Friday, July 29, 2011

انسجام كبير بين «جنرال بعبدا» و«الجنرال الكاره للسياسة»ميشال عون ومروان شربل: «فاولات» ومساكنة.. إلا إذا
شربل
ملاك عقيل
بسرعة قياسية، اطلقت الرابية صفارة الانذار الأولى بوجه «جنرال الداخلية». وفيما كان من المفترض ان يلعب مروان شربل دورا اساسيا في تقريب المسافات بين جنرالي
بعبدا والرابية، اصبح بحاجة الى «شيخ صلح» يعيد تثبيت اعمدة الثقة بينه وبين العماد ميشال عون.
يقول العونيون أن وزير «الحصة المشتركة» مع رئيس الجمهورية، ارتكب سلسلة «فاولات» اوجبت رفع البطاقة الصفراء. يشعر العماد ميشال عون بشيء من الاستفزاز. فالوزير
الذي لم يكن ليدخل الصنائع الا «بختم» الرابية يتصرف على أساس ان «صديقه العزيز»، مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، هو «أشرف الناس».
برضى وتنسيق مباشر بين عون والنائب زياد اسود مرّر الاخير ما يجب تمريره في الاعلام كي تصل رسالة الرابية الى مروان شربل. وبدلا من ان يرفع الأخير، سماعة الهاتف
ليعاتب اسود او «معلّمه»، فضّل عرض شكواه امام وزير الطاقة جبران باسيل. ولأن كلام زياد اسود «لم يكن زلّة لسان»، لم يسمع المتصل وجهة نظر مغايرة لما ادلى به
نائب جزين...
استتبع المشهد المتوتر بموقف حاسم من «جنرال الرابية» في اجتماع تكتل التغيير والاصلاح الاخير بقوله ان «المخالفات التي ارتكبها اشرف ريفي تجعل منه غير كفوء
لممارسة مهامه في قوى الامن، ومن يغطي هذه المخالفات لا يريد ان تسير الدولة ومؤسساتها».
بدا التصعيد العوني ردا مباشرا على «غزل» شربل المستمر بأداء ريفي، والذي توّج بالقبلة التي طبعها على وجهه أمام السفارة الفرنسية في بيروت، بعد الافراج عن
الاستونيين السبعة، والاهم انه جاء ليهدّم «قناعات» الوزير بالمدير العام. فالاول ربط، بشكل لا لبس به، التحديات التي تواجه وزارة الداخلية بـ«مساعدة» اللواء
ريفي، وفي مقدمتها قانون الانتخابات واعداد قانون اللامركزية الادارية واعادة الثقة بالمؤسسات الامنية التابعة لقوى الامن الداخلي. كل ذلك بعد ان حدّد شربل
علنا موقفه من الضابط المتفاخر بانتمائه الى خط 14 آذار: هو «آدمي» ومن افضّل الضباط الذين يلتزمون بالقانون ويحترم المؤسسة الامنية التي يعمل فيها كمدير عام،
وهناك مودة خاصة بيني وبينه، ولن احاسبه، كما لن احاسب اي شخص الا بدءأ من لحظة تسلّمي مهامي».
قبل ان يدخل مروان شربل مكتب أمّ الوزارات السيادية في الصنائع، كان كبار طبّاخي التشكيلة الحكومية يشيدون بالعميد المتقاعد، ضابط المغاوير السابق، ويضعون النقاط
على حروف شخصيته العسكرية الصلبة. عارفو الوزير يجزمون بانه «سيُتّعِب» كل من يعمل معه بذهنية التوافق على حساب القانون، وسيريح كثيرا من يفهم سلفا بان شربل،
الوزير التوافقي، لن يسمح للامن ان يكون بالتوافق.
يدلّل المقربون من شربل بالاصبع الى احد اهم «الثوابت» التي اعلنها صراحة وزير الداخلية في الوقت نفسه الذي كان يشيد فيه بأداء ريفي، وذلك حين اكد انه لن يسمح
لا لـ«تيار المستقبل» ولا لأي حزب آخر او مرجعية سياسية ان تفرض دفتر شروطها على مؤسسة قوى الامن الداخلي. ويدعون الى رصد أداء الوزير في تعيينات مجلس القيادة
وتشكيلات الضباط ومواكبة ولادة قانون الانتخاب... ويتوقفون عند بعض التفاصيل المعبّرة ومنها ان شربل عندما يقول بان المدير العام بحاجة الى اذن من وزير الداخلية
للادلاء باي تصريح سياسي فهو يعني ما يقول، وخلاف ذلك سيؤدي الى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحقه. واستطرادا في عهد مروان شربل لن نرى صور مدير عام قوى
الامن الداخلي تروّج لـ«المؤامرة ضد الضابط»، وان اي ترتيبات امنية على الارض لن تتمّ من وراء ظهر وزير الداخلية.
الأمور اكثر من واضحة في ذهن وزير الداخلية، لكن يبدو ان ثمة ارتباكا ظلّل بداية ورشة التنسيق والتواصل بين الرابية والصنائع، في مقابل الانسجام الملفت للانتباه
بينه وبين سيد بعبدا. الاشكال مع النائب اسود ليس اول العنقود ولن يكون آخره. ثمة من يهمس من العونيين قائلا «لقد عيّن شربل وزيرا للداخلية بعد ان قبل العماد
عون بالتسوية كاحد الخيارات المطروحة، وبعد ان تمّ التوافق معه مسبقا على العناوين العامة العريضة لعمل الوزارة في المرحلة المقبلة. ومع علمنا بان عائلة مروان
شربل وبيئته هي عونية بامتياز، فاننا ندرك ايضا بانه اقرب الى رئيس الجمهورية... البداية ليست مشجعة، و«الامور ما فيها تكفّي هيك»، لذلك فان تصحيح المسار مطلوب
وبالحاح».
يقول أحد المتابعين لملف التأليف الحكومي أن الرئيس نجيب ميقاتي عرض على رئيس الجمهورية خلال مرحلة التأليف أن يدرج اسماء ضباط يعتقد أنهم يمكن أن يكونوا توافقيين،
وكان بينهم اسم مروان شربل، وعندما أصر العماد عون على التسمية وأن يوافق لاحقا رئيس الجمهورية، صديق الجنرال المتقاعد في رياضة المشي، على الاسم، قدم «جنرال
الرابية» لائحة لميقاتي الذي فوجئ بأن الاسم الذي طرحه سليمان ورد في لائحة الرابية.. ومن هنا جاءت «التخريجة».
وفيما رسم شربل خارطة طريق لمصير اللواء ريفي «الذي جاء بمرسوم ويذهب بمرسوم» يوقّع عليه وزير الداخلية الى جانب توقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة على ان يبقى
التعاون قائما معه حتى إشعار آخر، فان العماد عون نفسه ليس بعيدا عن هذا التوصيف. يدرك جنرال الرابية، ورغم موقفه التصعيدي الاخير، بان ازاحة مدير عام قوى الامن
الداخلي يحتاج الى اجماع داخل مجلس الوزراء ليس متوافرا، لكن ذلك لن يمنع «جوقة الرابية» من رفع الصوت في كل مرة يمرّر فيها وزير الداخلية «جرعات منشّطة» للواء
المغضوب عليه عونيا، كما على لصيقه العقيد وسام الحسن.
«بوجود الالغام هناك لذة في العمل». الشعار يعود لوزير الداخلية، لكن التطبيق فرض، باكرا جدا، على البعض وضع ميزان «الصح والغلط» في ما يتعلق بأداء مروان شربل،
منطلقين من اعتبار ان حماية المؤسسة الامنية من التدخلات السياسية لا تكون الا عبر «السياسة اللينة». هو الواقع نفسه الذي قاد كثيرين الى استدراك خطأ محاربة
«نهج زياد بارود» في الداخلية.
هنا تصبح المقارنة شبه دائمة. رجل المجتمع المدني المسيّس بامتياز مقابل العسكري الصارم الذي «يكره السياسة». نعم مروان شربل يكره السياسة. هو الموقف المثير
للجدل الذي واكب خطوته الاولى نحو وزارة الوزارات في الصنائع، حيث سبقه اليها بعد الطائف الياس الخازن وسامي الخطيب وميشال المر وسليمان فرنجية وحسن السبع واحمد
فتفت والياس المر وزياد بارود.
ربما، يكون «الخيار العسكري» هو الاسلم لوزارة تحتاج الى قبضة حديدية. وثمة من يجزم بان الوقت كفيل باقناع المشككين بان شربل هو الرجل المناسب في المكان المناسب.
لكن في الانتظار، ضابط المغاوير الذي يكره السياسة استفز كثيرين حين تحدث بلغة العارف بان الاحداث الامنية التي شهدتها طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة تزامنت
«صدفة» مع زيارة الرئيس نجيب ميقاتي الى المنطقة، وبان احداثا من هذا النوع لن تتكرّر، وبان «فرع المعلومات»، الذي لا يوافق على الغائه في الوقت الحالي، ليس
متورطا بتوزيع الاسلحة «لأن اجهزة الوزارة هي المولجة بمصادرة السلاح والذخيرة»، وبان ما يحصل في قوى الامن «ليس تجاوزات انما تدخلات»، وان عمر ازمة لاسا بضعة
ايام، وان الدولة «بأم اجهزتها وابيها» واكبت من بعيد عملية اطلاق الاستونيين السبعة حفاظا على سلامتهم، وبان الوزير العسكري «مش مربوط بحدا» وان كان لسان حاله
بان الفضل الكبير في تسميته يعود لرئيس الجمهورية ولثقة الناس به...
اكثر ما يستفزّ راصدي اداء مروان شربل ولعه بالظهور الاعلامي، واطلاقه أحكاما مسبقة في ملفات لم يتسن له الوقت الكافي للاطلاع عليها... رغم ذلك، ما يزال هؤلاء
يعوّلون على تمسّك مروان شربل بتطبيق القانون. ولذلك سيلحقون «الوزير التوافقي»، الى باب الدار. وهو القائل بانه سيبدأ عهد القانون من داخل منزله بدءا من ابنه
سامر الذي «لن يحصل على «فيميه» لسيارته ولن يتجاوز السرعة المسموحة.

No comments:

Post a Comment