Wednesday, August 24, 2011

على ضفاف المشروع الكهربائي المؤجل وصيغة النسبية المقلقةإلى أين تتجه علاقة «الجنرال» بـ«البيك»؟
صورة من الارشيف لعون مستقبلا جنبلاط في الرابية (م. ع. م.)
مارون ناصيف
لم تمر العبارة التي أطلقها وليد جنبلاط، أمس، عبر «السفير» مرور الكرام. قالها بالفم الملآن «مش فارقة معي.. ولا آبه اذا كان موقفي من موضوع الكهرباء سيزعزع
الحلف السياسي القائم. نحن لا نخضع لمنطق التهديد والابتزاز الذي يستخدم معنا على قاعدة اما أن تسيروا بما نريده واما الويل والثبور وعظائم الأمور».
لم يقرأ العونيون شيئا الا جملة وليد جنبلاط. الرسالة واضحة أنا ونجيب ميقاتي ومحمد الصفدي ونقولا فتوش وميشال سليمان مفتاح الأكثرية الجديدة. ولولا هؤلاء مجتمعين
لما كان ممكنا لا تكليف ميقاتي ولا تشكيل حكومة جديدة.. ينطبق الأمر نفسه على استمرارية الحكومة. الابتزاز مرفوض وهناك أسئلة ونحتاج الى أجوبة مقنعة عليها..
وحتى الآن لم يقنعنا جبران باسيل بما قدمه، وهذا الأمر يسري أيضا على مشاريع أخرى ربما تناقشها الحكومة مستقبلا كما مجلس النواب ولا يجوز أن نستمر بهذه العقلية،
فاما أن نكون شركاء او لا نكون.
انعكس الخطاب الجنبلاطي نقزة واضحة لدى النواب العونيين الذين لم يحاول بعضهم معرفة ما جرى في الساعات الفاصلة بين رفع جلسة مجلس الوزراء في بيت الدين واعلان
التأجيل حتى السابع من أيلول المقبل، خاصة وأن ساعات الليل حفلت باتصالات استمرت حتى ساعة متأخرة ليلا، في موازاة «ليالي القدر» التي يستمر إحياؤها حتى الفجر.
وبين عدم الإتفاق العوني ـ الجنبلاطي على مشروع الكهرباء، بدءا من الجلسة النيابية الشهيرة قبل حوالي أكثر من أسبوعين، وصولا الى فقدان نصاب جلسة المجلس التشريعية
أمس، توضع علاقة العماد ميشال عون بالنائب وليد جنبلاط مجددا على مجهر البحث والتحليل.
ولا يخفى على أحد أن التوجه الجنبلاطي الكهربائي، ليس مفصولا عن تبني معظم المشاركين في اجتماع الديمان المسيحي الأخير، قانون النسبية الإنتخابي، ذلك أن وليد
جنبلاط كان يراهن تحديدا على مبادرة ميشال عون الى أخذ هواجسه في الحسبان مثلما هو واجب عليه أخذ الهواجس المسيحية في الحسبان، خاصة اذا جمعهما قطار الانتخابات
في العام 2013.
وما بين محطتي الكهرباء والنسبية، تساؤلات كثيرة حيال ما أنجزته هذه العلاقة الجتبلاطية ـ البرتقالية المستجدة، والتي إنطلقت شراراتها الأولى في 25 تشرين الثاني
2009 يوم رعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان مصالحة بعبدا، وما سيكون مصيرها بين الزعيمين المسيحي والدرزي.
عند استعادة الماضي القريب، يجمع العونيون والإشتراكيون على نجاح كل المحطات التي جمعت «الجنرال» و«البيك» منذ العام 2009، بدءًا بزيارة زعيم المختارة الرابيه
في 11 كانون الثاني 2010، وبعدها رد الزيارة من قبل رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» الى المختاره في 20 شباط من العام عينه، وبينهما توقيع ورقة العمل المشتركة
بين «التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الإشتراكي في 25 كانون الثاني 2010، وصولاً الى رحلة الساعات الأربع في الطائرة عينها الى العاصمة الفرنسية في تشرين
الثاني الماضي، ليدبر بعدها لقاء آخر في مطلع العام 2011 في منزل الصديق المشترك المهندس عاصم سلام خلال مرحلة تشكيل الحكومة الميقاتية.
هذه النجاحات التي يتحدث عنها الفريقان، في المرحلة السابقة للملف الكهربائي، لم تتخط يوماً الحدود التي رسمت من قبلهما لهذه العلاقة، حتى لو أن ترسيم هذه الحدود
لم يكن يوماً علنياً. لذلك يفضّل الطرفان إستعمال كلمة «جيدة» لا «ممتازة» عندما يريد أحد أن يصف هذه العلاقة الثنائية.
في العناوين السياسية الكبرى، أعطى التفاهم الدرزي ـ المسيحي في الجبل ثماره، وحال الإرتياح في القرى لمسها الفريقان لذلك فـ«التلاقي محسوم وبديهي ما دام جنبلاط
مستمر في موقعه الذي إختاره بعد إنعطافة الثاني من آب» يقول العونيون، «وفي حال إستمر الرجل في موقعه، فالعلاقة بين الرجلين تحتاج الى مزيد من الوقت لترسيخها
على قواعد ثابتة، ولكي يمكننا أن نتحدث عن هذا الثبات، لا بدّ من تثبيت العناوين السياسية المشتركة والقدرات الذاتية لنقاط الإلتقاء بحيث لا تطيحها المتغيرات
الطارئة أو عندما تهب نسمات الداخل والخارج».
أما في الزواريب الضيقة، فتارة يتلاقى العونيون والإشتراكيون على بيان مشترك يرفضان فيه دعوة النائب القواتي جورج عدوان الى استثمار مناسبة عيد المعلم في زواريب
دير القمر، وطوراً يفترقان داخل المجلس النيابي على اقتراح قانون الكهرباء الذي قدمه «الجنرال» ورعاه وزير الطاقة جبران باسيل. وفي هذا الإطار، لا يتخطى زعل
العونيين من نواب الإشتراكي حدود العتب لا أكثر من ذلك، آخذين في الإعتبار أن جنبلاط كان من بين الأوائل الذين سموا نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة وكانت النتيجة
أن فرط بـ«اللقاء الديموقراطي» بعدما تعذر على خمسة من نوابه بلع نتيجة هذه التسمية.
يؤكد الإشتراكيون أنهم عندما اختاروا نجيب ميقاتي رئيسا للحكومة انما فعلوا ذلك عن قناعة مفادها أن هذا الرجل ومعه كل أطياف الوسط، هم ضمانة حماية لبنان في
هذه المرحلة الانتقالية التي يشهدها العالم العربي من المحيط الى الخليج، وبالتالي لن يكون لبنان بمنأى عن تـأثيراتها، وهناك مصلحة للجميع بحماية صيغة الحكم
الحالية، سواء بالإنتاج ضمن الفريق نفسه أو بالابتعاد عن منطق الكيدية في مقاربة الأمور، وخاصة ملف التعيينات الإدارية والأمنية.
بهذا المعنى، يحرص الاشتراكيون على ميشال سليمان ونجيب ميقاتي حرصهم على أنفسهم «وهم لن يتخلوا يوماً عن ميقاتي وسيبذلون قصارى جهدهم لنجاحه حكومته». ويقول
الإشتراكيون «العلاقة قائمة بيننا وبين «التيار الحر» سواء في الحكومة أو المجلس النيابي وعلى مستوى بعض القطاعات برغم الفتور الذي يظهر بين الحين والآخر بين
«البيك» و«الجنرال»، وهنا لا بدّ من الأخذ بعين الإعتبار أن تاريخاً حافلاً بالمعارك بين الرجلين لا يمكن تخطيه دفعة واحدة بل يحتاج الى تنسيق على أكثر من صعيد
كي يتم الوصول الى مرحلة نضوج العلاقة».
على هامش هذا الحد من التعاون بين العونيين والإشتراكيين، ثمة نقاط إختلاف لا تغيب عن هذه العلاقة. وفي هذا الإطار، يعتبر العونيون أن جنبلاط وعلى الرغم من
التنسيق القائم معه حيال ملف المهجرين «لم يقدم الكثير لختم هذا الجرح، من خلال دفع التعويضات لأهلها الحقيقيين». كما أن بعض مناصري «الإشتراكي» في منطقة الشحار
الغربي، ما يزالون يتعاطون مع «قواتيي» المنطقة بالأساليب عينها التي كانت قائمة في زمن التحالف الجنبلاطي مع قوى الرابع عشر من أذار الأمر الذي يثير حفيظة
«البرتقاليين» في هذه المنطقة.
وفي المقلب الجنبلاطي، يعاني الإشتراكيون أحياناً من تصريحات السقوف العالية التي يلجأ اليها «الجنرال» أحياناً ومنها وصفه الرئيس رفيق الحريري بـ«فقيد العائلة»،
الأمر الذي لا يستطيع «البيك» أن يتبناه يوماً خصوصاً انه تزامن مع اللقاء الذي عقده جنبلاط مع رؤساء بلديات ومخاتير إقليم الخروب في اطار محاولاته الدؤوبة
والمستمرة من أجل التواصل مع هذه الشريحة الوازنة في منطقة الشوف، وبالتالي عدم دفع الجمهور السني الى أحضان «المستقبل» رغما عنهم من خلال استفزازه بعناوين
وشعارات مختلفة، علما أن جنبلاط يأخذ في الحسبان أنه بحاجة الى أصوات العونيين مثلما هو بحاجة لأصوات أهل الإقليم في انتخابات العام 2013.
مهاجمة رئيس جبهة النضال الوطني لقانون النسبية الإنتخابي، وضعت العونيين أمام مهمة شبه مستحيلة، كونهم الفريق المسيحي السياسي الوحيد (عدا سيد بكركي الجديد
ورئيس الجمهورية) الذي يستطيع أن يتواصل في هذه المرحلة مع الإشتراكيين للتوصل معهم الى صيغة مشتركة للقانون الإنتخابي... تأخذ بالحسبان رغبة جنبلاط بعدم خسارة
وزنه النيابي الحالي ورغبة العونيين في أن تأتي أكبر نسبة من النواب المسيحيين بأصوات الناخبين المسيحيين أنفسهم.
أما بالنسبة الى التحالف الإنتخابي في العام 2013 بين العونيين والإشتراكيين، وبرغم حاجة جنبلاط الماسة له، يفضل العونيون والإشتراكيون عدم الحديث عنه في هذه
المرحلة ولو أن المجلس النيابي الحالي دخل في النصف الثاني من ولاية السنوات الأربع. وبرأي الفريقين الأولوية في هذه المرحلة للإتفاق على مبدأ القانون الإنتخابي
قبل الكلام على التحالف، علماً أن العونيين والإشتراكيين يعرفون جيداً تركيبة الجبل المسيحية ـ الدرزية ـ السنية، لا سيما في الشوف، ويدركون جيداً أن أي تحالف
بين فريقين من الثلاثة يحسم المعركة الإنتخابية، مع الأخذ في الإعتبار بأن أوساط حليفة للاثنين باتت مقتنعة بأن تحالف جنبلاط مع العونيين كفيل بحسم معركة الشوف
خصوصاً بعدما أثبت «البرتقاليون» خلال دورتين إنتخابيتين سابقتين حجم كتلتهم الناخبة التي تتخطى العشرين ألف صوت في هذه الدائرة.
في هذه الأثناء، لن يتراجع زعيم المختاره عن خيار مغازلة سُنّة الإقليم ليلا ونهارا على قاعدة محاولة تحصيل أكبر نسبة من أصواتهم إلا إذا أراد تيار المستقبل
يوما ما خوض «معركة كسر عضم» مع الزعيم الدرزي.
وإذا كان التنسيق قائما «بالمفرق» على مستوى الصفين الثاني والثالث بين العونيين والإشتراكيين، فان الحاجة واضحة الى لقاء جديد بين «الجنرال» و«البيك»، أقله
لصياغة خارطة طريق الى انتخابات العام 2013 قانونا وتحالفات، وهذا الأمر يقتضي اخراج العلاقة من اطارها الموسمي ووضعها على سكة أكثر ثباتا، ويتمثل ذلك في تشكيل
فريق عوني جنيلاطي مشترك، يضم وجوها من كوادر الشوف وعاليه والمتن الأعلى وحاصبيا وراشيا والبقاع الغربي، حتى يتم نقل المناخات القيادية الى الكوادر الوسطية
والقواعد عند الفريقين، بالاضافة الى شكل تنسيقي يكفل أكبر استفادة ممكنة للفريقين من وجود وزراء لكل منهما في الحكومة الحالية، بدل أن يستفيد فريق 14 آذار
من هذا أو ذاك كما هو الأمر حالياً.

No comments:

Post a Comment