عندما أسرّ للرئيس عمر كرامي بأن المال غير موجود لتنفيذ بنود الوثيقة، ليتنبأ «الأفندي» بسقوط المصالحة فتصدق نبوءته بعد سنتين وتسعة أشهر،
قبل أن تهشمها شظايا القنابل الليلية التي لم تنفع مسكنات السنيورة في إبطالها.
فجأة، بدا السنيورة مهتماً بطرابلس غيوراً عليها، منزعجاً من انتشار السلاح المنتشر بين أبنائها والذي وزع أكثره خلال عهد حكومتيه، ومتألما الى درجة البكاء
من دماء الفقراء التي سالت، بفعل انتهاء صلاحية مصالحته التي لم يوفر لها أسباب الاستمرار والصمود ويطالب اليوم بما عجز هو عن تحقيقه، لكن كل ذلك لم يحمله على
قطع مسافة 80 كيلومترا لبلوغ طرابلس وتفقد أهلها، فاستدعى نواب المستقبل، والمرجعية الدينية التي من المفترض أن تزار ولا تزور، ورئيس البلدية الى «السادات تاور»،
وفوجئ بموقف عدد من فاعليات طرابلس برفضهم هذا الاستدعاء لعلمهم المسبق بأهداف ومرامي هذه الغيرة المستجدة، والذين سئموا التنظير ضمن الغرف المغلقة بينما المشكلة
تحتاج نزولا الى الأرض للبدء بعمليات الانقاذ اقتصاديا واجتماعيا ومن ثم أمنيا والتي آن لها بعد كل هذه المعاناة أن تخرج من الاستغلال السياسي.
لقد كانت طرابلس تنتظر من السنيورة أن يترجم غيرته عليها، بتنفيذ مقررات «يوم طرابلس في السرايا الحكومية» الذي دعا إليه عام 2008، واستدعى له كل مكونات المجتمع
المدني لكنها بقيت حبرا على ورق، وأن يحرص على تنميتها بمنحها مشاريع حقيقية، لا أن يمن عليها بأوتوستراد مشوه لقطع التواصل بين طرابلس والميناء، وبمحطة تكرير
لم تصلها بعد المياه المبتذلة وتكاد تنتهي مدة ضمانها، وبمشاريع بنى تحتية للمناطق المنكوبة في القبة والتبانة وجبل محسن بدل استبدال بنى تحتية في المناطق الجديدة
من طرابلس.
وكانت التبانة أيضاً تنتظر أن يترجم دفاعه عنها وحبه الكبير لها ولأهلها بعدم التقتير عليها بالتعويضات على الدمار والخراب الذي أصابها بعد أربع جولات من العنف
في عهد حكومته نتيجة اندفاع أبنائها للدفاع عن تيار المستقبل الذي يرأس اليوم كتلته النيابية، وأن لا يستخدم مشروع الصندوق الكويتي للتوفير على الخزينة، في
وقت لم ينس فيه المتضررون بعد صفوف الذل التي وقفوها على مدار أيام لقبض مبالغ لا تسمن ولا تغني من جوع، فضلا عن تلاشي مشروع إنشاء معهد تدريب مهني وعد بإنجازه
بتمويل قطري للحد من البطالة المستشرية.
لقد كانت طرابلس تنتظر أن يعوضها الرئيس السنيورة عن كل المآسي التي شهدتها، وأن لا يبقي فيها جرحاً نازفاً مفتوحاً للاستغلال، وأن يفتش في غيرته المستجدة اليوم
أقله عن حلول منطقية بدل أن ينضم الى جملة المستفيدين منه لتوجيه رسائل سياسية جديدة باتت مكشوفة لأبناء المدينة الذين عندما يسأل بعضهم عن علاقة طرابلس بالرئيس
السنيورة يُجب بالمثل القائل: «شو بدي إتذكر منك يا سفرجلة كل عضة بغصة».

No comments:

Post a Comment