Saturday, June 25, 2011

هل بقيَ متسع للكنيسة المارونية؟
وديع الخازن
في كل الظروف المصيرية كانت الأنظار تشخص إلى بكركي باعتبارها خشبة إنقاذ وطنية لكل لبنان وليس للمسيحيين والموارنة حصرا.
ولكن هل بقيَ متسع للكنيسة المارونية لكي تؤدي دورها في هذا المجال انطلاقا من الصف الماروني لدرء لبنان عن المواجهات الإقليمية والدولية في المنطقة؟
لقد عودتنا البطريركية المارونية على استيعاب الإنفعالات الداخلية بالصبر والحكمة والمعالجة الهادئة. وفي ذروة ما تعرض له لبنان من ضربات إسرائيلية وقفت بكــركي
إلى جانب لبنان الكلّ الذي لا يتجزأ عنــدما دعــت إلى مؤتمــر روحي على مستوى الوطن وركــزت على النواحي المشتركة بين اللبنانيين لأن هدف إسرائيل المركزي كان
ولا يزال يستهدف إفراغ لبنان من مسيحييه وموارنته لإفراغ صيغته من مضمونها الحضاري، لذا وجب ضرب الموارنة لتغيير شخصية لبنان وتاليا تغيير دوره الذي تطمح إلى
لعبه الدولة العبرية.
صحيح ان الموارنة منقسمون ظاهريا ما بين حليف سني وحليف شيعي، إلا أنهم في العمق منقسمون سياسيا وليس طائفيا أو مذهبيا على الإطلاق. ولئن دلّ ذلك على شيء فعلى
إيجابية واحدة هي أن لبنان ليس في وارد الانقسام الطائفي رغم علات التدخلات الخارجية بين أطرافه.
نحن لا ننكر أن لبنان يتعرض الآن إلى ضغوط خارجية حادة بين مشروعين إقليميين: أحدهما تقسيمي وراءه إسرائيل ومشروع مناوئ تقف وراءه سوريا وتدعمه إيران بغض النظر
عن مصالح النفوذ في هذا المعسكر أو ذاك.
ولقد جاءت سياسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقبله الرئيس إميل لحود، المؤيدة لخط المقاومة، نقيضا لما تريده إسرائيل من لبنان بلدا ضعيفا سهل الإنقياد لمخططاتها.
فالرئيس سليمان، في كل مواقفه، يصرّ على التوجه الماروني الكنسي في الوحدة لاعتقاده أن لبنان «الوجه الماروني» لا يفيد الشرق أو الغرب بل لبنان الحضور الماروني
هو الذي يجعل من الشرق والغرب ملتقى روحيا حضاريا وهو ما أكدته الكنيسة الكبرى من روما والكنيسة الصغرى من بكركي.
ولعل من حسنات الانقسام الماروني أنه كشف أن الماروني في هذا الوضع الجديد ليس مستهدفا كماروني بل كلبناني، إذ استهدافه كماروني أمر طائفي في حين استهدافه كلبناني
أمر سياسي وهو ما نودّ أن ينسحب على سائر الفئات التي يتشكل منها النسيج السياسي في لبنان.
ولعل أفضل مثل على صحة ما نقول ما حصل من التفاف حول مؤسستي الجيش الوطني وقوى الأمن الداخلي في حربهما على الإرهاب رغم اتسامه وتلطيه بالدين لأن محاربة الإرهاب
هنا باتت عملا وطنيا بامتياز. لذا لا نخشى على لبنان من حرب طائفية أو مذهبية لأن هذه الموجات المتطرفة العاصفة بالمنطقة هي أشبه بالطفرات النابعة من المتغيرات
الدولية التي تريد أن تحدث تغييرا في الأنظمة والمساحات السياسية، إذ سرعان ما تزول بزوال الحاجة إليها.
وكما خرج لبنان من أعاصير مباشرة عليه تجمعت فيها كل التناقضات العربية على أرضه فسوف ينجح في الاختبار الجديد مغلباً روح التوافق والاتفاق على حكومة واحدة
موحدة ورئيس لكل لبنان.

No comments:

Post a Comment