Thursday, August 25, 2011

> تأجيل جلستي الحكومة والبرلمان والمعارضة على الكوع

تأجيل جلستي الحكومة والبرلمان والمعارضة على الكوع
تأجلت الجلسة التشريعية فاجتمع نواب المعارضة في المطعم (مروان طحطح)

منذ تأليف الحكومة الجديدة كثر الحديث عن ورشة عمل حكومي وبرلماني، وعن التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. التنسيق حصل فعلاً أمس، بطريقة لم تخطر على
بال أحد، فطارت جلستا مجلسي الوزراء والنواب بقرار واحد. والمعارضة كانت حاضرة لتطالب بإسقاط الحكومة
ماذا يجري في البلد، وما حكاية التحفظ الجنبلاطي على خطة الكهرباء؟ كيف ينام اللبنانيون على أمل إقرار مشروع تنوير بيوتهم، صباح أمس، ليستفيقوا على «سوبر ميني»
جلسة حكومية جدول أعمالها الوحيد هو: تأجيل الجلسة لمدة أسبوعين، والاتفاق على تطيير نصاب الجلسة التشريعية في ساحة النجمة، وكل ذلك بحجة خوف ثلاثي من: تفجير
الحكومة، تطيير الأكثرية الحالية، انتقال «التوتر العالي» من الحكومة إلى مجلس النواب... فهل هناك من يسعى إلى هذه الأهداف الثلاثة، ولماذا؟

ما حصل أمس كان قياسياً بكل المعايير؛ إذ اتُّفق في دقائق على تأجيل جلستي بعبدا والبرلمان، والمعطيات التي فرضت ذلك، تلخصها رواية مشتركة لمصادر وزارية متنوعة،
عرضت مجريات ملف خطة الكهرباء في الساعات الفاصلة ما بين جلستي الحكومة بعد ظهر أول من أمس في بيت الدين، وصباح أمس في قصر بعبدا. ففي الجلسة الأولى، تقول المصادر،
حصل نقاش مستفيض للخطة، والوزير جبران باسيل كان يجيب عن أسئلة الوزراء ورئيسي الجمهورية والحكومة، وأدى هذا النقاش إلى التوافق على كل القضايا التقنية والإدارية
والقانونية (الهيئة الناظمة، القانون 462، استخدام الغاز...).
تتابع المصادر: وصل النقاش إلى خواتيمه، وظن بعض الوزراء أنه بات بالإمكان تصديق المشروع بالإجماع. لكن فجأة، أثار الوزير غازي العريضي مسألة إدارة المنشآت
المنوي بناؤها. لم يفهم بعض الوزراء ما طرحه وزير الأشغال العامة الذي كان للتو قد حصل على موافقة من مجلس الوزراء للحصول على اعتمادات تصل قيمتها إلى 225 مليار
ليرة. أوضح العريضي موقفه، مؤكداً أن تحفظه على بند إدارة المنشآت، شخصي وليس له أي طابع سياسي. بناءً على هذا التوضيح، طرح الوزير علي حسن خليل فكرة إقرار
المشروع، على أن يسجل العريضي تحفظه. وافق الوزراء، بمن فيهم الوزيران وائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو، زميلا العريضي في جبهة النضال الوطني. وما إن بوشر بكتابة
نص القرار، حتى استدرك أبو فاعور أمراً ما، فتوجه إلى رئيس الجمهورية مطالباً بتأجيل بحث الموضوع. وأمام إثارة مسألة التأجيل، اقترح الوزير محمد فنيش أن يكون
التأجيل إلى ما بعد الإفطار في الليلة ذاتها، فرفض العريضي هذا العرض، وسانده في رفضه وزير الاقتصاد نقولا نحاس، عندها عرض رئيس الجمهورية عقد جلسة صباح اليوم
التالي (أمس)، ليقر خلالها المشروع قبل جلسة مجلس النواب.
وتحضيراً للجلسة المقررة صباح أمس، حاول حزب الله وحركة أمل، ليلاً، الدخول على خط تقريب وجهات النظر، إلا أن التواصل مع النائب وليد جنبلاط لم يحصل؛ «لأنه
كان نائماً»، مع أن محاولة الاتصال جرت عند الحادية عشرة والنصف ليلاً.
ومع بدء توافد الوزراء إلى قصر بعبدا أمس، عقد رئيسا الجمهورية والحكومة خلوة يبدو أنهما اتفقا فيها على بذل محاولات جديدة لإنقاذ الجلسة، فاستدعي إلى الاجتماع
الثنائي وزراء من مختلف الكتل، ثم اتسعت المشاورات وتوزعت الاجتماعات على غرف القصر، إلا أن كل ذلك لم يؤد إلى نتيجة؛ لأن جنبلاط ـــــ بحسب المصادر ـــــ متمسك
بموقفه الرافض لإقرار خطة الكهرباء. فبدأ درس خيار عقد الجلسة والتصويت على المشروع ثم إحالته على مجلس النواب، علماً بأن أوساط الرئيس نجيب ميقاتي أكدت أنه
سيعلن تحفظه «تضامناً مع جنبلاط»، لكن برزت هنا عقدة جديدة، هي أن عدم تصويت وزراء جنبلاط إلى جانب المشروع كان سيؤدي إلى سقوطه، مع ما يعنيه ذلك من تفجير للحكومة
والأكثرية النيابية معاً. أجري أكثر من اتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يرفض أن تنقل كرة النار من الحكومة إلى المجلس. وبعد مشاورات بين مختلف الأفرقاء،
جرى التوصل إلى اتفاق على عقد الجلسة، على أن تقتصر على كلمة لرئيس الجمهورية ثم إعلان تأجيل الجلسة إلى 7 أيلول، وفي هذا الوقت، يعلن بري تأجيل الجلسة التشريعية
لغياب النصاب. وبادر ميقاتي إلى الاتصال بالعماد ميشال عون، لوضعه في صورة ما يجري، وكان جو الاتصال إيجابياً.
وبالفعل، انعقدت الجلسة الحكومية، لـ10 أو 15 دقيقة هي المدة التي استغرقتها كلمتان مختصرتان لرئيسي الجمهورية والحكومة، حيث اكتفى الأول بتأكيد «اتفاق الجميع
على مسلمتين اثنتين: إيجاد علاج لأزمة الكهرباء عبر خطة متوافق عليها بين الجميع، وإبعاد هذا الأمر عن التجاذبات والمزايدات السياسية والعمل بموجب مبدأ التضامن
الوزاري». ثم تحدث ميقاتي فشدد أيضاً «على هذين المبدأين»، وقال إن الأيام القليلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للمشاورات «للوصول إلى خلاصة مشتركة بشأن خطة الكهرباء».
وإذ رفض جنبلاط في اتصال مع «الأخبار»، التعليق على الموضوع، لخصت مصادر سياسية رفيعة من الأكثرية، أسباب ما يجري، بالقول إن باسيل، «بغض النظر عن التقديم السيئ
لمشروعه في البداية، عاد وسحب كل الذرائع من أمام الجميع. لكن النائب جنبلاط أراد توجيه رسالة مزدوجة: من جهة أولى، أراد مناكفة النائب عون والقول له إنه لن
يخضع لتهديداته، وخاصة أن عون تعمد خلال الأسابيع الماضية توجيه أكثر من انتقاد لجنبلاط. ومن ناحية أخرى، أراد جنبلاط إعادة تعزيز موقعه كبيضة قبان في الحياة
السياسية اللبنانية، موجهاً بذلك أيضاً رسالة لفريقي 8 آذار و14 آذار». ورأت هذه المصادر أن جنبلاط «حقق نصراً مبدئياً على عون، وبالتالي، صار بالإمكان التحاور
معه الآن، للتوصل إلى حل لقضية الكهرباء»، مضيفة أن ميقاتي مرتاح لكون جنبلاط يخوض المعركة مع عون نيابة عنه، وهو يريد من وراء ذلك «إعادة ضبط العمل في الحكومة
على إيقاع لا يكون عون المتحكم الأول فيه». وختمت بالقول إنه منذ الآن وحتى 7 أيلول، لن تترك الأمور على حالها، بل إن المشاورات بدأت ويتولاها على نحو خاص الوزير
خليل والحاج حسين الخليل، اللذان سيلتقيان جنبلاط.
أما في ما خص رد فعل عون الذي كان يهدد بسحب وزرائه من الحكومة في حال عدم إقرار الخطة، فعلم أنه لن يعلن أي موقف حالياً، لاعتبارين أولهما أن البلد مقبل على
فترة عيد، والثاني أن ما يجري مع خطة الكهرباء شبيه بما حصل مع ملف شهود الزور في الحكومة السابقة، بمعنى أن الجلسات المقبلة للحكومة ستكون تحت عنوان «خطة الكهرباء
أولاً» أو لا بحث في أي أمور أخرى.
وقد حضر حديث عون أول من أمس عن الكرامات، في كلام الوزير وائل أبو فاعور بعد الجلسة الحكومية المختصرة؛ إذ حاول تبسيط الموقف من خطة الكهرباء بالقول إن القضية
ليست سياسية «وليست قضية كرامات لهذا الفريق ولذاك، هذه قضية تقنية»، وأضاف: «نحن حرصاء على كرامات الجميع، وفي مقدمهم العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر».
ورأى أنّ على الجميع اعتماد «منطق فتح المجال للنقاش، وليس إما يكون ما نريد أو لا يكون حكومة أو لا يكون اتفاق». ولخص ما حصل أمس بأن «الجميع تراجع خطوة إلى
الوراء لإعطاء مزيد من الوقت لنقاش علمي وموضوعي وليس أكثر من ذلك». مع الإشارة إلى أنه كان قد قال قبيل الجلسة إنه «يجب أن ينتهي النقاش اليوم، وسيكون لنا
رأي في إدارة الخطة، ولن نعطل».
لا حكومة ولا مجلس
وإذا كانت جلسة الحكومة قد انعقدت، ولو لإعلان التأجيل فقط، فإن الجلسة التشريعية، جاء إعلانها ببيان مقتضب تلاه الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، وفيه
أن «الحكومة كانت ممثلة بالوزير نقولا فتوش، وعند بدء الجلسة واحتساب النصاب القانوني تبين وجود 52 نائباً، عندها بدأ النواب بمغادرة القاعة».
تولي ضاهر إعلان التأجيل، وذكر الحكومة في البيان، أثارا اعتراض نواب المعارضة الذين قرأوا في البيان أن سبب عدم انعقاد الجلسة هو غياب الحكومة، من دون أن يتوقف
البعض منهم عند فقدان النصاب. فما إن فرغ ضاهر من تلاوة السطرين، حتى صرخ النائب مروان حمادة: «الحكومة ساقطة»، وعقب النائب أحمد فتفت بالقول: «هناك دول فاشلة
وهذه الحكومة فاشلة»، وأكمل النائب روبير غانم: «لا يمكن أن نسجل سابقة أنه بغياب الحكومة لا يمكن أن نشرع»، وقال النائب سيرج طورسركيسيان: «الأكبر سناً أو
عضو في هيئة المكتب يقول إذا كانت الجلسة ماشية أو غير ماشية». فرد ضاهر: «أنا مكلف من الرئيس بري».
وبعدما أكد بري للنواب إرجاء الجلسة من دون تحديد الموعد المقبل، توزع الحاضرون على لقاءات جانبية في الصالون المجاور للقاعة العامة، فيما التقى نواب 14 آذار
في أحد مطاعم ساحة النجمة. ولاحقاً وصل ميقاتي إلى المجلس واجتمع مع بري، وانضم إليهما لاحقاً الوزير علي حسن خليل. وبعد اللقاء نفى ميقاتي وجود خطر على الحكومة،
مؤكداً أن التضامن الوزاري كامل، وقال: «الحكومة شكلت لخدمة الناس والبلد، وما دامت تقوم بهذه الخدمة فهي موجودة ومتضامنة». ومساءً غادر رئيس الحكومة إلى السعودية
لأداء مناسك العمرة.
وقبل مغادرتهم ساحة النجمة، تساجل عدد من النواب بالتصريحات، ورأى عدد منهم في التأجيلين فرصة لتسجيل نقاط على الحكومة التي اتهمها حمادة بتسجيل رقم قياسي «في
التعثر والارتباك والارتكاب والمخالفة»، وقال للحكومة وأعضائها: فترة السماح انتهت «فنصيحتي أن ترحلوا قبل سقوط الحصن الأخير، باب عزيزية هذه الحكومة». واتهم
طورسركيسيان «الفريق الآخر» بتعطيل النصاب، معلناً رفضه لأن «يدخل البلد في مرحلة تصريف أعمال». في المقابل، رأى النائب إبراهيم كنعان أن من عطل الجلستين «هو
من لا يريد الكهرباء ومن خلالها الإصلاح»، وقال: «المسألة ليست مسألة نصاب، العملية ليست باب العزيزية كما ذكر البعض، بل هي باب الكهرباء وعملية إصلاحية من
الأمن إلى القضاء إلى مالية الدولة».
وإذ رأى النائب محمد قباني أن «المدخل لأي حل لموضوع الكهرباء هو الالتزام بقانون الكهرباء 462 الذي صدر عام 2002»، رد النائب نبيل نقولا سائلاً: «ما دام القانون
462 صدر عام 2002 وأصبحنا اليوم على أبواب 2012، فلماذا لم يطبقوا هذا القانون عندما كانت الحكومات بقيادتهم؟». فيما نسب النائب هادي حبيش إلى الأمين العام
لمجلس النواب قوله «إن الجلسة لم تعقد لأن الحكومة لم تحضر»، لينطلق من ذلك إلى اتهام أطراف الأكثرية بأنه إذا كانت مصلحتهم أن تعقد الجلسات «في ظل غياب الحكومة
تعقد، وإذا كانت مصلحتهم ألا تعقد في غياب الحكومة لا تعقد».
ومن بين كل اجتماعات ومواقف ساحة النجمة، برز اجتماع كتلة نواب عكار التي أصدرت بياناً لم تتطرق فيه إلى تأجيل الجلستين ولا إلى موضوع الكهرباء التي يعاني أبناء
منطقتهم من انقطاعها المتكرر، بل ركزت على نقطة واحدة هي الهجوم على وزير الدفاع فايز غصن الذي ذكر أول من أمس في معرض استغرابه لتناول النائب خالد ضاهر للجيش
وقيادته، أن مرافق ضاهر «ضبط وهو يقوم بتنظيف سلاحه الفردي بعد استخدامه في حادث إطلاق النار على الصائمين» في بلدة عيات.
وقد رأت الكتلة أن كلام غصن «مستغرب ومرفوض ومستهجن حيث لا يحق لأحد مهما علا شأنه أن يستبق التحقيقات ويتهم مواطنين أبرياء»، وطالبته «بإعادة النظر بتصريحه؛
لأن كرامات الناس وسمعتهم ليست سلعة يتصرف بها وزير الدفاع أو سواه، علماً بأن معاليه كان عليه أن يطلع على إفادات الموقوفين ونتيجة التحقيقات التي أظهرت لغاية
الآن عدم علمهم ومعرفتهم بما حصل في حادثة عيات».

http://www.al-akhbar.com/
www.al-akhbar.com[1]

No comments:

Post a Comment