Saturday, August 27, 2011

> نسبة «النسبية» في التناسب الكهربائي

نسبة «النسبية» في التناسب الكهربائي
جان عزيز

من آخر التبريجات بشأن موقف وليد جنبلاط الكهربائي، أنه ورقة خفية للمبازرة في قانون الانتخابات، أو إشارة «تنتيع» أولي في هذا المجال، بعد المنسوب المرتفع لتأييد
النسبية، لكنّ المسألة أكثر تعقيداً في حسابات الأطراف المختلفة. فالمسلّم به أن لأي قانون انتخابي في أي نظام ديموقراطي، وظيفتين اثنتين: أولاً تأمين حُسن
التمثيل الشعبي نيابياً، وثانياً ضمان انبثاق سلطة إجرائية فاعلة على مستوى الحكم تنفيذياً. غير أن الوضع اللبناني مختلف ومتخلف عن تلك القاعدة، كما عن أي قاعدة
ديموقراطية. الهدف الوحيد لقانون الانتخابات عندنا، هو السلطة. ما يجعله هدفاً مزدوجاً، لا بل متناقضاً. فالأكثرية تريد منه حفاظها على أكثريتها، فيما الأقلية
تريده معبراً لتحولها أكثرية. من هذا المنطلق كيف تبدو الحسابات؟
الأكثرية النيابية والحكومية الراهنة محكومة بكيفية حفاظها على أكثريتها إذاً، غير أنها تبدو محكومة باعتبار آخر أيضاً، ألا وهو ضمان المقعد النيابي لرئيس حكومة
هذه الأكثرية، في طرابلس نفسها. وذلك في مواجهة التعبئة الحريرية عددياً ومذهبياً، والثنائية المحور: ضد الشيعة في هيمنتهم على «أهل السنّة» في الداخل، وضد
العلويين في هيمنتهم على «أهل السنّة» أيضاً في سوريا.
من هذين المنطلقين، تميل كفة مكونات الأكثرية الراهنة بغالبيتها، نحو اعتماد النسبية. فلجهة ميشال عون مثلاً، تبدو النسبية قاعدة مثالية. فهو رقمياً أكبر طيف
شعبي مسيحي، مع بعض اختراقات غير مسيحية حتى، ومع انتشار جغرافي يغطي كامل لبنان. وبالتالي فهو المستفيد الأول من قانون كهذا. إذ سيؤمن له ـــــ في الحد الأدنى
ـــــ الحفاظ على مقاعده الراهنة كمحصل نهائي في المجموع، وإنْ مع بعض تبادل بين مقعد هنا وآخر هناك. والأهم أنه سيسمح له بجعل هذه الحصة خاصة له ولتياره الحزبي،
فيتخفف من أثقال بعض التحالفات المفروضة عليه نتيجة القانون السابق، التي غالباً ما ألزمته بمجموعة من الأصنام والمومياوات السياسية، التي يبقيها التخلف السياسي
حية عائلياً ومناطقياً، بفضل بضع مئات من الأصوات، تصير قاتلة في النظام الأكثري.
سليمان فرنجية موافق أيضاً. رغم الحديث عن أن النسبية قد تعرضه لخسارة مقعد في زغرتا. غير أن قبوله بها مفهوم لأسباب كثيرة. فهو أصلاً ليس إلغائياً. ولم يضطر
الى خطوة 2009، إلا من باب رد الاعتبار، كما أن ترك مقعد لخصومه قادر على تفجيرهم، وإعطائه كسباً سياسياً يتخطى قيمة المقعد نفسه، فضلاً عن إمكان تعويضه في
دائرة أخرى.
الشيعة بثنائيتهم، ماشون، علماً أن البعض يثير تحفظات من نوع فتح الباب لعودة «المعارضة الشيعية» إلى ساحة الثنائية المقفلة في الجنوب خصوصاً، أو حتى في البقاع،
لكن الأمر مقبول ومحتمل، إزاء إيجابيات النسبية وطنياً ومستقبلياً.
أما في الأقلية، فالمسألة أكثر تعقيداً. القوات اللبنانية مستفيدة من النسبية، لأسباب شبيهة بأسباب عون. يكفيها حساب «رد التحيات» لجنبلاط في الشوف وعاليه.
فكيف إذا كان مقعد جورج عدوان نفسه «في الدق». والأمر نفسه بالنسبة الى الكتائب. غير أن اعتباراً آخر مطروح ههنا. وهو السؤال الذي يطرحه بعض «الخبثاء»: هل يجرؤ
القواتيون والكتائبيون على الاقتراع لقانون انتخابات يخالف الحسابات الحريرية؟ والسؤال نفسه، يتفرع منه سؤال أكثر تفصيلاً في الحالة الكتائبية، حيث الاعتبار
الحريري يضاف إليه اعتبار مقعد نديم الجميل في الأشرفية، المعرّض للخسارة «نسبياً». وهو عامل معطوف على عامل التنافس الكتائبي «الجمَيلي» الداخلي، يجعل انتظار
الموقفين القواتي والكتائبي من المسألة استحقاقاً لافتاً.
ذلك أن الحسابات الحريرية محسومة في هذا المجال: أي نسبية أو تنسيب أو تناسب، تقضي على الاحتكار الحريري في بيروت والشمال. وحدها الخسارة النسبية في العاصمة،
من أصل 19 مقعداً، غير قابلة للتعويض في أي مكان آخر، لا رقمياً، ولا خصوصاً معنوياً. فكيف إذا كانت النسبية باباً لإنقاذ ميقاتي أو الصفدي في طرابلس؟
بين هذه المواقف المتناقضة، يقف وليد جنبلاط. حساباته الفردية في الشوف وعاليه أكثرية احتكارية مثل حسابات الحريري. فيما مصلحته من ضمن الأكثرية الحكومية، فمع
النسبية. هكذا تفقده النسبية بعضاً من حجمه العددي، لكن الأخطر بالنسبة إليه أنها تلغي دوره السياسي. فالنسبية تعكس بدقة حجم الأصوات الشعبية، بمعزل عن قدرات
البلطجة السياسية. لا بل تظهر الأرقام بناءً على اقتراع 2009 أن النسبية تؤمن أكثرية للفريق الحكومي الحالي، من دون جنبلاط حتى.
لكل هذه الأسباب وجب التدقيق في نوع الفيول أويل المقترح من جانب جبران باسيل. وفي نسبة الكبريت فيه. فكيف إذا لم تحسم بعد قضية النسبية في نظام قبائلي يكفيه
عود كبريت لينفجر.

No comments:

Post a Comment