Thursday, July 28, 2011

انهيار الاقتصاد الإيراني يقوض خصمي أميركا في الشرق الأوسطهكذا يتم كسر جدار إيران ـ سوريا ـ «حزب الله»
جنان جمعاوي

كتب الكاتب الايراني ـ الأميركي حسين عسكري مقالة في دورية «ناشيونال انترست»، بعنوان «هكذا يتم كسر جدار إيران ـ سوريا ـ حزب الله»، يتطرق فيها الى طريقة مقاربة
صناع القرار الأميركيين لهذا التحالف الثلاثي، وصولا الى محاولة تفكيكه من خلال ضرب أحد الأعمدة الثلاثة، بحيث يصبح الانهيار حتميا.
يذكر أن حسين عسكري هو باحث إيراني يعمل أستاذا في الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن. عمل لمدة عامين ونصف عام في المجلس التنفيذي في صندوق النقد الدولي،
وكان مستشارا خاصا لوزير المالية السعودي. بين العامين 1990 و1991، طلبت منه حكومتا إيران والسعودية العمل كوسيط لترميم العلاقات الدبلوماسية بينهما. في العام
1992، طلب منه أمير الكويت التوسط بينها وبين إيران.
وفي ما يلي النص الحرفي الكامل لمقالة عسكري:
«العلاقات بين إيران وسوريا و«حزب الله» طويلة الأمد ولا جدال في ذلك، لكن صناع القرار الأميركيين يفشلون على نحو استثنائي في ربط النقاط وممارسة الضغوط على
كل الأطراف معا. فإذا سقط النظام في طهران، سيصبح نظام بشار الأسد معزولا ومجبرا على التوصل إلى تسوية مع أشقائه العرب ومع الولايات المتحدة أيضا. وإذا سقط
الأسد، فإن الملالي في إيران سيواجهون العقبات الكبيرة في طريق دعمهم لـ«حزب الله». ومع سقوط الملالي او الأسد، فإن أيام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن
نصرالله ستصبح معدودة، وإذا ما سقط الاثنان فإن أيامه... ستنتهي.
فهل اغتنمت واشنطن الفرصة لكي تدع الكرة تتدحرج وتكبر، عبر فرض الضغوط على كل هؤلاء الخصوم في الوقت عينه عندما سنحت لها؟ والجواب هو كلا.
لنبدأ بإيران. العلاقات مع الأسد و«حزب الله» مهمة بالنسبة للملالي، ولكن مصيرهم يعتمد بشكل مباشر على ثروات إيران الاقتصادية وحساسياتها. وهذه حقيقة لا يبدو
ان الولايات المتحدة قد أدركتها. وفيما تخلت واشنطن، عن صواب، عن الخيار العسكري ضد طهران وركزت عوضا عن ذلك على العقوبات الاقتصادية، فإنها لم تنفذ خيار العقوبات
الذي قد يدفع الملالي بفاعلية إلى الخضوع او الانهيار. بمعنى، يتعين أن تؤدي العقوبات الى أن يشعر النظام بما يكفي من الألم لإرغامه على التغيير لخشيته من السقوط
بفعل ثورة شعبية. القليل هنا والقليل هناك لا ينفع الا في التسبب بمعاناة لا طائل منها ولا نتيجة جوهرية لها. إيران تحتاج الى التبادلات الأجنبية لتمويل وارداتها
وتعزيز عملتها. وعليه، فإن كعب أخيل الإيراني يكمن في أسعار نفط أدنى، واستهلاك محلي للطاقة أعلى (بمعنى تقليص الكميات المتوفرة للتصدير) ومزيد من الطلب على
المكاسب والاحتياطات بالعملة الأجنبية، المحدودة أصلا.
ما الذي يتعين على أميركا ان تقوم به لتستغل هذه الخاصرة الهشة؟ يتعين ان يكون التركيز على منع الاستثمار الأجنبي في إيران، وزيادة التكاليف على الواردات الإيرانية
وتصعيد طلب القطاع الخاص على العملة الأجنبية، وتحديدا تشجيع رجال الأعمال على إخراج الأموال خارج إيران.
سبق لواشنطن ان تبنت بعض هذه السياسات ما نجم عنه المزيد من القيود على التبادلات الأجنبية. وأحدث مثالين على ذلك: عجز الصين والهند عن الدفع لإيران بالدولار
لقاء وارداتهما من النفط؛ وتراجع سعر الريال الإيراني.
كان بإمكان واشنطن أن تقوم بأفضل من ذلك. عليها أن تقنع مصدري النفط، وخاصة السعودية والإمارات والكويت بزيادة صادراتها وتخطي «الكوتا» المفروضة من قبل منظمة
«اوبك»، بغية خفض أسعار النفط. من هذا المنطلق، أخطأ بعض الخبراء الأميركيين المرموقين حين لقّبوا العقوبات على البنزين في إيران بأنها «أم كل العقوبات». هو
لقب سخيف بنتائج عكسية. فالعقوبات على البنزين سمحت للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد بالقيام بما خشي اثنان من أسلافه القيام به، وهو تقليص استهلاك إيران من
البنزين وبالتالي زيادة التبادلات الأجنبية المتوفرة للنظام.
وفي الوقت عينه، لم تفرض الولايات المتحدة العقوبات على المصرف المركزي في إيران، ما كان سيؤدي إلى رفع الكلفة على الواردات الإيرانية وفرض مزيد من القيود على
المكاسب من التبادلات الأجنبية. كما لم تنفذ واشنطن السياسات التي تعجل من هروب رؤوس الأموال من إيران.
انهيار الاقتصاد الإيراني لا يضع مصير النظام على المحك فحسب، وإنما يعدم قدرة طهران على دعم سوريا وحزب الله، ما يقوض خصمين للولايات المتحدة.
الان، وفيما يهدد الربيع العربي نظام الأسد، منحت الولايات المتحدة، في البداية، دعمها للدكتاتور السوري، مجادلة في السر ان سقوط الأسد يزيد من الاضطراب في
المنطقة والتوترات الحدودية مع إسرائيل. هذا الرياء المتمثل في دعم أنظمة قمعية في الرياض والمنامة ودمشق ثم المجاهرة بدعم حقوق الإنسان والقيم الديموقراطية
يقوض مصداقية الولايات المتحدة ونفوذها في الشرق الأوسط وأبعد. هكذا لم تفكر إدارة اوباما أبعد من انفها. فهل بإمكانكم ان تتخيلوا ما قد يفعله سقوط الأسد بالملالي
وبـ«حزب الله»؟ إخفاقات واشنطن منحت الأسد وقتا قيما، سمح لإيران بحشد الدعم لحليفها العربي وتزويده بالمعلومات الاستخباراتية وبالعديد والعتاد لقمع التظاهرات
وبالمساعدات المالية التي يحتاجها بشدة.
ثمة أمر واحد أكيد: في حال تمت الإطاحة بالأسد، لن ينسى المتظاهرون والنظام الجديد في دمشق الدعم الذي قدمته طهران لقمعهم الوحشي. ستُعزل طهران، وستصبح أقل
قدرة على بسط نفوذها إقليميا وستصبح أكثر قلقا حيال محيطها الجديد. اما «حزب الله» فسيصبح معلقا.
حزب الله بالذات هو الجانب الذي لا تملك الولايات المتحدة حياله الا نفوذا مباشرا ضئيلا. النظام في طهران يحتاج إلى «حزب الله» لبسط نفوذه خارج الخليج ولتهديد
مصالح الولايات المتحدة في المنطقة الأوسع. وسيقوم الملالي بما في وسعهم لدعم الأسد و«حزب الله»، فمن دون تعاونهما المتبادل، ستتقلص منزلة طهران ولن تمثل تهديدا
كبيرا للمصالح الأميركية. وطالما ان إيران وسوريا تدعمان نصرالله، فلن يكون بمقدور الولايات المتحدة مواجهة «حزب الله» وإضعافه. ولكن ما ان تتخليا عنه، ستصبح
دول الخليج والأميركيون في موقع يمكنهم من منح «حزب الله» صفعة تهدد وجوده.
قد يكون متأخرا العمل على جبهتين لوضع الأسد والملالي، وإلى حد ما «حزب الله»، على المحك. لكن هذه الدول ليست عصية على التفكيك والعزل بفاعلية.

No comments:

Post a Comment