Monday, July 25, 2011

> طرابلس عائدة إلى المنية ــ الضنية لإقصاء الحريري

طرابلس عائدة إلى المنية ــ الضنية لإقصاء الحريري
عبد الكافي الصمد

ليست مصادفة أن تكون الضنية وجهة التحرك الأولى خارج طرابلس لكل من الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الشباب والرياضة فيصل كرامي، منذ تأليف الحكومة، وخاصة أن الاثنين
زاراها قبل نحو أسبوع، كل على حدة. فهذه المنطقة التي يطغى عليها الطابع السّني (نحو 90 في المئة من سكانها) يُنظر إليها تاريخياً على أنها الخزان الاستراتيجي
لطرابلس. فإلى جانب قربها جغرافياً من عاصمة الشمال، مثّلت الضنية على الدوام، المكان الآمن الذي يلجأ إليه الطرابلسيون عادة إبان الأزمات. وكان لزعماء طرابلس
تأثيرهم الدائم في أي انتخابات نيابية أو حتى بلدية تجري في الضنية التي يجمعها ومنطقة المنية الساحلية قضاء إداري واحد ودائرة انتخابية واحدة. الرئيس رشيد
كرامي كان أحد أبرز المؤثرين انتخابياً في هذا القضاء، إلى جانب الرئيس سليمان فرنجية الذي كان «يمون» على الأقلية المسيحية الموجودة فيه، فكان النجاح، في معظم
الأحيان، حليف من يدعمانه (مع بعض الاستثناءات).

وبقي هذا التأثير قائماً مع الرئيس عمر كرامي والنائب سليمان فرنجية خلال الانتخابات التي تلت انتهاء الحرب. لكن سنوات «السلم الأهلي» شهدت تعديلات جوهرية على
هذا التأثير، كان أبرزها دخول الرئيس رفيق الحريري على الخط منذ انتخابات عام 1996، وبدء سحبه البساط من تحت أرجل جميع الزعماء السّنة في طرابلس ولبنان.
تأثير الحريري في قضاء المنية ـــــ الضنية كان يسير تصاعدياً، قبل أن يصبح مع ابنه ووريثه السياسي الرئيس سعد الحريري طاغياً على كل ما عداه في دورتي انتخابات
2005 و2009، بنجاح النواب أحمد فتفت وقاسم عبد العزيز وهاشم علم الدين.
ولأن دوام الحال من المحال، جاءت الانتخابات النيابية الفرعية بعد وفاة النائب هاشم علم الدين، وإثرها الانتخابات البلدية (التي شهدت خسارة اللائحة التي دعمها
فتفت في بلدته سير بكاملها)، لتكشف أن تيار المستقبل لم يعد جارفاً في المنطقة، وأن هزيمته ليست أمراً مستحيلاً.
بعد سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري ومجيء حكومة ميقاتي، بدأت الأنظار تتجه إلى ما يمكن أن تثيره عودة طرابلس إلى ممارسة دورها السياسي التاريخي في إبعاد نفوذ
الحريري عنها أولاً، وفي محاصرته وتحجيم تأثيره في المنية والضنية ثانياً، وفي عكار ثالثاً.
من هنا، أدرك الفريق الحكومي الطرابلسي، ميقاتي والوزراء محمد الصفدي وأحمد وفيصل كرامي، أن معركته مع المستقبل لا تقتصر على طرابلس، وأن المنية ـــــ الضنية
ستكون ساحتها الرديفة.
فميقاتي كان يرد سابقاً على بعض أنصاره الذين كانوا يلحّون عليه في منافسة المستقبل وعدم التحالف معه، بأن «المعركة ليس أوانها الآن، فلا تستعجلوا». لكنه اليوم
يرى أن الفرصة سانحة أمامه. وهو لن يكون مضطراً إلى سحب مرشحه فيها محمد الفاضل مثلما فعل عام 2009.
أما الصفدي، فينظر إلى انتخابات المنية ـــــ الضنية من زاويتين: أولاً، تصفية حسابه مع المستقبل الذي لم يترك مناسبة لاستهداف الصفدي، رفضاً لتمايزه عنه إلا
فعل. وثانياً، لتصفية حساب آخر مع النائب عبد العزيز الذي تخلى عن الصفدي، مفضلاً أن يلتحق بالمستقبل، رغم أن الصفدي هو من أتى به نائباً لدورتين.
بدوره، لا ينظر كرامي إلى المنية ـــــ الضنية على أنها المكان الطبيعي لتمدد عائلته سياسياً (منذ جده وعمه ووالده) وحسب، بل يريد أيضاً ردّ التحية إلى النائب
السابق جهاد الصمد الذي سمّاه لتمثيل «سنّة المعارضة» في حكومة ميقاتي، على عكس آخرين تمسكوا بتوزير أنفسهم.
بناءً على ذلك، ليس سراً أن الفريق الحكومي الطربلسي يعرف أن الصمد هو العمود الفقري لأي لائحة انتخابية يمكن أن تواجه التيار الأزرق، بعدما حاز منفرداً في
انتخابات 2009 في مواجهة لائحة المستقبل المدججة بالمال والإعلام والمندوبين 30% من أصوات ناخبي القضاء. وإلى جانب الصمد، ثمة مروحة واسعة تضم المرشحين محمد
الفاضل وأسعد هرموش (الجماعة الإسلامية) وكمال الخير والنائب السابق محمود طبو وأحد مرشحي عائلة علم الدين (كبرى عائلات المنية) التي تريد تصفية حساب مع الحريري
لتسميته النائب كاظم الخير بعد وفاة النائب هاشم علم الدين. وهؤلاء وغيرهم يمكنهم أن يكوّنوا حلقة تطويق «المستقبل» وتحجيمه نيابياً بعد إقصائه عن السلطة.
لكن كيف يمكن ذلك، وما هي خريطة الطريق للوصول إلى هذا الهدف؟ ليس هناك خطة عمل معلنة من الفريق المعني بعد. وهذا الفريق يدرك أن الاهتمام خدماتياً بالمنطقة
التي أهملها المستقبل لسنوات، يجعل أي مشروع إنمائي، وإن كان تزفيت طريق، يلقى صدى إيجابياً، وأن وضع أفكار جدّية تمهيداً لتطبيقها متعلق بمقاربة العمل السياسي
فيها في هذه المرحلة، وتفعيلها وصولاً إلى استحقاق 2013، أمران من شأنهما قلب المعطيات فيها رأساً على عقب. وهم يعرفون أن أبناء الشمال عموماً اعتادوا الوقوف
إلى جانب السلطة، فكيف إذا كانت على مرمى حجر منهم.

الاخبار

No comments:

Post a Comment