Monday, July 25, 2011

> خاطفو الأستونيّين: تكفير وأموال

خاطفو الأستونيّين: تكفير وأموال
أحد الرهائن المفرج عنهم (أ ف ب)

لا تزال الألغاز تلفّ قضية الأستونيين السبعة، رغم إطلاق سراحهم يوم 14 تموز الجاري. فالمتهمون الرئيسيون بعملية الاختطاف لا يزالون متوارين عن الأنظار. ومعهم
يغيب السر الأبرز: من هو الرأس المدبّر للعمليّة؟

حسن عليق

أظهرت التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات، منذ الأسبوع الأول لعملية اختطاف الأستونيين السبعة يوم 23 آذار 2011، وجود ثلاث مجموعات معنية بالتنفيذ:
تضم الأولى كلاً من: وائل ع. وأحمد ي. (لقبه أحمد بكري) ومحمد أ. (لقبه «حمودي ظريفة») ونجاح أ. وأحمد ع. ومنير ن. وإضافة إلى المذكورين، ثمة ثلاثة أشخاص اقتصرت
مهمتهم على تخبئة السيارات التي استخدمت في العملية.
خلال الأسبوع الأول، الذي تلا عملية الاختطاف، أوقف فرع المعلومات المذكورين أعلاه، باستثناء وائل ع. ومحمد أ. وأحمد ي، الذين اختفوا جميعاً منذ نهاية آذار
الماضي.
وخلال التحقيق مع الموقوفين، ذكروا أن وائل ع. كان قد أخبرهم، قبل أسبوعين من حصول العملية، بأن شخصاً سوري الجنسية طلب منه اختطاف أشخاص أجانب، بهدف طلب فدية
مالية. وافقوا جميعاً على تنفيذ العملية. ويوم 23 آذار 2011، تلقى الأخير اتصالاً من أحمد بكري يقول فيه إن سبعة أشخاص أجانب دخلوا الأراضي اللبنانية من سوريا،
عبر نقطة المصنع الحدودية، وإنهم يستقلون دراجات هوائية. سريعاً، جمع وائل أفراد المجموعة، وسلّمهم أسلحة وأقنعة. استقلوا سيارة مرسيدس يملكها وائل، وسيارة
فان بيضاء يقودها منير ن، فيما كان أحمد بكري وأحمد ع. يراقبان الأجانب السبعة. وبوصول الجميع إلى طريق زحلة ـــــ كفرزبد، صدم وائل بسيارته ثلاثة من الأجانب
السبعة، فتوقف الجميع. ترجّل أفراد المجموعة المسلحين والملثّم معظمهم، وأجبروا الأجانب، الذين كانوا لا يزالون مجهولي الجنسية، على الصعود إلى الفان.
الدراجات الهوائية أبقيت في المكان، وكذلك بعض متاع الأستونيين السبعة الذين نُقلوا إلى بلدة مجدل عنجر، وبالتحديد، إلى منزل وائل عباس حيث وُضِعوا تحت الدرج.
وبين مكان الاختطاف و«القرنة» التي تحت الدرج، تخطّى الخاطفون حاجزاً للجيش اللبناني، ملتفّين عبر طرق جانبية.
في منزله، كان وائل يتواصل هاتفياً مع أشخاص يجهلهم الموقوفون. كان مستعجلاً وصول من سيتسلمون المختطفين. في أحد الاتصالات، قال إنهم سبعة. ويبدو أن من كان
يتصل به استغرب الرقم، إذ إن وائل قال له: إنهم سبعة. دبّروا حلكم. إذا لم تأتوا سريعاً فسأطلق سراحهم.
في منزل وائل ع، ظهرت المجموعة الثانية: كنان ي. ومنير ج، وعبد اللطيف أ. وخالد ح (رجل دين) وشابان ملثمان لا أحد من الموقوفين يعرفهما. تسلمت هذه المجموعة
الأستونيين السبعة، ونقلتهم بواسطة سيارتين إلى مكان يجهله أفراد المجموعة الأولى. وحتى اليوم، لا يزال أفراد المجموعة الثانية متوارين عن الانظار.
أفراد المجموعتين بلا أي سجل إجرامي يُذكَر. ولم تكن الأجهزة الأمنية قد رصدت أي حركة مشبوهة لهم. لكن ثمة ما يميز أفراد المجموعة الثانية عن زملائهم في الأولى.
فالمجموعة التي يتزعمها وائل ع. تتألف من شبان «عاديين» من مجدل عنجر، يعيشون حياةً طبيعية في البلدة. أما أفراد المجموعة الثانية، فيميزهم التديّن «غير التقليدي».
فكنان ي (من مجدل عنجر)، الذي تصنفه الأجهزة الأمنية كقائد للمجموعة الثانية، هو مهندس، لكنه كان في آخر أيامه يعمل في محل للصيرفة. كان قد سافر للعمل في الأردن
قبل نحو عام، إلا أنه سرعان ما عاد إلى بلدته. ويتميز بصفتَي الهدوء والكتمان. بعد تنفيذ عملية الاختطاف، بقي في مكان عمله. ولم يطرأ أي تغيير على سلوكه، وبدا
غير معني بما يجري. وبعدما لاحظ ازدياد النشاط الأمني، والتوقيفات التي قامت بها الأجهزة اللبنانية، قرر التواري عن الأنظار، فقال لأصحاب محل الصيرفة الذي يعمل
فيه: أموالكم حرام. ثم ترك عمله واختفى. أما الشيخ خالد ح (لبناني من البقاع الغربي)، فهو متشدد دينياً، وله تأثير كبير على عبد اللطيف أ (فلسطيني). وبحسب إفادة
أحد الموقوفين، فإن عبد اللطيف «يكفّر عدداً من رجال الدين». إضافة إلى ذلك، كان قد أقر أمام شقيقه يوم 31 آذار 2011، بطريقة غير مباشرة، بأن له صلة بتوقيف
الأستونيين، مشيراً إلى أنهم «كانوا في مكان مكشوف، لكنهم، منذ يومين، صاروا في مكان آمن ولا يمكن أحداً العثور عليهم». كذلك قال عبد اللطيف، بحسب إفادة شقيقه،
«إن الجهة الخاطفة ترغب في المفاوضة عليهم لقاء فدية مالية، أو استعمالهم كرهائن وإبدالهم بأشخاص مسجونين». وقال عبد اللطيف، على حد ما ورد في محاضر التحقيق،
إن تفجير الكنيسة في زحلة يوم 28 آذار 2001 كان يهدف إلى «تخفيف الضغط الأمني عن الخاطفين».
المجموعة الثانية، ودائماً بحسب محاضر التحقيق، لم تكن تولي المجموعة الأولى ثقتها الكاملة. فبعد يومين على العملية، كان كنان ومنير ج. يريدان الذهاب إلى سوريا
للقاء شركائهم في العملية. ورفض كنان أن يصحبهما وائل ع. وأمام إصرار الأخير بشدة على الذهاب معهما، قبِل كنان بأن يذهب وائل ومنير إلى سوريا، وهذا ما حصل يوم
25 آذار 2011، بحسب ما يظهر أيضاً في سجلات الأمن العام اللبناني. وفي اليوم التالي، التقى وائل بأحمد ع، الذي نقل، في محضر التحقيق، عن وائل قوله إنه قابل
«الشخص السوري» الذي أخبره بأنه سيفاوض للحصول على مبلغ عشرين مليون دولار، لقاء الإفراج عن الأستونيين.
«الشخص السوري» ومجموعته التي تضم إليه شخصين آخرين، بحسب تقديرات الأجهزة الأمنية اللبنانية، لا تزال مجهولة بالكامل. لا أحد يعرف أفرادها سوى المطلوبين المتوارين
عن الأنظار: وائل ع. ومحمد أ. وأحمد ي. ومنير ج. وعبد اللطيف أ. وخالد خ. وكنان ي.

الاخبار

No comments:

Post a Comment